[ ديوان الحماسة
الكتاب : ديوان الحماسة
عدد الأجزاء : 2

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي يسبح كل شيء بحمده وله سبحانه في كل شيء آية من الهداية على نبيه الأمين المرسل بلسان عربي مبين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد فما زال الشعر في كل أمة جلاء الأذهان وصقل الخواطر بحيث توفرت عليه الرغبات وبعثت إليه الهمم وأصبح من لم يرو منه ولم يصدر عنه كأنه أحاط من اللغة بالغلاف وتناول الكأس من غير سلاف وإن لهذا النوع من الكلام في لغتنا الشريفة فضلا يبقى به على الزمان وهو ما كان العرب يجمعون إليه من كل لفظة ناصعة وكلمة رائعة بحيث كان الشعر من شاعرهم بمثابة خزانة النفائس من صاحب الكنوز إليه مرجع كل نفيس وفيه موضع كل جمال
 بيد أن ما روى من شعر العرب شيء كثير لا يحاط به وإن قصر عليه العمر فكانت الحاجة ماسة إلى مجموع يقوم منها مقام الخلاصة ولم نجد من ذلك أحسن ولا أوفى من كتاب الحماسة الذي اختاره ملك الكلام أبو تمام فقد كان للرجل من المحفوظات ما لا يلحقه فيه غيره قيل إنه كان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة للعرب غير القصائد والمقاطيع هذا عدا ما اطلع عليه في خزانة كتب أبي الوفاء العظيمة التي جمع منها هذا الكتاب

(1/2)


وعدا أنه شاعر بصير بمحاسن الكلام
وعيون النظام
خبير بالنقد ومطلع بهذا الفن ولهذا عد جميع الأدباء كتاب الحماسة المذكور أفضل كتاب مجموع من شعر العرب
وقد هبت بنا الرغبة من أجل ذلك في نشره وتوفير الوقت على الفضلاء إذ يرجعون في مثل هذا الكتاب إلى الشروح الطوال ومعاجم اللغة وغيرها فضبطنا المتن وعلقنا عليه شرحا يحل كل ما فيه
ويظهر من خافيه
مع الإيجاز الواقف عند حد الفائدة وتراجم الشعراء حتى يكون الكتاب غنية للمطلع وثقة للمراجع وبالله التوفيق
محمد عبد القادر سعيد الرافعي
1 - قال قُرَيطُ بنُ أُنَيف أحد بني العنبر
_________
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
الحمد لله على أفضاله
على محمد وآله أما بعد فهذا ما أردته من وضع كلمات على ما اختاره أبو تمام حبيب بن أوس الطائي من شعر العرب المسمي بالحماسة راجيا من الله التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل
1 - هو شاعر إسلامي والسبب الذي من أجله قال هذا الشعر ما حدث به أبو عبيدة قال أغار ناس من بني شيبان على رجل من بني العنبر يقال له قريط بن أنيف فأخذوا له ثلاثين بعيرا فاستنجد قومه فلم ينجدوه فأتى مازن تميم فركب معه نفر فأطردوا لبني شيبان مائة بعير فدفعوها إليه فقال هذه الأبيات ومازن هنا هو ابن مالك بن عمرو بن تميم أخي العنبر بن عمرو بن تميم هذا وقصد الشاعر بهذه الأبيات أن يحمل قومه على الانتقام له من

(1/3)


1 - ( لَوْ كُنْتِ مِنْ مَازِنٍ لَمْ تَسْتَبحْ إِبِلِي ... بَنُو اللَّقِيطَةِ مِنْ ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانا )
2 - ( إذًا لَقامَ بِنَصْرِي مَعْشَرٌ خُشُنٌ ... عِنْدَ الْحَفِيظَةِ إِنْ ذُو لُوثَةٍ لاَنا )
3 - ( قَوْمٌ إذا الشَّرُّ أبْدَى نَاجِذَيْهِ لَهُمْ ... طَارُوا إلَيْهِ زَرَافاتٍ وَوُحْدَانا )
_________
أعدائه ولم يقصد إلى ذمهم وكيف يذمهم وعار الذم راجع إليه ولكنه سلك طريق كبشة أخت عمرو بن معد يكرب في قولها
( ودع عنك عمرا إن عمرا مسالم ... وهل بطن عمرو غير شبر لمطعم )
فإنها لا تقصد إلى هجاء أخيها وهو الذي كان يعد بألف فارس ولكنها تريد تهييجه هذا ولم يوجد لقريط ترجمة في معاجم الأدباء
1 - هم بنو مازن ابن مالك بن عمرو بن تميم
الاستباحة الاستئصال وعدم الاستبقاء وقوله بنو اللقيطة هكذا رواه شراح الحماسة قال أبو محمد الأعرابي والصواب إن شاء الله ما أنشده أبو الندى وذكر أنه لقريط بن أنيف
( لو كنت من مازن لم تستبح إبلي ... بنو الشقيقة من ذهل بن شيبانا )
قال والشقيقة هي بنت عباد بن يزيد بن عوف بن ذهل بن شيبان وأما اللقيطة فهي أم حصن بن حذيفة من بني فزارة ولا اتصال لها بذهل بن شيبان
2 - خشن بضمتين جمع خشن وقيل جمع أخشن الصعب الذي لا يلين
والحفيظة الغضب في الشيء الذي يجب عليك حفظه
واللوثة الضعف يقول لو كنت من هذه القبيلة لما أغار بنو ذهل على إبلي واستأصلوها أخذا ونهبا ولو كان ذلك لقام بنصري قوم صعاب أشداء يدفعون عني ويأخذون بحقي ممن اعتدى علي وظلمني إذا لان ذو الضعف لم يدفع ضيما ولم يحم حقيقة
3 - إبداء الشر ناجذيه مثل لشدته وصعوبته
والزرافات الجماعات يصفهم بالإقدام على

(1/4)


1 - ( لاَ يَسْأَلُونَ أخَاهُمْ حِينَ يَنْدُبُهُمْ ... فِي النَّائِبَاتِ عَلى ما قالَ بُرْهانَا )
2 - ( لَكِنَّ قَوْمِي وَإنْ كانُوا ذَوِي عَدَدٍ ... لَيْسُوا مِنَ الشَّرِ فِي شَيءٍ وَإنْ هانَا )
3 - ( يَجْزُونَ مِنْ ظلَمْ أهْلِ الظُّلْمِ مَغْفِرَةً ... وَمنْ إسَاءَ أهْلِ السُّوءِ إِحْسَانَا )
4 - ( كأَنَّ رَبَكَ لَمْ يَخْلُقْ لِخَشْيَتِهِ ... سِوَاهُمُ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِنْسَانا )
5 - ( فَلَيْتَ لِي بِهِمِ قَوْمًا إذَا رَكِبُوا ... شَدُّوا الإِغَارَةَ فُرْسَانًا وَرُكْبانَا )
6 - قال الْفِنْدُ الزِّمَّاني في حرب البَسُوس
_________
المكاره والإسراع إلى الشدائد لا يتواكلون ولا يتخاذلون ولا ينتظر بعضهم بعضا بل كل يرى أنه حقت عليه الإجابة فيسرعون مجتمعين ومتفرقين
1 - يندبهم أي يدعوهم
يقول إذا دعاهم أحد لينصروه على أعدائه أسرعوا إلى الحرب ولا يسألون عن سببها ولا يتعللون كما يتعلل الجبان
2 - يصف قومه بأنهم يهابون الحرب لعدم حماستهم وإن كانوا ذوي عدد كثير
3 - يقول إن قومه لم يكن فيهم حماسة حيث بلغ بهم الجبن إلى أنهم يسامحون من ظلمهم ويحسنون إلى من أساء إليهم
4 - هذا البيت وما قبله نبه بهما على أن احتمالهم المكروه إنما هو لاحتساب الأجر في زعمهم فكأن الله لم يخلق لخوفه غيرهم
5 - قوله شدوا الإغارة ويروى شنوا الإغارة أي فرقوها والفرسان الراكبون على الخيل والركبان على الإبل يتمنى الشاعر أن يكون له قوم بدل قومه إذا ركبوا لمحاربة الأعداء مزقوهم كل ممزق حالة كونهم فرسانا وركبانا
6 - الفند اسمه شهل بن شيبان بن ربيعة ابن زمان الحنفي فهو منسوب إلى جده وهو شاعر جاهلي كان الفند أحد

(1/5)


1 - ( صَفحْنا عَنْ بَنِي ذُهْلٍ ... وَقُلْنا الْقَوْمُ إخْوَانُ )
( وعَسَى الأَيَّامُ أنْ يَرْجعْنَ ... قَوْمًا كَالَّذِي كَانُوا )
2 - ( فلَمَّا صَرَّحَ الشَّر ... فَأَمْسَى وَهْوَ عُرْيانُ )
( وَلَمْ يَبَقَ سِوَى العُدْوَانِ ... دِنَاهُمْ كَمَا دَانُوا )
( مَشَيْنا مِشْيَةَ اللَّيْثِ ... غَدَا واللَّيْثُ غَضْبَانُ )
_________
فرسان ربيعة المشهورين المعدودين شهد حرب بكر وتغلب وقد قارب المائة سنة وهذه الأبيات من قصيدة قالها في حرب البسوس التي كانت بينهما وذلك أن بكر بن وائل بعثوا إلى بني حنيفة في حرب البسوس يستنصرونهم فأمدوهم به وبقومه بني زمان وعدادهم في بني حنيفة
1 - صفحنا عن بني ذهل ويروى عن بني هند وهي هند بنت مر بن أد وهند هذه أخت تميم يقول أعرضنا عن هؤلاء القوم المتحاربين وضربنا عنهم صفحا لأن بينهم رحما وقرابة فعسى أن تردهم الأيام إلى ما كانوا عليه من قبل من التوافق والتوادد
2 - صرح بمعنى انكشف وقوله وهو عريان مثل لظهور الشر ووضوحه ويروي فأضحى الخ وهي أحسن لأن الشيء في الضحى أظهر وأبين
3 - العدوان الظلم الصريح والدين الجزاء
يقول لما أصروا على البغي وأبوا أن يدعوا الظلم ولم يبق إلا أن نقاتلهم ونعتدي عليهم كما اعتدوا علينا جازيناهم بفعلهم القبيح كما ابتدؤنا به
4 - هذا تفصيل لما أجمله في قوله دناهم وتفسير لكيفية المجازاة وكرر الليث ولم يأت به مضمرا تعظيما للأمر وتفخيما له وغدا بالغين المعجمة ابتكر وكنى بالغضب عن الجوع لأنه يصحبه يقول مشينا إليهم مشية الأسد ابتكر وهو جائع

(1/6)


1 - ( بِضَرْبٍ فِيهِ تَوْهِينٌ ... وَتَخْضِيعُ وإقْرَانُ )
2 - ( وَطَعْنٍ كَفَمِ الزِّقِّ ... غَذَا وَالزِّقُّ مَلاْنُ )
3 - ( وَبَعْضُ الْحِلْمِ عِنْدَ الْجَهْلِ ... لِلذِّلَّةِ إذْعَانُ )
4 - ( وَفِي الشَّرِّ نَجَاةٌ حِينَ ... لاَ يُنْجِيكَ إِحْسَانُ )
5 - وقال أبو الغول الطَّهَويّ
6 - ( فَدَتْ نَفْسِ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينِي ... فَوَارِسَ صَدَّقتْ فِيهِمْ ظُنُونِي )
_________
1 - التوهين التضعيف والتخضيع التذليل والإقران قيل معناه الاسترخاء وقيل التتابع والمعنى بضرب فيه تضعيف لهم وتذليل واسترخاء
2 - شبه الطعن في اتساعه وخروج الدم منه بفم الزق إذا سال بما فيه وهو مملوء وغذا بمعنى سال
3 - الإذعان الانقياد يقال فلان أذعن لكذا إذا انقاد له اعتذر في هذا البيت عن تركهم التحلم مع الأقرباء بأنه يفضي إلى الذل
4 - قوله وفي الشر على حذف مضاف أي وفي دفع الشر ويجوز أن يكون في عمل الشر كأنه يريد وفي الإساءة مخلص إذا لم يخلصك الإحسان
5 - هو كما قال الآمدي في المختلف والمؤتلف من قوم من بني طهية يقال لهم بنو عبد شمس بن سود وكان يكنى أبا الميلاد ولم أقف على كونه إسلاميا أو جاهليا وأبو الغول الطهوي غير أبي الغول النهشلي فأعرف ذلك والطهوي بالفتح والضم منسوب إلى طهية كسمية هي بنت عبد شمس بن سعد بن زيد مناة وهي أم قبيلة من العرب نسب إليها الشاعر
6 - فدت نفسي جملة دعائية وخص اليمين لفضلها وقوة التصرف بها ويروى صدقوا فيهم الخ يريد أن ظنه لم يخطيء في هؤلاء الفوارس يطلب من الله أن يكون لهؤلاء القوم فداء من مصائب

(1/7)

 

1 - ( فوَارِسَ لاَ يَمَلَّونَ المنَايَا ... إذا دَارَتْ رَحَى الْحَرْبِ الزَّبُونِ )
2 - ( وَلاَ يجَزُونَ مِنْ حَسَنٍ بِسَيْئ ... وَلاَ يَجزُونَ مِنْ غِلَظٍ بِلينِ )
3 - ( وَلاَ تَبْلَى بَسَالَتُهُمْ وَإنْ هُمْ ... صلُوا بِالْحَرْبِ حِيناً بَعْدَ حِينِ )
4 - ( هُمُ مَنَعُوا حِمَى الْوَقْبَى بِضَرْبٍ ... يُؤلِّفُ بَينَ أشْتاتِ المَنُونِ )
5 - ( فَنَكَّبَ عَنهُمُ دَرْء الأَعَادِي ... وَدَاوَوْا بِالْجُنونِ مِنَ الجنونِ )
_________
الدهر وحوادثه الذين كانوا عند ظنه بهم في الحرب
1 - مللت الشيء بالكسر سئمته ورحى الحرب حومتها ومعظمها وهذا على المجاز لأن الحرب تحطم الرجال وتكسرهم كما تفعل الرحى والزبون بفتح الزاي في الأصل الناقة التي تزبن حالبها وتدفعه شبهت الحرب بها لأنها تدفع الرجال لشدة هولها يصفهم بممارسة الحروب ومزاولتها فهم لا يسأمون منها ولا يهابونها وإن اشتد أمرها
2 - وصفهم بالعدل والقصد فإنه لما أخبر أنهم بلغوا من الشجاعة غايتها ربما كان يظن فيهم الجور والظلم فنفاه بهذا
يقول إذا أحسن إليهم محسن كافؤه على إحسانه وإن أساء إليهم مسيء قابلوه بمثل إساءته وقوله بسيىء مخفف من سيىء بالتشديد كما خفف هين ولين
3 - البسالة الشجاعة يقول إنهم لا يضعفون عن الحرب وإن تكررت عليهم زمانا بعد زمان
4 - الوقبى كجمزى اسم ماء لبني مازن والأشتات جمع شت وهو المتفرق والمنون الموت وفي معناه ذكروا وجوها منها أن هذا الضرب يجمع بين منايا قوم متفرقي الأمكنة لو أتتهم مناياهم في أمكنتهم لأتتهم متفرقة فاجتمعوا في موضع واحد فأتتهم المنايا مجتمعة
5 - فنكب معناه نحى وحول والدرء أصله الدفع ثم استعمل في الخلاف لأن المختلفين يتدافعان يعني أن الضرب نحى وحول

(1/8)


1 - ( وَلا يَرْعَوْنَ أكْنافَ الْهُوَيْنَى ... إذَا حَلُّوا وَلاَ أرْضَ الْهُدُونِ )
2 - وقال جعفرُ بنُ عُلبةَ الحارثيّ
3 - ( ألَهْفا بِقُرَّيَ سَحْبَلٍ حِينَ أحْلَبَتْ ... عَلَيْنا الْوَلايَا وَالْعَدُوُّ المُباسِلُ )
4 - ( فَقالُوا لنَا ثِنْتَانِ لاَ بُدَّ مِنْهُما ... صُدُورُ رِماحٍ اشُرِعَتْ أوْ سَلاَسِلُ )
_________
عن هؤلاء القوم اعوجاج الأعادي وخلافهم وقوله وداووا بالجنون من الجنون أي داووا الشر بالشر كما قالوا إن الحديد بالحديد يفلح فالجنون كناية عن الشر
1 - الا كناف النواحي والهوينى الدعة والخفض تصغير الهونى مؤنث الأهون والهدون السكون والصلح قالوا في معنى هذا البيت إنهم لعزهم وجرأتهم لا يرعون النواحي التي أباحتها المسالمة ووطأتها المهادنة ولكن يرعون النواحي المحمية
2 - ابن علبة بضم فسكون وباء موحدة ينتهي نسبه إلى كعب بن الحارث شاعر مقل غزل فارس مذكور في قومه وكان من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية وقتل في قصاص اختلف في سببه الناس
3 - يريد يا لهفى والتلهف التوجع على الفائت بعد الإشراف عليه وقرى اسم موضع وسحبل اسم واد بعينه وأحلبت اجتمعت والولايا جمع ولية وهي في الأصل البرذعة كنى بها عن النساء والضعفاء الذين لا غناء عندهم والمباسل المستبسل المستميت يتوجع مما كان بقرى سحبل حين اجتمع عليهم النساء والضعفاء الذين لا دفاع بهم ونزل العدو بساحتهم فلم يتمكنوا من مقاومتهم
4 - ثنتان لغة في اثنتان ومعنى أشرعت صوبت للطعن معناه إما أن تصبروا على القتال فنلقاكم بالرماح وإما أن تستأسروا فنأخذكم في السلاسل

(1/9)


1 - ( فَقُلْنا لَهُمْ تِلكُمْ إذاً بَعْدَ كَرَّةِ ... تُغادِرُ صَرْعَى نَوْؤُها مُتَخاذِلُ )
2 - ( ولَمْ نَدْرِ إنْ جضْنَا منَ المَوْتِ جَيْضَةً ... كَمِ الْعُمْرُ باقٍ والمَدَى مُتَطَاوِلُ )
3 - ( إذا مَا ابْتَدَرْنَا مَأزِقاً فَرَجَتْ لَنا ... بِأيْمانِنَا بِيضٌ جَلَتْها الصَّياقِلُ )
4 - ( لَهُمْ صدْرُ سَيْفِي يَوْمَ بَطْحَاءِ سَحْبَلٍ ... ولِي مِنْهُ مَا ضُمَّتْ عَليْهِ الأَنامِلُ )
وقال أيضا
5 - ( لاَ يكْشِفُ الْغَمَّاءَ إلاَّ ابنُ حُرَّةٍ ... يَرَى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ ثُمَّ يَزُورُهَا )
_________
1 - الإشارة إلى واحدة من الثنتين والكرة المرة من الكر وتغادر تترك ومفعوله محذوف أي تغادركم وصرعى جمع صريع وهو الطرح والسقوط على الأرض والنوء النهوض بجهد ومشقة والمتخاذل المتداعي واختار هذا البناء لأنه يختص بما يحدث شيئا بعد شيء فكأن أجزاء النهوض يخذل بعضها بعضا يقول فأجبناهم بأن ذلك الخيار بين هاتين الثنتين لا يكون إلا بعد كرة عليكم تغادركم مصرعين ويكون نهوضكم منها متخاذلا متداعيا
2 - إن جضنا أي إن عدلنا وانحرفنا عن الموت يقول فلم ندر إن حدنا عن القتال الذي فيه الموت وعدلنا عنه كم يكون بقاؤنا لم نحيد ونرتكب العار ولعلنا إن تركنا القتال لم نعش إلا قليلا
3 - المأزق مضيق الحرب والبيض السيوف والصياقل جمع صيقل صانع السيف
يقول إذا استبقنا إلى مضيق في الحرب وسعته لنا سيوف مصقولة بأيماننا
4 - سحبل اسم موضع أضيف البطحاء إليه معناه أن لهم صدر سيفي يعمل فيهم وليس لي منه إلا مقبضه
5 - الغماء الأمر الشديد الذي لا يدري من أين يؤتى يقول لا يكشف

(1/10)


