ابن قتيبة

عيون الأخبار

10.    كتاب النساء

 

في أخلاقهن وخلقهن وما يختار منهن وما يكره

للنبي صلى اللّه عليه وسلم

عن مجاهد عن يحيى بن جعدة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " تنكح المرأة لدينها وحسبها وحسنها فعليك بذات الدّين تربت يداك". ثم قال: "ما أفاد رجلٌ بعد الإسلام خيراً من امرأةٍ ذات دين تسرّه إذا نظر أليها وتطيعه وتحفظه في نفسها وماله إذا غاب عنها".
لعائشة رضي اللّه عنها وعن عائشة رضي اللّه عنها قالت: لا تدخل المرأة على زوجها في أقلّ من عشر سنين.
قالت عائشة: وأدخلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأن بنت تسع سنين.
في أصناف النساء والرجال الأصمعيّ قال: أخبرنا شيخٌ من بني العنبر قال: كان يقال: النساء ثلاث: فهينّةٌ ليّنةٌ عفيفة مسلمة تعين أهلها على العيش ولا تعين العيش على أهلها، وأخرى وعاءٌ للولد، وأخرى"غلٌ قملٌ" يضعه اللّه في عنق من يشاء ويفكّه عمن يشاء. والرجال ثلاثة: فهينٌ ليّنٌ عفيفٌ مسلمٌ، يصدر الأمور مصادرها، ويوردها مواردها، وآخر ينتهي إلى رأي ذي اللّبّ والمقدرة فيأخذ بأمره، وينتهي إلى قوله، وآخر حائرٌ بائرٌ، لا يأتمر لرشدٍ، ولا يطيع مرشداً.
لعلي بن أبي طالب في خير النساء عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال: خير نسائكم العفيفة في فرجها، الغلمة لزوجها.
لعروة بن الزبير وعن عروة بن الزّبير قال: ما رفع أحدٌ نفسه بعد الإيمان باللّه بمثل منكح صدقٍ، ولا وضع نفسه بعد الكفر باللّه بمثل منكح سوء. ثم قال: لعن اللّه فلانة، ألقت بني فلان بيضاً طوالاً فقلبتهم سوداً قصاراً.
لبعض الشعراء قال بعض شعراء بني أسد:

 

               وأوّل خبث الماء خبث ترابـه         وأوّل خبث القوم خبث المناكح        

 

لابن زبير، ثم لعمر قال الأصمعيّ: قال ابن زبير: لا يمنعكم من تزوّج امرأةٍ قصيرةٍ قصرها، فإنّ الطويلة تلد القصير والقصيرة تلد الطويل؛ وإياكم والمذكّرة فإنها لا تنجب.
أبو عمرو بن العلاء قال: قال رجل: لا أتزوّج امرأةً حتى أنظر إلى ولدي منها. قيل له: كيف ذاك؟ قال: أنظر إلى أبيها وأمهّا فإنها تجرّ بأحدهما.
عن ابن ملكية أنّ عمر قال: يا بني السائب، إنكم قد أضويتم فانكحوا في النزائع.
في أنواع النساء
الأصمعيّ قال: قال رجل: بنات العمّ أصبر، والغرائب أنجب، وما ضرب رؤوس الأبطال كابن أعجميّة.
عن أوفى بن دلهم أنه كان يقول: النساء أربع، فمنهنّ معمع لها شيئها أجمع، ومنهن تبع تضرّ ولا تنفع، ومنهنّ صدع تفرّق ولا تجمع، ومنهن غيث همع إذا وقع ببلد أمرع.
قال الأصمعيّ: فذكرت بعض هذا الحديث لأبي عوانة فقال: كان عبد اللّه بن عمير يزيد فيه: ومنهن القرثع: وهي التي تلبس درعها مقلوباً، وتكحل إحدى عينيها وتدع الأخرى.
لعمر بن الخطاب في ثلاث دواهي عن عليّ بن يزيد قال: قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: ثلاث من الفواقر: جار مقامةٍ، أن رأى حسنةً سترها، وإن رأى سيئةً أذاعها؛ وامرأةٌ إن دخلت لسنتك، وإن غبت عنها لم تأمنها؛ وسلطانٌ إن أحسنت لم يحمدك، وإن أسأت قتلك.
الزبرقان في أحب كنائنه وأبغضهم إليه الأصمعيّ قال: حدّثنا جميع بن أبي غاضرة - وكان شيخاً مسناً من أهل البادية من ولد الزّبرقان بن بدر من قبل النساء - قال: كان الزبرقان يقول: أحبّ كنائني إليّ الذليلة في نفسها، العزيزة في رهطها، البرزة الحييّة التي في بطنها غلام ويتبعها غلام. وأبغض كنائني إليّ الطّلعة الخبأة، التي تمشي الدّفقّى وتجلس الهبنقعة، الذليلة في رهطها، العزيزة في نفسها، التي في بطنها جارية وتتبعها جاريةٌ.
لخالد بن صفوان بلغني عن خالد بن صفوان أنه قال: من تزوجّ امرأةً فليتزوّجها عزيزةً في قومها، ذليلةً في نفسها، أدّبها الغنى وأذّلها الفقر. حصاناً من جارها، ماجنةً على زوجها.
الفرزدق يصف النساء وقال الفرزدق يصف النساء:

يأنسن عند بعولهنّ إذا خلوا

وإذا هم خرجوا فهنّ خفار

لخالد بن صفوان يطلب امرأة، ولآخرين وقال خالد بن صفوان "الدلال": أطلب لي بكراً كثيّب أو ثيباً كبكر، لا ضرعاً صغيراً ولا عجوزاً كبيرة "لم تقر فتحنن ولم تفت فتمحن"، قد عاشت في نعمة وأدركتها حاجةٌ، فخلق النعمة معها وذلّ الحاجة فيها، حسبي من جمالها أن تكون ضخمةً من بعيد، مليحةً من قريب، وحسبي من حسبها أن تكون واسطةً في قومها، ترضى مني بالسنّة، إن عشت أكرمتها وإن متّ ورّثتها.
وقال رجل لصاحب له: ابغني امرأةً بيضاء البياض، سوداء السواد، طويلة الطول، قصيرة القصر. يريد: كلّ شيء منها أبيض فهو شديد البياض، وكل شيء منها أسود فهو شديد السواد، وكذلك الطول والقصر.
وقال آخر: ابغني امرأةً لا تؤهل داراً "أي لا تجعل دارها آهلة بدخول الناس عليها"، ولا نؤنس جاراً "أي لا تؤنس الجيران بدخولها عليهم"، ولا تنفث ناراً "أي لا تنم وتغري بين الناس" قال الأصمعيّ: قال أعرابيّ لابن عمّه: اطلب لي امرأة بيضاء، مديدةً فرعاء. جعدةً، تقوم فلا تصيب قميصهامنها إلا مشاشة منكبيها، وحلمتي ثديها ورانفتي أليتيها ورضاف ركبتيها، إذا استلقت فرميت تحتها بالأترجّة العظيمة نفذت من الجانب الآخر. فقال له ابن عمه: وأنّى بمثل هذه إلا في الجنان!.
ونحو قوله في الأترجّة قوم أمّ زرعٍ: خرج أبو زرعٍ والأوطاب تمخض، فلقي امرأةً معها ولدان لها كالفهدين يلعبان تحت خصرها برمّانتين فطلّقني ونكحها.
في اختيار الجواري وقال آخر: ابغني امرأةً شقّاء مقّاء، طويلة الإلقاء، منهوسة الفخذين، نافحة الصّقلين.
شعر لابن الأعرابي أنشد ابن الأعرابيّ:

إذا كنت تبغي أيّمـاً بـجـهـالة

 

من الناس فانظر من أبوها وخالها

فإنهما منها كما هي مـنـهـمـا

 

كقدّك نعلا إن أريد مـثـالـهـا

فإن الذي ترجو من المال عندهـا

 

سيأتي عليه شؤمها وخبـالـهـا

في البكر والثيب وكان يقال: البكر كالذّرة تطحنها وتعجنها وتخبزها، والثّيب عجالة راكبٍ تمرٌ وسويقٌ. لابن الأعرابي في تطليق زياد لزوجته وقال ابن الأعرابيّ: طلقّ زيادٌ امرأته حين وجدها لثغاء، وقال: أخاف أن يجيء ولدي ألثغ، وقال:

لثغاء تأتي بحيفـسٍ ألـثـغ

تميس في الموشيّ والمصبّغ

أقوالهم في المرأة ويقال: المرأة غلٌّ فانظر ماذا تضع في عنقك؛ وهو من قول ابن المقفّع: الدّين رقٌّ فانظر عند من تضع نفسك.
أنشد ابن الأعرابيّ:

       أحبّ الخلاويّ النزيه من الـهـوى

 

وأكره أن أسقى على عطشٍ فضلا


يقول: أكره المرأة التي أكثرت الأزواج وإن كنت مضطراً إليها.
خالد الحذاء وامرأة خطبها وعن خالد الحذّاء قال: خطبت امرأةً من بني أسد فجئت لأنظر إليها وبيني وبينها رواقٌ يشفّ، فدعت بجفنةٍ مملوءة ثريداً مكلّلة باللحم فأتت على آخرها، وأتت بإناء مملوءٍ لبناً أو نبيذاً فشربته حتى كفأته على وجهها، ثم قالت: يا جارية ارفعي السّجف؛ فإذا هي جالسةٌ على جلد أسدٍ وإذا شابةٌ جميلةٌ، فقالت: يا عبد اللّه: أنا أسدة من بني أسد على جلد أسد وهذا مطعمي ومشربي، فإن أحببت أن تتقدّم فافعل، فقلت: أستخير اللّه وأنظر. فخرجت ولم أعد.
للنبي صلى اللّه عليه وسلم وعن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأمّ سليم تنظر إلى امرأة فقال:"شمّي عوارضها وانظري إلى عقبها".
شعر للنابغة وقال النابغة:

ليست من السّود أعقاباً إذا انصرفت

 

ولا تبيع بجنبي نخـلة الـبـرمـا

وقال الأصمعيّ: إذا اسودّ عقب المرأة اسودّ سائرها.
رد علي بن الحسين على عبد الملك في جارية تزوجها تزوّج عليّ بن الحسين أمّ ولدٍ لبعض الأنصار، فلامه عبد الملك في ذلك، فكتب إليه: إن اللّه قد رفع باالإسلام الخسيسة وأتمّ النقيصة، وأكرم به من اللؤم فلا عار على مسلم، هذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد تزوّج أمته وامرأة عبده. فقال عبد الملك:إن عليّ بن الحسين يتشرّف من حيث يتّضع الناس.
للأصمعي في رغبة الناس بالسراري الأصمعيّ قال: كان أهل المدينة يكرهون اتّخاذ أمهات الأولاد حتى نشأ فيهم عليّ بن الحسين والقاسم بن محمد"بن أبي بكر"، وسالم بن عبد اللّه"بن عمر"، ففاقوا أهل المدينة فقهاً وورعاً فرغب الناس في السّراري.
لمسلمة بن عبد الملك وقال مسلمة بن عبد الملك: عجبنا من رجل أخفى شعره ثم أعفاه، أو قصّر شاربه ثم أطاله، أو كان صاحب سراريّ فاتّخذ المهيرات.
شعر لمديني قال رجلٌ من أهل المدينة:

لا تشتمنّ امرأً في أن تكون له

 

أمّ من الروم أو سوداء عجماء

فإنما أمّهات الـنـاس أوعـيةٌ

 

مستودعات وللأحساب آبـاء

وربّ واضحةٍ ليست بمنجـبةٍ

 

وربما أنجبت للفحل سـوداء

لرجل شاور حكيماً في التزوّج بلغني أن رجلاً شاور حكيماً في التّزوّج فقال له: افعل، وإيّاك والجمال الفائق، فإنه مرعىً أنيق. فقال: ما نهتني إلا عما أطلب. فقال: أما سمعت قول القائل:

ولن تصادف مرعىً ممرعاً أبدا

 

إلا وجدت به آثار منـتـجـع

عمر بن الوليد والوليد بن يزيد وقال عمر بن الوليد للوليد بن يزيد: إنك لمعجب بالإماء. قال: وكيف لا أعجب بهنّ وهنّ يأتين بمثلك.
لأبي الدرداء في خير النساء وشرهنّ ويروى عن أبي الدّرداء أنه قال: خير نسائكم التي تدخل قيساً وتخرج ميساً وتملأ بيتها أقطاً وحيساً، وشرّ نسائكم السّلفعة، التي تسمع لأضراسها قعقعة، ولا تزال جارتها مفزّعة. وقد فسرت هذا في كتاب غريب الحديث.
بين معاوية وعقيل بن أبي طالب في أشهى النساء وأسوأهن وقال معاوية لعقيل بن أبي طالب: أيّ النساء أشهى؟ قال: المؤاتية لما تهوى. قال: فأيّ النساء أسوأ؟ قال: المجانية لما ترضى. قال معاوية: هذا واللّه النّقد العاجل. قال عقيل: بالميزان العادل.

الأكفاء من الرجال

للنبي صلى اللّه عليه وسلم عن أبي هريرة قال: قال النبيّ صلى اللّه عليه وسلم:"إذا جاءكم من ترضون خلقه وخلقه فزوّجوه إنكم إلا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريض.
وعن الحسن عن سمرة عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال:"الحسب المال والكرم التقوى".
وعن أنسٍ قال: قالت أمّ حبيبة: يا رسول اللّه، المرأة منّا يكون لها الزوجان في الدنيا فتموت فلأيّهما تكون في الآخرة؟ قال:"لأحسنهما"خلقاً" يا أمّ حبيبة، ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة".
عن عطيّة بن قيس قال: خطب معاوية أمّ الدّرداء فقالت: قال أبو الدّرداء: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:"المرأة لآخر زوجيها" فلست بمتزوّجة بعد أبي الدرداء حتى أتزوّجه في الجنة إن شاء اللّه تعالى.
ويقال: إنما حرم أزواج النبيّ صلى اللّه عليه وسلم على من بعده لأنّهنّ أزواجه في الجنّة.
لعمر بن الخطاب رضي اللّه عنه
عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: لا تكرهوا فتياتكم على الرجل القبيح فإنّهنّ يحببن ما تحبّون.
لابنة الخُسّ ابن الأعرابيّ قال: قيل لابنة الخُسّ: ألا تتزوّجين؟ فقالت: بلى، لا أريده أخا فلان ولا ابن فلان ولا الظريف المتظرّف ولا السمين الألحم، ولكن أريده كسوباً إذا غدا، ضحوكاً إذا أتى.
بينها وبين أبيها وكان أبوها قد كفّ بصره فقال: ما بال ناقتك؟ قالت: عينها هاجّ وملؤها راجّ وتمشي وتفاجّ؛ فقال: يا بنيّة عقليها. فعقلتها؛ فقال: ما صنعت حتى اضطرمت.
لأعرابي في كفاية الزوج قيل لعرابيّ: فلانٌ يخطب فلانة. قال: أموسر من عقلٍ ودين؟ قالوا: نعم. قال: فزوّجوه.
عن عيسى بن عمر قال: قال رجل لأعرابيّ: أمنكحي أنت؟ قال: لا. قال: ولم؟ قال: لأنك أصبح اللّحية.
عقيل بن علفة وعبد الملك بن مروان وكان عقيل بن عّلفة غيوراً، فخطب إليه عبد الملك بن مروان ابنته على حد بنيه، وكانت لعقيل إليه حوائج، فقال له: إن كنت لا بدّ فاعلاً فجنّبني هجناءك.
وله مع إبراهيم بن هشام وخطب إليه إبراهيم بن هشام بن إسماعيل- وكان"إبراهيم بن" هشام ولي المدينة وخال هشام بن عبد الملك- فردّه لأنه كان أبيض شديد البياض، فقال:

رددت صحيفة لقرشيّ لمّا

 

بت عرقه إلاّ احمـرارا

يعني العجم يسمّون الحمراء.
بين عبد الملك بن مروان وقرشية بن الأعرابي قال: قال عبد الملك بن مروان لامرأةٍ من قريشٍ تزّوجت رجلاً مغموصاً عليه: أتنكح الحرّة عبدها؟ فقالت: يا أمير المؤمنين

إنّ المهور تنكح الأيامـي

 

النّسوة الأرامل اليتامـى

المرء لا تبغي له سلاماً

 

 

لابن الأعربي وقال ابن الأعرابي: خطب رجلٌ إلى رجلٍ فلم يرضه فأنشأ يقول:

قل للذين سعوا يبغون رخصتهـا

 

ما رخّص الجوع عندي أمّ كلثوم

الموت خير لها من بعل منقصةٍ

 

ساقت إليه أباهـا جـلّةٌ كـوم

عمر الخير وكان عمر الخير نكّاحاً "فكن" في عام سنةٍ يقول: لعل الضيفة تحملهم على أن ينكحوا غير الاكفاء.
بين المساور والمرّار وقال المساور للمرّار:

ما سرني أن أمي من بني أسدٍ

 

وأن ربّي ينجيني من النـار

وأنهم زوّجوني من بناتـهـم

 

وأن لي كل يومٍ ألف دينـار

فأجابه المرار:

فلست للأم من عبسٍ ومن أسدٍ

 

وإنما أنت دينار ابـن دينـار

وإن تكن أنت من عبس وأمهم

 

فإن أمكم من جارة الـجـار

دينار ابن دينار: عبد ابن عبد. وجارة لجار: الاست. والجار: الفرج.
لأعرابي في امراة دلته على زوجة وقال بعض الاعراب:

أقول لها لما أتتني تـدلّـنـي

 

على امرأةٍ موصوفةٍ بجمـال

أصبت لها ولله بعلاً كما اشتهت

 

إن اغتفرت مني ثلاث خصال

فمنهن فسقٌ لا يبـارى ولـيده

 

ورقّة إسـلامٍ وقـلّة مــال

بين ابن هبيرة ورجل وقال رجل لابن هبيرة: أنا ابن الذي خطب إلى معاوية؛ فقال ابن هبيرة: أفزوّجه؟ قال: لا؛ فقال ما صنعت شيئاً.
لشيخ في رجل من بني كلاب خطب امرأة أبو الحسن المدائني قال: خطب رجل من بني كلاب امرأة، فقالت له أمها: حتى أسأل عنك. فانصرف فسأل عن أكرم الحيّ عليها، فدلّ على شيخ فيهم كان يحسن المحضر في الأمر يسأل عنه، فسأله أن يحسن عليه الثناء وانتسب له فعرفه؛ ثم إن العجوز شمرت فسألته عنه فقال: أنا ربيته، قالت: كيف لسانه؟ قال: مدرة قومه وخطيبهم. قالت: كيف شجاعته؟ قال: حامي قومهم وكهفهم. قالت: فكيف سماحته؟ قال: ثمال قومه وربيعهم. فأقبل الفتى فقال الشيخ: ما أحسن والله ما أقبل! ما انثنى ولا انحنى. فدنا الفتى فقال الشيخ: ما أحسن والله ما سلّم! ما جار ولا خار. ثم جلس، فقال: ما أحسن والله ما جلس! ما دنا ولا ثنى. فذهب الفتى ليتحرك فضرط، فقال الشيخ: ما أحسن والله ما ضرط! ما أغنها ولا أطنها. ولا بربرها ولا فرفرها. فنهض الفتى خجلاً فقال: ما أحسن والله ما نهض! ما انفتل ولا انخزل. فأسرع الفتى، فقال: ما أحسن والله ما خطا! ما ازور ولا اقطوطى. قالت العجوز: وجّه إليه من يرده لو سلح لزوّجناه.
خالد بن صفوان يخطب امرأة  
خطب خالد بن صفوان امرأة فقال: أنا خالد بن صفوان؛ والحسب على ما قد علمتيه، وكثرة المال على ما قد بلغك، وفيّ خصال سأبينها لك فتقدمين عليّ و تدعين. قالت: وما هي؟ قال: إن الحرة إذا دنت مني أملتني، وإذا تباعدت عني أعلتني، ولا سبيل إلى درهمي وديناري، ويأتي عليّ ساعةٌ من الملال لو أن رأسي في يدي نبذته. فقالت: قد فهمنا مقالتك ووعينا ما ذكرت، وفيك بحمد الله خصالٌ لا نرضاها لبنات إبليس، فانصرف رحمك الله.
لبعض الشعراء قال بعض الشعراء:

ألا يا ليل إن خيّرت فـينـا

 

بعيشك فانظري أين الخيار

فلا تستنكحي قدما غـبـيا

 

له ثارٌ وليس علـيه ثـار

وقال آخر لامرأته:

فإما هلكت فلا تنكحـي

 

ظلوم العشيرة حسّادهـا

يرى مجده ثلب أعراضها

 

لديه ويبغض من سادها

وقال آخر:

فلا تنكحي إن فرّق الدهر بيننا

 

أغمّ القفا والوجه ليس بأنزعـا

من القوم ذا لونين وسّع بطنـه

 

ولكن أذيّا حلمه ما توسّـعـا

ضروباً بلحييه على عظم زوره

 

إذا لقوم هشّوا للفعال تقنـعـا

لإبراهيم بن النعمان وقد زوّج ابنته لمولى عثمان بن عفان زوّج إبراهيم بن النعمان بن بشير يحيى بن "أبي" حفصة مولى عثمان بن عفان ابنته على عشرين ألف درهم، فعيّر فقال:

فما تركت عشرون ألفـاً لـقـائل

 

مقالاً فلا تحـفـل مـقـالة لائم

فإن أك قد زوّجت مولى فقد مضت

 

به سنةٌ قبلـي وحـبّ الـدراهـم

ويحيى هذا جدّ مروان الشاعر، وكان يهودياً فأسلم على يد عثمان. وتزوج أيضاً خولة بنت مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم سيّد أهل الوبر. فقال القلاخ:

نبئت خولة قالت حين أنـكـحـهـا

 

لظالماً كنت منك العار أنـتـظـر

أنكحت عبدين ترجو فضل مالهمـا

 

في فيك مما رجوت الترب والحجر

للّـه درّ جـيادٍ أنـت سـائسـهـا

 

برذنتها وبها التحجـيل والـغـرر

بين ابن عباس ورجل خطب يتيمة له خطب رجلٌ إلى ابن عباس يتيمةً له؛ فقال ابن عباس: لا أرضاها لك. قال: ولم، وفي حجرك نشأت؟ قال: لأنها تتشرف وتنظر. قال: وما هذا! فقال ابن عباس: الآن لا أرضاك لها.
زياد وسعيد بن العاص كتب زيادٌ إلى سعيد بن العاص يخطب إليه أمّ عثمان بنت سعيد وبعث إليه بمالٍ كثير؛ فلما قرأ الكتاب أمر حاجبه بقبض المال والهدايا، فلم قبضه أمره بقسمه بين جلسائه. فقال الحاجب: إنه أكثر من ذلك. فقال: أنا أكثر منها. ففعل؛ ثم كتب إلى زيدٍ: بسم اللّه الرحمن الرحيم. أما بعد، فإنّ الإنسان ليطغى ن رآه استغنى.
بين لقيط بن زرارة وقيس بن خالد خطب لقيط بن زرارة إلى قيس بن خالد ذي الجدّين الشّيبانيّ؛ فقال له قيس: ومن أنت؟ قال: لقيط بن زرارة. قال: وما حملك أن تخطب إليّ علانية؟ فقال: لأنّي عرفت أنّي إن عالنتك لم أفضحك وإن ساررتك لم أخدعك. فقل: كفء كريم، لا تبيت واللّه عندي عزباً ولا غريباً.
فزوّجه ابنته وساق عنه.
للحسن في الزوج قال رجل للحسن: إن لي بنيّة وإنها تخطب، فممّن أزوّجه؟ فقال: زوّجها ممن يتقي اللّه، فإن أحبّها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
أمّ أبان وخطّابها قال أبو اليقظان: خطب عمر بن الخطّاب أمّ أبان بنت عتبة بن ربيعة بعد أن مات عنها يزيد بن أبي سفيان، فقالت: لا يدخل إلا عابساً ولا يخرج إلا عابساً، يغلق أبوابه ويقلّ خيره. ثم خطبها الزّبير، فقالت: يدٌ له على قروني ويدٌ له في السّوط. وخطبها عليّ، فقالت: ليس للنساء منه حظّ إلا أن يقعد بين شعبهن الأربع لا يصبن منه غيره. وخطبها طلحة فأجابت فتزوّجها؛ فدخل عليها عليّ بن أبي طالب فقال لها: رددت من رددت منّا وتزوّجت ابن بنت الحضرميّ! فقالت: القضاء والقدر. فقال: أما إنك تزوّجت أجملنا مرآةً وأجودنا كفّاً وأكثرنا خيراً على أهله.

الحضّ على النكاح وذمّ التبتّل

للنبي صلى اللّه عليه وسلم في الحض على النكاح عن عكّاف بن وداعة الهلاليّ: أنّ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال له: "يا عكّاف ألك امرأة؟" قال: لا. قال: "فأنت إذاً من إخوان الشياطين إن كنت من رهبان النصارى فالحق بهم وإن كنت منّا فمن سنّتنا النكاح".
عن طاوس أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لا زمام ولا خزام ولا رهبانيّة في الإسلام ولا تبّتل ولا سياحة في الإسلام".
طاوس لإبراهيم بن ميسرة عن إبراهيم بن ميسرة قال: قال لي طاوس: لتنكحنّ أو لأقولنّ لك ما قال عمر لأبي الزوائد. ما يمنعك من النكاح إلا عجزٌ أو فجور.
علقمة لامرأته عن إبراهيم قال: قال علقمة لامرأته: خذي أحسن زينتك ثم اجلسي عند رأسي، لعلّ اللّه أن يرزقك من بعض عوّادي خيراً.
وفي بعض الأخبار: أربعٌ من سنن المرسلين: التّعطّر، والنّكاح، والسّواك، والختان.

باب الحسن والجمال

بين الرسول صلى اللّه عليه وسلم وعائشة رضي اللّه عنها عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم امرأة من كلبٍ، فبعثني أنظر إليها؛ فقال لي: "كيف رأيت"؟ فقلت: ما رأيت طائلاً؛ فقال: "لقد رأيت خالاً بخدّها اقشعرّ كل شعرةٍ منك على حدةٍ". فقالت: ما دونك سرّ.
بين أبي الأسود الدؤلي وعبيد اللّه بن زياد القحذميّ:ّ قال: دخل أبو الأسود على عبيد اللّه بن زياد فقال: أصبحت جميلاً، فلو تعلّقت معاذةً فظنّ أنه يهزأ به فقال:

أفني الشباب الذي أبليت جدّته

 

مرّ الجديدين من آتٍ ونطلق

لم يبقيا لي في طول اختلافهما

 

شيئاً يخاف عليه لذعة الحدق

قتادة بن ملحان وحيان بن عمير عن حيّان بن عمير قال: دخلت على قتادة بن ملحان، فمرّ رجل في أقصى الدار فرأيته في وجه قتادة، فقال: إنّ النبي صلى اللّه عليه وسلم مسح وجهه.
لعون بن عبد اللّه عن عون بن عبد للّه قال: كان يقال: من كان في صورةٍ حسنةٍ ونصب لا يشينه ووسّع عليه في الرزق، كان من خالصة اللّه.
أبيات في الحسن والجمال وقال الحكم بن قنبر:

ليس فيها ما يقال لـه

 

كملت لو أنّ ذا كملا

كلّ جزءٍ من ملاحتها

 

كائنٌ من حسنها مثلا

لو تمنّت في متاعتها

 

لم ترد من نفسها بدلا

وقال بعض المحدثين:

فلما رأوك العاذلون حججتهم

 

بحسنك حتّى كلّهم لي غادر

وقال أيضاً:

تحيّر من حسنه فهمـه

 

وتاه وحقّ له أن يتيها

رأى غيره ورأى نفسه

 

فلم ير فيه لشيءٍ شبيها

وقال الأعشي في وصف امرأة:

فأفضيت منها إلى جنّةٍ

 

تدلّت عليّ بأثمارهـا

لعائشة رضي اللّه عنها فيمن يؤم القوم عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب اللّه، فإن كانوا في القراءة سواءً فأصبحهم وجهاً.
لجميل بن معمر في حسن مصعب وقال جميل بن معمر: ما رأيت مصعباً يختال بالبلاط إلا غرت على بثينة، وبينهما ثلاثة أيّام.
مصعب بن الزبير والشعبي عن الشّعبيّ قال: دخلت المسجد باكراً، وإذا بمصعب بن الزّبير والناس حوله، فلما أردت الإنصراف قال لي: أدن. فدنوت منه حتى وضعت يدي على مرفقته؛ فقال: إذا أنا قمت فاتبعني؛ وجلس قليلاً، ثم نهض فتوجّه نحو دار موسى بن طلحة فتتبّعته؛ فلما أمعن في الدار التفت إليّ وقال: أدخل. فدخلت"معه ومضى نحو حجرته وتبعته، فالتفت إليّ فقال: أدخل، فدخلت معه" فإذا حجلةٌ، فطرحت لي وسادةٌ فجلست عليها، ورفع سجف القبّة، فإذا أجمل وجهٍ رأيته قطّ؛ فقال: يا شعبيّ، هل تعرف هذه؟ قلت: نعم، هذه سيّدة نساء العالمين عائشة بنت طلحة؛ فقال: هذه ليلى، ثم تمثّل:

وما زلت من ليلى لدن طرّ شاربي

 

إلى اليوم أخفي إحـنةً وأداجـن

وأحمل في ليلى قـومٍ ضـغـينةً

 