1 - ( تُقاسِمُهُمْ أسيافَنا شَرَّ قِسْمَةٍ ... فَفِينَا غَوَاشِيهَا وفِيهِمْ صُدُورُهَا )
وقال أيضاً
2 - ( هوَايْ مَعَ الرَّكْبِ اليَمَانِينَ مُصْعِدُ ... جَنِيبٌ وَجُثْمانِي بِمَكَّةَ مُوثَقُ )
3 - ( عَجِبْتُ لِمَسْرَاهَا وَأنَّى تَخَلَّصَتْ ... إلَيَّ وبابُ السِّجْنِ دُونَى مُغْلَقُ )
4 - ( ألَمَّتْ فَحَيَّتْ ثُمَّ قامتْ فَوَدَّعَتْ ... فَلمَّا تَوَلَّتْ كادَت النَّفْسُ تَزْهَقُ )
5 - ( فَلاَ تَحسبي أنِّي تَخَشَّعْتُ بَعْدَكُمْ ... لِشَيْءٍ وَلاَ أنِّي مِنَ الْمَوْتِ أفْرقُ )
_________
الشدائد ولا يزيلها إلا أبناء الأحرار لأنهم هم الصابرون على المكاره في ابتغاء المجد واكتساب الشرف
1 - شر قسمة أي شر قسمة لهم وخير قسمة لنا وغاشية السيف مقبضه وقيل غمده ومعناه قاسمناهم سيوفنا ففينا مقابضها وفيهم مضاربها
2 - الركب الركبان الإبل خاصة واليمانون جمع يمان المنسوب إلى اليمن والمصعد المبعد من الأصعاد أي الأبعاد وجنيب بمعنى مجنوب مستتبع والجثمان البدن والموثق المقيد
يقول هو أي مع ركبان الإبل القاصدين نحو اليمن مقود وبدني مأسور مقيد بمكة
3 - عجبت طسراها أي مسرى خيالها نزل خيالها منزلتها على العادة ليصح التعجب ومعنى البيت ظاهر
4 - ألمت من الإلمام بمعنى الزيارة وحيت من التحية بمعنى السلام وتزهق أي تذهب يقول حاكيا لحال الخيال جاءتنا فسلمت علينا ثم لم تلبث إلا قليلا حتى قامت وأعرضت فلما تولت كادت النفس تخرج في أثرها
5 - تخشعت أي تكلفت الخشوع وأفرق من الفرق وهو الخوف وإنما ناسبت هذه الأبيات الحماسة ودخلت فيها لاستهانته بما اجتمع عليه من الحبس والقيد

(1/11)


1 - ( ولا أنَّ نَفْسِي يَزْدَهِيهَا وَعِيدُكُمْ ... وَلا أنَّنِي بِالْمَشْيِ في الْقَيْدِ أخْرَقُ )
2 - ( وَلِكنْ عَرَتْنِي مِن هَوَاكِ صبَابَةٌ ... كَما كُنْتُ ألْقَى مِنكِ إذْ أنا مُطْلَقُ )
3و - قال أبو عطاء السندي
4 - ( ذَكرْنُكِ وَالْخَطّيُّ يَخْطِرُ بَيْنَنا ... وَقَدْ نَهِلَت مِنا الْمُثَقَّفةُ السُّمْرُ )
5 - ( فَوَاللهِ مَا أدْرِي وَإنِّي لَصادقٌ ... أدَاءٌ عَرَانِي منْ حِبابِكِ أم سِحْرُ )
6 - ( فإنْ كانَ سِحْرا فاعْذُرِينِي عَلى الْهَوَى ... وَإنْ كانَ دَاءً غَيرَهُ فَلكِ الْعُذْرُ )
_________
وصبره على ذلك يقول لا تظني أني تكلفت الخشوع بعدكم لشيء عارض ولا أني أخاف من الموت
1 - يزدهيها أي يستخفها وعيدكم أي تهديدكم إياي ويروي وعيدهم والأخرق القليل الرفق بالشيء والأحسن رواية وعيدهم وعليها يكون المعنى لا تظني أن نفسي يستخفها تهديد القوم الذين حبست لأجلهم ولا أني ضجرت بالمشي في القيد يصف نفسه بالصبر على ما يلقاه من الشدائد
2 - الصبابة العشق الزائد يقول أعتراني في الهوى عظيم شوق وجهد صبابة كما كنت أقاسيه فيك وأنا مطلق
3 - اسمه مرزوق وقيل أفلح وكان جيد الشعر وكانت به لكنة وهو شاعر إسلامي من شعراء بني أمية
4 - الخطي الرمح منسوب إلى الخط وهو سيف البحرين وعمان وأصل الخطر التحرك وقد نهلت منا أي من دمائنا والمثقفة السمر هي الرماح ونبه بهذا الكلام على قلة مبالاته بالحرب واشتياقه إليها في حال اختلاف الرماح بينهم بالطعن
5 - الحباب بكسر الحاء الحب يقسم بالله تعالى أنه لا يدري أي الأمرين أصابه في حبها هل هو الداء أو السحر
6 السحر التمويه وإخراج الشيء

(1/12)


1 - ال بَلْعاءُ بن قيس الكنانيّ
2 - ( وَفارِسٍ فِي غِمَارِ الْمَوْتِ مُنْغَمِسٍ ... إذَا تألَّى عَلى مَكْرُوهَةٍ صَدَقَا )
3 - ( غَشَّيْتُهُ وَهْوَ فِي جَأْوَاءَ بَاسلَةٍ ... عَضْباً أصَابَ سَوَاءَ الرَّأْسِ فَانْفَلَقَا )
4 - ( بِضَرْبَةٍ لَمْ تَكُنْ مِنِّي مُخَالِسَةً ... ولاَ تَعَجَّلْتُها جُبْناً ولاَ فَرَقَا )
5ق - ال ربيعة بن مَقروم الضبيّ
_________
في رأي العين على وجه يخالف حقيقته يقول إن كنت فتنتني بحسنك فلي عذر حين افتتنت به وإن كنت أنا المتعرض لك من نفسي فلك العذر
1 - هو من بني كنانة ولم يوجد له في كتب الأدب ترجمة تفي بمكانته من الشعر وشهد حرب الفجار الثاني وكان على بني بكر ومات في تلك الأيام وقام جثامة قيس أخوه مكانه
2 - غمار الموت جمع غمرة وهي شدائده وتألى أي حلف والمعنى رب فارس داخل في شدائد الموت إذا حلف على ما يكره منه بر ولم يحنث
3 - غشيته أي فنعت رأسه بالسيف والجأواء الكتيبة المخضرة من كثرة السلاح والبسالة من البسل وهو الحرام كأنها لتمنعها يمتنع لقاؤها والعضب السيف القاطع والسواء الوسط معناه رب فارس صفته هكذا أنا ضربته وهو في جيش تام السلاح كريه اللقاء بسيف قاطع أصاب وسط رأسه فشقه
4 - مخالسة من الاختلاس ضد التأني والتثبت والجبن ضد الشجاعة والفرق الخوف معناه أنه تناوهل من خصمه ما تناول بتثبت وقوة قلب لا كما يفعله الجبان مع خصمه
5 - هو من ضبة جاهلي إسلامي شهد القادسية وجلولاء أيام عمر بن الخطاب وهو من شعراء مضر المعدودين وكانت عبد القيس أسرته ثم منت عليه بعد ذلك

(1/13)


1 - ( وَلَقَدْ شَهِدْتُ الْخَيْلَ يَوْمَ طِرَادِها ... بِسَليمِ أوْ ظِفةِ الْقَوائِمِ هَيْكَلِ )
2 - ( فَدَعَوْا نزَالِ فَكُنْتُ أوَّلَ نَازِلٍ ... وَعلاَمَ أرْكبُهُ إذَا لَمْ أنْزِلِ )
3 - ( وَألدَّ ذِي حَنَقٍ عَليَّ كَأنَّما ... تَغْلِي عَدَاوَةُ صَدْرِه فِي مِرْجَلِ )
4 - ( أرْجَيْتُهُ عَنِّي فأبْصَرَ قَصْدَهُ ... وكَوَيْتُهُ فَوْقَ النَّواظِرِ مِنْ عَلِ )
5ق - ال سعد بن ناشب
_________
1 - الأوظفة جمع وظيف وهو مستدق الذراع والساق من الخيل وغيرها والقوائم الأرجل والهيكل العظيم وصف به الفرس يقول حضرت الفرسان يوم تطاردهم بالرماح وأنا على فرس ضخم سليم الأوظفة من العيوب فالخيل في البيت معناه الفرسان لأن الطراد لا يكون إلا منهم وهو مثل قول النبي يا خيل الله اركبي
2 - نزال اسم فعل بمعنى انزل والمعنى أنهم تنادوا عند الحرب وقالوا نزال فكنت أول النازلين ولأي شيء أركب فرسي إذا لم أنزل عند دعائي للنزال
3 - الألد الشديد الخصومة والجمع لد بضم اللام والحنق الغيظ والمرجل القدر بكسر القاف تكون من نحاس يقول رب خصم شديد الخصومة صاحب غيظ وغضب على تغلي عداوته في صدره غليان المرجل بما فيه على النار دفعته عن نفسي بدليل البيت بعده وهو جواب رب
4 - أرجيته أخرته وصرفته قال أبو الفتح أكثر من نرى يروي هذا البيت أرجيته بالراء فإذا تعالى شيئا رواه أرجأته بالهمز وكلاهما تصحيف وإنما هو أوجيته بالواو أي أذللته وقهرته فوق النواظر أي بين الجبين والنواظر ومعناه رب خصم هكذا صرفته عن نفسي وقد أبصر رشده وكويته فوق نواظره من أعلاه
5 - شاعر إسلامي في الدولة المروانية وهو من بني مازن بن مالك بن

(1/14)


1 - ( سَأغْسِلُ عَنِّي الْعارَ بِالسَّيْفِ جالِباً ... عَليَّ قَضاءُ اللهِ مَا كانَ جالِباً )
2 - ( وَأذْهَلُ عَنْ دَارِي وأجْعَلُ هَدْمَها ... لِعِرْضِيَ منْ باقِي الْمَذَمَّةِ حاجِبَا )
3 - ( ويَصْغُرُ فِي عَيْنِي تِلاَدِي إذَا انْثَنَتْ ... يَمينِي بإدْراكِ الَّذِي كُنْتُ طالِبَا )
4 - ( فإِنْ تَهْدِمُوا بِالْغَدْرِ دَارِي فإِنَّهَا ... تُرَاثُ كَريمٍ لاَ يُبالِي الْعَواقِبَا )
5 - ( أخِي غَمَراتٍ لاَ يُرِيدُ عَلى الَّذِي ... يَهُمُّ بهِ منْ مُفْظِعِ الأمْرِ صاحِبَا )
_________
عمرو بن تميم وسبب هذه الأبيات أنه كان أصاب دما فهدم بلال بن أبي بردة داره بالبصرة وحرقها وقيل إن الحجاج هو الذي هدم داره
1 - سأغسل أي سأزيل والعار كل شيء لزم به عيب يقول سأزيل العار عن نفسي باستعمال السيف في الأعداء في حال جلب حكم الله علي ما يجلبه
2 - ذهل فلان عن كذا تركه على عهد أو نسيه لشغل والعرض بكسر العين هو محل المدح والذم من الإنسان يقول أتناسى داري وأجعل هدمها حاجبا وواقيا لعرضي من العار الباقي إذا رأيتها دار هوان
3 - التلاد المال القديم وخصه بالذكر لأن النفس تضن به ونبه بهذا الكلام على أنه كما يخف على قلبه ترك الدار والوطن خوفا من العار كذلك يقل في عينه إنفاق المال القديم عند إدراك المطلوب
4 - الهدم التخريب والغدر ترك الوفاء والتراث الميراث وسمى ملكه ميراثا وهو حي من تسمية الشيء بما يؤول إليه يخاطب بلالا ويقول إن تهدموا داري غدرا وأنا غائب فلا أبالي بذلك ولا أغضب لأنها ملك رجل كريم لا يبالي بالعواقب
5 - الغمرات الشدائد ويروي أخي عزمات يصف نفسه بأنه ملازم للشدائد مستبد برأيه لا يتخذ رفيقا فيما يقصده من فظائع الأمور بل يكتفي بشجاعته عن غيره

(1/15)


1 - ( إِذَا هَمَّ لَمْ تُرْدَعْ عَزِيمَةُ هَمِّهِ ... وَلَمْ يَأْتِ مَا يَأْتي منَ الأمْرِ هَائِبَا )
2 - ( فَيَا لَرِزَامٍ رَشِّحُوا بِي مُقَدِّماً ... إِلَى الْمَوْتِ خَوَّضاً إلَيْهِ الْكَتائِبَا )
3 - ( إِذَا هَمَّ أَلْقَ بَينَ عيْنَيْهِ عَزْمَهُ ... وَنَكَّبَ عَنْ ذِكْرِ الْعَواقِب جانِبَا )
4 - ( ولَمْ يَسْتَشِرْ رَأْيِهِ غَيْرَ نَفْسِهِ ... ولَمْ يرْضَ إِلاَّ قائِمَ السَّيْفِ صاحِبَا )
5و - قال تأبط شَرًّا
_________
1 - الردع الكف والزجر والهيبة الخوف والفزع والمعنى أنه إذا عزم على أمر مضى عليه وإذا أتى أمرا أتاه غير خائف منه وذلك لشجاعته
2 - اللام من يا لرزام مفتوحة لأنها لام الاستغاثة ورزام مستغاث بهم وهم حي من تميم نسبوا إلى جدهم رزام بن مالك بن حنظلة والترشيح التربية والتأهيل معناه أنه تدعو رزاما لأن يرشحوا به حالة كونه رجلا جسورا مقداما يخوض إلى الموت الكتائب أي الجيوش المجتمعة لجرأته
3 - التنكيب عن الشيء الانحراف عنه والمعنى أنه إذا عزم على شيء جعله نصب عينيه ولا يغفل عنه كما أنه لا يميل إلى ذكر العواقب بل ينحرف عنها جانبا
4 - ولم يستشر في رأيه يروي في أمره وقائم السيف مقبضه ومعنى البيت ظاهر
5 - اسمه ثابت وكنيته أبو زهير وهو من بني فهم وفهم وعدوان إخوان وكان أحد العدائين وإنما لقب بهذا اللقب لأنه تأبط سكينا ذات يوم وخرج فسئلت عنه أمه فقالت لا أدري إنه تأبط شرا وخرج وقيل غير ذلك وكان بنو لحيان من هذيل أخذوا عليه طريق جبل وجدوه فيه يجني عسلا ولم يكن له طريق غيره فأقبلوا عليه وقالوا استأسر أو نقتلك فكره أن يستأسر وصب ما معه من العسل على الصخر ووضع نفسه عليه حتى انتهى إلى الأرض من غير طريقهم فصار بينه

(1/16)


1 - ( إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَحْتَلْ وَقَدْ جَدَّ جِدُّهُ ... أَضَاعَ وَقاسَى أَمْرَهُ وَهْوَ مُدْبِرُ )
2 - ( وَلكِنْ أَخُو الْحَزْمِ الّذِي لَيْسَ نَازِلاً ... بِهِ الْخَطْبُ إِلاّ وَهْوَ لِلْقَصْدِ مُبْصِرُ )
3 - ( فَذَاكَ قَرِيعُ الدَّهْرِ مَا عَاشَ حُولٌ ... إِذْ سُدَّ مِنْهُ مَنْخِرٌ جَاشَ مَنْخِرُ )
4 - ( أقُولُ لِلِحْيَانٍ وَقَدْ صَفرَتْ لَهُمْ ... وِطَابِي وَيَوْمِي ضَيِّقُ الْجُحْرِ مُعْوِرُ )
5 - ( هُمَا خُطَّتَا إِمَّا إسَارٌ وَمِنَّةٌ ... وَإِمَّا دَمٌ وَالْقَتْلُ بِالْحُرِّ أَجْدَرُ )
_________
وبينهم ثلاثة أيام ونجا منهم فحكى الحكاية في هذه الأبيات
1 - الحيلة من حال الشيء إذا انقلب عن جهته كأن صاحبها يريد أن يأخذ ما عند غيره يقول إذا نزل به مكروه ولم يجد له ناصرا فسبيله أن يحتال وجد جده أي زاد اجتهاده والإسناد مجاز عقلي والمعنى أن الإنسان إذا نزل به المكروه ولم يحتل في خلاصه منه أضاع أمره وقاسى منه ما يقاسي وهو مول مدبر
2 - الخطب الكرب يقول صاحب الحزم والتدبير هو الذي يستعد للأمر قبل نزوله وهذا كما قيل قبل الرماء تملأ الكنائن
3 - قريع الدهر هو المجرب للأمور والحول البصير بتحويل الأمور وقوله إذا سد منه منخر إلى آخر البيت مثل للخلاص من الشدة والمعنى أن الإنسان المتيقظ صاحب الحزم المجرب للأمور إذا أخذ عليه باب نفذ في غيره ولم تعيه الحيل
4 - لحيان بطن من هذيل ومعنى صفرت خلت والوطاب جمع وطب وهو سقاء اللبن في الأصل وأراد بها ظروف العسل التي صب العسل منها على الجانب الآخر وركبه متزلقا حتى لحق بالسهل وقوله ضيق الجحر مثل لضيق المنفد والمعور المنكشف العورة أي إنه يقول لهم وهو في هذه الحالة ومقول القول الآتي في البيت بعده وهو قوله هما خطتا إلى آخر البيت
5 خطتا مثنى

(1/17)


1 - ( وَاخْرَى اصَادِي النَّفْسَ عَنْها وَإِنهَا ... لَمَوْرِدُ حَزْمٍ إنْ فَعَلْتُ وَمَصْدَرُ )
2 - ( فَرَشْتُ لَهَا صَدْري فَزَلَّ عَنِ الصَّفَا ... بِهِ جُؤْجُؤٌ عَبْلٌ وَمَتْنٌ مخَصَّرُ )
3 - ( فَخَالَطَ سَهْلَ الأَرْضِ لَمْ يَكْدَحِ الصَّفَا ... بِهِ كَدْحَةً وَالْمَوْتُ خَزْيانُ يَنْظُرُ )
4 - ( فَأُبْتُ إِلَى فَهْمٍ وَلَمْ أَكُ آيِباً ... وَكَمْ مِثْلِهَا فَارَقْتُهَا وَهْيَ تَصْفِرُ )
_________
خطة وهي الأمر والقصة وبينهما بقوله إما إسار أي أسر ومنه وإما دم أي قتل وحذف النون من خطتا لطول الكلام والمعنى ليس لي إلا واحد من أمرين على زعمكم إما استئسار والتزام منتكم إن أردتم العفو وإما قتل وهو بالحر أجدر أي أحق مما يكسبه الذل والقتل بالحر أجدر اعتراض بين ما عده من الخصال
1 - المصاداة إدارة الرأي في تدبير الشيء وإمعان النظر فيه والإتيان به يقول وههنا خطة أخرى أداري نفسي فيها وإنها هي الموضع الذي يرده الحزم ويصدر عنه إن فعلت وبينها في البيت بعده بقوله فرشت لها صدري إلى آخر البيت
2 - فرشت أي بسطت بين بهذا كيفية مزاولته لنفسه وقوله جؤجؤ عبل أي صدر ضخم ومعنى متن مخصر ظهر دقيق والمعنى أنه فرش لأجل هذه الخطة صدره على الصفا وذلك حين صب العسل فزلق به عن الصفا
3 - الخلط أصله تداخل أجزاء الشيء بعضها في بعض وأراد به هنا الوصول ولم يكدح أي لم يؤثر وخزيان من الخزاية وهي الاستحياء وينظر يتحير يقول أسهلت ولم يؤثر الصفا في صدري أثرا ولا خدشا والموت كان قد طمع في فلما رآني تخلصت بقي مستحييا ينظر ويتحير
4 - فأبت أي رجعت وفهم اسم قبيلة والضمير في مثلها يعود إلى هذيل وتصفر من الصفير كناية عن تأسفها على خلاصه منها يقول رجعت

(1/18)


1 - ال أبو كبير الْهُذَلِي
2 - ( وَلَقَدْ سَرَيْت عَلَى الظَّلاَمِ بِمِغْشَمٍ ... جَلْدٍ مِنَ الْفتْيانِ غَيْرِ مُثَقَّلِ )
3 - ( ممَّنْ حَمَلْنَ بِهِ وَهُنَّ عَوَاقِدٌ ... حُبُكَ النِّطَاقِ فَشَبَّ غَيْرَ مُهَبَّلِ )
_________
إلى فهم وما كدت أرجع إليها لمشارفتي على التلف وكم مثلها إلى آخر البيت
1 - اسمه عامر بن حليس أحد بني سعد بن هذيل وهو صحابي اشتهر بكنيته أتى إلى النبي بعد أن أسلم فقال له أحل لي الزنا فقال له أتحب أن يؤتى إليك مثل ذلك قال لا قال فارض لأخيك ما ترضى لنفسك قال فادع الله أن يذهبه عني
وكان سبب قول أبي كبير هذه الأبيات أنه تزوج أم تأبط شرا وكان صغيرا فلما رأى أبا كبير يكثر الدخول على أمه تنكر له وعرف ذلك أبو كبير في وجهه فقال أبو كبير لأمه ويحك قد والله رابني أمر هذا الغلام ولا آمنه فلا أقربك قالت فاحتل عليه حتى تقتله فقال له ذات يوم هل لك أن تغزو فقال ذاك من أمري فخرجا ليلا حتى إذا أدركهما مساء اليوم الثاني أبصرا نارا يعرف أبو كبير أنها نار أعداء لتأبط شرا فوجهه إليها فرأى عليها رجلين من ألص العرب فوثبا إليه يريدان قتله فلما كان أحدهما أقرب إليه من الآخر عطف عليه فقتله ورجع إلى الآخر فرماه أيضا فقتله ثم جاء إلى نارهما فأخذ الخبز وجاء إلى أبي كبير فألح إليه حتى أخبره بالخبر فخاف أبو كبير منه فلما رجعا قال إن أم هذا الغلام لا أقربها أبدا وقال هذه الأبيات
2 - يقال سرى وأسرى بمعنى واحد وقوله على الظلام أي في الظلام والمغشم من يرتكب الأمور على غير نظر فيها والمثقل الثقيل على النفوس ومعنى البيت ظاهر
3 - الضمير في حملن للنساء