وتحمل في ليلى عليّ الضغـائن

ثم قال: إذا شئت يا شعبيّ "فقم". فخرجت؛ "فلما كن العشيّ رحت" إلى المسجد فإذا مصعبٌ بمكانه؛ فقال لي: ادن. فدنوت؛ فقال لي: هل رأيت مثل ذلك لإنسانٍ "قطّ"؟ قلت: لا؛ قال: أتدري دخلناك؟ قلت: لا؛ قال: لتحدّث بما رأيت. ثم التفت إلى "عبد اللّه بن" أبي فروة فقال: أعطه عشرة آلاف درهم وثلاثين ثوباً.فما انصرف "يومئذٍ" أحدٌ بمثل ما انصرفت به: بعشرة آلاف"درهم"، وبمثل كارة القصّار، ونظري إلى عائشة.
لأبي الغصن الأعرابي
أبو الغصن الأعرابيّ قال: خرجت حاجّاً، فلمّا بقباء تداعى أهله وقالوا: الصّقيل الصّقيل! فنظرت وإذا جارية كأنّ وجهها سيفٌ صقيلٌ، فلمّا رميناها بالحدق ألقت البرقع على وجهها، فقلنا: إنّا سفرٌ وفينا أجرٌ، فأمتعينا بوجهك؛ فانصاعت وأنا أعرف الضّحك في وجهها وهي تقول:

وكنت متى أرسلت طرفك رائداً

 

لقلبك يوماً أتعبتك المنـاظـر

رأيت الذي لا كلّه أنـت قـادرٌ

 

عليه ولا عن بعضه أنت صابر

بين فتاة حسناء وعمتها ومرّ رجلٌ بناحية البادية فإذا فتاة كأحسن ما تكون؛ فوقف ينظر إليها، فقالت له عجوز من ناحية: ما يقيمك على الغزال النّجدي ولا حظّ لك فيه؟ فقالت الجارية: يا عمتاه، يظنّ كما قال ذو الرّمّة:

وإن لم يكن إلاّ تعلّل ساعةٍ

 

قليلاً فإنّي نافع لي قليلها

وقال بعض المحدثين:

الخال يقبح بالفتى فـي خـدّه

 

والخال في خدّ الفتاة مـلـيح

والشّيب يحسن بالفتى في رأسه

 

والشيب في رأس الفتاة قبـيح

وقال جعفر بن محمد: الجمال مرحومٌ: بين شريح ورجل رأى رجلٌ شريحاً يجول في بعض الطّرق فقال: ما غدا بك؟ فقال: عسيت أن أنظر إلى صورة حسنة.
بين خالد بن صفوان وامرأة قالت امرأة خالد بن صفوان له يوماً: ما أجملك! قال: ما تقولين ذاك وما لي عمود الجمال، ولا عليّ رداؤه ولا برنسه. قالت: ما عمود الجمال وما رداؤه وما برنسه؟ قال: أما عمود الجمال فطول القوام وفي قصرٌ؛ وأمّا رداؤه فالبياض ولست بأبيض؛ وأما برنسه فسواد الشعر وأنا أصلع. ولكن لو قلت: ما أحلاك وما أملحك، كان أولى.
لأبي اليقظان في جيش ابن الأشعب أبو اليقظان قال: كان يسمّي جيش ابن الأشعب جيش الطواويس، لكثرة من كان فيه من الفتيان المنعوتين بالجمال.
عمر بن الخطاب ومعقل بن سنان قال: وقال أبو اليقظان: سمع عمر بن الخطاب قائلاً بالمدينة يقول:

أعوذ بربّ الناس من شرّ معقلٍ

 

إذا معقلٌ راح البقيع مرجّـلا

يعني معقل بن سنان الأشجعيّ، وكان قدم المدينة؛ فقال له عمر: إلحق بباديتك.
في جمال نصر بن حجاج البهزيّ وسمع امرأةً ذات ليلة تقول:

ألا سبيل إلى خمرٍ فأشـربـهـا

 

أم هل سبيلٌ إلى نصر بن حجّاج

وهذا نصر بن حجّاج بن علاط البهزيّ، وكان من أجمل الناس، فدعا به عمر فسيره إلى البصرة - فأتى مجاشع بن مسعود السّلميّ فدخل عليه يوماً وعنده امرأته شميلة وكان مجاشع أميّاً، فكتب نصر على الأرض: أحبّك حبّاً لو كان فوقك لأظلك أوتحتك لأقلّك. فكتبت هي وأنا واللّه كذلك. فكبّ مجاشعٌ على الكتابة إناءً ثم أدخل كاتباً فقرأه، فأخرج نصراً وطلّقها - فقال نصر بن حجّاج:

وما لي ذنبٌ غير ظنّ ظننـتـه

 

وفي بعض تصديق الظنون أثام

لعمري إن سيّرتني أو حرمتني

 

وما نلت ذنبـاً إنّ ذا لـحـرام

أأن غنّت الذّلفاء ليلاً بـمـنـيةٍ

 

وبعض أمانيّ النسـاء غـرام

ظننت بي الظنّ الذي ليس بعده

 

بقاءٌ وما لي في النّـديّ كـلام

فأصبحت منفيّاً على غـير ريبةٍ

 

وقد كان لي بالمكّتين مـقـام

ويمنعني ممّا تمنّت تكـرّمـي

 

وآباء صدقً سالـفـون كـرام

ويمنعها ممّا تمنّـت حـياؤهـا

 

وحالٌ لها مع عـفّةٍ وصـيام

وهاتان حالانا فهل أنت راجعي

 

وقد خفّ منّي كاهلٌ وسـنـام

وأنا أحسب هذا الشعر مصنوعاً: شعر للقيط بن زرارة، ولغيره قال لقيط بن زرارة:

أضاءت لهم أحسابهم ووجوههـم

 

دجى الليل حتى نظّم الجزع ثاقبه

قال أبو الطّمحان القيني:

يكاد الغمام الغرّ يرعد أن رأى

 

وجوه بني لأمٍ وينهل بارقـه

وقال آخر:

وجوهٌ لو أنّ المعتفين اعتشوا بـهـا

 

صدعن الدّجى حتى ترى الليل ينجلي

لعمر بن الخطاب، ثم لعلي بن أبي طالب قال عمر بن الخطاب "رضي اللّه عنه": إنّا سمعنا بكم شعرنا أحسنكم وجوهاً، وإذا اختبرناكم كانت الخبرة أولى بكم.
قال عليّ بن أبي طالب كرّم اللّه وجهه: خصصنا بخمس: بصباحة، وفصاحة، وسماحة، ورجاحة، وحظوة"يعني"عند" النساء". وسئل عن أميّة فقال: هم أغدر وأفجر وأمكر؛ ونحن أفصح وأصبح وأسمح.
لامرأة في الزبير وعليّ ومصعب رأت امرأة الزبير فقالت: من هذا الذي هو أرقم يتلمّظ؟ ورأت عليّاً فقالت: من هذا الذي كأنه كسر ثم جبر؟ ورأت طلحة فقالت: من هذا الذي كأنه دينارٌ هرقلي؟ لسكينة بنت الحسين في ابنتها ألبست سكينة بنت الحسين ابنةً درّاً كثيراً وقالت: واللّه ما ألبستها أيّاه إلاّ لتفضحه.
لبعض الشعراء وقال بعض الشعراء يذكر نساءً مع جارية:

أقبلن في رأد الضّحاء بـهـا

 

وسترن وجه الشمس بالشمس

ذكر بعض الأعراب امرأةً قال: خلوت بها والقمر يرينيها، فلمّا غاب أرتينه.
وقال بعض الشعراء:

غلامٌ رماه اللّه بالحـسـن يافـعـاً

 

له سيمياء لا تشقّ على الـبـصـر

كأنّ الثّريّا علّقـت فـي جـبـينـه

 

وفي أنفه الشّعري وفي وجهه القمر

ولمّا رأى المجد استعـيرت ثـيابـه

 

تردّى بثوبٍ واسـع الـذّيل وأتـزر

إذا قيلت العوراء أغضـى كـأنـه

 

ذليل بلاً ذلّ ولو شاء لانـتـصـر

بين أعرابي وأمه قال غلامٌ من الأعراب لأمّه:

نشدتك باللّه هل تعلمين

 

بأنّي طويلٌ وأنّي حسن

قالت: قبحك اللّه!فكان ماذا! قال:

وأنّي أقمّص بالـدّار عـين

 

غداة الصّباح وأحمي الظعّن

قال عمّه: فهلاّ كان ذا قبل! قال الشاعر:

بيضاء تسحب من قيام شعرها

 

وتغيب فيه وهو جثل أسحـمٌ

فكأنّها فيه نهـارٌ سـاطـع

 

وكأنه ليلٌ عليها مـظـلـم

وقال الطائيّ:

بيضاء تبدو في الظلام فيكتسي

 

نوراً وتبدو في النهار فيظلـم

أعرابي يصف امرأة وصف أعرابيّ امرأة فقال: كاد الغزال يكونها، لولا ما تمّ منها ونقص منه لابن الأعرابي في الحلاوة والجمال والملاحة قال ابن الأعرابيّ: الحلاوة في العينين، والجمال في الأنف، والملاحة في الفم.
قال أعرابيّ يصف امرأةً:

خزاعّية الأطراف مرّية الحشا

 

فزاريّة العينين طائّية الـفـم

المقنع الكندي كان المقّنع الكندي من أجمل الناس وكان يتقنع لأنه كان متى سفر لقع" أي أصيب بعينٍ" ، وهو القائل:

وفي الظّعائن والأحداج أملح من

 

حلّ العراق وحلّ الشام واليمنا

جنيّةٌ من نساء الإنس أحسن من

 

شمس النهار وبدر الليل لو قرنا

الحكم بن صخر وجارية الحكم بن صخر الثّقفيّ قال: خرجت حاجّاً مختفياً، فلمّا كنت ببعض الطريق أتتني جاريتان من بني عقيل لم أر أحسن منهما وجوهاً، ولا أظرف ألسنةً ولا أكثر علماً وأدباً، فقصّرت بهما يومي فكسوتهما. ثم حججت من قابلٍ ومعي أهلي، وقد أصابتني علّةٌ فنصل لها خضابي، فلمّا صرت إلى ذلك الموضع فإذا أنا بإحداهما، فدخلت عليّ، فسألت مسألة منكر فقلت: فلانة! قالت: فدىً لك أبي وأمي! تعرفني وأنكرك؟! قلت: أنا الحكم بن صخر. قالت: إني رأيتك عاماً أوّل شابّاً سوقةً وأراك العام ماكاً شيخاً، وفي دون هذا ينكر المرء صاحبه. قلت: ما فعلت أختك؟ قالت: تزوجها ابن عمٍّ لها وخرج بها إلى نجد فذلك حيث يقول:

إذا ما قفلنا نحو نجـدً وأهـلـه

 

فحسبي من الدّنيا قفولٌ إلى نجد

فقلت: لو أدركتها لتزوّجتها. فقالت: ما يمنعك من شقيقتها في حسبها، ونظيرتها في جمالها؟ - تعني نفسها - قلت: يمنعني من ذلك ما قال كثيّر:

إذا وصلتنا خلّةٌ كي تزيلنا

 

أبينا وقلنا الحاجبيّة أوّل

فقالت: فكثيّر بيني وبينك، أليس هو القائل:

هل وصل عزّة إلا وصل غانـيةٍ

 

في وصل غانيةٍ من وصلها خلف

فسكت عيّاً عن جوابها.
أبو حازم المدني وامرأة حسناء التقاها في موسم الحج قل أبو حازم المدنيّ: بينا أنا أرمي الجمار رأيت امرأة سافرةً من أحسن الناس وجهاً ترمي الجمار، فقلت: يا أمة اللّه، أما تتقين اللّه! تسفرين في هذا الموضع فتفتنين الناس! قالت: أنا واللّه يا شيخ من اللواتي قل فيهنّ الشاعر:

من اللاّء لم يحججن يبغين حسبة

 

ولكن ليقتلن لبريء المغـفّـلا


قلت: فإنّي أسأل اللّه ألاّ يعذّب هذا الوجه بالنار.
شعر لأعرابي، ولآخرين قال أعرابيّ:

يا زين من ولدت حوّاء من ولدٍ

 

لولاك لم تحسن الدنيا ولم تطب

أنت التي من أراه اللّه صورتها

 

نال الخلود فلم يهرم ولم يشب

وقال أعرابيّ:

إذا هنّ أبدين الخدود وحسّرت

 

ثغورٌ عن الأفواه كي تتبسّما

أجاد القضاة العادلون قضاءهم

 

لهنّ بلا وهمٍ وإن كنّ أظلما

"وقال عروة بن أذينة":

 

 

إنّ التي زعمت فؤادك مـلّـهـا

 

خلقت هواك كما خلقت هوىً لها

فإذا وجدت لها وساوس سـلـوةٍ

 

شفع الفؤاد إلى الضمير فسلّهـا

بيضاء باكرها النعيم فصاغـهـا

 

بلبـاقةٍ فـأدقّـهـا وأجـلّـهـا

 

وقال أعرابيّ يرقص ابناً لـه:

   

     بارك لـمـن يحـبّـه ويدينـه         يا ربّ ربّ مالكٍ بارك فيه

      أجزع نـورٍ غـربـت أواخـيه      ذكرني لمّا نـظـرت فـي فـيه

      دينـار عـينٍ بـيدٍ تـبـــريه           والوجه لما أشرقـت نـواحـيه

  

لابن شبرمة وقال ابن شبرمة: ما رأيت لباساً على رجل أزين من فصاحةٍ، ولا رأيت لباساً على امرأةٍ أزين من شحمٍ.
لأعرابي حسن الكدنة قيل لأعرابيّ: إنك لحسن الكدنة فقال: ذلك عنوان نعمة اللّه عندي.
للحجاج قال الحجّاج: لا يحسن نحر المرأة حتى يعظم ثدياها.
شعر للمرار العدوي وقال المرّار العدويّ:

صلته الخدذ طويلٌ جيدها

 

ضخمة الثّدي ولمّا ينكسر

لعلي بن أبي طالب وقال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: لا تحسن المرأة حتى تروي الرضيع، وتدفىء الضّجيع.
بين أسدي وامرأة عن رجل من بني أسدٍ قال: أضللت إبلاً لي، فخرجت في طلبهنّ، فهبطت وادياً وإذا أنا بفتاةٍ أعشى نور وجهها نور بصري؛ فقالت لي: يا فتى، ما لي أراك مدلّها؟ فقلت: أضللت إبلاً لي فأنا في طلبها. قالت: أفأدلّك على من هي عنده وإن شاء أعطاكها؟ قلت: نعم ولك أفضلهنّ. قالت: الذي أعطاكهنّ أخذهنّ وإن شاء ردهنّ، فسله من طريق اليقين لا من طريق الإختبار. فأعجبني ما رأيت من جمالها وحسن كلامها، فقلت: ألك بعل؟ قالت: قد كان، ودعي فأجاب فأعيد إلى ما خلق منه. قلت: فما قولك في بعل تؤمن بوائقه، ولا تذمّ خلائقه؟ فرفعت رأسها وتنفّست وقالت:

كنّا كغصنين في أصلٍ غذاؤهما

 

ماء الجداول في روضات جنّات

فاجتثّ خيرهما من جنب صاحبه

 

دهرٌ يكرّ بترحاتٍ وفـرحـات

وكان عاهدني إن خانني زمـنٌ

 

ألاّ يضاجع أنثى بعد مثـواتـي

وكنت عاهدته إن خانـه زمـنٌ

 

ألاّ أبوء ببعل طول محـياتـي

فلم نزل هكذا والوصل شيمتنـا

 

حتى توفّي قريباً مذ سـنـيّات

فاقبض عنانك عمّن ليس يردعه

 

عن الوفاء خلافٌ بالتـحـيّات

بين متمّم بن نويرة وعمر بن الخطاب قال أبو اليقظان: دخل متمّم بن نويرة على عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه فقال له عمر: ما أرى في أصحابك مثلك! قال: يا أمير المؤمنين، أما واللّه إنّي مع ذلك لأركب الجمل الثّفال، وأعتقل الرّمحٍ الشّطون، وألبس الشّملة الفلوت. ولقد أسرني بنو تغلب في حديث، فأطلقوني له بغير فداءٍ.
كان يقال: المنظر محتاجٌ إلى القبول، والحسب محتاجٌ إلى الأدب، والسّرور محتاجٌ إلى الأمن، والقرابة محتاجة إلى المودّة، والمعرفة محتاجة إلى التّجارب، والشرف محتاج إلى التّواضع، والنجدة محتاجةٌ إلى الجدّ.
قال الحسن بن وهب:

ما لمن تمّت محـاسـنـه

 

أن يعادي طرف من نظرا

لك أن تبدي لنا حـسـنـاً

 

ولنا أن نعمل البـصـرا

باب القبح والدّمامة

لأمير من أمراء العراق في امرأة قبيحة أخبرنا بعض أشياخ البصرة أنّ رجلاً وامرأته اختصما إلى أمير من أمراء العراق، وكانت المرأة حسنة المنتقب قبيحة المسفر، وكان لها لسانٌ، فكأن العامل مال معها، فقال: يعمد أحدكم إلى المرأة الكريمة فيتزوّجها ثم يسيء إليها. فأهوى الزوج فألقى النّقاب عن وجهها، فقال العامل: عليك اللعنة، كلام مظلوم ووجه ظالم.
لرجل من البصرة تزوج ومنع من الخروج
أبو زيد الكلابيّ: قدم رجلٌ منّا البصرة فتزوّج امرأةً، فلمّا دخل بها وأرخيت السّتور وأغلقت الأبواب عليه، ضجر الأعرابيّ وطالت ليلته، حتى إذا أصبح وأراد الخروج منع من ذلك وقيل له: لا ينبغي لك أن تخرج إلا بعد سبعة أيام؛ فقال:

أقول وقد شدّوا عليها حجابـهـا

 

ألا حبّذا الأرواح والبلد القـفـر

ألا حبّذا سيفي ورحلي ونمرقـي

 

ولا حبّذا منها الوشاحان والشّذر

أتوني بها قبل المحـاق بـلـيلةٍ

 

فكان محاقاً كلّه ذلك السـهـر

وما غرّني إلاّ خضابٌ بكفّـهـا

 

وكحلٌ بعينيها وأثوابها الصّفـر

تسائلني عن نفسها هل أحبّـهـا

 

فقلت ألا لا والذي أمره الأمـر

تفوح رياح المسك والعطر عندها

 

وأشهد عند اللّه ما ينفع العطـر

لبعض الشعراء يصف امرأة قبيحة وقال آخر:

أعوذ باللّه مـن زلاّء فـاحـشةٍ

 

كأنما نيط ثوباها عـلـى عـود

لا يمسك الحبل حقواها إذا انتطقت

 

وفي الذّنابي وفي العرقوب تحديد

أعوذ باللّه من ساقٍ لهـا حـنـبٌ

 

كأنها من حديد القـين سـفّـود

وقال أخر:

موتّرة العـلـبـاء الـقـفـا

 

لها ندبٌ من حكّها غير دارس

إذا ضحكت حالت غضونٌ كأنها

 

غباب حرباءٍ تحوّز شـامـس

كأن وريديها رشـاء مـحـالةٍ

 

مغاران من جلدٍ من القدّ يابس

وقال آخر:

                يا عجبا والدّهـر ذو تـعـاجـيب  

هل يصلح الخلخال في رجل الذّيب

اليابس الكعب الحديد العـرقـوب

 

 

لأخر في عجوز تزوّجها وقال آخر:

 

 

لها جسم برغـوثٍ وساقا بعوضةٍ

 

ووجهٌ كوجه القرد بل هو أقبح

وتـبـرق عـيناها إذا مــا رأيتـها

 

وتعبس في وجه الضّجـيع وتكلح

فما ضحكت في الناس إلا ظننتها

 

أمامهـم كـلـبـاً يهرّ وينبح

إذا عاين الشيطان صـورة وجـهـها

 

تعـوّذ مـنـهـا حـين يمـسـي ويصبـح

وقد أعجبتها نفسهافتـمّحـت

 

بأيّ جمال لـيت شعري تملحّ

لأعرابي في امرأة كالغول رأى أعرابيّ امرأة في شارةٍ وهيئة، فظّن بها جمالاً، فلما سفرت فإذا هي غولٌ؛ فقال:

فأظهرها ربيّ بـمـنّ وقـدرةٍ

 

عليّ ولولا ذاك متّ من الكرب

فلمّا بدت سبّحت من قبح وجههـا

 

قلت لها السّاجور خيرٌ من الكلب

بين سعيد بن بيان والأخطل كان سعيد بن بيانٍ التغّلبيّ سيدّ بني تغلب، وكانت تحته برّة وكانت من أجمل النساء، فقدم الأخطل الكوفة على بشر بن مروان، فدعاه سعيد بن بيانٍ واحتفل ونجّد بيوته واستجاد طعامه وشرابه، فلما شرب الأخطل جعل ينظر إلى وجه برّة وجمالها، وإلى وجه سعيد وقبحه، فقال له سعيد: يا أبا مالك، أنت رجل تدخل على الخلفاء والملوك فأين ترى هيئتنا من هيئتهم! فقال الأخطل: ما لبيتك عيبٌ غيرك. فقال سعيد: أنا واللّه أحمق منك يا نصرانيّ حين أدخلك منزلي. وطرده فخرج الأخطل وهو يقول:

وكيف يداويني الطبيب من الجوى

 

وبرّة عند الأعـور ابـن بـيان

فهلاّ زجرت الطّير إذ جاء خاطباً

 

بضيقة بين النّجـم والـدّبـران

عبد بني الحساس يذكر قبحه قال عبد بني الحسحاس يذكر قبحه:

أتيت نساء الحارثيّين غدوةً

 

بوجهٍ براه اللّه غير جميل

فشبّهنني كلباً ولست بفوقه

 

ولا دونه إن كان غير قليل

بين الأحنف ورجل عابه بقبحه قال رجل للأحنف: "تسمع بالمعتديّ لا أن تراه"؛ فقال: ما ذممت منّي يابن أخي؟ قال: الدّمامة وقصر القامة. قال: لقد عبت عليّ ما لم أؤامر فيه.
قبح الأحنف قال عبد الملك بن عمير: قدم علينا الأحنف الكوفة مع مصعب بن الزّبير، فما رأيت خصلةً تذمّ إلا وقد رأيتها في الأحنف: كان صعل الرأس، متراكب الأسنان، أشدق، مائل الذّقن، ناتىء الوجه، غائر العين، خفيف العارض، أحنف الرّجل، ولكنه إذا تكلّم جلا عن نفسه.
شعر لهبنّقة في قبح محارش أبو اليقظان قال: كان المحارش قبيحاً فقال فيه هبنّقة:

لو كان وجهي مثل وجه محارشٍ

 

إذاً ما قربت الدّهر باب أمـير

قال:وأخذ محارش قذاةً عن عبيد اللّه بن زياد؛ فقال: صرف عنك السّوء؛ فقال جلساؤه: إذاً يصرف عنه وجهه.
سئل مدنيّ عن حلية رجلٍ، فقال: حليته محجمه.
المأمون ومحمد بن الجهم قال المأمون لمحمد بن الجهم: أنشدني يبتاً حسناً أولّك به كورةً؛ فقال:

قبحت مناظرهم فحين خبرتهم

 

حسنت مناظرهم لقبح المخبر

فاستزاده، فأنشده:

أرادوا ليخفوا قبره عـن عـدوّه

 

فطيب تراب القبر دلّ على القبر

فولاّه الدّينور وهمذان.
لأعرابي في امرأته قال أعرابيّ في امرأته:

ولا تستطيع الكحل من ضيق عينها

 

فإن عالجته صار فوق المحاجـر

وفي حاجبيهـا حـرّةٌ لـغـرارةٍ

 

فإن حلقا كانـا ثـلاث غـرائر

وثديان أمّـا واحـدٌ فـكـمـوزةٍ

 

وآخر فيه قـربةٌ لـمـسـافـر

بين إسحاق الموصلي وقريبة ابن سيابة وقال إسحاق الموصليّ: رأت قريبة ابن سيلبة مولى ابن أأسد عندي، فقلت لها: يا أمّ البهلول كيف ترين هذا؟ قالت: ما له قبّحه "اللّه" عامّة؟؟! لو كان داءً ما بريء منه.
شعر فاتك في سعيد بن مسلم وقال فاتكٌ في سعيد بن سلم:

وإنّ من غاية حرص الفتى

 

طلابه المعروف في باهله

كبيرهم وغدٌ ومولـودهـم

 

تلعنه من قبحه القـابـلة

الأسعر الجعفي يذكر قوماً قال الأسعر الجعفيّ يهجو قوماً:

زعانف سودٌ كخبث الحدي

 

يد يكفي الثلاثة شقّ الإزار

أبو نواس يذكر امرأة وقال أبو نواس يذكر امرأةً:

وقائلةٍ لها في وجه نصحٍ

 

علام قتلت هذا المستهاما

فكان جوابها في حسن سرٍّ

 

أأجمع وجه هذا والحراما

من أخبار المغيرة بن شعبة كان المغيرة بن شعبة قبيحاً أعور، فخطب امرأةً، فأبت أن تتزّوجه، فبعث إليها: إن تزوّجتيني ملأت بيتك خيراً، ورحمك أيراً. فتزوّجت به.
وسئلت عنه امرأةٌ طلّقها فقالت: عسلٌ يمانيةُ في ظرف سوء.
شعر لدعبل، ولغيره أنشدنا دعبل:

بليت بزمّردةٍ كالـعـصـا

 

ألصّ وأسرق من كنـدش

لها شعر قـردٍ إذا ازّينـت

 

ووجه كبيض القطا الأبرش

كأنّ الثاليل في وجـهـهـا

 

إذا سفرت بدد الكشـمـش

وقال أعرابيّ:

جزى اللّه البراقع من ثيابٍ

 

عن الفتيان شراًّ ما بقينـا

يوارين الملاح فلا نراهـا

 

ويزهين القباح فيزّهينـا

وقال آخر:

رأوه فازدروه وهو حرّ

 

وينفع أهله الرجل القبيح

ذو الرمة وميّة كان ذو الرّمّة يشبّب بميّة، وكانت من أجمل النساء ولم تره قطّ، فجعلت للّه عليها بدنةً حين تراه، فلما رأته رأته رجلاً دميماً أسود، فقالت: واسوءتاه! وابؤساه! فقال ذو الرّمة:

على وجه ميٍّ مسحةٌ من ملاحةٍ

 

وتحت الثياب الشّين لو كان باديا

ألم تر الماء يخبـث طـعـمـه

 

وإن كان لون الماء أبيض صافيا

أعرابية تصف حمدونة بنت الرشيد إسحاق الموصليّ قال: دخلت أعرابية على حمدونة بنت الرشيد، فلما خرجت سئلت عنها، فقالت: وما حمدونة! واللّه لقد رأيتها وما رأيت طائلاً، كأنّ بطنها قربة، وكأنّ ثديها دبةّ، وكأن استها رقعة، وكأن وجهها وجه ديكٍ قد نفش عفريته يقاتل ديكاً.
أعرابي يصف امرأة ذكر أعرابيّ امرأةً حسناء اللفظ قبيحة الوجه، فقال: ترخي ذيلها على عرقوبي نعامة، وتسدل خمارها على وجه كالجعالة "وهي الخرقة التي تنزل بها القدر عن النار" شعر لدعبل في كاتب وقال دعبل في كاتبٍ:

 

تمّت مقـابـح وجـهـه فـكأنـه                       طللٌ تحمّل ساكـنـوه فـأوحـشـا

لو كان لاستك ضيق صدرك أو لصـد      رك رحب دبرك كنت أكمل من مشى

 

 

لبعض المعلمين كان بعض المعلّمين يقعد أبناء المياسير والحسان الوجوه في الظلّ، ويقعد الآخرين في الشّمس، ويقول: يا أهل الجنة، ابزقوا في وجوه أهل النار.
لرجل من أبناء المهاجرين وقال رجل من أبناء المهاجرين: أبناء هذه الأعاجم كأنهم نقبوا الجنّة وخرجوا منها، وأولادنا كأنهم مساجر التّنانير.
بين أبي المهلهل وميّ
أبو المهلهل الحدائيّ قال: ارتحلت إلى الرمل في طلب ميّ صاحبة ذي الرّمّة، فما زلت أطلب موضعها حتى أرشدت إليه، فإذا خيمةٌ كبيرة على بابها عجوزٌ هتماء، فسلّمت عليها ثم قلت: أين منزل مي؟ قالت: أنا ميّ؛ فتعجّبت وقلت: عجباً من ذي الرمّة وكثرة قوله فيك! قالت: لا تعجبنّ فإني سأقوم بعذره عندك، ثم قالت: يا فلانة، فخرجت من الخيمة جاريةٌ ناهدة عليها برقع فقالت: اسفري؛ فلما سفرت تحيّرت لما رأيت من جمالها وبراعتها؛ فقالت: علقني ذو الرمّة وأنا في سنّها. فقلت: عذره اللّه ورحمه، فاستنشدتها فجعلت تنشد وأنا أكتب.
أبو نواس في الرقاشي وقال أبو نواسٍ في الرّقاشيّ:

قل للـرّقـاشـيّ إذا جـئتـه

 

لو متّ يا أخرق لم أهجـكـا

دونك عرضي فاهجه راشـداً

 

لا تدنس الأعراض من شعركا

واللّه لو كنت جـريراً لـمـا

 

كنت بأهجى لك من وجهكـا

باب السّواد

لمدّني في السواد الأصمعيّ قال: قيل لمدنيّ: ما رغبتكم في السّواد؟ قال: لو وجدنا بيضاء لسفدناها.
شعر لأبي حازم المدني يتغزل بالسود وكان أبو حازم المدنيّ ينشد:

ومن يك معجباً ببنات كسرى

 

فإنّي معجبٌ ببنـات حـام

لأبي حنش، وغيره، في وصف السود وقال أبو حنش:

رأيت أبا الحجناء في الناس حائراً

 

ولون أبي الحجناء لون البهـائم

تراه على ما لاحه مـن سـواده

 

وأن كان مظلوماً له وجه ظالـم

وقال آخر في وصف أسود:

كأنما وجهك ظلّ من حجر

وقال آخر:

كأنما قمّص من ليط جعل

وقال آخر في وصف سوداء:

كأنها والكحل في مرودها

 

تكحل عينيها ببعض جلدها

لبعضهم في سوداء نظر رجل إلى سوداء عليها معصفرٌ، فقال: بعرة عليها رعاف.
الأصمعيّ قال: قيل لرجل: أيّ الرجال أخفّ أرواحا؟ قال: الذين أعرقت فيهم السّودان.
لعلي بن أبي طالب وقال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: من تزوّج سمراء فطلّقها فعليّ مهرها.
يقال: قالت: الخنفساء لأمّها: يا أمّاه، ما أمرّ بأحدٍ إلابزق عليّ. فقالت: يا بنيّة تعوّذين.
عبد الملك ووفد أهل الكوفة وفد على عبد الملك وفد أهل الكوفة، فلما دخلوا عليه وكلّهم، رأى فيهم أدلم عالي الجسم، فلما كلّمه راقه بيانه، فلما تولّى تمثّل عبد الملك بقول عمرو بن شأسٍ:

فإن عراراً إن يكن غير واضـحٍ

 

فإنّي أحبّ الجون ذا المنكب العمم

فالتفت الأدلم إلى عبد الملك وضحك؛ فقال: عليّ به. "فلما جيء به قال": ما الذي أضحكك؟ فقال: أنا واللّه عرارٌ من بني بني أثرى. فقدّمه وسامره حتى خرج.
لبعض الشعراء في جارية سوداء قال رجل من الشعراء في جاريةٍ سوداء:

أشبهك المسك وأشبهته

 

قائمةً في لونه قاعده

لا شكّ إذ لونكما واحد

 

أنكما من طينةٍ واحدة

وقال جرير:

ترى التّيميّ يزحف كالقرنبي

 

إلى تيميّةٍ كعصا المـلـيل

تشين الزعفران عروس تـيم

 

وتمشي مشية الجعل الدّحول

يقول المجتلون عروس تـيم

 

شوى أمّ الحبين ورأس فيل

وقال آخر:

أحبّ لحبّها السّودان حتى

 

أحبّ لحبّها سود الكلاب

باب العجز والمشايخ

لرجل خاصم امرأته إلى زياد الأصمعيّ قال: خاصم رجلٌ امرأته إلى زيادٍ، فكأن زياداً شددّ عليه، فقال الرجل: أصلح اللّه الأمير، إنّ خير نصفي الرجل آخرهما، يذهب جهله ويثوب حلمه ويجتمع رأيه، وإن شرّ نصفي المرأة آخرهما، يسوء خلقها ويحدّ لسانها وتعقم رحمها؛ فقال: اسفع بيدها.
لبعض الأعراب في عجوز وقال بعض الأعراب:

لا تنكحنّ عجوزاً إن دعوك لها

 

وإن حبوك على تزويجها الذّهبا

وإن أتوك وقالوا إنها نـصـفٌ

 

فإنّ أطيب نصفيها الذي ذهبـا

لأعرابي ضجر من امرأته وقد شاخت الأصمعيّ قال: ضجر أعرابيّ بطول حياة امرأته، فقال:

ثلاثين حـولاً لا أرى مـنـك راحةً

لهنّك في الدنيا لباقـية الـعـمـر

فإن أنفلت من حبل صـعـبة مـرّةً

أكن من نساء الناس في بيضة العقر

أبو الأسود في امرأته وقال أبو الأسود في امرأته أمّ عوف:

أبي القلب إلا أمّ عوف وحبّهـا

 

عجوزاً ومن يحبب عجوزاً يفنّد

كسحق اليماني قد تقادم عهـده

 

ورقعته ما شئت في العين واليد

لبعضهم يشبب بعجوز وقال آخر يشبب بعجوزٍ:

عجوزٌ عليها كرةٌ ومـلاحة

 

وقاتلتي يا للرّجال عـجـوز

عجوزٌ لو أن الماء ملك يمينها

 

لما تركتنا بالمـياه نـجـور

كانت لرجل من الأعراب امرأة عجوز، وكانت تشتري العطر بالخبز؛ فقال:

عجوزٌ ترجّى أن تـكـون فـتـيّةً

وقد غارت العينان واحدودب الظهر

تدسّ إلى العطّار سلـعة أهـلـهـا

ولن يصلح العطّار ما أفسد الدّهـر

بين أبي الجندي وامرأته طلّق أبو الجنديّ امرأته؛ فقلت له: بعد صحبة خمسين سنة! فقال: ما لك عندي ذنبٌ غيره لبعض الأعراب وقال بعض الأعراب:

لا بارك اللّه في لـيل يقـربـنـي

إلى مضاجعةٍ كالدّلك بـالـمـسـد

لقد لمست معرّاها فمـا وقـعـت

فيما لمست يدي إلا عـلـى وتـد

وكلّ عضو لها قرنٌ تـصـلّ بـه

جسم الضّجيع فيضحي واهي الجسد

للطائي، وغيره، في أحلى الرجال عند النساء وقال الطائي:

أحلى الرجال من النساء مواقعاً

 

من كان أشبههم بهنّ خـدودا

وقال امرؤ القيس:

أراهنّ لا يحببن من قلّ مالـه

 

ولا من رأين الشيب فيه وقوّسا

وقال علقمة بن عبدة:

فإن تسألوني بالنساء فـإنـنّـي

 

خبيرٌ بأدواء النسـاء طـبـيب

إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله

 

فليس له في ودّهنّ نـصـيب

يردن ثراء المال حيث علمنـه

 

وشرخ الشباب عندهنّ عجـيب

وقال آخر:

أرى شيب الرجال من الغواني

 

كموضع شيبهنّ من الرجـال

وقال آخر:

أيا عجباً للخود يجري وشاحـهـا

 

تزفّ إلى شيخ من القوم تنـبـال

دعـاهـا إلـيه أنـه ذو قـرابةٍ

 

فويل الغواني من بني العمّ والخال

وقال ذو الرّمة بخلاف قول الأول:

وما الفقر أزرى عندّهن بوصلنـا

ولكن جرت أخلاقهن على البخل

وقال المّرار في مثله:

وليس الغواني للجفاء ولا الذي

له عن تقاضي دينهنّ همـوم

ولكنّما يستنجز الوعد تـابـعٌ

مناهنّ حلاّفٌ لـهـنّ أثـيم

وما جعلت ألبابهن لذي لغنـى

فييأس من ألبابـهـنّ عـديم

عثمان بن عفان رضي اللّه عنه وزوجته بنت الفرافصة كن عثمان بن عفّان رضي اللّه عنه تزوّج نائلة بنت الفرافصة الكلبيّ - والفرافصة يومئذٍ نصرانيّ - وكان وليّها مسلماً وهو أخوها، فحملها الفرافصة. فلما قدمت على عثمان وضع لها سريراً وله آخر، فقال لها عثمان: إمّا أن تقومي إليّ وإمّا ان أقوم إليك. فقالت: ما تجشّمت إليك من عرض السّماوة أبعد ممّا بيننا، بل أقوم أنا. فقامت حتى جلست معه على السرير، فوضع قلنسوته فإذا هو أصلع، فقال: يا بنة الفراقصة، لا يهولنّك ما ترين من صلعتي، فإن وراء ذلك ما تحبيّن. قالت: إني لمن نسوة أحبّ بعولتهن إليهنّ الكهول الصّلع. فقال: اطرحي درعك؛ ثم قال: اطرحي إزارك. قالت: ذك إليك. ومسح رأسها ودعا لها بالبركة؛ فكانت أحبّ نسائه إليه، وولدت منه جاريةً يقال لها مريم.
لخنساء بنت عمرو في دريد الصمة وقد خطبها بن الكلبيّ قال: خطب دريد بن الصّمةّ خنساء بنت عمرو، فبعث جاريتها فقالت: أنظري إذا بال أيقعي أم يبعثر؟ فقالت لها الجارية: وهويبعثر. فقالت: لا حاجة لي فيه.
لرجل تزوج عجوزاً الاصمعيّ قال: تزوّج رجل امرأة بالمدينة فقالوا له: إنها شابةٌ طريةٌ من أمرها ومن مرها؛ ويدلسون له عجوزاً، فلما دخل بها زع نعليه، وهم يظنون أنه يضربها، فقلدها إياهما وقال: لبيك اللهم لبيك، هذه بدنةٌ؛ فأسكتوه وافتدوا منه.
أطوار عمر المرأة عن عبد الله بن محمد بن عمران القاضي عن أبيه قال: شباب المرأة من خمس عشرة سنة إلى ثلاثين سنةً، وفيها من الثلاثين إلى الأربعين مستمتعٌ، وإذا اقتحمت العقبة الأخرى حسلت.
شعر لجهم في عجوز تزوجها
تزوج جمهمٌ امرأة من بني فقعسٍ وباع إبلاً له ومهرها، فلما دخل بها إذا هي عجوز، فقال:

وما لمت نفسي مذ فطمت بـلـحـيةٍ

كما لمت نفسي في عجوز بني شمس

وبنت ولم أغبن غداة اشـتـريتـهـا

وبعت تلاد المال بالثمن الـبـخـس

فإن مات جهمٌ غيلةً فاقـتـلـوا بـه

قمامة إن النفس تقتل بـالـنـفـس

لبعض الشعرء:

كفاك بالشيب ذنباً عند غانيةٍ

 

وبالشباب شفيعاً أيها الرجل

خبر الحارث بن سليل الأسدي وزوجته خطب الحارث بن سليل الأسدي إلى علقمة بن حفصة الطائي وكان شيخاً، فقال لأم الجارية: أريدي ابنتك على نفسها. فقالت: أي بنية. أي الرجال أحب إليك: الكهل الجحجاح، الواصل المنّاح، أم الفتى الوضّاح، الذهول الطماح؟ قالت: يا أمتاه.

إن الفتاة تحب الفـتـى

 

كحبّ الرعاء أنيق الكلا

فقالت: يا بنية، إن الشباب شديد الحجاب، كثير العتاب. قالت: يا أمتاه، أخشى من الشيخ أن يدنس ثيابي، ويبلي شبابي، ويشمت بي أترابي. فلم تزل بها حتى غلبتها على رأيها؛ فتزوج به الحارث ثم رحل بها إلى قومه؛ فإنه لجالس يوماً بفناء لمظلته وهي إلى جانبه، إذ أقبل شباب من بني أسد يعتلجون، فتنفست ثم بكت؛ فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: ما لي وللشيوخ الناهضين كالفروخ!؛ فقال: ثكلتك أمك "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها"- فذهبت مثلاً-. أما وأبيك لرب غارةٍ شهدتها؛ فالحقي بأهلك، ولا حاجة لي فيك.
بين رجل وزوجته أراد أن يغيرها الرياشي قال: خرج رجل إلى الغزو فأصاب جارية وضيئة، وكان يغزو على فرسه ويرجع إليها، فوجد يوماً فضلاً من القول فقال:

ألا لا أبالي اليوم ما فعلت هنـد

 

إذا بقيت عندي الحمامة والورد

شديد مناط المنكبـين إذا جـرى

 

وبيضاء صنهاجيةٌ زانها العقـد

فهـذا لأيام الـحـروب وهـذه

 

لحاجة نفسي حين ينصرف الجند

فنمي الشعر إليها فقالت:

ألا أقره مني السـلام وقـل لـه

 

غينا وأغنتنا غطـارفة الـمـرد

بحمد أمير المؤمـنـين أقـرّهـم

 

شباباً وأغزاكم حواقلة الـجـنـد

إذا شئت غناني رفـلٌ مـرجّـلٌ

 

ونازعني في ماء معتصـر ورد

وإن شاء منهم ناشئ مـد كـفـه

 

على كتدٍ ملساء أو كفـل نـهـد

فما كنتم تقضون حاجة أهـلـكـم

 

شهوداً فتقضوها على النأي والبعد

فلما بلغه الشعر أتاها، وقال: أكنت فاعلة؟ فقالت: الله أجلّ في عيني، وأنت أهون علي.
لأبي عمرو بن العلاء في الشباب قال أبو عمرو بن العلاء: ما بكت العرب شيئاً ما بكت الشباب، وما بلغت ما هو أهله.
لبعض الأعراب وقد أسن كانت لبعض الأعراب امرأة لا تزال تشارّه وقد كان أسن وامتنع من النكاح، فقال له رجل: ما يصلح بينكما أبدا؟ فقال: لا، إنه قد مات الذي كان يصلح بيننا "يعني ذكره".
شعر رجل لصديق له تزوج عجوزاً قال رجلٌ لصديقٍ له:

أعنّست نفسـك حـتـى إذا

 

أتيت على الخمس والأربعينا

تزوّجتها شـارفـاً فـخـمةً

 

فلا بالرّفاء ولا بالبـنـينـا

فلا ذات مال تزوّجـتـهـا

 

ولا ولد ترتجي أن يكـونـا

بها أبداً فالتمـس غـيرهـا

 

لعلّك تعطى بغثٍّ سمـينـا

لأنو شروان قال أنوشروان: كنت أخاف إذا أنا شخت لا تريدي النساء، فإذا أنا لا أريدهنّ.
شعر لأعرابي في العجوز قل أعرابيّ:

إنّ العجوز فاركٌ ضجيعها

 

تسيل من غير بكىً دموعها

تمدّد الوجه فلا يطيعـهـا

 

كأنّ م يضيفها يضيعـهـا

لأبي النجم في أم الخيار وقال أبو النجم:

قد زعمت أمّ الـخـيار أنّـي

 

شبت وحنّى ظهري المحنّي

وأعرضت فعل الشّموس عنّي

 

فقلت مـا داؤك إلا سـنّـي

"لن تجمعي ودّي وأن تضنّي" في الشيب والخضاب قال يزيد بن الحكم بن "أبي" العاص:

فما منك الشّباب ولست منه

 

إذا سألتك لحيتك الخضابـا

وما يرجو الكبير من الغواني

 

إذا ذهبت شبيبتـه وشـابـا

وقال آخر:

" " فـالـغـوانـي

 

وافر عن ملاحظة القتير

 

فقلت لها المشيب نذير عمري

 

ولست مسوّداً وجه الـنّـذير

         

لسعد بن أبي وقاص، لآخرين في الخضاب كان سعد بن أبي وقاص يخضب بالسّواد، ويقول:

أسوّد أعلاها وتأبى أصولـهـا

 

فيا ليت ما يسودّ مها هو الأصل

وقال أسود بن دهيم:

لما رأيت الشّيب عيب بياضه

 

تشببت وابتعت الشباب بدرهم

وقال محمود الورّاق:

يا خاضب الشّيب الذي

 

في كلّ ثالثةٍ يعـود

إنّ النّصـول إذا بـدا

 

فكأنه شـيبٌ جـديد

ولـه بـديهة روعةٍ

 

مكروهها أبداً عتـيد

فدع المشيب كما أرا

 

د فلن يعود كما تريد

لابن الأعرابي، ولغيره في الشيب أنشد ابن الأعرابيّ:

ولقد أقول لشيبةٍ أبصـرتـهـا

 

في مفرقي فمنحتها إعراضـي

عنّي إليك فلست من خير ولـو

 

عمّمت منك مفارقي بـبـياض

ولقلّما أرتاع مـنـك وإنـنـي

 

فيما ألذّ وإن فزعت لمـاضـي

فعليك ما اسطعت الظهور بلمّتي

 

وعليّ أن ألقاك بالمـقـراض

وقال الفرزدق:

تفاريق شيبٍ في السّواد لوامعٌ

 

وما خير ليل ليس فيه نجـوم

وقال غيلان بن سلمة:

الشّيب إن يظهر فـإنّ وراءه

 

عمراً يكون خلاله متنفّـس

لم ينتقص منّي المشيب قلامةً

 

ولنحن حين بدا ألبّ وأكيس

وقال الطائي:

ابدت أسىً أن رأتني مخلس القصب

 

وآل ما كان من عجبٍ إلى عجـب

لا تنكري منه تخـديداً تـخـلّـلـه

 

فالسيف لا يزدرى أن كان ذا شطب

ولا يؤرقك إيماض الـقـتـير بـه

 

فإنّ ذاك ابتـسـام الـرأي والأدب

وقال آخر:

يقولون هل بعد الثلاثين ملـعـبٌ

 

فقلت وهل قبل الثلاثين ملعـب

لقد جلّ قدر الشّيب إن كان كلّمـا

 

بدت شيبةٌ يعرى من اللّهو مركب

باب الخلق

الطول والقصر

للنبي صلى اللّه عليه وسلم عن عمرو بن شعيب: أنّ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم رأى رجلاً قصيراً - و شديد القصر - فسجد. عن سالم بن عبد اللّه عن أبيه عن جدّه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " من رأى منكم مبتلى فقال الحمد للّه الذي عافاني مما ابتلاك به وفضّلني على كثيرٍ ممن خلقه تفضيلاً عافاه اللّه من ذلك البلاء كائناً ما كان".
لبعض الشعرء وقال بعض الشعراء:

من تعادر من يسامح

 

من تطاول بـزياد

من تباراني نسينـي

 

ببـعـيد مـن إياد

إسحاق الموصلي في غلامه وقال إسحاق الموصليّ في غلامه:

ذهبت سماجةً وذهبت طولاً

 

كأنك من فراسخ دير سعد

ليزيد بن الحكم وقل أبو اليقظان: كان يعلى بن الحكم بن "أبي" العاص يعّير أخاه يزيد بالقصر؛ فقال يزيد:

همّ الرّجال العلا أخذاً بذروتها

 

وإنما همّ يعلى الطول والقصر

مما قيل في القصار وقال أبو حاتم:

يكاد خليلي من تقارب شخصه

 

يعضّ القراد باسته وهو قائمٌ

وقال آخر وكان قصيراً:

فإلاً يكن عظمي طويلاً فإننـيّ

 

له بالخصال الصالحات وصول

وقال أوفى بن مولةٍ في مثل ذلك:

فإن أك قصداً في الرجال فإننّي

 

إذا حلّ أمرٌ ساحتي لجـسـيم

وقال آخر:

ولمّا التقى الصّفان واختلف القنا

 

نهالاً وأسباب المنايا نهالـهـا

تبينّ لـي أنّ الـقـمـاءة ذلةً

 

وأنّ أشداءّ الرّجال طوالـهـا

وقال الغطمّش الضّبيّ:

ولو وجدوا نعل الغطمّش لا حتذوا

 

لأرجلهم منها ثمـانـي أنـعـل

كان جرير بن عبد اللّه يثفل إلى ذروة البعير من طوله، وكانت نعله ذراعًا الأصمعيّ قال: دخل المغيرة بن شعبة على معاوية، فقال معاوية:

إذا راح فـي قـوهـيّةٍ مـتـلـبـسـاً

 

تقل جعلّ يستنّ فـي لـبـنٍ مـحـض

وأقسم لو خرّت مـن اسـتـك بـيضةٌ

 

لما انكسرت من قرب بعضك من بعض

اللحى

لبعض الحكماء فيمن لا لحية له قال بعض الحكماء: لا تصافين من لا شعر على عرضيه وإن كانت الدنيا خراباً إلاّ منه
لعائشة رضي اللّه عنها كانت عائشة ربّما قالت: والذّي زيّن الرجال باللحى وقال بعض المحدثين:

يا لحيةً طالت على نوكهـا

 

كأنها لـحـية جـبـريل

لو كان ما يقطر من دهنها

 

ليلاً لوفّى ألف قـنـديل

ولو تراها وهي قد سرّحت

 

حسبتها بنداً على الـفـيل

لبعض مجانين الكوفة قال رجل لبعض مجانين الكوفة: ما هذه اللّحية؟ - وكانت كبيرةً - فقال: "والبلد الطّيب يخرج نباته بإذن ربّه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً".
لابن أبي حفصة في لحية رباح وقال مروان بن أبي حفصة:

لقد كانت مجالسنا فساحاً

 

فضيّقتها بلحيته ربـاح

مبعثرة الأسافل والأعالي

 

لها في كلّ زويةٍ جناح

وقال آخر:

أنفّش لحيةً عرضـت وطـالـت

 

من الهدبات تملأ عرض صدري

أكاد إذا قـعـدت أبـول فـيهـا

 

إذا أنا لم أعقّصها بـظـفـري

وقال أعرابي:

لا تفخـرنّ بـلـحـيةٍ

 

عظمت جوانبها طويله

تجري بمفرقهـا الـر

 

ياح كأنها ذنب الحسيله

العيون

بين إبراهيم النخعي والأعمش قال إبراهيم النّخعيّ لسليمان الأعمش وأراد أن يماشيه: إن الناس إذا رأونا معاً قالوا: أعور وأعمش. قال: ما عليك أن يأثموا ونؤجر. قال: ما عليك أن يسلموا ونسلم.
لابن عباس لما كفّ بصره وقال ابن عباس بعد ما كفّ بصره:

إن يأخذ اللّه من عينيّ نورهـمـا

 

ففي فؤادي وسمعي منهما نـور

قلبي ذكيّ وعرضي غير ذي دخلٍ

 

وفي فمي صارمٌ كالسيف مأثور

للخريميّ فأخذ الخريميّ هذا المعنى فقال:

فإن تك عيني خبـا نـورهـا

 

فكم قبلها نور عـينٍ خـبـا

فلم يعم قلبـي ولـكـنـمّـا

 

أرى نور عيني إليه سـرى

فأسرج فـيه إلـى ضـوئه

 

سراجاً من العلم يشفي العمى

وقال الخريميّ أيضاً:

أصغي إلى قائدي ليخبرنـي

 

إذا التقيا عمـن يحـيّينـي

أريد أن أعدل السّـلام وأن

 

أفصل بين الشّريف والدّون

أسمع ما لا أرى فأكـره أن

 

أخطئ والسّمع غير مأمون

للّه عيني التي فجعت بهـا

 

لو أن دهراً بها يواتـينـي

لو كنت خيّرت، ما خذت بها

 

تعمير نوحٍ في ملك قارون

لأعور وتماشى أعوران، فقال أحدهما:

ألم ترني وعمراً حين نمشي

 

نريد السوق ليس لنا نظير

أماشيه على يمـنـى يديه

 

وفيما بيننا رجلٌ ضـرير

شعر في طاهر بن الحسين وقال قائلٌ في طاهر بن الحسين:

يا ذا اليمينين وعينٍ واحده

نقصان عينٍ ويمينٌ زئده

لأعور أصيبت عينه الصحيحة وقال الأصمعيّ: جاءت رجلاً أعور نشّابةٌ فأصابت عينه الصحيحة، فقال: يا ربّ وأنا يضاً على محمل.
لأبي الأسود في جارية حولاء شترى أبو الأسود جاريةً حولاء فغار امرأته أمّ عوفٍ، وكانت ابنة عمّه، وكانت تشارّه في كلّ يوم وتقول: من يشتري حولاء؛ فلمّا كثرت عليه قال:

يعيبونها عندي ولا عيب عنـدهـا

 

سوى أنّ في العينين بعض التأخّر

فإن يك في العينين سوءٌ فإنـهـا

 

مهفهفة لأعلى رداح المـؤخّـر

هشام بن عبد الملك وأبي النجم أنشد بو النجم هشام بن عبد الملك ارجوزته التي أوّلها: الحمد للّه الوهوب المجزل فلم يزل هشام يصفّق بيديه استحساناً لها، حتى إذا بلغ قوله في صفة الشمس

فهي في الأفق كعين الأحول

 

صغواء قد كادت ولمّا تفعل

أمر بوجء رقبته وإخراجه. وكان هشام أحول.
لبعض الشعراء في زرقة العيون وقال آخر:

يقولون نـصـرانـيّةٌ أمّ خـالـدٍ

 

فقلت دعوها كلّ نفسٍ ودينـهـا

فإن تك نـصـرانـيّةً أمّ خـالـدٍ

 

فقد صوّرت في صورةٍ لا تشينها

أحبك أن قالوا بـعـينـك زرقةٌ

 

كذاك عتاق الطير زرقاً عيونهـا

من كتاب الآيين وقرأت في الآيين أن الرجل إذا اجتمع فيه قصر وسبوطة وحولٌ وعسم وشدقٌ ... كان لا يستعمل في دار الملك، ويحال بينه وبين التصدير للملك، وكذلك المرأة البرشاء والبرصاء.
لبعض الشعراء في رجل من المعمرين وقال بعض الشعراء في صحة البصر مع الهرم:

إن معاذ بـن مـسـلـمٍ رجـلٌ

 

ليس يقـينـاً لـعـمـره أمـد

قل لمـعـاذٍ إذا مـررت بـه

 

قد ضجّ من طول عمرك الأبد

قد شاب رأس الزمان واكتهل الدّ

 

هر وأثـواب عـمـره جـدد

يا نسر لقمان كم تعـيش وكـمٍ

 

تسحب ذيل الـحـياة يا لـبـد

قد أصبـحـت دار آدمٍ طـلـلاً

 

وأنت فيهـا كـأنـك الـوتـد

تسأل غربانهـا إذا حـجـلـت

 

كيف يكون الصداع والـرمـد

الأنوف

لأعرابي عظيم الأنف عن أبي زيد قال: "رأيت" أعرابياً أنفه كأنه كورٌ من عظمه، فرآنا نضحك فقال: ما يضحككم! والله لقد كنا في قوم ما يسمّوننا إلا الأفيطس.
بين عقيل بن أبي طالب وامرأته عن الوليد بن بشار أن امرأة عقيل بن أبي طالب، وهي بنت عتبة بن ربيعة، قالت: يا بني هاشم لا يحبّكم قلبي أبداً، إنّ أبي وابن عمي أبو فلان بن فلان كان أعناقهم أباريق فضةٍ، ترد أنوفهم قبل شفاههم. فقال لها عقيلٌ: إذا دخلت النار فخذي على يسارك.
لبعض الشعراء في كبر الأنف قال بعض الشعراء يذكر الكبر:

أرى شعراتٍ على حاجبـيّ

 

بيضاً نبتن جميعـاً تـؤامـا

ظللت أهاهي بهـنّ الـكـلا

 

ب أحسبهنّ صياراً قـيامـا

وأحسب أنفي إذا ما مـشـي

 

ت شخصاً أمامي رآني فقاما

وقال بعض المحدثين:

إذا أنت أقبلت فـي حـاجةٍ

 

إليه فكلّمه من خـلـفـه

فإن أنت واجهته في الكـلا

 

م لم يسمع الصوت من أنفه

وقال آخر:

إن عيسى أنف أنفـه

 

أنفه ضعفٌ لضعفـه

وهو لو يستنشق الثـو

 

ب بقرنيه وظلـفـه

لثوى في منخـرٍ يس

 

تغرق الخلق بنصفه

لو تراه راكباً والـت

 

يه قد مال بعطـفـه

لرأيت الأنف في السر

 

ج وعيسى ردف أنفه

وقال قنعب في الوليد بن عبد الملك:

فقدت الوليد وأنـفـاً لـه

 

كمثل المعين أبى أن يبولا

أتيت الوليد فـألـفـيتـه

 

كما يعلم الناس وخماً ثقيلا

البخر والنتن

في شدة بخر عبد الملك بن مروان قال أبو اليقظان: كان يقال لعبد الملك بن مروان: أبو الذّبّان لشدة بخره. يريدون أن الذباب يسقط إذا قارب فاه من شدّة رائحته. قال: ونبذ إلى امراةٍ له تفّاحةً قد عضّها، فأخذت سكّيناً؛ فقال لها: ما تصنعين؟ قالت: أميط عنها الأذى، فطلقها.
وقال مسلمٌ:

أنت تفسو إذا نطقت ومن سبّ

 

ح من فسوفاك إثمـاً وزورا

وقال آخر:

لا تدن فاك من الأمير ونحّه

 

حتى يداوي ما بأنفك أهرن

إن كان للظّربان جحرٌ منتنٌ

 

فلجحر أنفك يا محمد أنتن

شقيق بن السليك لامرأته وقال شقيق بن السليك العامريّ لامرأته:

إذا ما نكحت فلا بالرّفـاء

 

وإما أتيت فلا بالبـنـينـا

تزوّجت أصلع في غـربةٍ

 

تجنّ الحليلة منه جنـونـا

إذا ما نقلت إلـى بـيتـه

 

أعدّ لجنبيك سوطاً متينـا

كأنّ المساوك في شـدقـه

 

إذا هنّ أكرهن يقلعن طينا

كأن توالـي أضـراسـه

 

وبين ثناياه غسلاً لجـينـا

الحكم بن عبدل يهجو محمد بن حسان وقال الحكم بن عبدل لمحمد بن حسّان بن سعد:

فما يدنو إلى فمه ذبـابٌ

 

ولو طليت مشافره بقنـد

يرين حلاوةً ويخفن موتاً

 

وشيكاً إذا هممن له بورد

لأعرابي، ثم لعبد الرحمن بن عائشة وقال أعرابي:

كأن إبطيّ وقد طال الـمـدى

 

نفحة خرءٍ من كواميخ القرى

وقال عبد الرحمن بن أبي عبد الرحمن بن عائشة:

من يكن إبطه كآباط ذا الخل

 

ق فإبطاي في عدا الفقاح

لي إبطان يرميان جليسـي

 

بشبيه السلاح أو بالسـلاح

فكأني من نتن هـذا وهـذا

 

جالسٌ بين مصعبٍ وصباح

يعني مصعب بن عبد الله بن مصعب، وصباح بن خاقان الأهتمي.