(1/19)


1 - ( وَمُبَرَّىء مِنْ كلِّ غُبَّرِ حَيْضَةٍ ... وفَسَادِ مُرْضِعَةٍ وَدَاءٍ مُغْيِلِ )
2 - ( حَمَلَتْ بِهِ فِي لَيْلَةٍ مَزْؤُدَةٍ ... كَرْما وَعَقْدُ نِطَاقِها لَمْ يُحْلَلِ )
3 - ( فَأَتَتْ بِهِ حُوشَ الْفُؤَادِ مُبَطّناً ... سُهُداً إذَا ما نَامَ لَيْلُ الهَوْجَلِ )
4 - ( فَإِذَا نَبَذْتَ لَهُ الْحصَاةَ رَأَيْتَهُ ... يَنْزُو لِوَقْعَتِهَا طُمُورَ الأَخْيَلِ )
5 - ( وَإذَا يَهُبُّ مِنَ الْمَنَامِ رَأَيْتَهُ ... كَرُتُوبِ كَعْبِ السَّاقِ لَيْسَ بِزُمَّلِ )
_________
والحبك الطرائق والنطاق من ملابس النساء والمهبل المدعو عليه بالهبل بفتح الباء وهو كون أمة تفقده معناه أنه حملت به أمه غير مستعدة للفراش فنشأ محمودا لم يدع عليه بالهبل
1 - غير حيضة أي بقايا حيضة والمغيل من الغيلة بكسر الغين وهو أن تغشى المرأة وهي ترضع معناه أنها حملت به وهي طاهرة ليس بها بقية حيض ووضعته ولا داء به استصحبه من بطنها ولم ترضعه أمه غيلا
2 - الزؤد الفزع ونسبه بكى الليلة لوقوعه فيها وأظهر التضعيف في قوله لم يحلل وهو لغة لبني تميم ووجه الكلام لم يحل والمعنى أنها أكرهت ولم يحل نطاقها فجاء الولد نجيبا كما تقدم
3 - حوش الفؤاد أي ذكي الفؤاد والمبطن الخميص البطن والسهد من السهاد وهو السهر والهوجل الثقيل الكسلان وقيل الأحمق لا مسكة به وجعل النعل لليل لأنه يقع فيه معناه أن الأم أتت بهذا الولد ذكيا حديد الفؤاد يسهر إذا نام الهوجل أي الجافي الثقيل النوم
4 - يقال نبذت الشيء من يدي إذا طرحته وينزو لوقعتها طمور الأخيل أي يثب وثوب الأخيل والأخيل طائر قيل هو الشاهين والمعنى أنك إذا رميته بحصاة وهو نائم وجدته ينتبه لذلك انتباه من سمع بوقعتها هدة عظيمة
5 - الهبوب الانتباه من النوم ورأيته أي

(1/20)


1 - ( مَا إنْ يَمَسُّ الأَرْضَ إلاَّ مَنْكِبٌ ... مَنْهُ وَحَرْفُ السَّلقِ طَيَّ الْمِحْملِ )
2 - ( وَإِذَا رَمَيْتَ بِهِ الْفِجَاجَ رَأيْتَهُ ... يَهْوِي مَخارِمهَا هُوِيَّ الأَجْدَلِ )
3 - ( وَإذَ نَظَرْتَ إِلى أَسِرَّةِ وَجْهِهِ ... بَرَقَتْ كَبَرْقِ الْعَارِضِ الْمَتَهِلِّلِ )
4 - ( صَعبُ الْكَرِيهَةِ لا يُرَامُ جَنابُهُ ... مَاضِي الْعَزِيمَةِ كَالْحُسَامِ الْمِقْصَلِ )
5 - ( يَحْمي الصِّحَابَ إِذَا تَكُونَ عَظِيمَةٌ ... وَإِذَا هُمُ نَزَلُوا فَمَأْوَى الْعُيَّلِ )
وقال تأبط شرًّا أيضاً
_________
رأيت رتوبه فحذف المضاف والرتوب القيام والانتصاب والزمل والزميل مصغرا الضعيف معناه أنه إذا استيقظ من المنام انتصب انتصاب كعب الساق
1 - إن زيد لتوكيد النفي وطي المحمل انتصب على المصدر مما دل عليه ما قبله لأنه لما قال يمس الأرض منه إذا نام جانبه وحرف الساق علم أنه مطوي غير سمين والمعنى أنه إذا نام لا ينبسط على الأرض ولا يتمكن منها بأعضائه كلها حتى لا يكاد يتشمر عند الانتباه بسرعة والمحمل حمالة السيف
2 - الفجاج جمع فج الطريق الواسع في جبل أو غيره والمخارم جمع مخرم وهو منقطع أنف الجبل والأجدل الصقر وهذا الكلام كناية عن كونه صاحب همم إذا نيطت به الصعاب ذللها
3 - أسرة وجهه أي خطوط جبهته والعارض من السحاب ما يعرض في جانب السماء والمتهلل المتلألئ بالبرق يقول إذا نظرت في وجهه رأيت أسارير وجهه تشرق إشراق السحاب المتهلل بالبرق
4 - الكريهة اسم للحرب والجناب الفناء والحسام السيف والمقصل القطاع ومعنى البيت ظاهر
5 - الصحاب الأصحاب والعيل جمع عائل وهو الفقير ههنا يصفه بأنه شجاع كريم

(1/21)


1 - ( إنِّي لَمُهْدٍ مِنْ ثَنائِي فَقاصِدٌ ... بِهِ لابْنِ عَمِّ الصِّدْقِ شُمْسِ بِنْ مالِكِ )
2 - ( أَهُزُّ بِهِ فِي نَدْوَةِ الْحَيِّ عِطْفَهُ ... كَمَا هَزَّ عِطْفِي بِالْهِجَانِ الأَوَارِكِ )
3 - ( قَلِيلُ التَّشَكِّي لِلْمُهِمِّ يُصِيبُهُ ... كَثيرُ الْهَوَى شَتَّى النَّوَى وَالْمَسالِكِ )
4 - ( يَظَلُّ بِمَوْماةٍ وَيُمْسِي بِغَيْرِها ... جَحِيشاً وَيَعْرْورِي ظُهورَ المَهَالِكِ )
5 - ( وَيَسْبِقُ وَفْدَ الرِّيحِ مِنْ حَيْثُ يَينْتَحِي ... بِمُنْخَرِقٍ مِنْ شَدِّهِ الْمُتَدَارِكِ )
_________
1 - لا يقال في الهدية إلا أهديت ويقال في العروس هديتها وأهديتها جميعا والأصل واحد ويقال هذا ثوب صدق وأخو صدق وضع الصدق موضع الفضل والصلاح وشمس بن مالك بضم الشين علم على ابن عمه
ومعنى البيت ظاهر
2 - في ندوة الحي أي في مجتمع الحي وعطف كل شيء جانبه والهجان الإبل الكريمة والأوارك التي ترعى شجر الأراك والمعنى أسره بثنائي حتى يراح ويطرب كما سرني بالإبل البيض الكرام حتى اهتززت
3 - القليل ههنا بمعنى النفي والتشكي مصدر تشكى فلان إذا شكى ما به إلى غيره يقول إنه لا يشكو ما ينزل به من الخطوب إلى أحد لصبره عليها ولكنه يعمل في إزالتها ودفع مضرتها وهو مع ذلك كثير الهوى شتى النوى أي كثير الهمم مختلف الشؤون
4 - الموماة المفازة التي لا ماء فيها والجحيش المنفرد ويعروري أي يرتكب المهالك والمعنى أنه كثير الجولان في الأرض مستأنس بنفسه يرتكب المهالك لشدة حماسته وجراءته
5 - وفد الريح أولها وينتحي أي يعتمد ويقصد والمنخرق السريع الواسع والمتدارك المتلاحق
معناه أنه لخفته ونشاطه يسبق الريح من حيث يقصد بعدو وجرى سريع متسع متلاحق

(1/22)


1 - ( إِذَا حَاصَ عَيْنَيْهِ كَرَى النَّوْمِ لَمْ يَزَلْ ... لَهُ كَالِىءٌ مِنْ قَلْبِ شَيْحَانَ فاتِكِ )
2 - ( وَيَجْعَلُ عَيْنَيْهِ رَبِيئَةَ قَلْبِهِ ... إلِى سَلَّةٍ مِنْ حَدِّ أخْلَقَ صائِكِ )
3 - ( إذَا هَزَّهُ في عَظْمِ قِرْنٍ تَهَلَّلتْ ... نَوَاجِذُ أفْوَاهِ الْمَنَايا الضَّوَاحِكِ )
4 - ( يَرَى الْوَحْشةَ الأنْسَ الأَنِيسَ وَيَهْتَدِي ... بِحَيْثُ اهْتَدَتْ أمُّ النُّجُومِ الشَّوَابِكِ )
_________
1 - حاص بمعنى خاط ويروي إذا خاط عينية والكرى النوم الخفيف
ومعنى خاط عينيه الكرى مر فيهما لا أنه يتمكن منهما حتى يجعل أجفانهما كالمخيطة والكالئ الحافظ والشيحان الحازم والفاتك الذي يفاجئ غيره بالمكروه يصفه بأنه لم يزل متيقظا حتى إذا نامت عينه لا ينام قلبه
2 - الربيئة بمعنى الرقيب والسلة المرة من سل السيف إذا جرده والأخلق الأملس ويروى
( إذا طلعت أولى العدى فنفره ... إلى سلة من صارم الغرب باتك )
وهي أسلم الروايتين والعدى الرجالة يعدون قدام الجيش والغرب حد السيف والباتك القاطع والمعنى أن العين رقيب القلب فإذا كره القلب شيئا كانت العين صاحبه الذي يظهره فهي ربيئته إلى نزع سيفه وقوله من حد أخلق فيه توسع لأن السيف يستل من الغمد وهذا جعل الجفن مسلولا منه فهو في ذلك كقولهم أدخلت الخف في رجلي والقلنسوة في رأسي
3 - التهلل الضحك ونسبته إلى النواجذ توسع كأن المنايا فرحت وسرت بضربه بالسيف حيث كان سببا لظفرها به فصار لكل سن منها ضحك
4 - أم النجوم هي الشمس وقيل المجرة والشوابك النجوم معناه أنه يستأنس بالوحدة ويهتدي إلى مقاصده كما تهتدي الكواكب في سيرها فلا

(1/23)


1 - ال قَطَرِيُّ بنُ الفُجاءَ
2 - ( أقُولُ لهَا وَقَدْ طَارَتْ شَعَاعاً ... مِنَ الأَبْطَالِ وَيْحَكِ لَنْ تُرَاعِي )
3 - ( فَإنَّكِ لَوْ سَأَلْتِ بَقَاءَ يَوْمٍ ... عَلَى الأجَلِ الَّذِي لَكِ لَنْ تُطَاعِي )
4 - ( فَصَبْراً فِي مَجالِ الْمَوْتِ صَبْراً ... فَما نَيْلُ الْخُلُودِ بِمُسْتَطاعِ )
5 - ( وَلاَ ثَوْبُ الْبَقاءِ بِثَوْبِ عِزٍّ ... فَيُطْوى عَنْ أخِي الْخَنَعِ الْيَرَاعِ )
6 - ( سَبِيْلُ الْمَوْتِ غَايَةُ كُلِّ حَيٍّ ... فَدَاعِيهِ لأَهْلِ الأرْضِ دَاعِي )
_________
يضل في قصده
1 - قطري بن الفجاءة المازني أحد رؤس الخوارج فارس مذكور شاعر إسلامي مجيد سلموا عليه بالخلافة ثلاث عشرة سنة وكانت له امرأة من الخوارج يقال لها أم حكيم وكانت من أشجع الناس وأحسنهم بدينهم تمسكا وكان قطري يحبها حبا شديدا وله فيها شعر جيد حسن
2 - أقول لها أي أقول للنفس والشعاع المتفرق وهذا مثل ومعناه المبالغة في الفزع وقوله لن تراعي من الروع وهو الفزع المعنى أقول للنفس وقد طارت متفرقة من خوف الأبطال ويحك لا تراعي ولا تفزعي ولكن تشجعي واصبري
3 - بقاء يوم أي زيادة يوم والمعنى أن النفس إذا طلبت أن يفسح لها في أجلها زيادة عن الأجل المسمى لها لا يجاب طلبها
4 - صبرا تأكيد لصبرا أول البيت والمعنى ظاهر
5 - أخو الخنع الذليل واليراع هنا الرجل الجبان الذي لا قلب له كأنه لا جوف له فوضع اليراع مكان الجبان لأنه بمعناه يقول إن الجبان وإن لبس ثوب البقاء والحياة فإنه ليس بثوب عز وشرف فينزع عنه ويطوى
6 - غاية كل حي يعني أنه لا بد لكل حي وإن طال عمره من سلوك سبيل الموت

(1/24)


1 - ( وَمَنْ لاَ يُعْتَبَطْ يَسْأمْ وَيَهْرَمْ ... وتُسْلِمُهُ الْمَنُونُ إلَى انْقِطاعِ )
2 - ( وَما لِلْمَرْءِ خَيرٌ فِي حَياةٍ ... إذَا ما عُدَّ مِن سَقَطِ الْمَتاعِ )
3و - قال بعض بني قيس بن ثعلبة
4 - ( إنَّا مُحيُّوكِ يا سَلْمَى فَحَيّينا ... وَإنْ سَقَيْتِ كِرَامَ النَّاسِ فَاسْقينَا )
5 - ( وإنْ دَعَوْتِ إلَى جُلَّى وَمَكْرُمَةٍ ... يَوْماً سَرَاةَ كِرامِ النَّاسِ فَادْعينَا )
6 - ( إنَّا بني نَهْشَلٍ لا نَدَّعي لأَبٍ ... عَنْهُ وَلاَ هُوَ بِالأبْناءِ بَشْرِينَا )
_________
1 - الاعتباط أن يموت من غير علة يعني أن من لم يمت شابا مل وسئم من طول العمر وتكاليف الحياة ولا بد في يوم من الأيام أن يسلمه إلى الموت وانقطاع الأجل
2 - سقط المتاع هو الشيء الذي لا فرق بين وجوده وعدمه ولا توقف المنفعة عليه يقول إن المرء لا فائدة له في هذه الحياة إذا لم يكن عنده غناء وكفاية في المهمات والموت حينئذ خير له من تلك الحياة
3 - هو بشامة بن حزن النهشلي وليس له ترجمة في كتب الأنساب والظاهر أنه إسلامي
4 - فحيينا من التحية بمعنى السلام والمعنى أنا مسلمون عليك أيتها المرأة فقابلينا بمثله وإن سقيت الكرام فأجرينا مجراهم فإنا منهم وقيل سقيت بمعنى دعوت يعني إن دعوت لكرام الناس بالسقيا فادعي لنا أيضا
5 - الجلي تأنيث الأجل والسراة كرام الناس يقول إن أشدت بذكر خيار الناس بجليلة نابت أو مكرمة عرضت فأشيدي بذكرنا أيضا وهذا الكلام القصد منه الوصول إلى بيان شرفه ولا سقى ثم ولا تحية
6 - بني نهشل منصوب على الاختصاص ولو رفعه لقال إنا بنو نهشل ومعنى لا ندعي لأب لا ننتسب لأب غير أبينا وقوله ولا هو بالأبناء يشرينا معناه أنه راض بنا كما نحن راضوان به

(1/25)


1 - ( ( إنْ تُبْتَدَرْ غايَةٌ يَوْماً لِمَكْرُمَةٍ ... تَلْقَ السَّوابِقَ مِنَّا وَالْمُصلِّينا )
2 - ( وَلَيْسَ يَهْلِكُ مِنَّا سَيِّدٌ أبَداً ... إلاّ افْتَلَيْنا غُلاَماً سَيِّداً فِينَا )
3 - ( إنَّا لَنُرْخِصُ يَوْمَ الرَّوْعِ أنْفُسَنا ... وَلَوْ نُسامُ بِهَا فِي الأَمْنِ أُغْلينَا )
4 - ( بِيْضٌ مَفَارِقُنا تَغْلى مَراجِلُنَا ... نَأْسُوا بَأمْوالِنا آثَارَ أيْدِينَا )
5 - ( إنِي لَمنْ مَعْشَرٍ أفْنَى أوَائِلَهُمْ ... قِيْلُ الْكُماةِ ألاَ أيْنَ الْمُحامُونَا )
_________
1 - يقال ابتدرنا الغاية وإلى الغاية أي استبقنا إليها وقوله لمكرمة أي لاكتساب مكرمة والمصلى من أسماء خيل الحلبة التي تخرج للسباق وهي عشرة أولها السابق وثانيها المصلى ثم المسلى ثم العاطف ثم المرتاح ثم الحظي ثم المؤمل وهذه السبعة لها حظوظ ثم اللواتي لا حظوظ لها اللطيم ثم الوغد ثم السكيت
2 - الافتلاء الافتطام والأخذ عن الأم معناه إذا هلك منهم سيد خلفه المصنوع للسيادة المرشح لها
3 - ونرخص من أرخص الشيء جعله رخيصا أي سهلا هينا والروع الحرب والألف في أغلينا للإشباع يقول إذا كان يوم الروع تقدمنا للقاء فإن ذهبت أنفسنا ذهبت رخيصة لأنا بذلناها بالإقدام ولم نمنعها بالأحجام ولكنها يوم إلا من غالية
4 - بياض المفارق كناية عن نقاء العرض وانتفاء الذم والعيب وتغلى مراجلنا أي حروبنا وقوله نأسوا أي نداوي إلى آخر البيت معناه أنهم أغنياء أصحاب سطوة لا يطمع الناس في مقاصتهم بل يكتفون منهم بأخذ الدية
5 - الكماة جمع كام كما يقال غاز وغزاة وذلك من قولهم كمى نفسه في السلاح إذا توارى فيه يقول إني من جماعة أفنتهم الإعانة والإغاثة والنجدة والإقدام على الحروب

(1/26)


1 - ( لَوْ كَانَ فِي الأَلْفِ مِنَّا وَاحِدٌ فَدَعَوْا ... مَنْ فارِسٌ خالَهُمْ إيّاهُ يَعْنُونَا )
2 - ( إذَا الْكُماةُ تَنَحَّوْا أنْ يُصيبَهُمُ ... حَدُّ الظَّباةِ وَصَلْناهَا بِأَيْدينَا )
3 - ( وَلاَ تَراهُمْ وَإنْ جَلَّتْ مُصيبَتُهُمْ ... مَعَ الْبُكَاةِ عَلى مَنْ ماتَ يَبْكُونا )
4 - ( وَنَرْكَبُ الكُرْهَ أحْياناً فَيَفْرِجُهُ ... عَنَّا الْحِفاظُ وَأسْيافٌ تُواتِينَا )
5ق - ال السَّمَوْأل بن عادِياءَ
_________
1 - خالهم أي ظنهم معناه أنهم لشدة بأسهم وقوة حماستهم لا يعترفون بشجاعة غيرهم
2 - الظباة جمع ظبة وهي حد السيف وقوله وصلناها بأيدينا هذا الكلام كناية عن علو همتهم في الحرب وطول باعهم فيها
3 - البكاة جمع باك والمعنى أنهم لا يموتون إلا بالقتل حيث صار لهم عادة وإن كل من يولد منهم يكون سيدا فلا يجزعون على من مات منهم
4 - الكره المكروه وركوبه كناية عن وقوعهم فيه وقصدهم إليه والحفاظ المحافظة والذب عن المحارم وقوله وأسياف تواتينا أي توافقنا يقول وأحيانا نقع في المكروه فيكشفه عنا محافظتنا على أحسابنا وذبنا عن حريمنا وأسياف توافقنا
5 - هو السموأل بن غريض بن عادياء والناس يدرجون غريضا في النسب وينسبونه إلى عادياء جده وهو صاحب الحصن المعروف بالأبلق بتيماء وبالسموأل يضرب المثل في الوفاء لأنه أسلم ابنه ولم يخن أمانته في أدراع أودعها عنده امرؤ القيس لما صار إلى الشأم يريد قيصر فطلبه المنذر بن ماء السماء فلجأ إلى السموأل ومعه أدراع كانت لأبيه فوجه المنذر بالحارث بن ظالم في خيل وأمره أن يأخذ مال امرئ القيس من السموأل فلما نزل به تحصن منه وكان له ابن قد يفع وخرج إلى قنص فلما رجع أخذه الحارث

(1/27)


1 - ( إذ المَرْءُ لَمْ يَدْنَسْ مِنَ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ ... فَكُلُّ رِدَاءٍ يَرْتَدِيهِ جَميلُ )
2 - ( وَإنْ هُوَ لَمْ يَحْمِلْ عَلَى النّفْسِ ضَيْمَها ... فَليْسَ إلى حُسْنِ الثناءِ سَبيلُ )
3 - ( تُعَيِّرُنا أنَّا قَليلٌ عَدِيدُنا ... فَقُلْتُ لهَا إنَّ الْكِرَامَ قَلِيلُ )
4 - ( وَما قَلَّ مَنْ كَانَتْ بَقَاياهُ مِثْلَنا ... شَبابٌ تَسَامَى لِلْعُلاَ وَكُهُولُ )
5 - ( وَما ضَرَّنا أنَّا قَلِيلٌ وَجارُنا ... عَزِيزٌ وَجارُ الأَكْثَرِينَ ذَلِيلُ )
_________
ثم قال للسموأل أتعرف هذا قال نعم هذا ابني قال أفتسلم ما قبلك أم أقتله قال شأنك به فلست أخفر ذمتي ولا أسلم مال جاري فضرب الحارث وسط الغلام فقطعه قطعتين
وانصرف عنه فضرب بوفائه المثل
1 - اللؤم اسم جامع للخصال المذمومة والمعنى أن الإنسان إذا لم يتدنس باكتساب اللؤم واعتياده فأي ملبس يلبسه بعد ذلك كان جميلا
2 - وإن هو لم يحمل إلى آخر البيت أي إن لم يصبر النفس على مكارهها فلا سبيل إلى اكتساب حسن الثناء وليس معنى الضيم ضيم الغير لهم لأنهم يأنفون من ذلك ويعدونه تذللا
3 - يقال عيرته كذا وعيرته بكذا والأول المختار المعنى أنها أنكرت منا قلة عددنا فعدته عارا فأجبتها إن الكرام يقلون وقوله إن الكرام قليل يشتمل على معان كثيرة وهي وقوع الدهر بهم وقصد الموت إياهم واستقتالهم في الدفاع عن أحسابهم وإهانتهم كرائم نفوسهم مخافة لزوم العار بهم فكل ذلك يقلل العدد
4 - الشباب جمع شاب كالشبان وقوله تسامي أراد تتسامي فحذف إحدى التاءين والكهول جمع كهل ضد الشباب
5 - وما ضرنا يجوز في ما أن تكون نافية والمعنى لم يضرنا ويجوز أن تكون استفهامية على طريق التقرير والمعنى أي شيء ضرنا

(1/28)


1 - ( لَنَا جَبَلٌ يَحْيَلَّهُ مَنْ نجيرُهُ ... مَنِيعٌ يَرُدُّ الطّرْفَ وَهْوَ كَليلُ )
2 - ( رَسَا أصْلُهُ تَحْتَ الثَرَى وَسَما بِهِ ... إلَى النَّجْمِ فَرْعٌ لاَ يُنالُ طَويلُ )
3 - ( وَإنَّا لَقَوْمٌ ما نَرَى الْقَتْلَ سُبَّةً ... إذَا ما رَأَتْهُ عامِرٌ وَسَلُولُ )
4 - ( يُقَرِّبُ حُبُّ الْمَوْتِ آجالَنا لنَا ... وَتَكْرَهُهُ آجالُهُم فَتَطُولُ )
5 - ( وَما مَاتَ مَنَّا سَيِّدٌ حَتْفَ أنْفِهِ ... وَلا طُلَّ مِنَّا حَيْثُ كَانَ قَتِيلُ )
6 - ( تسِيلُ علَى حَدِّ الظباتِ نفُوسُنا ... وليْسَتْ عَلى غَيْرِ الظُّباتِ تسِيلُ )
7 - ( صَفَوْنا فَلَمْ نَكْدَرْ وَأخْلَصَ سِرَّنا ... إناثٌ أطابَتْ حَمْلَنا وَفُحُولُ )
_________
1 - قيل إنه أراد بذكر الجبل العز والسمو وقيل إن هذا الجبل هو حصن السموأل الذي يقال له الأبلق الفرد يعني من دخل في جوارنا امتنع على طلابه
2 - رسا أصله إلى آخر البيت يريد أنه أثبت جبل في الأرض وأعلى طود عليها
3 - السبة العار وعامر وسلول قبيلتان يقول إذا حسب هؤلاء القتل عارا عده عشيرتي فخرا
4 - يقرب إلى آخر البيت يشير به إلى أنهم يغتبطون لاقتحامهم المنايا وإن عامرا وسلولا يعمرون لمجانبتهم الشر كراهة للموت وحبا للحياة
5 - يقال مات فلان حتف أنفه إذا مات من غير قتل ولا ضرب قيل إن أول من تكلم بقولهم حتف أنفه النبي ومعنى البيت أنا لا نموت ولكن نقتل ودم القتيل منا لا يذهب هدرا
6 - الظبات جمع ظبة وهي حد السيف قيل أراد بالظبات السيوف كلها فأضاف الحد إليها أي أنهم لشجاعتهم وشرفهم لا يقتلون إلا بالسيوف ولا يقتلون بالعصي ولا بالحجارة كما يقتل رعاع الناس
7 - المراد بالسر هنا الأصل الجيد ومعنى ذلك صفت أنسابنا فلم يشبها كدر

(1/29)


1 - ( عَلَوْنا إلَى خَيْرِ الظهُور وَحَطَّنا ... لِوَقْتٍ إلَى خَيْرِ الْبُطُونِ نُزُولُ )
2 - ( فَنَحْنُ كَماءِ الْمُزْنِ مَا فِي نِصَابنا ... كَهامٌ وَلاَ فِينَا يُعَدُّ يَخيلُ )
3 - ( وَتُنْكِرُ إنْ شِئْنا عَلَى النَّاسِ قَوْلَهُمْ ... وَلا يُنْكِرُونَ الْقَوْلَ حين نَقُوولُ )
4 - ( إذَا سَيِّدٌ مِنَّا خَلاَ قَامَ سَيِّدٌ ... قَوْلٌ لِمَا قَالَ الْكِرَامُ فَعُولُ )
5 - ( وَمَا أُخْمِدَتْ نَارٌ لَنا دُونَ طَارِقٍ ... وَلاَ ذَمَّنَا فِي النَّازِلِينَ نَزِيلُ )
6 - ( وأيَّامُنا مَشْهُورَةٌ في عَدُوِّنَا ... لَها غُرَرٌ مَعْلُومَةٌ وَحُجُولُ )
7 - ( وأسْيافُنا فِي كلِّ غَرْبٍ وَمَشْرِقٍ ... بِهَا مِنْ قِرَاعِ الدَّارِعِينَ فُلُولُ )
_________
1 - علونا إلى آخر البيت يشير به إلى صريح نسبهم وخلوصه مما يحط بشرفهم
2 - كماء المزن يريد بذلك تشبيه صفاء أنسابهم بصفاء ماء المطر والنصاب الأصل ومنه نصاب السكين والكهام الكليل الحد وهو مجاز عن الضعيف هنا يقول نحن كماء الوزن وكل منا نافذ ماض ولا فينا بخيل فيعد مع البخلاء وهذا نفي للبخل رأسا
3 - ولا ينكرون إلى آخر البيت معناه أنهم لشدة بأسهم وحماستهم تخشاهم الناس فلا ينكرون عليهم
4 - قوله إذا سيد البيت يعني أن السيادة مستقرة فينا حتى إذا خلا منا سيد خلفه سيد يقول ما تقوله الكرام ويفعل ما تفعله
5 - وما أخمدت نار لنا يشير بذلك إلى أنهم لكثرة كرمهم يديمون إيقاد نار الضيافة ولا يطفؤنها دون طارق ليل وإنهم يثنى عليهم كل نزيل
6 - الحجول جمع حجل وهو هنا البياض يكون في قوائم الفرس والكلام على التشبيه يقول وقعاتنا مشهورة في أعدائنا فهي بين الأيام كالأفراس الغر المحجلة بين الخيل
7 - القراع بكسر القاف المقارعة والمضاربة والدارعين أصحاب الدروع يقول أسيافنا في كل مكان تفللت أي تكسرت

(1/30)


1 - ( مُعَوَّدَةً أنْ لاَ تُسَل نِصالُهَا ... فَتَغْمَدَ حَتَّى يُسْتَباحَ قَبِيلُ )
2 - ( سَلِي إنْ جَهِلْتِ النَّاسَ عَنَّا وَعَنْهُمُ ... وَلَيْسَ سَوَاءً عَالِمٌ وَجَهُولُ )
3 - ( فَإِنَّ بَنِي الدَّيَّانِ قُطْبٌ لِقَوْمِهِمْ ... تَدُورُ رَحاهُمْ حَوْلَهُمْ وتَجُولُ )
4ق - ال الشَّميْذَرُ الحارثيُّ
5 - ( بَنِي عَمِّنا لاَ تَذْكُروا الشِّعْرَ بَعْدَما ... دَفَنْتُمْ بِصَحْراءِ الْغُميْرِ الْقَوافِيا )
_________
مما نضارب بها الأعداء والفلول جمع فل وهو الثلم في حد السيف ومعنى ذلك أنهم يبعدون الغارات في نواحي البلاد
1 - القبيل الجماعة من آباء شتى وجمعه قبل والقبيلة الجماعة من أب واحد وجمعها قبائل يقول تعودت أسيافنا أن لا تجرد من أغمادها فترد فيها إلا بعد أن يستباح بها قبيل
2 - عنا وعنهم ويروى عنا فتخبري معناه إن كنت جاهلة بنا فسلي الناس تخبرى بحالنا فالعالم والجاهل مختلفان
3 - القطب الحديد الذي في الطبق الأسفل من الرحى يدور عليه الطبق الأعلى منها والمعنى أن أمر قبيلتهم لا يستقيم ولا يتم إلا بهم مثل الرحى لا يتم أمرها إلا بالقطب وهذا البيت لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي لا للسموأل والديان هو يزيد بن قطن بن زياد بن الحارث الأصغر
4 - قال البرقي هذا الشعر لسويد بن صميع الرندي الحارثي وكان قد قتل أخوه غيلة فقتل قاتل أخيه نهارا في بعض الأسواق من الحضر ولم أقف للشميذر ولا لسويد على ترجمة
5 - صحراء الغمير اسم موضع والقوافي جمع قافية والقافية آخر كلمة في البيت وأراد بها القصائد وفي دفن القوافي معنيان أحدهما أنكم انهزمتم بهذا الموضع فلا تكلفوا أحدا مدحكم ولا تفتخروا في شعر لسوء بلائكم بهذا الموضع والثاني أن شاعرهم قتل ودفن بهذا الموضع فكأنه يقول

(1/31)


1 - ( فَلَسْنا كَمنْ كنْتُمْ تُصِيبُونَ سَلّةً ... فَنَقْبَلَ ضَيماً أوْ نُحَكّمَ قَاضياً )
2 - ( ولَكِنَّ حُكْمَ السَّيْفِ فِيكُمْ مَسَلَّطٌ ... فَنَرْضَى إذَا ما أصْبَحَ السَّيْفُ راضِياً )
3 - ( وقَدْ سَاءَني ما جَرَّتِ الْحَرْبُ بَيْنَنا ... بَنِي عَمِيّا لَوْ كَانَ أمْراً مُدَانِيا )
4 - ( فَإِنْ قُلْتُمُ إنّا ظَلَمْنا فَلَمْ نَكُنْ ... ظَلمْنا وَلكِنَّا أسَأْنا التَّقاضِيَا )
5و - قال ودَّاكُ بنُ ثُمَل المازنيّ
6 - ( روَيْدَ بَنِي شَيْبَانَ بَعْضَ وَعِيدِكُمْ ... تُلاَقُوا غَداً خَيْلِي عَلَى سَفَوَانِ )
_________
لستم بقادرين على الشعر وقد دفنتم شاعركم بصحراء الغمير فلا تتكلفوا ما لستم من أهله فعلى هذا كأنه قال دفنتم صاحب القوافي
1 - السلة السرقة يقول لهم لسنا كمن كنتم تقصدونه وهو منفرد شاذ فتصيبونه سرقة فنرضى بالضيم أو نحاكمكم إلى قاض
2 - رضا السيف كناية عن كونه يعمل حتى يكل فإذا كل لا يقبل الضرب والمعنى أنا نقتلكم جهارا ونحكم السيف فيكم حتى يكل ولسنا مثلكم قتلتم منا سرقة قيل إنهم قتلوا أخاه فأخذ ديته وقتل قاتله
3 - جرت الحرب أي جنت وقوله لو كان أمرا مدانيا معناه لو كان ما ترددنا فيه أمرا قريبا لساءني ما جنته الحرب ولكن الآن لم يسؤني
4 - أسأنا التقاضيا فيه قولان أحدهما القتل بعد أخذ الدية والآخر قتل جماعة بواحد
5 - ويقال وداك بن سنان بن ثميل أحد بني مازن وهو شاعر جاهلي وكان بنو شيبان أرادوا نفي بني مازن عن ماء لهم يقال له سفوان وادعوا أنه لهم فقال وداك هذا الشعر
6 - رويد تصغير الرود بالضم أي التمهل والرفق ويكون لوجوه أربعة اسم فعل نحو رويد زيدا أمهله وصفة نحو ساروا سيرا رويدا وحالا نحو سار القوم رويدا ومصدرا كما هنا نحو

(1/32)


1 - ( تُلاَقوا جِيَاداً لاَ تَحِيدُ عَنِ الْوَغَى ... إذَا مَا غَدَتْ فِي الْمَأْزِقِ الْمُتَدَانِي )
2 - ( عَلَيْها الْكُماةُ الْغُرُّ مِنْ آلِ مَازِنٍ ... لُيُوثُ طِعَانٍ عِنْدَ كلِّ طِعَانِ )
3 - ( تُلاَقُوهُمُ فَتَعْرِفُوا كَيْفَ صَبْرُهُمْ ... عَلَى مَا جَنَتْ فِيهِمْ يَدُ الْحَدَثَانِ )
4 - ( مَقَادِيمُ وَصَّالُونَ فِي الرَّوْعِ خَطْوَهُمْ ... بِكُلِّ رَقِيقِ الشَّفْرَتَيْنِ يَمانِ )
5 - ( إذَا اسْتُنْجِدُوا لَمْ يَسألُوا مَنْ دَعَاهُمُ ... لأَيَّةِ حَرْبٍ أمْ بِأَيِّ مَكانِ )
6و - قال سَوَّارُ بنُ الْمُضَرَّب السَّعْدِيّ
_________
رويد بني شيبان وقوله بعض وعيدكم انتصب بفعل مضمر دل عليه رويد واستعمال الرفق فيه كف عن بعض الوعيد فالمعنى كفوا يا بني شيبان عنا بعض وعيدكم وهذا تهكم وقوله تلاقوا غدا خيلي أي عن قريب تأتيكم خيلي على سفوان وسفوان اسم ماء على أميال من البصرة
1 - تلاقوا بدل من تلاقوا في البيت قبله والجياد الخيل والوغى الحرب والمأزق المضيق والمعنى تلاقوا خيلا لا ترجع عن الحرب في المضيق المتداني لتعودها على الحرب
2 - الكماة الفرسان والغر بيض الوجوه والليوث الأسود
3 - تلاقوهم إلى آخر البيت معناه تلاقوا من بلائهم ما يستدل به على حسن صبرهم على ما جنته فيهم يد الحدثان والحدثان الحوادث
4 - المقاديم جمع مقدام وهو الكثير الإقدام في الحرب والروع هنا الحرب ومعنى رقيق الشفرتين ماضي الحدين واليماني السيف المطبوع من حديد اليمن
5 - الاستنجاد الاستنصار يقول هؤلاء لحرصهم على الحرب إذا دعاهم أحد لينصروه على أعدائه أجابوه ولم يسألوه عنها ولا عن مكانها ولم يتعللوا بشيء كما يتعلل الجبان
6 - شاعر إسلامي كان مع قطري بن الفجاءة وهو من بني سعد تميم أو من سعد

(1/33)


1 - ( فَلَوْ سَأَلَتْ سَرَاةَ الْحَيِّ سَلْمَى ... عَلَى أنْ قَدْ تَلَوَّنَ بِي زَمَانِي )
2 - ( لَخَبَّرَهاَ ذَوُو أحْسَابِ قَوْمِي ... وَأعْدَائِي فَكلٌّ قَدْ بَلاَنِي )
3 - ( بِذَبِيّ الذَّمَّ عَنْ حَسَبِي بِمَالِي ... وَزَبُّونَاتِ أشْوَسَ تَيَّحانِ )
4 - ( وَإنّي لاَ أزَالُ أخَا حُرُوبٍ ... إذَا لَمْ أجْنِ كُنْتُ مَجِنَّ جَانِي )
5و - قال بعض بني تَيْم الله بن ثَعْلبة
_________
بني كلاب
1 - سراة الحي كرامه وأشرافه وتلون الزمان تصاريفه
2 - الأحساب جمع حسب وهو ما يعد ويحسب عند التفاخر ومعنى قد بلاني قد جربني يعني أن كل أحد يشهد له بالفضل وحسن الصنيع لا فرق بين عدو وغيره
3 - بذبي أي دفعي جار ومجرور متعلق بقوله لخبرها أول البيت قبله وزبونات جمع زبونة بالتشديد يقال رجل فيه زبونة أي كبر ورجل ذو زبونة أي مانع جانبه وحام لما وراء ظهره وهو من الزبن بمعنى الدفع والأشوس من الشوس محركا وهو النظر بمؤخر العين تكبرا أو تغيظا وقد شوس فهو أشوس والتيحان هو الذي يعترض فيما لا يعنيه أو من يقع في البلايا أو الفرس يعترض في مشيته نشاطا والمعنى على كل ظاهر
4 - المجن الترس يعني أنه لحماسته لم يزل مولعا بالحروب لا يفارقها إن لم يحارب لأجل نفسه حارب لأجل غيره ودافع دونه وحامي عليه
5 - قال أبو رياش هذه الأبيات قيلت يوم أوارة وهو الموضع الذي أحرق به عمرو بن هند بني دارم وقال غيره الذي قال هذا الشعر هو علقمة بن شيبان وكان في عهد المنذر ابن ماء السماء وشهد يوم أوارة وحمل على المتمطر أخي المنذر ظنا منه أنه المنذر هذا وقيل المتمطر رجل من لخم والله أعلم بالحقيقة

(1/34)


1 - ( وَلَقَدْ شَهِدْتُ الْخَيْلَ يَوْمَ طِرَادِهَا ... فَطَعَنْتُ تَحْتَ كِنَانَةِ الْمُتَمَطّرِ )
2 - ( وَنُطَاعِنُ الأَبْطَالَ عَنْ أبْنَائِنَا ... وَعَلَى بَصائِرِ نَاوَ إنْ لَمْ نُبْصِرِ )
3 - ( ولَقَدْ رَأيْتُ الْخَيْلَ شُلْنَ عَلَيْكُمُ ... شَوْلَ الْمَخاضِ ابَتْ عَلَى الْمُتَغبِّرِ )
وقال قَطَرِيُّ بن الْفُجاءَةِ المازِنيّ
4 - ( لاَ يَرْكَنْ أحَدٌ إلى الإِحْجَامِ ... يَوْمَ الْوَغَى مُتَخَوِّفاً لِحِمَامِ )
5 - ( فَلَقَدْ أرَانِي لِلرِّمَاحِ دَرِيئةً ... مِنْ عَنْ يَمِينِي مَرَّةً وأمَامِي )
6 - ( حَتَّى خَضَبْتُ بِما تَحَدَّرَ مِنْ دَمِي ... أَكْنافَ سَرْجِي أوْ عِنَانَ لِجَامِي )
_________
1 - أراد بالخيل من عليها من الرجال والكنانة التي يجعل فيها السهام ولعله يريد ما تحتها حين حملها يشير بذلك إلى مقتله
2 - البصائر جمع بصيرة وهو ما يستبد به الرجل من رأيه وعقله على ما يغيب عنه يعني أنا ندافع عن حرمنا على ما يعترض من الرأي في الوقت نفعل ذلك وإن لم نبصر عاقبة الأمر
3 - شلن عليكم من شال الفرس بذنبه يشول شولا أي رفعه عند الجري والمخاض النوق الحوامل والغبر بالتشديد البقية من اللبن في الضرع يقول لقد رأيتكم منهزمين والخيل تعدو عليكم رافعة أذنابها رفع النوق الحوامل لها إذا طلب حلب غبر لبنها
4 - الأحجام النكوص والتأخر والوغى الحرب والحمام الموت ومعنى ذلك أنه يحرض على الحرب وينهي عن التأخر عنها خوفا من الموت
5 - للرماح دريئة معناه عرضة للرماح وعن من قوله عن يميني اسم هنا بمعنى جانب وليست بحرف جر فالمعنى من جانب يميني
6 - أكناف السرج جوانبه ومعنى البيت انتصبت للرماح حتى خضبت بما سال من دمي إما عنان لجامي وإما جوانب سرجي