البرص


برص بلعاء بن قيس كان بلعاء بن قيس برص؛ فقال له قائل: ما هذا بك يا بلعاء؟ فقال: سيف الله جلاه.
شعر لابن حبناء، ثم لأبي مسهر وقال لابن حبناء:

إني امرؤٌ حنظليٌّ حين تنسبني

 

لا ملعتيك ولا أخوالي العوق

لا تحسبنّ بياضاً فيّ منقـصةً

 

إن اللهاميم في أقرابها بلـق

لأبي مسهر وقال أبو مسهرٍ:

أيشتمني زيدٌ بأن كنت أبرصاً

 

فكلّ كريمٍ لا أبا لك أبرص

لبعض النهشليين في البرص وقال بعض النهشليين:

نفرت سودة مـنّـي إذا رأت

 

صلع الرأس وفي الجلد وضح

قلت يا سـودة هـذا والـذي

 

يفرج الكربة عنّا والـكـلـح

هو زينٌ لي في الوجه كـمـا

 

زيّن الطّرف تحاسين القـزح

وقال آخر:

يا كأس لا تستنكري نحولـي

 

ووضحاً أوفى على خصيلي

فإنّ نعت الفرس الـرّحـيل

 

يكمل بالعزة والتحـجـيل

وقال آخر:

يا أخت سعدٍ لا تعيبي بالـزّرق

 

لا يضرر الطّرف تواليع البهق

إذا جرى في حلبة الخيل سبق

 

 

لبيد يهجو الربيع بن زياد العبسي ونساء بني عبس لما أنشد لبيدٌ النعمان بن المنذر قوله في الربيع بن زيادٍ العبسي:

مهلاً أبيت اللعن لا تأكل معه

 

إن استه من برصٍ ملمّعـه

قال الربيع: أبيت اللعن! والله لقد نكت أمّه! فقال لبيدٌ: إن كنت فعلت لقد كانت يتيمةً في حجرك ربّيتها، وإلا تكن فعلت ما قلت فما أولاك بالكذب! وإن كانت هي الفاعلة فإنها من نسوةٍ فعّلٍ لذلك. يعني أنّ نساء بني عبسٍ فواجر.
لزياد الأعجم، ومثله لكثير وقال زيادٌ الأعجم:

ما إن يدبّح منهم خـارىءٌ أبـداً

 

إلا رأيت على باب استه القمرا

يعني أنهم برص الأستاه.
وقال كثيّر في نحو ذلك:

ويحشر نور المسلمين أمامهـم

 

ويحشر في أستاه ضمرة نورها

بشر بن مروان وأيمن بن خريم الأبرص المدائني قال: كان أيمن بن خريمٍ أبرص وكان أثيراً عند العزيز بن مروان، فعتب عليه أيمن يوماً فقال له: أنت طرفٌ ملولة. فقال له: أنا ملولة وأنا أؤاكلك مذ كذا!. فلحق ببشر بن مروان فأكرمه واختصّه ولم يكن يؤاكله. فدخل عليه يوماً وبين يديه لبن قد وضع؛ فقال له: قد حدّثت نفسي البارحة بالصوم، فلما أصبحت أتوني بهذا وهم لا يعلمون، ولا أرى أحداً أحقّ به منك، فدونكه.
برص أبي عزة الجحمي وشفاءه منه عن أبي جعدة قال: أصاب أبا عزّة الجحميّ وضحٌ، فكان لا يجالس، فأخذ شفرة وطعن في بطنه فمارت الشفرة وخرج ماءٌ أصفر وبرىء، فقال:

لا هـمّ ربّ وائل ونـهـــد

 

وربّ من يرعى بياض لحدي

أصبحت عبداً لك وابن عـبـد

 

أبرأتني من وضحٍ بجـلـدي

مع ما طعنت اليوم في معدّي

 

 

العرج

لشاعر أعرج في دولة العرجان كان عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أعرج وولي شرطة الكوفة، والقعقاع بن سويد كان أعرج، فقال بعض الشعراء وكان أعرج:

ألق العصا ودع التناوش والتمس

 

عملاً فهذي دولة العـرجـان

لأميرنا وأمير شرطتنـا مـعـاً

 

يا قومنا لكلـيهـمـا رجـلان

شعر لرجل أعرج، ولغيره وقال رجل من العُرج:

وما بي من عيب الفتى غير أنني

 

ألفت قناتي حين أوجعني ظهري

وقال آخر:

وما بي من عيب الفتى غير أننـي

 

جعلت العصا رجلاً أقيم بها رجلي

وقال أبو زياد الكلابي:

ألفت عصا الطرفاء حتى كأنـمـا

 

أرى بعصا الطرفاء إحدى النجائب

وقال أبو الخطاب النّهدليّ:

قد صرت أمشي بثلااث أرجل

وقال آخر:

قد كنت أمشي على رجلين معتمـدا

 

فاليوم أمشي على أخرى من الشجر

وقال الأعشى:

إذا كان هادي الفتى في البلا

 

د صدر القناة أطاع الأميرا

الأدر

لأحدب صار آدراً قال أبو الخطاب: كان عندنا رجل أحدب، فسقط في بئر فذهبت حدبته فصار آدر، فدخلوا يهنئونه، فقال: الذي جاء شرٌ من الذي ذهب.
شعر لطرفة وقال طرفة:

ما ذنبنا في أن أداءات خصاكـم

 

وأن كنتم في قومكم معشراً أدرا

 

إذا جلسوا خيّلت تحت ثيابـهـم

 

خرانق توفي بالضّغيب لها نذرا

       

الجعدي يصف آدراً وقال الجعدي:

كذي داءٍ بإحدى خصيتـيه

 

وأخرى لم توجّع من سقام

فضمّ ثيابه من غير بـرءٍ

 

على شعراء تنقض بالبهام

الجذام

للنبيصلى الله عليه وسلم عن أبي محيريز قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وفرّوا من المجذوم كالفرار من الأسد" وفي حديث آخر: " لا تديموا النظر إلى المجذومين فإذا كلّمتموهم فليكن بينكم وبيهم حجاب قيد رمح".
عن قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ادهن بدأ بحاجبه الأيمن ثم قال: "باسم الله".
وقال: "نبات الشعر في الأنف أمانٌ من الجذام" عبد اللّه بن الحارث ومجذوم وعن قتادة: أنّ مجذوماً دخل على عبد اللّه بن الحارث فقال: أخرجوه قالوا: ولم؟ قال: بلغني أنه ملعون.
إحراق سليمان بن عبد الملك للمجذومين أبو الحسن قال: مرّ سليمان بن عبد الملك بالمجذومين في طريق مكة، فأمر بإحراقهم، وقال: لو كان اللّه يريد بهؤلاء خيراً ما ابتلاهم بهذا البلاء.
عن إبراهيم قال: اشمأزّ رجلٌ من رجل به بلاء، فما مات حتى ابتلي بمثل ذلك البلاء.

باب المهور

مهر أم سليم ملحان الأنصارية إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة قال: خطب جدّي أبو طلحة أمّ سليم فأبت أن تتزوجّه حتى يسلم وكان مشركاً وقالت: إذا أسلم فهو صداقي فأسلم فكان صداقها إسلامه.
عن المطّلب بن أبي وداعة السّهمي قال: زوّج سعيدٌ ابنته على درهمين.
صداق فاطمة بنت النبي صلى اللّه عليه وسلم أخبرنا محمد بن عليّ بن أبي طالب أنّ عليّاً أصدق فاطمة بنت النبّي صلى اللّه عليه وسلم بدناً من حديد. قال محمد: وأخبرني ابن أبي نجيح قال: بلغني أنا البدن الذي تزوّج عليه فاطمة كان ثمنه ثلثمائة درهم.
عن ابن أبي عيينة عن ابن أبي نجيح عن أبيه أنّ عليّاً عليه السلام قال: أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالدّرع فباعها بأربعمائة وثمانين درهماً وزوّجني عليها.
للنبي صلى اللّه عليه وسلم عن مجاهد عن ابن عبّاس أنّ النبّي صلى اللّه عليه وسلم قال: "أعظم النّكاح بركةً أيسره موؤنة" وقال في الحديث الآخر: "اللّهم أذهب ملك غسّان وضع مهور كندة" لجارية من العرب أخبرنا بعض أصحاب الأخبار "قال" : قالت جارية من العرب لبنات عمّ لها: السعيدة التي يتزوجهاّ ابن عمها فيمهرها بتيسين وكلبين وعيرين فينبتّ التيّسان وبنبح الكلبان وينهق العيران، والشقّية التي يتزوّجها الحضرّي فيطعمها الخمير، ويلبسها الحرير، ويحملها ليلة الزّفاف على عودٍ؛ "تعني إكافاً أو سرجاً" ما بذله خاطب كمهر ويقال: جاء خاطبٌ إلى قوم فقال: أنا فلان بن فلان، وأنتم لا تسألون عنّي أعلم بي منكم. قالوا: فما تبذل؟ فأنشأ يقول:

ألا بلغ لديك بـنـي يزيدٍ

 

بأنّي لا أريد إلى النسـاء

سوى ودّي لهنّ وأنّ عندي

 

ثريداً بالغداة وبالعـشـاء

فقال شيخ منهم: أقم كفيلاً بالقصعتين وصل به. فبقي عاراً عليهم إلى اليوم ما أصدق به عمرو بن الخطاب وابنه وابن سيري قال بعض نقلة الأخبار: أصدق عمر بن الخطّاب أمّ كلثوم بنت عليّ أربعين ألفاً، وأصدق عبد اللّه بن عمر ابنة أبي عبيد أخت المختار عشرة آلاف درهم، وأصدق محمد بن سيرين امرأته السّدوسيّة عشرة آلاف درهم.
لأعرابي في المهور قال أعرابيّ:

يقولون تزويجٌ وأشـهـد أنـه

 

هو البيع إلا أنّ من شاء يكذب

أوقات عقد النكاح

عن ضمرة بن حبيب أنه قال: كان أشياخنا يستحبّو يوم الجمعة سبب اختيار آخر النهار على أوله في النكاح وقال بعض العلماء: سمعت من يخبر عن اختيار الناس آخر النهار على أوّله في النّكاح، قال: ذهبوا إلى تأويل القرآن واتّباع السنّة في الفأل، لأن اللّ سمّى الليل في كتابه سكناً وجعل النهار نشوراً؛ وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الطيّرة: "أصدقها الفأل"؛ فأثر الناس استقبال الليل لعقدة النّكاح تيمّناً بما فيه من الهدوء والإجتماع، على صدر النهار لما فيه من التفرّق والإنتشار.
النكاح في شوال
قال: وأما كراهية الناس للنكاح في شوّال، فإن أهل الجاهليّة كانوا يطيّرون منه ويقولون: إنه يشول بالمرأة فعلقه الجهّال منهم، وأبطله اللّه بالنبي صلى اللّه عليه وسلم، لأنه نكح عائشة رضي اللّه عنها في شوّال.

خطب النكاح

من خطب خالد القسري في النكاح قال: حدّثني محمد بد داود قال: حدّثنا أبو غسّان مالك عبد الواحد عن معتمر عن خالد القسريّ قال - وكان جمع الخطب فكا يستحسن هذه ويذكرها -: ذكرتم أمراً حسناً جميلاً، وعد اللّه فيه الغني والسّعة، فلا خلف لموعود اللّه ولا رادّ لقضاء اللّه، إذا أراد جماع أمرٍ فلا فرقة له، وإذا أراد فرقة أمر فلا جماع له. عرضت كذا، فإذا قال: نعم. قال: قد نكحت.
لعمر بن عبد العزيز وخطب محمد بن الوليد "بن" عتبة إلى عمر بن عبد العزيز أخته؛ فقال: الحمد للّه العزّة والكبرياء وصلى اللّه على محمد خاتم الأنبياء. أما بعد، فقد حسن ظنّ من أودعك حرمته واختارك ولم يختره عليك؛ وقد زوّجناك على ما في كتاب اللّه: إمساكٌ بعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ.
لبلال الحبشي خطب بلالٌ على أخيه امرأةً من بني حسل من قريش فقال: نحن من قد عرفتم، كنّا عبدين فأعتقنا اللّه، وكنّا ضاليّن فهدانا اللّه، وفقيرين فأغنانا اللّه، وأنا أخطب على أخي خالدٍ فلانة، فإن تنكحوه فالحمد للّه، وإن تردوه فاللّه أكبر، فأقبل بغضهم على بعضٍ فقالوا: هو بلالٌ، وليس مثله يدفع، فزوّجوا أخاه. فلما نصرفا قال خالد لبلالٍ: يغفر اللّه لك! ألا ذكرت سوابقنا ومشاهدنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم! قال بلال: مه! صدقت فأنكحك الصّدق.
خطبة الحسن البصري كان الحسن البصريّ يقول في خطبة النّكاح بعد حمد اللّه والثناء عليه: أما بعد، فإن اللّه جمع بهذا النكاح الأرحام المتقطعة، والأسباب المتفرّقة، وجعل ذلك في سنّةٍ من دينه ومنهاج واضح من أمره؛ وقد خطب إليكم فلان وعليه من اللّه نعمة، وهو يبذل من الصّداق كذا، فاستخيروا اللّه وردّوا خيراً "يرحمكم اللّه".
للأصمعي في رجالات قريش قال الأصمعيّ: كان رجالات قريشٍ من العرب تستحبّ من الخاطب الإطالة، ومن المخطوب إليه الإيجاز.
لعمر بن عبد العزيز وأتى رجلٌ عمر بن عبد العزيز يخطب أخته، فتكلّم بكلام جاز الحفظ؛ فقال عمر: الحمد للّه ذي الكبرياء وصلى اللّه عللى خاتم الأنبياء؛ أما بعد، فإن الرّغبة منك دعت إلينا، والرغبة فيك أجابت منا؛ وقد زوّجناك على ما في كتاب اللّه: إمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ.
لسّوار القاضي العتبيّ قال: لما زوج شيبٌ ابنه سوّارٍ القاضي قلنا: اليوم يعبّ عبابه. فلمّا اجتمعوا فقال: الحمد للّه، وصلى اللّه على رسول اللّه. أما بعد، فإنّ المعرفة منا ومنكم وبنا وبكم تمنعنا من الإكثار، وإنّ فلاناً ذكر فلانة.
لابن الفقير العتبيّ قال: حدّثني رجل قال: حضرت ابن الفقير يخطب على نفسه امرأةً من باهلة فقال:

فما حسنٌ أن يمدح المرء نفسه

 