(1/35)


1 - ( ثُمَّ انصَرَفْتُ وَقَدْ أَصَبْتُ ولَمْ أُصَبْ ... جَذَعَ الْبَصِيرَةِ قَارِحَ الإِقْدَامِ )
2و - قال الْحريشُ بنُ هِلاَل الْقُرَيْعِيُّ
3 - ( شَهِدْنَ مَعَ النَّبِيِّ مُسَوَّمَاتٍ ... حُنَيناً وَهْيَ دَامِيَةُ الْحَوَامِي )
4 - ( وَوَقْعَةَ خَالِدٍ شَهِدَتْ وَحَكَّتْ ... سَنَابِكَها عَلَى الْبَلَدِ الْحَرامِ )
5 - ( نُعَرِّضُ لِلسُّيَوف إذَا الْتَقَيْنا ... وُجُوهًا لاَ تُعَرَّضُ لِلّطامِ )
6 - ( وَلَسْتُ بِخالِعٍ عَنّي ثِيابِي ... إذَا هَرَّ الْكُماةُ وَلاَ أُرَامِي )
_________
1 - الجذع والقارح من صفات الخيل فالجذع المستغني عن الرياضة البالغ سنتين والقارح الذي بلغ النهاية في السن يريد أنه مذ كان لم يزل شجاعا فإقدامه قارح لأنه قديم ويريد بقوله جذع البصيرة أنه كان فيما سلف لا يرى رأي الخوارج ثم تبصر في آخر أمره فعلم أنهم على الحق فاتبعهم فبصيرته جذعة أي محدثة
2 - نسبة إلى بني قريع بطن من تميم رهط بني أنف الناقة والحريش هذا شاعر إسلامي يقال إنه من الصحابة
3 - المسومات المعلمات والحوامي جمع حامية وهو ما أحاط بالحوافر يصف خيلا حضرت مع النبي غزاة حنين دميت حوامي حوافرها لما لحقها من التعب وكثرة العدو
4 - خالد هذا هو خالد بن الوليد بن المغيرة له وقعة مشهورة مع قريش يوم فتح مكة والسنابك أطراف الحوافر يعني أنها وطئت أرض مكة فلقي خالد قريشا بالخندمة جبل بمكة فهزمهم
5 - نعرض للسيوف يحتمل وجهين
أحدهما أن يكون المراد أنا نضرب بالسيوف وجوها لا تعرض للطعام لشرفها يعني وجوه الأعداء
والثاني أن يكون المعنى وجوه أنفسهم
6 - إذا هر الكماة أي كرهت ويروى إذا هز الكماة بالزاي يعني إذا هزوا

(1/36)


1 - ( وَلكنِّي يَجُولُ الْمُهْرُ تَحْتِي ... إلَى الْغارَاتِ بِالْعَضْبِ الْحُسامِ )
2و - قال بنُ زَيَّابَةَ التَّيْمِيُّ
3 - ( نُبِّئتُ عَمْراً غَارِزاً رَأْسَهُ ... فِي سِنَةٍ يُوعِدُ أخْوَالهُ )
4 - ( وَتِلْكَ مِنْهُ غَيْرُ مَأْمُونةٍ ... أنْ يَفْعَلَ الشَّيءَ إذَا قَالَهُ )
5 - ( الرُّمْحُ لاَ أمَلأُّ كَفِّي بِهِ ... وَالِلّبْدُ لاَ أتْبعُ تَزْوَالَهُ )
6 - ( وَالدِّرِْعُ لاَ ابْغِي بِهَا نَثْرَةً ... كلُّ امْرِئٍ مُسْتَوْدَعٌ مَالَه )
_________
سلاحهم عند خلعها ومن معاني هذا البيت إني لا أخلع ثيابي إذا أرادوا سلبها بل أقاتل عنها وإذا لبست ثياب الحرب راميت والثياب هنا كناية عن السلاح
1 - الغارات الحروب والعضب السيف القاطع والحسام من أسماء السيف وقوله بالعضب أي ومعي العضب وهو في موضع الحال
2 - هو شاعر من شعراء الجاهلية وابن زيابة كنيته واختلف في اسمه فقال المرزباني اسمه سلمة بن ذهل وزيابة اسم أمه وهو أحد بني تيم اللات بن ثعلبة
3 - غارزا رأسه أي مدخلا رأسه وغرز الرأس كناية عن الجهل والذهاب عما له وعليه من التحفظ والسنة أول النوم يقول هذا الرجل كأنه وسنان قد تغير عقله فهو يوعد من لا يجب أن يوعده وهذا كما يقال للرجل إذا أخطأ أنت نائم
4 - وتلك منه أي تلك الخصلة وهي فعله لما يقوله لا يؤمن وقوعها من عمرو وهذا تهكم وأن يفعل بدل من قوله وتلك منه
5 - يصف نفسه بالفروسية وإنه يقاتل بالرمح وغيره لأنه إذا اقتصر على الرمح فكأنه ملأ كفه به وأنه ثابت على ظهر فرسه لا يتبع ميلان السرج فيميل معه
6 - قال المبرد النثرة الدرع السابغة يقول درعي هذه تكفيني وقوله كل

(1/37)


1 - ( إنّي وَحَوَّاءَ وَتَرْكَ النَّدَى ... كَالعَبْدِ إذْ قَيَّدَ اجْمَالَهُ )
2 - ( آلَيْتُ لاَ أدْفِنُ قَتْلاَكُمُ ... فَدَخِّنُوا الْمَرْءَ وَسِرْبَالَهُ )
3و - قال الحرثُ بن همام الشَّييانِي
4 - ( أيَا ابنَ زَيَّابَةَ إنْ تَلْقَنِي ... لاَ تلقني فِي النَّعَمِ الْعازِبِ )
_________
امرئ مستودع ماله قال المبرد أي مسترهن بأجله أقول فعلى هذا تكون ما موصولة أي ماله من الأجل فكأن الله سبحانه أودع الأجل عند الإنسان يسترده متى أراد فلا يغني درع ولا نثرة وهذه الرواية هي الجيدة
1 - حواء اسم فرسه معناه أني متى ما تركت الغزو على حواء واغتنام الأموال وبذلها لم يبق لي هم لأن أكثر همي في ذلك كنت مثل العبد إذا شبعت إبله فأراحها وقيدها لم يبق له هم حينئذ
2 - آليت أي حلفت وقوله فدخنوا المرء أي بخروه قيل إنه طعن رجلا فأحدث فقال دخنوه لتطيب رائحته فإني لا أدفن القتيل منكم إلا طاهرا ويروى أن أحد المخاطبين كان أحدث في حرب حضرها خوفا على نفسه فعرض الشاعر بهم
3 - هو الحارث بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان وهو شاعر جاهلي وهو جار أبي دؤاد الأيادي الذي يضرب به المثل وذلك أن أبا دؤاد كان في جواره فخرج صبيان الحي يلعبون في غدير فغمس الصبيان ابن أبي دؤاد فيه فقتلوه فخرج الحارث وقال لا يبقى صبي في الحي إلا أغرق في الغدير أو يرضي أبو دؤاد فودى ابن أبي دؤاد عشر ديات فرضي أبو داؤد وكان من حديثه مع ابن زيابة أنه أغار على إبل ابن زيابة وكان غائبا فوقع بينهما الشر والهجاء فمما قال الحارث فيه هذا الشعر
4 - العازب البعيد
والمعنى لست براعي إبل أكون

(1/38)


1 - ( وَتَلْقَنى يَشْتَدُّ بِي أجْرَدٌ ... مُسْتَقْدِمُ الْبِرْكَةِ كَالرَّاكِبِ )
فأجابه ابن زَيَّابة
2 - ( يَا لَهْفَ زَيَّابَةَ لِلْحرِثِ الصَّابِحِ ... فَالْغَانِمِ فَالآيِب )
3 - ( وَاللهِ لَوْ لاَقَيْتُهُ خَالِياً ... لآَبَ سَيْفَانَا مَعَ الْغالِبِ )
4 - ( أنَا ابنُ زَيَّابَةَ إنْ تَدْعُنِي ... آتكَ والظَّنُّ عَلَى الْكاذِبِ )
5و - قال الأشْتَرُ النَّخَعِيُّ
_________
في النعم البعيد عن أربابه وإنما أنا صاحب فرس ورمح أغير على الأعداء وأحارب من ابتغى حربي
1 - يشتد من الشد وهو العدو والأجرد الفرس القصير الشعر والمستقدم المتقدم والبركة الصدر قالوا في معناه إنه يتقدم في الحروب كراكبه من حدة نفسه وجراءته
2 - زيابة أم الشاعر واللام في قوله للحرث للتعليل والصابح الذي يصبح أعداءه بالغارة يقول يا لهف أمي على الحرث إذ صبح قومي بالغارة فغنم منهم ورجع سالما أن لا أكون لقيته فقتلته أو أسرته
3 - يقسم بالله تعالى أنه لو لاقاه خاليا لقتل أحدهما الآخر فآب السيفان مع الغالب
4 - قوله أنا ابن زيابة الخ هذا يحتمل أن يكون معناه إنك إن دعوتني علمت حقيقة ما أقول فادعني وأخلص من الظن فإنك تظن بي العجز عن لقائك والظن من شأن الكاذب ويحتمل أن يكون معناه إنك إن دعوتني وظننت أنك تغلبني فإني أغلبك فيعود ظنك عليك أي كالمتظاهر عليك مع الأعداء
5 - هو مالك بن الحارث أحد بني النخع والأشتر لقب له كان شاعرا يمنيا من شعراء الصحابة شهد حرب القادسية أيام عمر بن الخطاب التي كانت بين المسلمين والفرس وكان لعلي في حروبه

(1/39)


1 - ( بَقَّيْتُ وَفْرِي وَانْحَرَفْتُ عَنِ العُلاَ ... وَلَقِيتُ أضْيَافِي بَوَجْهِ عَبُوسِ )
2 - ( إنْ لَمْ أشُنَّ عَلَى ابنِ حَرْبٍ غَارَةً ... لَمْ تَخْلُ يَوْماً مِنْ نِهَابِ نُفُوسِ )
3 - ( خَيْلاً كَأمْثَالِ السَّعَالِي شُزَّباً ... تَعْدُو بِبِيضٍ فِي الْكَرِيهَةِ شوسِ )
4 - ( حَمِيَ الْحَدِيدُ عَلَيْهِمُ فَكَأنَّهُ ... وَمَضَانُ بَرْقٍ أوْ شعَاعُ شُمُوسِ )
_________
مثل ما كان علي لرسول الله وقد كتب له علي بولاية مصر فخرج يريدها وبلغ ذلك معاوية فعظم عليه الأمر فبعث إلى المقدم على الخراج بالقلزم
1 - يعده ويمنيه إن كفاه شر مالك فلما انتهى الأشتر إلى القلزم استقبله ذلك الرجل وعرض عليه النزول عنده فنزل فأتاه بطعام فأكل ثم جاءه بعسل وضع فيه سما فشربه فمات وذلك سنة ثلاث وثلاثين للهجرة فقال معاوية لما بلغه ذلك إن لله جنودا منها العسل
1 - الوفر المال معناه بقيت مالي ولم أنفقه في ما يكسبني الذكر ورفع القدر
2 - يدعو على نفسه بما يكسبه سوء الثناءان لم يفرق الغارة على ابن حرب يعني معاوية بن أبي سفيان
3 - السعالي الغيلان وقيل هي بنات الغيلان والشزب الضمر والبيض من البياض وهو كناية عن الكرم ونقاء العرض والشوس جمع أشوس وهو الغضبان أو المتكبر وانتصب خيلا على أنه بدل من غارة في البيت قبله أي خيلا مثل السعالي ضمرا تعدو ببيض إلى آخر البيت
4 - قوله حمى الحديد يجوز أن يكون كناية عن شدتهم وقوة بأسهم وقوله فكأنه ومضان برق الخ كناية عن ملازمتهم للبس الدروع وتعهدهم لها لاحتياجهم إليها يصف هؤلاء القوم بالنجدة وقوة البأس وملازمتهم للحرب ومن حمل الكلام على حقيقته لم يستقم له المعنى

(1/40)


1 - قال مَعدَانُ بنُ جَوَّاسٍ الْكِنْدِيُّ
2 - ( إنْ كَانَ مَا بُلِّغْتَ عَنِّي فَلاَمِنِي ... صَدِيقِي وشَلّتْ مِنْ يَدَيَّ الأَنامِلُ )
3 - ( وَكَفَّنْتُ وَحْدِي مُنْذِراً فِي رِدَائِهِ ... وصَادَفَ حَوْطاً مِنْ أعَادِيَّ قَاتِلُ )
4و - قال زُفَرُ بنُ الحَرِثِ
5 - ( وَكُنَّا حَسِبْنا كُلَّ بَيْضاءَ شَحْمَةً ... لَيالِيَ لاَقَيْنَا جُذَامَ وَحِمْيَرَا )
_________
1 - معدان بن جواس أحد بني كندة بن ثور شاعر جاهلي يماني وروى أبو محمد الأعرابي أن هذا الشعر لأبي حوط حجية بن المضرب أحد بني السكون بن أشرس بن كندة وكان من حديث هذا الشعر أن النعمان بن المنذر اللخمي أغار على بني تميم فنذروا به فهزموه وكان يومئذ حجية نازلا فيهم عند أخته فكيهة زوج ضمرة بن ضمرة النهشلي التميمي فاتهمه النعمان بأنه الذي أنذرهم فأنشد هذا الشعر يخاطبه ويتبرأ فيه من التهمة ضمن دعائه على نفسه
2 - الأنامل أطراف الأصابع وشللها فسادها يقول إن كان ما أدى إليك عني حقا فأنا أدعو على نفسي أن أفعل ما أستحق به لوم الصديق واسترخاء أناملي
3 - منذر أخوه وحوط ابنه وقوله وكفنت وحدي منذرا أي أكون غريبا لا أجد معينا وقوله في ردائه أي لا أجد كفنا له
4 - هو أبو الهذيل زفر بن الحارث الكلابي كان كبير قيس في زمانه وفي الطبقة الأولى من التابعين من أهل الجزيرة وكان من الأمراء وشهد وقعة صفين مع معاوية أميرا على أهل قنسرين وشهد وقعة مرج راهط مع الضحاك بن قيس وفيها يقول هذا الشعر ومرج راهط بالإضافة موضع بالشام كانت به وقعة مشهورة في كتب التاريخ
5 - وكنا حسبنا أي ظننا يقول

(1/41)


1 - ( فَلمَّا قَرَعْنا النَّبْعَ بالنبع بَعْضَهُ ... بِبَعْضٍ أبَتْ عِيدَانُهُ أنْ تَكَسَّرَا )
2 - ( وَلَمَّا لَقِينَا عُصْبَةً تَغْلِبِيَّةً ... يَقُودُونَ جُرْداً لِلْمَنِيَّةِ ضُمَّرَا )
3 - ( سَقَيْنَاهُمُ كَأساً سَقَوْنَا بمِثْلِهَا ... وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْمَوْتِ اصْبَرَا )
4و - قال عامر بن الطُّفَيل
_________
كنا نطمع في أمر فوجدناه على خلاف ما كنا نظن وهذا من قولهم في المثل ما كل بيضاء شحمة ومثله ما كل سوداء تمرة
1 - النبع شجر صلب تعمل منها القسي وقوله عيدانه الضمير فيه عائد إلى النبع وقيل عيدانه يعني القوم الذين حاربوه لأنه شهد لهم بالصبر ضرب ذلك مثلا لتكافئ الفريقين جلادة وصبرا
2 - تغلبية أي تغلب ابنة وائل وقد ظن بعض أهل الأدب ممن كتب على الحماسة أنها تغلب ابنة حلوان غرورا بذكر الشاعر جذام وحمير وليس من الحق في شيء وقوله جردا أي خيلا جردا وجواب لما فيما بعد وهو سقيناهم
3 - ولكنهم كانوا إلى آخر البيت فيه شهادة لهم بالغلبة واعتراف بأنهم أهل صبر
4 - هو عامر بن الطفيل بن مالك ينتهي نسبه إلى عامر بن قيس غيلان شاعر مخضرم كان سيد بني عامر غير مدافع وهو ابن عم لبيد الشاعر وفد على رسول الله ومعه أربد أخو لبيد يضمران الشر والسوء فألقى النبي إليه وطاء وعرض عليه الإسلام فقال علي أن لي الوبر ولك المدر وتجعل لي نصف ثمار المدينة ويكون لي الأمر من بعدك فأبى رسول الله وكان ذلك من عامر مخاتلة لأمر بينه وبين أربد اتفقا عليه فخاب مسعاهما وحرج عامر مغضبا يقول والله لأملأنها عليك خيلا جردا ورجالا مردا

(1/42)


1 - ( طُلِّقْتِ إنْ لَمْ تَسْأَلِي أيُّ فَارِسٍ ... حَلِيلُكِ إذْ لاَقَى صُدَاءً وَخَثْعَمَا )
2 - ( أكُرُّ عَلَيْهِمْ دَعْلَجاً وَلَبَانُهُ ... إذَا مَا اشْتَكَى وَقْعَ الرِّمَاحِ تَحَمْحَما )
3و - قال عَمْرُو بْنُ مَعْدِ يكرِب الزُّبَيْدِيُّ
_________
ولأربطن بكل نخلة فرسا فقال اللهم اكفني عامرا واهد بني عامر قومه فسألت عائشة من هذا فقال هذا عامر بن الطفيل والذي نفسي بيده لو أسلم فأسلمت معه بنو عامر لزاحموا قريشا على منابرهم وسار عامر يريد قومه فلما كان في أثناء طريقه أخذته غدة كغدة البكر فحبسته في بيت امرأة من سلول فجعل يثب إلى السماء ويقول يا موت ابرز لي أغدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية ومات مكانه ويذكر في هذا الشعر يوم فيف الريح يوم تجمعت فيه بنو الحارث بن كعب وعليهم الحصين ابن يزيد وزبيد بن صعب بن سعد العشيرة وغيرهم يريدون قتال بني عامر
1 - طلقت يحتمل أن يكون دعاء أو أخبارا وحليل المرأة زوجها وصداء وخثعم قبيلتان كانا مع من أراد قتال بني عامر في ذلك اليوم
2 - دعلج اسم فرسه واللبان اسم لما جرى عليه اللبب من الصدر والتحمحم التصويت دون الصهيل وهذا البيت معيب من جهة نصب اللبان ورفعه أما عيبه من جهة النصب فهو ذكر اللبان بعد قوله أكر عليهم دعلجا لأنه إذا كره فقد كر جميع جسده وأما عيب الرفع فهو جعل التحمحم للبان وإنما هو للفرس والصواب بدل هذا البيت
( أقدم فيهم دعلجا وأكره ... إذا أكرهوا فيه الرماح تحمحما )
3 - هو عمرو بن معد يكرب بن عبد الله ينتهي نسبه إلى زبيد بن صعب بن

(1/43)


1 - ( وَلَمَّا رَأيْتُ الْخَيْلَ زُوراً كأَنَّها ... جَدَاوِلُ زَرعٍ أرْسِلَتْ فَاسْبَطَرَّتِ )
2 - ( فَجَاشَتْ إلَيَّ النَّفْسُ أوَّلَ مَرَّةٍ ... فَرُدَّتْ عَلَى مَكْرُوهِهَا فَاسْتَقَرَّتِ )
3 - ( عَلاَمَ تَقُولُ الرُّمْح يُثْقِلُ عَاتِقِي ... إذَا أنَا لَمْ أطْعُنْ إذَا الْخَيْلُ كَرَّتِ )
4 - ( لَحَا اللهُ جَرْماً كُلَّمَا ذَرَّ شَارِقٌ ... وُجُوهَ كِلاَبٍ هَارَشَتْ فَازْبَأرَّتِ )
_________
سعد العشيرة شاعر مخضرم فارس اليمن وهو مقدم على زيد الخيل في الشدة والبأس قدم على النبي في رجال من بني زبيد منصرف رسول الله من غزاة تبوك وكانت في رجب سنة تسع فأسلم وشهد حرب القادسية أيام عمر رضي الله عنه فأبلى بلاء حسنا وكان عمرو يكنى أبا ثور وكان أحد من يصدق عن نفسه في الحرب وشهد نهاوند مع النعمان بن مقرن وبها قتل
1 - الزور جمع أزور وهو المعوج الزور أي هي مائلة من وقع الطعن فيها أو للطعن والجداول جمع جدول وهو النهر الصغير يقول لما رأيت الفرسان منحرفين للطعن وقد خلوا أعنة دوابهم وأرسلوها كأنها أنهار زرع أرسلت مياهها فاسبطرت أي امتدت
2 - والفاء في قوله فجاشت للترتيب بين معاني جمل الشرط وجواب لما حذفه أبو تمام وهو
( هتفت فجاءت من زبيد عصابة ... إذا طردت فاءت قريبا فكرت )
وجاشت الخ جاشت النفس اضطربت من الفزع معناه لما رأيت الخيل هكذا وطنت نفسي فاطمأنت وهدأت بعد أن حدثتني بالفرار خوفا وفزعا
3 - العاتق موضع الرداء من المنكب أو هو ما بين المنكب والعنق والمعنى بأي حجة أحمل السلاح إذا لم أقاتل عند كر الخيل أي إنما أتكلف حمل الرمح للطعن به
4 - لحا الله جرما أي قبحهم ولعنهم على المجاز وذرت الشمس

(1/44)


1 - ( فَلَم تُغْنِ جَرْمٌ نَهْدَهَا إذْ تَلاَقَتا ... وَلَكِنَّ جَرْماً فِي الِلّقَاءِ ابْذَعَرَّتِ )
2 - ( ظَلِلْتُ كأَنِّي لِلرِّمَاحِ دَرِيَّةٌ ... أُقَاتِلُ عَنْ أبْنَاءِ جَرْم وَفَرَّتِ )
3 - ( فَلَوْ أنَّ قَوْمِي أنْطَقَتْنِي رِمَاحُهُمْ ... نَطَقْتُ وَلَكِنَّ الرِّمَاحَ أجَرَّتِ )
4و - قال سيَّارُ بن قَصِيرٍ الطّائيّ
5 - ( لَوْ شَهِدَتْ أمُّ الْقُدَيْدِ طِعَانَنَا ... بِمَرْعَشَ خَيْلَ الأَرْمَنِيِّ أرَنَّتِ )
_________
بدا قرنها أول الطلوع والشارق الشمس ووجوه كلاب نصب على الذم والمهارشة المواثبة وازبأرت أي تهيأت للقتال معناه لحاهم الله كل يوم وجوه كلاب وأثبت وتهيأت للشر والقتال
1 - جرم ونهد قبيلتان وكانت جرم قتلت رجلا من بني الحرث فارتحلت جرم فتحولوا إلى بني زبيد قوم عمرو فجاءت بنو الحرث يطلبون بدم صاحبهم فعبى عمرو جرما لبني نهد وتعبى هو وقومه لبني الحرث فكرهت جرم دماء بني نهد ففرت وانهزمت بنو زبيد فلامهم عمرو وابذعرت تفرقت
2 - درية أي عرضة ومعنى البيت بقيت نهاري منتصبا في وجوه الأعداء والطعن يأتيني من جوانبي أذب عن جرم وقد هربت
3 - أجرت من الأجرار وهو شق لسان الفصيل لئلا يرضع أمه ويجعل فيه عويد يقول لو أنهم أبلوا في الحرب بلاء حسنا لمدحتهم وذكرت بلاءهم ولكنهم قصروا فأجروا لساني فما أنطق بمدحهم والافتخار بهم
4 - سيار بن قصير الطائي أحد بني طيىء بن أدد شاعر جاهلي ولم توجد له ترجمة فيما بأيدينا من كتب الأدب ويقول ذلك الشعر يوم قارات حوق من أيام قبائل طيىء بعضها مع بعض ويسمي أيضا يوم اليحاميم
5 - أم القديد قيل هي امرأته ومرعش بلد بين الشام وبلاد الروم والأرمني نسبة إلى

(1/45)


1 - ( عَشِيّة أرْمِي جَمْعَهُمْ بِلَبانِهِ ... وَنَفْسِي وَقَدْ وَطّنْتُها فَاطْمأنَّتِ )
2 - ( وَلاَحِقَةِ الآطَالِ أسْنَدْتُ صَفّها ... إلَى صَفِّ أُخْرَى مِنْ عِداً فَاقْشَعَرَّتِ )
وقال بعض بني بُولاَن مِن طَيىٍء
3 - ( نَحْنُ حَبَسْنا بَنِي جَدِيلَةَ فِي ... نَارٍ مِنَ الْحَرْبِ جَحْمَةٍ الضَّرَمِ )
4 - ( نَسْتَوْقِدُ النَّبْلَ بِالْحَضِيضِ وَنصطَادُ ... نُفُوساً بُنَتْ عَلَى الْكَرَمِ )
_________
أرمينية والرنين صوت مع بكاء يقول لو حضرت هذه المرأة مطاعنتنا بمرعش خيل هذا الرجل الأرمني لولولت وضجت إشفاقا علينا لكثرتهم وقلتنا ولم يذكر أحد فيما نعلم من المؤرخين وأهل الأدب تفاصيل تلك الليلة
1 - اللبان هنا مجاز عن الفرس ومعناه أنه يرميهم بفرسه ونفسه وقد وطن نفسه وعودها على الشر فسكنت إليه ورضيت به
2 - واللحوق الضمور مصدر لحق إذا ضمر الآطال جمع إطل وهو الكشح يقول رب خيل قد لحقت بطونها بظهورها أملت صفها إلى صف خيل مثلها من الأعداء يفتخر بشدة إقدامه وحسن بلائه وثبات جأشه في ذلك الموقف
3 - جديلة حي من حمير نسبوا إلى أمهم جديلة بنت سبيع بن عمرو بن الغوث والجحمة المضطرمة والضرم الالتهاب يقول حبسنا هؤلاء القوم على نار من الحرب شديدة الالتهاب ولما كانت النار لا تبقى شيئ شبه الحرب به
4 - نستوقد النبل هذا من الكلام الفصيح الموجز جعل ذلك مثلا لعظم الأفاعيل بهم ذلك اليوم على صورة غير مألوفة وأما قوله ونصطاد نفوسا الخ فإنما هو افتخار بأن من يأخذه ويقع في أسره يومئذ هو من المجد والشرف بموضع ليدل بذلك على علو همته وفضل شجاعته يقول إنا نبالغ في الرمي فلا نجاري

(1/46)


1 - قال رُوَيْشِدُ بن كثير الطائي
2 - ( يَا أيُّها الرَّاكِبُ الْمُزْجِي مَطِيَّتَهُ ... سَائِلْ بَني أسَدٍ مَا هَذِهِ الصَّوْتُ )
3 - ( وَقُلْ لَهُمْ بَادِرُوا بِالْعُذْرِ وَالْتَمِسُوا ... قَوْلاً يُبَرّئُكُمْ إنِّي أنَا الْمَوْتُ )
4 - ( إنْ تُذْنِبُوا ثُمَّ تَأتِيني بَقِيَّتُكُمْ ... فَمَا عَلَيَّ بِذَنْبٍ عِنْدَكُمْ فَوْتُ )
5و - قال أَنَيْفُ بنُ زَبّان النَّبْهانيُّ مِنْ طَيىء
_________
فيها ونسلب نفوس رجال تعودوا على الكرم وقوله بنت أي بنيت على لغة طيىء
1 - ذكر بعض أهل الأدب أن رويشدا قال هذا الشعر يوم ظهر الدهناء وكان من خبره أن بشر بن أبي حازم الأسدي هجا أوس ابن حارثة بن لأم الطائي فطلبه أوس فلجأ إلى قومه بني أسد وكانوا حلفاء بني طيىء فرأوا تسليمه إليه سبة وعارا فأبوا أن يسلموه فجمع لهم أوس جديلة طيىء وتلاقيا بظهر الدهناء فأوقع بهم أوس وظفر ببشر ثم عفا عنه ورويشد هذا من الشعراء الذين ليس لهم ذكر في الشعر وشعره متوسط في الطبقة وهو جاهلي
2 - المزجي السائق قالوا أراد بالصوت جلبتهم وصيحتهم تهكما عليهم وقيل أراد بالصوت ما يبلغه عنهم وأنهم إن لم يقيموا المعذرة على براءة ساحتهم منه عاقبهم
3 - بادروا بالعذر أي قدموا إلى اعتذاركم قبل أن أعاقبكم إني أنا الموت أي أقرب لكم موتكم بانتقامي منكم
4 - بقيتكم أي الباقون منكم والمعنى إن أذنب منكم نفر وأتاني آخرون يتبرؤن من جنايتهم بغير عذر واضح لم ينفعهم ذلك عندي ولا تفوتني مكافأتكم جميعا
5 - أنيف بن زبان هو أحد بني نبهان بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيىء أحد رجالهم سنانا ولسانا يذكر يوم ظهر الدهناء أنيف

(1/47)


1 - ( جَمَعْنا لَكُمْ مِنْ حَيَّ عَوْف وَمَالِكِ ... كَتَائِبَ يُرْدِي الْمُقْرِفِينَ نَكالُها )
2 - ( لَهُمْ عَجُزٌ بِالرَّمْلِ فَالْحَزْنِ فَالِلّوَى ... وَقَدْ جَاوَزَتْ حَيَّيْ جَدِيسَ رِعَالُها )
3 - ( وتَحْتَ نُحُورِ الْخَيْلِ حَرْشَفُ رَجْلَةٍ ... تُنَاحُ لِغِرَّاتِ الْقُلوبِ نِبَالُها )
4 - ( أبى لَهُمُ أنْ يَعْرِفُوا الضَّيْمَ أنَّهُمُ ... بَنُوا نَاتِقٍ كانَتْ كَثِيراً عِيَالُها )
_________
1 - عوف ومالك بطنان من الغوث بن طيىء والمقرف الذي أمه عربية وأبوه مولى ضد الهجين يعيرهم بالضعة في النسب والنكال ما تفعله من العقوبة للجاني وغيره من أهل الشر أي أننا جمعنا لهؤلاء القوم جيوشا يعجز المقرفون فيها ويلحقهم الضعف والعار ويصيبهم النكال فيخمل ذكرهم فكأنهم قد هلكوا
2 - العجز مؤخر الشيء والحزن ضد السهل واللوى هنا موضع وقوله حيي جديس قيل أراد بالحيين طسما وجديسا والقصد بلادهم وديارهم لأنهم لم يكونوا موجودين وقت ذاك والرعيل القطعة المتقدمة من الخيل والجمع رعال يقول أوائل هذه الخيل قد جاوزت حيي جديس وأواخرها بالحزن فاللوى كنى بذلك عن كثرة العدد يريد أنا نسير إلى هؤلاء القوم بجيش كثيف يملأ هذه الأماكن
3 - الحرشف الجراد المنتشر الشديد الأكل تشبه به العرب كثرة الجيش والرجلة الرجالة الذين يمشون على أرجلهم أمام الفوارس فظهر أنه يريد رجلة حرشف فقلب الإضافة وتتاح أي تقدر وغرات جمع غرة من الغرارة وهي الغفلة معناه أن تحت صدور الدواب قطعة من الرجالة تقدر نبالها للقلوب الغافلة أي لهم حذق بالرمي فهم يرمون حبات القلوب فلا يخطئون
4 - المراد بالمعرفة الخطور بالبال أي لا يمر بخاطرهم أن يضاموا والناتق المرأة الكثيرة الأولاد فالعيال هنا

(1/48)


1 - ( فَلَمَّا أتَيْنَا السَّفْحَ مِنْ بَطْنِ حائِل ... بِحَيْثُ تَلاَقَى طَلْحُها وَسَيَالُها )
2 - ( دَعَوْا لِنزَارٍ وَانْتَمَيْنا لِطَيِّىءٍ ... كأسَدِ الشَّرَى إقْدَامُها وَنِزَالُها )
3 - ( فَلَمَّا الْتَقيْنا بَيَّنَ السَّيْفُ بَيْننَا ... لِسَائِلَةٍ عَنَّا حَفِيٍّ سُؤَالُها )
4 - ( وَلمَّا تَدَانَوْا بالرِّماحِ تَضَلَّعَتْ ... صُدُورُ الْقَنا مِنْهُمْ وَعَلَّتْ نِهالُها )
5 - ( وَلَمَّا عَصِينَا بِالسُّيُوفِ تَقَطَّعَتْ ... وَسائِلُ كانَتْ قَبْلُ سِلْماً حِبَالُها )
6 - ( فَوَلَّوْا وأَطْرَافُ الرِّماحِ عَلَيْهِمِ ... قَوَادِرُ مَرْبُوعَاتُها وَطِوَالُهَا )
_________
كناية عن الأولاد معناه أبى لهم أن يضاموا كثرة عددهم يصفهم بالعزة والمنعة والبأس والشدة
1 - السفح أسفل الجبل حيث يغلظ وبطن حائل موضع والطلح والسيال نوعان من الشجر وجواب لما في البيت بعده
2 - انتمينا انتسبنا أي قالوا يا لنزار وقلنا يا لطيىء وقوله كأسد الشرى إلى آخر البيت معناه إقدامها ونزالها كإقدام أسد الشرى ونزالها فهو على حذف مضاف
3 - الحفي في السؤال المبالغ فيه أي لما تحار بنا ميز السيف بيننا وبين المنتسبين إلى نزار وأظهر حسن بلاء أحد الفريقين وزيادته فيما يحمد من الصبر والثبات على صاحبه لامرأة مبالغة في السؤال عنا
4 - تضلعت امتلأت شبعا وريا وقوله وعلت نهالها من العلل وهو الشرب الثاني ضد النهل وهو الشرب الأول أي شربت من دمائهم ثانيا بعد شربها أولا
5 - يقال عصوت بالعصا وعصيت بالسيف إذا ضربت بهما يفرقون بين الفعلين بالواو والياء والمسلم المسالمة يقول لما تجالدنا بالسيوف وقتل بعضنا بعضا تقطع ما كان بيننا من القرب فصارت عداوات
6 - قوادر جمع قادر من قدر عليه يقدر والمربوع المتوسط بين القصير والطويل يقول لنهزموا وأسنة الرماح متمكنة منهم ومقتدرة

(1/49)


1 - قال عَمْرُو بن مَعْدِ يكَرِبَ
2 - ( لَيْسَ الْجَمالُ بِمِئْزَرٍ ... فَاعْلَمْ وَإنْ رُدِّيتَ بُرْدَا )
3 - ( إنَّ الْجَمالَ مَعَادِنٌ ... وَمَناقِبٌ أوْرَثْنَ مَجْدَا )
4 - ( أعْدَدْتُ لِلْحَدَثانِ سَابِغَةً ... وَعَدَّءً عَلَنْدَى )
5 - ( نَهْداً وَذَا شُطَبٍ يَقُدُّ ... الْبَيْض وَالأَبْدَانّ قَدًّا )
6 - ( وعَلِمْتُ أنِّي يَوْمَ ذَاكَ ... مُنَازلٌ كَعْباً وَنَهْدَا )
7 - ( قَوْمٌ إذَا لَبِسُوا الْحَدِيدَ ... تَنَمَّرُوا حَلَقاً وَقِدَّا )
_________
عليهم طوالها وأوساطها والقصد جميعها
1 - يذكر اليوم المتقدم بين عشيرته وجارتها جرم وبين بني الحرث بن كعب وحليفتها نهد
2 - كان غاية اللبوس عندهم أن يأتزروا بمئزر ويلبسوا فوقه بردا حتى ملوكهم ويسمون ذلك خلعة يقول ليس الجمال فيما تلبسه من الثياب
3 - المناقب الخصال الجميلة والمعنى أن جمال الإنسان في أصوله الزكية وأفعاله الكريمة التي تورث المجد والشرف
4 - الحدثان الحوادث والسابغة الدرع الواسعة والعداء الفرس الكثير الجري والعلندي الغليظ الشديد من كل شيء يقول هيأت لدفع الحوادث درعا واسعة وفرسا ضخما شديدا جيد الجري كثيره
5 - يقال فرس نهد أي ضخم طويل والشطب طرائق السيف والقد القطع طولا والقط القطع عرضا والبيض جمع البيضة من الحديد والأبدان الدروع
6 - كعب ونهد قبيلتان ومعنى البيت علمت أني منازل هؤلاء فأعددت لهم هذا السلاح لعلمي بالحاجة إليه
7 - قوله تنمروا فيه تأويلات أجودها أنهم إذا لبسوا الدروع واليلب تشبهوا بالنمر في أفعالهم في الحرب والحلق الدروع المنسوجة حلقتين حلقتين

(1/50)


1 - ( كُلُّ امْرِئٍ يَجْرِي إلَى ... يَوْم الْهِيَاجِ بِما اسْتَعَدَّا )
2 - ( لَمَّا رَأيْتُ نِسَاءَنَا ... يَفْحَصْنَ بِالْمَعْزَاءِ شَدَّا )
3 - ( وَبَدَتْ لَمِيسُ كَأَنّهَا ... بَدْرُ السَّمَاءِ إذَا تَبَدَّى )
4 - ( وَبَدَتْ مَحاسِنهَا الَّتي ... تَخْفَى وَكانَ الأَمْرُ جِدَّا )
5 - ( نازَلْتُ كَبْشَهُمُ وَلَمْ ... أرَ مِنْ نِزَال الْكَبْشِ بُدَّا )
6 - ( هُمْ يَنْذُرُونَ دَمِي وَأنْذُرُ ... إنْ لَقِيتُ بأنْ اشُدَّا )
7 - ( كَمْ مِنْ أخٍ لِي صالِحٍ ... بَوَّاتُهُ بِيَدَيَّ لَحْدَا )
8 - ( مَا إنْ جَزِعْتُ وَلاَ هَلِعْتُ ... وَلاَ يَرُدُّ بُكايَ زَنْدَا )
_________
والقد أراد به اليلب وهو شبه درع كان يتخذ من الجلد الغير المدبوغ
1 - كل امرئ هذا كما قيل في المثل قبل الرماء تملأ الكنائن
2 - قوله يفحصن بالمعزاء أي يؤثرن فيها من شدة الجري والمعزاء الأرض الصلبة وشدا مفعول له أي يفحصن لشدهن
3 - لميس اسم امرأة أي برزت هذه المرأة كاشفة عن وجهها كأنه بدر السماء إذا تبدى وإنما فعلت ذلك إما للتشبيه بالإماء لتأمن السباء وإما لما داخلها من الرعب
4 - بدت محاسنها ظهرت
5 - كبش الكتيبة رئيسها يقول لما رأيت الشدة نازلت كبش الأعداء ولم يرد عني الفزع من منازلته
6 - بأن أشد أي بأن أحمل عليهم يقول هم ينذرون أنهم إن لقوني قتلوني وأنا أنذر إن لقيتهم حملت عليهم
7 - بوأته أنزلته أي كم من أخ لي موثوق فجعت به
8 - الهلع أشد الجزع مع عدم الصبر ويستعملون الزند في معنى الشيء القليل كما يستعملون النقير والقطمير

(1/51)


1 - ( ألْبَسْتُهُ أثْوَابَهُ ... وَخُلِقْتُ يَوْمَ خُلِقْتُ جَلْدَا )
2 - ( أغْنِي غَناءَ الذَّاهِبِينَ ... أُعَدُّ لِلأَعْدَاءِ عَدَّا )
3 - ( ذَهَبَ الَّذِينَ أحِبهُمْ ... وَبَقِيتُ مِثْلَ السَّيْفِ فَرْدَا )
وقال عَمْرو أيضاً
4 - ( وَلَقَدْ أجْمَعُ رِجْلَيَّ بِها ... حَذَرَ الْمَوْتِ وَإنِّي لَفَرُورُ )
5 - ( وَلَقَدْ أعْطِفُهَا كَارِهَةً ... حِينَ لِلْنَّفْسِ مِنَ الْمَوْتِ هَرِيرُ )
6 - ( كُلُّ مَا ذَلِكَ مِنِّي خُلُقٌ ... وَبِكُلِّ أنَا فِي الرَّوْعِ جَدِيرُ )
_________
في ذلك والمعنى أني لم أجزع ولم أهلع لفقدان من فقدته ولو جزعت وهلعت لم يرد ذلك على شيء
1 - الجلد القوي الشديد يريد بذلك وصف نفسه بالصبر والجلادة عند وقوع المكروه وعدم المبالاة بما ينزل به من الحوادث
2 - الغناء النفع والكفاية قيل إن المراد بالذاهبين من مضى من عشيرته أي أنه المعتمد عليه بعدهم وقوله أعد للأعداء ذكروا فيه وجوها أظهرها أنه لفروسيته وحماسته يعد بجملة من الشجعان ويقوم مقامهم في وجه الأعداء ويقال إن عمرا هذا كان يعد بألف فارس لشدة بأسه
3 - ينتصب فردا على الحال أي منفردا أي قد مضى قرنائي فصرت وحدي لا صاحب لي يعينني على الأمور كالسيف لا ثاني له في غمده
4 - أجمع رجلي بها أي بفرس أضمهما عليها أستدر الجري
وقوله إني لفرور من الفر معناه أنه يفر إذا كان الفرار أحزم
5 - ولقد أعطفها يدل على أنه يفر ثم يعطف والهرير من الصوت وهر إذا كره أيضا وهو المراد هنا أي للنفس من الموت كراهة
6 - ما زائدة والروع خوف وهو هنا الحرب وقوله

(1/52)


1 - ( وَابْنُ صُبْحٍ سَادِراً يُوْعِدُنِي ... مَالَهُ فِي النَّاسِ مَا عِشْتُ مُجِيرُ )
2و - قال قيس بن الخَطيم
_________
جدير أي خليق
1 - وابن صبح كنى بذلك عن ضياع نسبه وإنه ابن زنا حملت به أمه ممن أغار على قبيلته وإنما نسبه إلى الصبح لأن العادة جرت بأن المرأة إذا ولدت من زنا طرحت ولدها في الطريق وقت الصبح والسادر اللاهي المتحير التائه في الغي وقالوا فيه إنه يستهزئ به أي يغير وقت الصبح كما يفعله الشجاع فنسبه إليه كما قالوا ابن الحرب وابن الفيافي والسادر الذي يجيء من غير جهته
2 - قيس بن الخطيم بن عدي بن عمرو بن سواد بن ظفر شاعر جاهلي أنصاري أوسي جيد الشعر حسنه شهد له شعراء عصره بالإجادة والتقدم فيه أتى إلى النبي فدعاه إلى الإسلام وتلا عليه شيئا من القرآن فقال إني لأسمع كلاما عجيبا فدعني أنظر في أمري هذه السنة ثم أعود إليك فمات قبل الحول وله في وقعة بعاث التي كانت بين الأوس والخزرج أشعار كثيرة وفيها قتل وكان من خبر هذا الشعر أن رجلا من بني عبد القيس عدا على أبي قيس فقتله وكان قيس إذ ذاك صغيرا وكذلك جده عدي عدا عليه رجل من بني عمرو بن عامر فقتله وقتل الخطيم قبل أن يثأر بأبيه عدي فخشيت أم قيس على ابنها أن يطلب بثأر أبيه وجده فيهلك فجعلت لهما قبرين بفناء البيت فلم يشك قيس في ذلك ونشأ قيس أيدا شديد الساعدين فنازع يوما فتى من فتيان بني ظفر فقال له ذلك الفتى والله لو جعلت شدة ساعديك على قاتل أبيك وجدك لكان خيرا لك فأتى أمه وألح عليها أن تخبره فلما رأت الجد منه في ذلك أخبرته بخبر

(1/53)


1 - ( طَعَنْتُ ابنَ عَبْدِ الْقيْسِ طَعْنَةَ ثَائِر ... لَهَا نَفَذٌ لَوْلاَ الشَّعَاعُ أضَاءَهَا )
2 - ( مَلَكتُ بِهَا كفِّي فَأَنْهَرْتُ فَتْقهَا ... يَرَى قَائِمٌ مِنْ دُونِهَا مَا وَرَاءَهَا )
3 - ( يَهُونُ عَلَيَّ أنْ تَرُدَّ جِرَاحُهَا ... عُيُونَ الأَوَاسِي إذْ حَمِدْتُ بَلاَءَهَا )
4 - ( وَسَاعَدَنِي فِيهَا ابْنُ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ ... خِدَاشٌ فَأَدَّى نِعْمَةً وَأفَاءَهَا )
5 - ( وَكُنْتُ أمْرَأً لاَ أسْمَعُ الدَّهْرَ سُبَّةً ... أُسَبُّ بِهَا إلاّ كَشَفْتُ غِطَاءَهَا )
_________
أبيه وجده فلم يزل قيس من ذلك العهد يطلب بثأرهما حتى ثأر لهما في حديث يطول ذكره
1 - طعنه بالرمح ضربه به وابن عبد القيس هو الذي قتل أبا قيس وقيل الثائر من يأخذ بالثأر والنفذ ما ينفذ من الطعنة والجمع أنفاذ والشعاع المتفرق وهو هنا المنتشر من الدم ومعناه طعنته طعنة من يطلب بثأره فلم أبق غاية
2 - ملكت من قولهم ملكت العجين إذا بالغت في عجنه ومعنى أنهرته أوسعته حتى جعلته كالنهر والفتق الشق ومن دونها أي أمامها ووراء ههنا بمعنى خلف معناه أني شددت بهذه الطعنة كفي ووسعت خرقها حتى يرى القائم من دونها الشيء الذي وراءها
3 - قوله يهون أي يسهل والجراح جمع جراحة وهي الكلم والأواسي النساء المداويات للجراح يقول لا أبالي إذا نظرت الأواسي إلى هذه الطعنة فردت عيونهن عنها لقبحها وكثرة ما يخرج منها متى حمدت أثرها وعاقبتها
4 - ابن عمرو هو خداش من بني عمرو بن عامر وإنما استعان بخداش لأن أبا قيس كانت له نعمة عنده فأعان قيسا على أخذ ثأره وفاء لتلك النعمة التي قبله وهذا معنى قوله فأدى نعمة وأفاءها أي إنه كافأني بأداء تلك النعمة التي عنده ورجع بها إلى أهلها
5 - السبة العار ومعنى قوله إلا كشفت

(1/54)


1 - ( فَإِنِيَ فِي الْحَرْبِ الضَّرُوسِ مُوَكلٌ ... بإِقْدَامِ نَفْسٍ مَا أُرِيدُ بَقَاءَهَا )
2 - ( إذَا مَا اصْطَبَحْتُ أرْبَعاً خَطَّ مِئْزَرِي ... وَأتْبَعْتُ دَلْوِي فِي السَّمَاح رِشَاءَهَا )
3 - ( مَتَى يَأْتِ هَذَا الْمَوْتُ لاَ تُلْفَ حَاجَةٌ ... لِنَفْسِيَ إلاّ قَدْ قَضَيْتُ قَضَاءَهَا )
_________
غطاءها لا أتركها ملتبسة على سامعها بل أكشفها له أو معناه أزيلها عن نفسي يشير بذلك إلى ما قاله بعض الفتيان له والله لو شددت ساعديك على قاتل أبيك وجدك لكان خيرا لك فيقول لا أرمي بنقيصة تحط من قدري وتغض من شأني إلا أزلتها عن نفسي أو أبنت أمرها للسامع ليعلم أني مكذوب علي فيها
1 - الضروس الشديدة وفلان موكل بكذا ملازم له ومقبل عليه يقول إني إذا حمى الوطيس واشتد الأمر كنت موكلا بإقدام نفسي لا أريد بقاءها على الذل واحتمال الضيم
2 - الاصطباح شرب الصبوح وقوله خط مئزري أي أثر في الأرض بسحبه عليها كنى بذلك عن الخيلاء والعظمة وقوله وأتبعت دلوي إلى آخر البيت أي تممت ما بقي علي من السماح حال الصحو وهذا الكلام يجري مجرى المثل في قولهم اتبع الفرس لجامها أي تمم ما بقي عليك من أمرك والرشاء الحبل يريد أني إذا سكرت داخلني العجب والزهو وأتممت ما بقي قبلي من الحقوق وأعطيت ما يستوفي به صاحب الحق حقه وهذا الكلام جرى على عادة العرب في الزمن القديم
3 - لا تلف حاجة أي لا توجد ومعنى قد قضيت قضاءها أي فرغت منها يقول لو أدركني هذا الموت الذي لا بد منه لأدركني ولم يكن في نفسي حاجة إلا وقد فرغت منها وخلت نفسي من التعلق بها يريد أن له همة كبيرة يدرك بها كل ما يطلبه

(1/55)


1 - ( ثَأَرْتُ عَدِيًّا وَالْخَطِيمَ فَلَمْ أَضِع ... وِلاَيَةَ أشْيَاخٍ جُعِلْتُ إزَاءَهَا )
2و - قال الحَارِثُ بنُ هشام
3 - ( اللهُ يَعْلَمُ مَا تَرَكْتُ قِتَالَهُمْ ... حَتى عَلَوْا فَرَسِي بِأَشْقَرَ مُزْبدِ )
_________
1 - ثأرت عديا والخطيم أي قتلت من قتلهما وعدي جده والخطيم أبوه وقوله جعلت إزاءها أي جعلوني أقوم بها من قولك فلان إزاء مال إذا كان يقوم بإصلاحه يقول قتلت من قتل أبي وجدي فلم أضيع في طلب ثأرهما حقوق شيوخ جعلوني إزاءها وقائما بها
2 - الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم والحارث هذا أخو أبي جهل وأمهما أسماء بنت مخرمة النهشلية وهو شاعر مخضرم شهد غزاة بدر مع المشركين وفرعن أخيه أبي جهل فعيره بذلك حسان بن ثابت في قصيدة يقول فيها يخاطب نفسه
( إن كنت كاذبة الذي حدثتني ... فنجوت منجى الحارث بن هشام )
( ترك الأحبة أن يقاتل دونهم ... ونجا برأس طمرة ولجام )
فأجابه الحارث بن هشام وهو مشرك يومئذ بهذه الأبيات وأسلم الحارث يوم الفتح وحسن إسلامه ولم ير في إسلامه شيء يكره وأعطاه النبي مائة من الإبل من غنائم حنين وخرج إلى الشام مجاهدا أيام عمر ابن الخطاب بأهله وماله فلم يزل يجاهد حتى استشهد يوم اليرموك في رجب من سنة خمس عشرة
3 - الله يعلم لفظه لفظ الخبر وقصد به إلى القسم واليمين وعني بالأشقر المزبد الدم وجعله مزبدا لأنه إذا بدر من الطعنة أزبد أي علاه زبد ومعنى ذلك أنه ما انهزم حتى جرح فرسه فعلاه دمه أو جرح هو فعلا فرسه دمه

(1/56)


1 - ( وَشَمِمْتُ رِيحَ الْمَوْتِ مِنْ تِلْقَائِهِمْ ... فِي مَأْزِقٍ وَالْخَيْلُ لَمْ تَتَبَدَّدِ )
2 - ( وَعَلِمْتُ أنِي إنْ أقَاتِلْ وَاحِداً ... أقْتَلْ ولاَ يَضْرُرْ عَدُوِّي مَشْهَدِي )
3 - ( فَصَدَدْتُ عَنْهُمْ وَالأَحِبَّةُ فِيهِمِ ... طَمَعًا ... لَهمُ بِعقَابِ يَوْمٍ مرْصِدِ )
4و - قال الفَرَّارُ السَّلَميُّ
5 - ( وكتيبَةٍ لَبَّسْتُها بِكَتيبَةٍ ... حَتَّى إذَا الْتَبسَتْ نَفَضْتُ لَهَا يَدِي )
6 - ( فَتَرَكْتُهُمْ تَقِصُ الرِّمَاحُ ظُهُورَهُمْ ... مِنْ بَيْنِ مُنْعَفِرٍ وَآخَرَ مُسْنَدِ )
_________
1 - وشممت ريح الموت هذا مثل ومعناه أنه غلب ظنه أنه لو وقف قتل وتلقاء الشيء نحوه وقد يستعمل في معنى اللقاء والمأزق المضيق والتبدد التفرق
2 - واحدا انتصب على الحال أي منفردا وقوله مشهدي أي حضوري يقول وقد تيقنت أني إذا بقيت وحدي لقتال الأعداء كنت هالكا لا محالة ولا يضر عدوي شهودي لأنه لا طاقة لي بلقائهم
3 - صددت أعرضت ويريد بالأحبة أخاه أبا جهل ورهطه من أهل مكة تركهم في المجمع فقتلوا وأسروا وقوله بعقاب يوم مرصد معناه أعرضت عنهم لطمعي في أن يعقب الله لي يوما يرصد الشر لهم ويمكنني منهم فانتهز الفرصة
4 - الفرار السلمي اسمه حيان بن الحكم شاعر مخضرم صحابي وكان صاحب راية بني سليم يوم الفتح
5 - لبستها أي خلطتها وقوله نفضت لها يدي كناية عن الإعراض عنها يقول رب كتيبة خلطتها بكتيبة فلما اختلطت نفضت يدي منهم وتركتهم وشأنهم
6 - تقص أي تكسر والمنعفر الملقي في العفر وهو التراب والمسند الذي أمسك إلى ما يمسكه وبه رمق يقول فارقتهم والرماح تختلف بالطعن بينهم وتكسر ظهورهم وهم من بين مصروع ألقى في العفر وآخر مطعون

(1/57)


1 - ( مَا كَانَ يَنْفَعُنِي مَقَالُ نِسائِهِمْ ... وَقُتِلْتُ دُونَ رِجَالِهَا لاَ تَبْعَدِ )
2و - قال بعض بني أسد
3 - ( يَدَيْتُ عَلَي ابْنِ حَسْحَاسِ بْنِ وَهْبٍ ... بِأسْفَلِ ذِي الْجِذَاةِ يَدَ الْكَرِيمِ )
4 - ( قَصَرْتُ لَهُ مِنَ الْحَمَّاءِ لَمَّا ... شَهِدْتُ وَغَابَ عِنْ دَارِ الْحَمِيمِ )
_________
أو مجروح وقد أسند إلى ما يمسكه وبه رمق
1 - ما كان ينفعني يجوز أن تكون ما استفهاما وأن تكون نفيا وقتلت دون رجالها جملة وقعت حالا وجملة لا تبعد وقعت مقولة القول ولا تبعد أي لا تهلك وهي كلمة تقال للميت يقول أي شيء ينفعني أن يندبنني ويقلن لي لا تبعد وقد بعدت وقتلت دون رجالهن
2 - هو معقل بن عامر الأسدي أخو حضرمي بن عامر وقد قال هذا الشعر يوم شعب جبلة يوم من أيام الجاهلية وكان لبني عامر على بني تميم وقد قتل فيه أشراف بني تميم وكان السبب في هذا الشعر أن معقلا مر على ابن حسحاس بن وهب من بني أعياء بن طريف الأسدي وقد استلحم فاحتمله إلى رحله وداواه حتى برئ ثم كساه وأداه إلى أهله
يديت وأيديت بمعنى واحد أي أنعمت واليد في قوله يد الكريم معناها النعمة وضعت موضع المصدر كأنه قال أنعمت عليه أنعام الكريم وذو الجذاة موضع
3 - قصرت له أي حبست لأجله والحماء اسم فرسه والذي رواه غيره من أهل الأدب واللغة قصرت له من الدهماء أي حبست عليه فرسي فأردفته خلفي وحذف مفعول شهدت لأمن اللبس وقوله وغاب عن دار الحميم وجهه أن يقول وغاب عنه حميمه ولكنه إذا غاب عن دار الحميم فقد غاب عنه الحميم وهو الصديق أي لم يجد من يحميه في ذلك

(1/58)


1 - ( أنَبّئُهُ بِأَنَّ الْجُرْحَ يَشْوِي ... وَأنَّكَ فَوْقَ عجْلِزَةٍ جَمُوم )
2 - ( وَلَوْ أَنِّي أشَاءُ لَكُنْتُ مِنْهُ ... مَكَانَ الفَرْقَدَيْنِ مِنَ النُّجُومِ )
3 - ( ذَكَرْت تَعِلَّةَ الْفِتْيَانِ يَوْماً ... وَالْحَلقَ الْمَلاَمَةِ بالْمُلِيم )
4و - قال الشُّدَاخُ بنُ يَعْمُرَ الْكِنَانِيّ
_________
الوقت يقول لما حضرته في ذلك الوقت ولم يكن من يحميه حبست عليه فرسي فأردفته
1 - يشوي أي يخطئ ولم يصب المقتل والعجلزة الصلبة والجموم الذي لا ينقطع جريه والمراد أن تبليغك المأمن سهل وأن جرحك هين
2 - الفرقدان نجمان معناه لو شئت لبعدت منه بعد الفرقدين ولم أصنع معه جميلا وإنما حملني على ذلك كرم طباعي
3 - التعلة مصدر عللته وتعلة الفتيان حديثهم الذي يتعللون به فيقولون أحسن فلان وأساء فلان والمعنى علمت أن فعلي سيذكر ويقال فيه الشعر فيتغنى به فيعلل بعض الناس به بعضا فاخترت الثناء الحسن وتجنبت الذي ألام عليه من إسلام ابن حسحاس للمهالك والمليم الذي يفعل ما يلام عليه
4 - الشداخ بن يعمر شاعر جاهلي قديم مقل كان أحد حكام العرب حكم بين قضاعة وقصي في أمر الكعبة وقد كثر القتل فشدخ دماء قضاعة تحت قدمه وأبطلها وقضى لقصي بالبيت ومن هنا سمي الشداخ وهو من بني كنانة بن خزيمة والسبب في هذه الأبيات أنه كان بين كنانة وخزاعة حلف على التناصر والتعاضد على سائر الناس فاقتتلت خزاعة وبنو أسد فاعتلتها بنو أسد فاستعانت خزاعة ببني كنانة فذكر الشداخ قرابة بني أسد فخذل كنانة عن نصرة خزاعة وبهذا السبب انحدرت بنو أسد من تهامة إلى نجد غضبا على بني

(1/59)


1 - ( قاتلي الْقَوْم يَا خُزَاعَ وَلاَ ... يَدْخُلْكُمُ مِنْ قِتَالِهِمْ فَشَلُ )
2 - ( الْقَوْمُ أمثَالُكُمْ لَهُمْ شَعَرٌ ... فِي الرَّأْسِ لاَ يُنْشَرَوْنَ إنْ قُتِلُوا )
3 - ( أكُلَّمَا حَارَبَتْ خُزَاعَةُ تَحْدونِي ... كَأَنِّي لأُمِّهِمْ جَمَلُ )
4و - قال الْحُصَيْنُ بنُ الْحُمَامَ المُرَّيُ
5 - ( تَأَخَّرْتُ أسْتَبْقِي الْحَيَاةَ فَلمْ أجِدْ ... لِنَفْسِي حَيَاةً مِثْلَ أنْ أتَقَدَّمَا )
_________
كنانة إذ لم تنصرهم
1 - قاتلي القوم أي قاتلي القوم وحدك ولا تطلبي منا أن ننصرك عليهم وخزاع مرخم خزاعة والفشل الضعف والجبن
2 - لا ينشرون أي لا يعيشون بعد قتلهم معناه أنهم مثلكم مخلوقين خلقة الآدميين فإذا قتل منهم الرجل لم يعش ثانيا
3 - تحدوني أي تسوقني يقول أتسوقني خزاعة كلما حاربت لنصرها والدفاع عنها كأني ناضح لأمهم يستقي عليه الماء فيقال له أقبل بالدلو وأدبر وفي ذكر أمهم احتقار لهم
4 - الحصين بن الحمام بن ربيعة ينتهي نسبه إلى سهم بن مرة من غطفان وهو شاعر جاهلي فارس مذكور يعد من أوفياء العرب قال أبو عبيدة اتفقوا على أن أشعر المقلين ثلاثة المسيب بن علس والحصين بن الحمام والمتلمس وكان من خبر هذه الأبيات أن بني سهم رهط الحصين بن الحمام وعقيل بن علفة كان لهم جار يهودي فقتله بنو جوشن من غطفان وكانوا متقاربي المنازل وكان عقيل بن علفة غائبا بالشام فلما بلغه الخبر كتب بأبيات إلى بني سهم يحرضهم على القتال فلما وردت الأبيات عليهم تكفل بالحرب الحصين بن الحمام وقال إلى كتب وبي نوه خاطب أماثل سهم وأنا من أماثلهم فأبلى في تلك الحروب بلاء شديدا فقال الحصين هذه الأبيات من قصيدة طويلة
5 تأخرت إلى آخر البيت

(1/60)


1 - ( فَلَسْنَا عَلَى الأَعْقَابِ تَدْمَى كُلُومُنَا ... وَلَكِنْ عَلَى أقْدَامِنَا تَقْطُرُ الدَّمَا )
2 - ( نُفَلِّقُ هَاماً مِنْ رِجَالٍ أعِزَّةٍ ... عَلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا أعَقَّ وَأظْلَمَا )
وقال رجل مِنْ بني عُقَيْل
3 - ( بِكُرْهِ سَرَاتِنَا يَا آلَ عَمْروٍ ... نُغَادِيكُمْ بِمُرْهَفَةٍ صِقَالِ )
4 - ( نُعَدِّيهِنَّ يَوْمَ الرَّوْعِ عَنْكُمْ ... وَإنْ كَانَتْ مُثَلْمَةَ النِّصَالِ )
5 - ( لَهَا لَوْنٌ مِنَ الهَامَاتِ كَابٍ ... وَإنْ كَانَتْ تُحَادَثُ بِالصِّقَالِ )
_________
معناه أنه لما تأخر طمع فيه العدو وظنه جبانا فاجترأ عليه فلم يجد لنفسه حياة مثل التقدم لأن الجبان يطمع فيه كل أحد فيكون سريع العطب
1 - الأعقاب جمع عقب وهو مؤخر القدم والكلوم الجراح يقول نحن لا نولي فنجرح في ظهورنا فتقطر دماؤنا على أعقابنا ولكن نستقبل السيوف بوجوهنا فإن أصابنا جراح قطرت دماؤنا على أقدامنا
2 - الهام جمع هامة وهي الرأس يقول نشقق هامات من رجال يكرمون علينا لأنهم منا وهم كانوا أسبق إلى العقوق
3 - المرهفة السيوف والصقال جمع صقيل يقول بمشقة رؤسائنا وكراهتهم نباكركم بسيوف مرققة الحد مصقولة وإنما قال بكره سراتنا لأن الرؤساء يحبون إصلاح ذات البين لأن عز الرئيس بأصحابه
4 - نعديهن أي نصرفهن والمعنى نصرف عنكم السيوف إبقاء عليكم وكراهية لاستئصالكم وإن كانت نصالها قد تفللت من كثرة ما نقارع بها الأعداء
5 - واللون الكابي من قولهم كبا وجهه إذا أربد ومن الهامات أي من دماء الهامات ومحادثة السيوف صقلها وجلاؤها يقول إن السيوف قد تغير لونها لكثرة إغمادها في الرؤس ولا تزال صدئة وإن

(1/61)


1 - ( وَنَبْكِي حِينَ نَقْتُلُكُمْ عَلَيْكُم ... وَنَقْتُلُكُمْ كَأَنَّا لاَ نُبَالِي )
2و - قال القتال الكلابي
3 - ( نَشَدْتُ زِيَاداً والْمَقَامَةُ بَيْنَنَا ... وَذَكَّرْتُهُ أرحَامَ سِعْرٍ وَهَيْثَمِ )
4 - ( فَلَمَّا رَأيْتُ أنَّهُ غَيْرُ مُنْتةٍ ... أمَلْتُ لَهُ كفِّي بِلَدْنٍ مُقَوَّمِ )
_________
كنا نتعهدها بالصقل كنى بذلك عن كثرة العمل بها
1 - ونبكي إلى آخر معناها أننا نبكي قتلاكم لما يجمعنا وإياكم من الرحم الماسة ونقتلكم إذا أحوجتمونا إليه فنحن نأتيه كأنا لا نكرهه
2 - القتال الكلابي هو لقب غلب عليه واسمه عبد الله بن المضرحي بن عامر الهصار من بني أبي بكر ابن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة شاعر إسلامي أموي يعد في المقلين من الشعر وكان من حديثه أنه كان يتحدث ذات يوم مع ابنة عم له يقال لها العالية بنت عبد الله وكان لها أخ غائب يسمى زيادا فلما قدم رأى القتال يتحدث إلى أخته فنهاه وحلف لئن رآه ثانية ليقتلنه فلما كان بعد ذلك بأيام رآه عندها فأخذ السيف وبصر به القتال فخرج هاربا وخرج زياد في أثره فلما دنا منه ناشده القتال بالله والرحم فلم يلتفت إليه فبينا هو يسعى وقد كاد يلحقه وجد رمحا مركوزا فأخذه وعطف على زياد فقتله فقال هذه الأبيات
3 - يقال نشدتك الله والرحم وناشدتك الله والرحم أي سألتك بهما والمقامة القوم والأرحام جمع رحم وهي القرابة وسعر وهيثم أسما رجلين ومعنى البيت أنه يقول أقسمت على زياد بالله تعالى أن يكف عني والقوم بيننا حاضرون وذكرته من أرحام هذين الرجلين ما يجمعني وإياه طلبا للصلح فلم ينته
4 - بلدن مقوم أي برمح لين مثقف يقول لما رأيته لا ينتهي بالقول

(1/62)


1 - ( وَلَمَّا رَأيْتُ أنَّنِي قَدْ قَتَلْتُهُ ... نَدِمْتُ عَلَيْهِ أيَّ سَاعَةِ مَندَمِ )
2و - قال قيس بن زهير بنَ جذِيمة العبْسيّ فِي قَتْلِهِ حَمَلَ بن بدر يومَ جفر الهبَاءَة
_________
ولا يرعوى بالزجر أملت له كفى برمح لين مثقف فطعنته به
1 - ندمت عليه لما قتلته أي ندمت عليه حين لم تنفع الندامة
2 - هو شاعر جاهلي مقل وكان بسببه حرب داحس والغبراء وهو أخو مالك والحارث ابني زهير وكانوا من أشراف بني عبس وأعزائهم وكان من حديثه مع حمل بن بدر ما ذكره أهل الأدب أن بني فزارة وضعوا كمينا في الثنية واستقبلوا داحسا فعرفوه وأمسكوه وهو السابق ودفعوا زهيرا عن سبقه قال يا قوم أنه لا يأتي قوم إلى قومهم شرا من الظلم فأعطونا حقنا فأبت بنو فزارة أن يعطوهم شيئا فلما رأى ذلك قيس احتمل عنهم هو ومن معه من بني عبس ثم أغار عليهم فلقي عوف بن بدر فقتله وأخذ إبله فلما بلغ الخبر حذيفة بن بدر وقومه بني فزارة تأهبوا للقتال بعد عرض الدية عليهم فبلغ ذلك بني عبس فقال قيس بن زهير أطيعوني فوالله لئن لم تفعلوا لأتكئن على سيفي حتى يخرج من ظهري قالوا فإنا نطيعك فارتحلوا في الصبح وقد سرحوا السوام والضعفاء بليل وساروا يوما فلما أصبحوا طلعت عليهم الخيل من الثنايا فقال قيس خذوا غير طريق المال فما أدرك حذيفة الأثر اتبع المال هو وبنو ذبيان فلما أدركوه ردوا أوله على آخره وتقاسموه بينهم فقال قيس بن زهير إن القوم قد فرقوا بينهم المغنم فأعطوا الخيل في آثارهم فلم تشعر بنو ذبيان إلا والخيل دواس ووضعت بنو عبس فيهم السلاح حتى ناشدتهم بنو ذبيان القرابة والرحم وأرسلوا خيلا تقص أثر الناس وما زالوا حتى التقوا بجفر

(1/63)


1 - ( شَفَيْتُ النَّفْسَ مِنْ حَمَلِ بْنِ بَدْرٍ ... وَسَيْفِي مِنْ حُذَيْفَةَ قَدْ شفَانِي )
2 - ( فَإنْ أكُ قَدْ بَرَدْتُ بِهِمْ غَلِيلِي ... فَلَمْ أقْطَعْ بِهِمْ إلاّ بَنَانِي )
3و - قال الحارثُ بْنُ وَعْلةَ الجَرْميّ
4 - ( قوْمِي هُمُ قَتَلُوا اُمَيْمَ أخِي ... فَإذَا رَمَيْتُ يُصِيبُنِي سَهْمِي )
5 - ( فَلَئِنْ عَفَوْتُ لأَعْفُوَنْ جَلَلاً ... وَلَئِنْ سَطَوْتُ لأُوهِنَنْ عَظْمِي )
_________
الهباءة فقال حذيفة يا بني عبس أين العقول والأحلام فضربه أخوه حمل ابن بدر بين كتفيه وقال اتق مأثور القول فأرسلها مثلا واقتتلوا فقتل الحارث بن زهير حمل بن بدر وأخذ منه ذا النون سيف مالك بن زهير وكان قد قتل في بدء هذه الحرب وهذا هو السبب باختصار في هذين البيتين
1 - كان حمل بن بدر قتل أخا قيس فظفر به وبأخيه حذيفة فقتلهما يقول إني أعطيت النفس مرادها من قتل حمل بن بدر وكان في ذلك سكونها وشفاؤها مما كان بها
2 - الغليل حرارة العطش والضمير في بهم لحذيفة بن بدر وحمل أخيه وقد يسوغ عندهم استعمال الجمع في مقام المثنى والبنان أطراف الأصابع يقول هم مني فإذا قتلتهم فكأني قطعت شيئا من جسدي
3 - الحارث بن وعلة بن عبد الله بن الحارث ينتهي نسبه إلى جرم بن الريان وهو شاعر جاهلي وكان هو وأبوه وعلة من فرسان قضاعة وأمجادها وأعلامها وشعرائها وهو غير الحارث بن وعلة الشيباني
4 - أميم مرخم أميمة يقول قومي يا أميمة هم الذين فجعوني بأخي ووتروني فيه فإذا انتقمت منهم عاد ضرر ذلك علي لأن عز الرجل بعشيرته
5 - السطو القهر بالبطش والوهم الضعف وكذلك الوهي والجلل من الأضداد يكون للصغير وللعظيم وهو

(1/64)


1 - ( لاَ تأمَنَنْ قَوْماً ظَلَمْتَهُمُ ... وَبَدَأْتَهُمْ بِالشَّتْمِ وَالرَّغْمِ )
2 - ( أنْ يَأْبِرُوا نَخْلاً لِغَيْرِهِمِ ... وَالشَّيءُ تَحْقِرُهُ وَقَدْ يَنْمِي )
3 - ( وَزَعَمْتُمُ أنْ لاَ حُلُومَ لَنَا ... أنَّ الْعَصَا قُرِعَتْ لِذِي الْحِلْمِ )
4 - ( وَوَطِئْتَنَا وَطْأً عَلَى حَنَقٍ ... وَطْءَ الْمُقَيَّدِ نَابِتَ الْهَرْمِ )
_________
المراد هنا والمعنى إن تركت الانتقام منهم صفحت عن أمر عظيم وإن انتقمت منهم أو هنت عظمي
1 - الرغم الإذلال وقد حول الكلام فيه عن الأخبار إلى الخطاب متوعدا يقول إن من ظلمته وبدأته بالشتم والإذلال لا تكون في موضع أمان منه
2 - أن يأبروا وقع بدلا من القوم وأبر النخل أصلحه وجعل هذا كناية عن القهر والغلبة وأخذ ما في أيديهم يقول لا تأمن قوما إن ظلمتهم انتقموا منك وجلبوا عليك فيتمكنون منك ويكون ما أصلحته لهم دونك وقد تحقر شيئا في بدء أمره ويزداد قوة واتساعا في غايته
3 - قيل إن أول من قرعت له العصا عمرو بن جممه وكان مسنا وذلك أن العرب أتوه يتحاكمون إليه فغلط فقرعت له العصا ففطن للحكم وأكثر ما يستعمل الزعم فيما كان باطلا أو فيه ارتياب والحلوم جمع حلم وهو العقل وقرع العصا كناية عن التنبيه والمعنى زعمتم أنه لا حلوم لنا فإن كان الأمر على ما زعمتم فنبهونا أنتم وهذا تهكم بهم
4 - الوطء الأخذة الشديدة والحنق الغيظ والهرم شجر ضعيف والمعنى أثرت فينا تأثير الحنق الغضبان كما يؤثر البعير المقيد إذا وطئ الشجرة الضعيفة وإنما كانت وطأة المقيد ثقيلة لأنه لا يتمكن من وضع قوائمه على حسب إرادته

(1/65)


1 - ( وَتَرَكْتَنَا لَحْماً عَلَى وَضَمٍ ... لوْ كُنْتَ تَسْتَبْقِي مِنَ اللَّحْمِ )
وقال أعرابي قتل أخوه ابناً له
2 - ( أقُولُ لِلنَّفْسِ تَأْسَاءً وَتَعْزِيَةً ... إحْدَى يَدَيَّ أصَابَتْنِي وَلَمْ تُرِدِ )
3 - ( كِلاَهُمَا خَلَفٌ مِنْ فَقْدِ صَاحِبِهِ ... هَذَا أخِي حِينَ أدعُوهُ وَذَا وَلَدِي )
4و - قال إياس بن قَبِيَصَةَ الطائي
5 - ( مَا وَلَدَتنِي حَاصِنٌ رَبَعِيَّةٌ ... لَئِنْ أنَا مَالأْتُ الْهَوَى لاتِّبَاعِها )
6 - ( ألَم تَرْ أنّ الأرْضَ رَحْبٌ فَسيِحةٌ ... فَهَلْ تُعْجِزَنِّي بُقْعَةٌ مِنْ بِقَاعِها )
_________
1 - الوضم شيء يوضع عليه اللحم ليحفظه من الأرض وقوله لو كنت تستبقي من اللحم لو للتمني أي لو كنت تترك بقية منه
2 - التأساء هي الأسوة وما يؤتسى به من الحزن والتعزية حسن الصبر وقوله إحدى يدي أصابتني على المثل والمجاز يريد إني أناجي نفسي بهذا القول لأجل السلوة وحسن الصبر
3 - كلاهما أي أخوه وولده والمعنى أن كل واحد من الأخ الواتر والابن المفقود يصلح لأن يرضى به عوضا من فقدان الآخر
4 - كان عاملا لكسرى على عين التمر وما والاها إلى الحيرة وكان رئيسا على العرب في وقعة ذي قار من قبل كسرى أبرويز وفي أثناء ولايته بعث النبي
5 - الحاصن العفيفة والربعية المنسوبة إلى بني ربيعة يقول لست ابن امرأة عفيفة من بني ربيعة إن كنت شايعت الهوى في طلب امرأة
6 - الرحب الواسعة والبقعة قطعة من الأرض معناه ألم تعلم أن الأرض واسعة عريضة لم تعجزني بقاعها فلا تحملني بقعة منها على

(1/66)


1 - ( وَمَبْثُوثَةٍ بَثَّ الدَّبَى مُسْبَطِرَّةٍ ... رَدَدْتُ عَلَى بِطَائِهَا من سِرَاعِهَا )
2 - ( وَأقْدَمْتُ وَالْخَطِيُّ يَخْطِرُ بَيْنَنَا ... لأَعْلَمَ مَنْ جَبَانُهَا مِنْ وشجَاعِها )
3و - قال رجل من بني تميم
4 - ( أبَيْتَ اللَّعْنَ إنَّ سَكابِ عِلْقٌ ... نَفِيسٌ لاَ تُعَارُ ولاَ تُبَاعُ )
5 - ( مُفَدَّاةٌ مُكَرَّمَةٌ عَلَيْنَا ... يُجَاعُ لَهَا الْعِيَالُ ولاَ تُجَاعُ )
6 - ( سَليلَةُ سَابِقَيْنِ تَنَاجَلاَهَا ... إذَا نُسِبَا يَضُمُّهُما الْكُرَاعُ )
_________
إتيان ما تأباه همتي من اتباع امرأة أو غيرها
1 - المبثوثة المتفرقة والدبي الجراد والمسبطرة الممتدة والبطاء جمع بطئ كسراع وسريع والضمير للخيل والمعنى رب خيل متفرقة ممتدة في وجه الأرض رددت أولها على آخرها أي ضربت وجوه أوائلها حتى ألحقتها بأواخرها يريد أنه كان رئيسا مطاعا
2 - الإقدام التقدم إلى المكروه والخطي الرمح أي فعلت ذلك ليبين فضلي على غيري
3 - هذا الرجل طلب منه بعض الملوك فرسا يقال لها سكاب فمنعه إياها
4 - أبيت اللعن تحية كانت تقال للملوك في الجاهلية وسكاب اسم فرس والعلق الشيء النفيس يقول إن فرسي متاع نفيس لا يعرض للبيع ولا يبذل للإعارة
5 - مفداة أي تفدى من كرمها وعتقها وتؤثر على العيال فتشبع ويجاع لها العيال وهذه كانت عادة العرب
6 - السليل والسليلة الولد وأصل الكراع في اللغة أنف يتقدم في الجبل فسمي به هذا الفحل لعظمه يقول هي ولد فرسين سابقين إذا انتسبا انتهيا إلى كراع

(1/67)


1 - ( فَلاَ تَطْمَعْ أَبَيْتَ اللَّعْنَ فِيهَا ... وَمَنْعُكهَا بِشَيْءٍ يُسْتَطاعُ )
2و - قالت امْرَأة منْ طَيىءٍ
3 - ( دَعَا دَعْوَةً يَوْمَ الشَّرَى يَا لَمالِكٍ ... وَمَنْ لاَ يُجبْ عِنْدَ الْحَفِيظَةِ يُكْلَمِ )
4 - ( فيَا ضَيْعَةَ الْفِتْيَانِ إذْ يَعْتِلُونَهُ ... بِبَطْنِ الشَّرَى مِثْلَ الْفَنِيقِ الْمُسَدَّمِ )
_________
1 - فلا تطمع أي ادفع طمعك في تحصيل هذه الفرس ودفعك عنها نقدر عليه ونستطيعه
2 - هي بنت بهدل بن قرفة الطائي أحد لصوص العرب وكان في زمن بني أمية وكان من حديث هذا الشعر إن عون بن جعدة خرج حاجا في خلافة عبد الملك بن مروان فعرض له لصوص فيهم بهدل ومروان ابنا قرفة فطلبوا منه ما كان عنده وألحوا في الطلب وكلما عرض عليهم شيء أبوا قبوله فعلم أنهم لصوص فأخذلهم أهبته وأناخ رواحله وقاتلهم وقاتلوه وكان بهدل لا يسقط له سهم فرماه فأقصده ومات لوقته وأغاروا على متاعه فلم يروا ما كانوا يظنون فلما رأوا ذلك هربوا وتركوه صريعا ملقى على الأرض فبلغ ذلك عبد الملك بن مروان فكتب إلى عماله أن يطلبوا قتلة عون وأن يأخذوا السعاة بذلك أشد الأخذ ومازالوا يطلبون واحدا بعد واحد حتى ظفروا ببهدل فقتله عثمان بن حيان وكان أميرا على المدينة فقالت بنت بهدل هذه الأبيات ترثيه بها
3 - الشرى مكان والحفيظة الغضب أي استغاث هذا الرجل بهذا الموضع فلم يجب وقولها يكلم أي يجرح وهو هنا كناية عن الغلبة والقتل
4 - فيا ضيعة الفتيان لفظه لفظ النداء ومعناه التعجب والعتل القود بعنف والفنيق من قولهم تفنق في عيشه إذا تنعم وهو الفحل المصنوع للفحلة والمسدم المشدود الفم من خوف عضاضه

(1/68)


1 - ( أمَا فِي بَنِي حِصْنٍ مِنِ ابنِ كَرِيهَةٍ ... مِنَ الْقَوْمِ طَلاَّبِ التِّرَاتِ غَشَمْشَمِ )
2 - ( فيَقْتلُ جَبْراً بِامْرِئٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ... بَوَاءً وَلَكِنْ لاَ تَكَايُلَ بالدَّمِ )
3و - قال بعض بني فَقْعَس
4 - ( رَأيتُ مَوَاليَّ الأُلَى يَخْذُلُونَنِي ... عَلَى حَدَثَانِ الدَّهْرِ إذْ يَتَقَلَّبُ )
5 - ( فَهَلاَّ أَعَدُّونِي لِمِثْلِي تَفَاقَدُوا ... إذَا الخَصْمُ أبْزَى مَأئِلُ الرَّأسِ أنْكَبُ )
_________
والمعنى ما أضيع الفتيان في ذلك الوقت إذ يقودونه في بطن الشرى وهو في الصلابة والسمن مثل الفحل المكرم الذي لا يؤذي لكرامته وإنما ضاعت الفتيان بضياعه لأنهم منسوبون إليه فحين أضاعوه ضاعوا
1 - الكريهة الشدة في الحرب وابنها الملازم لها والتراث جمع ترة وهي الثأر والغشمشم الذي يركب رأسه ولا يهاب الإقدام تقول أليس في بني حصن صاحب غيرة ودفاع وطلاب ترات ينتصر له وهذا الكلام تحضيض على طلب الدم والترة وتهييج
2 - لعل جبرا اسم الرجل الذي دل عليه ولم يكن له بواء أي نظيرا والمعنى أما فيهم رجل صفته هكذا فيقتل هذا الرجل برجل لم يكن له نظيرا فيكون في دمه وفاء بدمه ولكن سقطت المكايلة في الدماء منذ جاء الإسلام فلا يقتل بدل الواحد إلا واحد شريفا كان أو وضيعا
3 - قيل هو مرة بن عداء الفقعسي منسوب إلى فقعس ابن طريف أبي حي من أسد ولم تعلم لمرة هذا ترجمة
4 - الموالي هنا بنو العم وعلى حدثان الدهر في موضع الحال أي رأيتهم يخذلونني مقاسيا لما يحدث في الدهر أو إن تقلبه وتغيره
5 - تفاقدوا أي فقد بعضهم بعضا والجملة دعاء عليهم وإلابزى الذي يخرج صدره ويدخل ظهره يفعل ذلك في مشيه يخيل إنه أبزى

(1/69)