ولكن أخلاقاً تـذمّ وتـمـدح

"وإن فلانة ذكرت لي" لأبي عثمان يذكر إجابة خاطب قال: وحدّثني أبو عثمان قال: مررت بحاضر وقد اجتمع فيه، فسألت بعضهم: ما جمعهم؟ فقالوا: هذا سيّد الحيّ يريد أن يتزوّج منّا فتاةً. فوقفت أنظر، فتكلّم الشيخ فقال: الحمد للّه، وصلى اللّه على رسول اللّه، أما بعد ذلك، ففي غير ملالةٍ من ذكره والصلاة على رسوله؛ فإن اللّه جعل المناكحة التي رضيها فعلاً وأنزلها وحياً سبباً للمناسبة. وإن فلاناً ذكر فلانة وبذل لها من الصذداق كذا، وقد زوّجته إيّاها، وأوصيته اللّه لها. ثم قال للفتيان على رأسه: هاتوا نثاركم. فقلبي على رؤؤسنا غرائر التّمر.
خطبة أعرابي قال: وقال شبّة بن عقّال: ما تمنّيت أن لي بقليلٍ من كلامي كثيراً من كلام غيري إلا يوماً واحداً، فإنّا خرجنا مع صاحب لنا نريد أن زوّجه، فمررنا بأعرابيٍّ فأتبعنا، فتكلّم القوم فجاء بخطبةٍ فيها ذكر السموات والأرض والجبال؛ فلما فرغ قلنا: من يجيبه؟ قال الأعرابيّ: أنا.
فجثا لركبته ثم أقبل على القوم فقال: واللّه ما أدري ما تحتاطك وتلصاقك منذ اليوم! ثم قال: الحمد للّه ربّ العالمين وصلى اللّه على مجمدٍ خير المرسلين. أمّا بعد فقد توسّلت بحرمةٍ، وذكرت حقّاً وعظمت عظيماً، فحبلك موصول، وفرضك مقبول؛ وقد زوّجناها إيّاك وسلمّناها لك؛ هاتوا خبيصكم.
لسلم بن قتيبة قال ابن عائشة: زوّج سلم بن قتيبة ابنته من يعقوب بن الفضل فقال: الحمد للّه، قد ملكت باسم اللّه.
للمأمون حضر المأمون إملاكاً وهو أمير، فسأاله بعض من حضر أن يخطب، فقال: المحمود اللّه والمصطفى رسول اللّه، وخير ما عمل به كتاب اللّه؛ قال اللّه تعالى: "وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم" ولم يكن في المناكحة آيةٌ منزلّة ولا سنةٌ متبّعةٌ إلا ما جعل اللّه في ذلك من تألف البعيد وبرّ القريب، وليسلرع إليها الموّفق ويبادر إليها العاقل اللّبيب وفلانٌ من قد عرفتموه في نسب لم تجهلوه خطب إليكم فلانة فتاتكم وقد بذل لها من الصّداق كذا، فشفّعوا شافعنا وأنكحوا خاطبنا، وقولوا خيراً تحمدوا عليه وتؤجروا؛ أقول قولي هذا، وأستغفر اللّه لي ولكم.

وصايا الأولياء للنساء عند الهداء

لعامر بن الظرب العتبيّ قال: حدّثنا إبراهيم العامريّ قال: زوّج عامر بن الظّرب ابنته من ابن أخيه، فلما أراد تحويلها قال لأمّها: مري ابنتك ألاّ تنزل مفازةً إلا ومعها ماءٌ فإنه للأعلى جلاءٌ وللأسفل نقاء؛ ولا تكثر مضاجعته، فإنه إذا ملّ البدن ملّ القلب؛ ولا تمنعه شهوته، فإن الحظوة في الموافقة. فلم تلبث إلا شهراً حتى جاءته مشجوجةً؛ فقال لابن أخيه: يا بنيّ ارفع عصاك عن بكرتك، فإن كانت نفرت من غير أن تنفّر فذلك الداء الذي ليس له دواء، وإن لم يكن بينكما وفاقٌ، ففراق الخلع أحسن من الطلاق؛ ولن تترك مالك وأهلك. فردّ عليه صداقه وخلعها؛ فهو أوّل من خلع من العرب.
وصية الفرافصة الكلبي لابنته، ومثله للزبرقان قال الفرافصة الكلبيّ لابنته حين جهّزها إلى عثمان رضي اللّه عنه: يا بنيّة إنك تقدمين على نساء قريشٍ وهنّ أقدر على الطّيب منك، فلا تغلبي على خصلتين: الكحل والماء، تطهّري حتى يكون ريحك ريح شنّ أصابه المطر.
كان الزّبرقان بن بدر إذا زوّج ابنةً له دنا من خدرها وقال: أتسمعين؟ لا أعرّفنّ ما طلبت، كوني له أمةً يكن لك عبداً.
امرأة لابنتها أبو الحسن: قالت امرأةٌ لابنتها عند هدائها: اقلعي زجّ رمحه فإن أقرّ فاقلعي سنانه، فإن أقرّ فاكسري العظام بسيفه، فإن أقرّ فاقطعي اللّحم على ترسه، فإن أقرّ فضعي الإكاف على ظهره فإنما هو حمار.
وصية أبو الأسود الدؤلي لابنته قال أبو الأسود لابنته: إيّاك والغيرة فإنها مفتاح الطّلاق، وعليك بالزينة، وأزين الزينة الكحل؛ وعليك بالطّيب، وأطيب الطّيب إسباغ الوضوء؛ وكوني كما قلت لأمك في بعض الأحايين:

 

خذي العفو مني تستديمي مـودّتـي           ولا تنطقي في سورتي حي أغضب

فإني وجدت الحبّ في الصدر والأذى       إذا اجتمعتا لم يلبث الحـبّ يذهـب

 

باب سياسة الّنساء ومعاشرتهنّ

للنبي صلى الله عليه وسلم عيسى بن يونس قال: حدّثنا شيخٌ لنا قال: سمعت سمرة بن جندبٍ يقول على منبرٍ البصرة: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:"إنما المرأة خلقت من ضلع عوجاء فإن تحرص على إقامتها تكسرها فدارها تعش بها".
لبعض الشعراء وقال بعض الشعراء:

هي الضّلع العوجاء لست تقيمها

 

ألا إنّ تقويم الضلوع انكسارها

أتجمع ضعفاً واقتداراً على الفتى

 

ألبس عجيباً ضعفها واقتدارهـا

لعمر بن الخطاب رضي اللّه عنه عن الحسن قال: قال عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه: النساء عورةٌ فاستروها بالبيوت، وداووا ضعفهنّ بالسكوت.
وفي حديث آخر لعمر: لا تسكنوا نساءكم الغرف، ولا تعلّموهنّ الكتاب، واستعينوا عليهنّ بالعري، وأكثروا لهنّ من قول، فإنّ نعم تغريهنّ على المسألة.
من غيرة عقيل بن علفة قال الأصمعيّ: قيل لعقيل بن علّفة وكان غيوراً: من خلّفت في أهلك؟ فقال: الحافظين، العري والجوع. يعني أنه يجيعهنّ فلا يمزحن، ويعريهنّ فلا يمرحن.
شعر لكثير وقال كثيّر:

وكنت إذا ما جئت أجللن مجلسي

 

وأبدين منّي هيبةً لا تجهّـمـا

 

يحاذرن منّي غيرةً قد علمنها

 

قديماً فما يضحكن إلاّ تبسّمـا

تراهنّ إلاّ أن يؤدّين نـظـرةً

 

بمؤخر عينٍ أو يقلّبن معصما

كواظم لا ينطقن إلاّ محـورةً

 

رجيعة قول بعد أن تتفهّمـا

وكنّ إذا ما قلن شـيئاً يسـرّه

 

أسرّ الرّضا في نفسه وتحرّما

       

لابن المقفع في سياسة النساء وقال ابن المقفّع: إيّاك ومشاورة النساء، فإن رأيهنّ إلى أفنٍ، وعزمهنّ إلى وهنٍ. واكفف عليهنّ من أبصارهنّ بحجابك إيّاهنّ، فإنّ شدّة الحجاب، خيرٌ لك من الارتياب. وليس خروجهنّ بأشدّ من دخول من لا تثق به عليهنّ، فإن استطعت ألاّ يعرفن عليك فافعل. ولا تمّلكنّ امرأةً ما جاوز نفسها، فإن ذلك أنعم لحالها وأرخى لبالها؛ وأدوم لجمالها، وإنما المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فلا تعد بكرامتها نفسها، ولا تعطها أن تشفع عندك لغيرها. ولا تطل الخلوة مع النساء فيمللنك وتملّهنّ؛ واستبق من نفسك بقيّةً، فإنّ إمساكك عنهنّ وهنّ يردنك باقتدار، خير من أن يهجمن عليك على انكسار. وإيّاك والتغاير في غير موضع غيرة، فإنّ يدعو الصحيحة منهنّ إلى السّقم.
المأمون في الغيرة كان المأمون يقول: الغيرة بهيميّة. وقال أيضاً: هي ضرب من البخل.
شعر الخريمي في الغيرة أنشدني محمد بن عمر للخريميّ:

ما أحسن الغيرة في حينـهـا

 

وأقبح الغيرة في غير حـين

من لم يزل متهمـاً عـرسـه

 

متّبعاً فيها لقول الـظّـنـون

يوشك أن يغـريهـا بـالـذي

 

يخاف أن يبرزها للـعـيون

حسبك من تحصينها وضعهـا

 

منك إلى عرضٍ صحيح ودين

لا يطلعن منـك عـلـى ريبةٍ

 

فيتبع المقرون حبل القـرين

للشنفرى، ولآخرين وقال الشنفرى:

إذا أصبحت بين جبـال قـوٍّ

 

وبيضا القرى لم تحذرينـي

وإما أن تؤذينـي وتـرعـى

 

أمانتكم وإما أن تـخـونـي

إذا ما جئت ما أنهاك عـنـه

 

ولم أنكر عليك فطلّقـينـي

فأنت البعل يومئذٍ فقـومـي

 

بسوطك لا أبا لك فاضربيني

أنشدني عبد الرحمن عن عمه للرخيم العبدي:

كنا ولا تعصي الحليلة بعلـهـا

 

فاليوم تضربه إذا ما هو عصى

ويقلن بعداً للشـيوخ سـفـاهةً

 

والشيخ أجدر أن يهاب ويتقـى

وقال آخر:

وإني لأخلي للفتاة خـبـاءهـا

 

كثيراً فترعى نفسها أو تضيعها

وإني لعفٌّ عن مطاعـم جـمةٍ

 

إذا زيّن الفحشاء للنفس جوعها

قال جران العود:

ولكن سمعن الشيخ قد قال قـولةً

 

عليكم إذا ما ربنكم بالـضـرائر

ولا تأمنوا مكر النساء وأمسكـوا

 

عرى المال عن أبنائهن الأصاغر

فإنك لم ينذرك أمـراً تـخـافـه

 

إذا كنت منه جاهلاً مثل خابـر

لجعفر بن سليمان الأصمعيّ عن جعفر بن سليمان قال: منعني علمي بالنساء كثيراً منهن، فقد غشيت ألف امرأة. وإن الله لو يحلّ لرجل ابنته لم تنفعه أو تعزبه.
الحجاج ونسائه أبو الحسن قال: قيل للحجاج: أيمازح الأمير أهله؟ قال: ما تروي إلا شيطاناً! والله لربّما قبّلت أخمص إحداهنّ.
لرجل من العرب في حسن المعاشرة قيل لرجل من العرب كان يجمع الضرائر: كيف تقدر على جمعهن؟ قال: كان لنا شبابٌ يصابرهنّ علينا، ثم كان لنا مالٌ يصبّرهنّ لنا، ثم بقي خلق حسن، فنحن نتعاشر به ونتعايش.
للنبي صلى الله عليه وسلم عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: : "كلّ شيء يلهو به الرجل باطلٌ إلا تأديبه فرسه، ورميه عن قوسه، وملاعبته أهله".
في الأولاد والعيال ويقال: العيال سوس المال.
للكسائي في ترك التزوج عوتب الكسائي في ترك التزوج، فقال: وجدت مكابدة العزبة أيسر من مكابدة العيال.
لعمارة بن حمزة عن عمارة بن حمزة قال: يخبز في بيتي كلّ يومٍ ألف رغيفٍ، كلهم يأكله حلالاً غيري. وكان يأكل رغيفاً واحداً. ويقولون: فلانٌ ربّ البيت، وإنما هو كلب البيت.
لعيسى بن عليّ عن عيسى بن علي قال في مرضٍ مرضه بمدينة السلام للناس: إن في قصري الساعة لألف محمومةٍ.
للنبي صلى الله عليه وسلم في الإنفاق على الأهل
عن مجاهد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دينار أعطيته مسكيناً ودينار أعطيته في رقبةٍ ودينار أعطيته في سبيل الله ودينار أنفقته على أهلك هو أعظم أجراً".

محادثة النساء

لبشار في محادثة النساء قال بشار:

وحديثٍ كأنه قـطـع الـرو

 

ض وفيه الصفراء والبيضاء

مثله لابن الأعرابي وغيره وأنشد ابن الأعرابي:

وحديثها كالغيث يسمعـه

 

راعي سنين تتابعت جدبا

فأصلح مستمعاً لـدرّتـه

 

ويقول من فرحٍ هيا ربّا

وقال القطامي:

وهنّ ينبذن من قول يصبـن بـه

 

مواقع الماء م ذي الغلة، الصادي

وقال الأخطل:

قد تكون بها سلمى تحـدّثـنـي

 

تساقط الحلي حاجاتي وأسراري

شبه كلامها بعقدٍ انقطع فتساقط لؤلؤه.
وقال جران العود:

حديث لو أن اللحم يصلى بحـره

 

غريضاً أتى أصحابه وهو منضج

وقال بشّار وذكر امرأة: "كأن حديثها سكر الشّراب" وقال أعرابيّ:

ونازعتنا ضحياً خفيّاً كأنه

 

على المجتنى الريحان أمرغ خاضله

بوحي لو أن العصم تسمع رجعه

 

تقضّض من أعلى أبانٍ عواقـلـه

وقال بشار:

وكأنّ تحـت لـسـانـهـا

 

هاروت ينفث فيه سحـرا

وكأن رجـع حـديثـهـا

 

قطع الرّياض كسين زهرا

لأعرابي أحمق وقال بعض الأعراب الحمقى:

حديثك أشهى حين آتيك طارقاً

 

من الماء والدّوشاب يمتزجان

كأنّ على عينيك تسعين جـلّةً

 

كثيراً من االبرنيّ والصّرفان

آخر:

كأنّ على فيها وما ذقت طعمه

 

لبا نعجةٍ سوّطتـه بـدقـيق

رمتني بسهمٍ نصلـه قـرويةّ

 

وفوقاه سمنٌ والنضيّ سويق

لذي الرّمة والحسن في هذا قول ذي الرّمّة:

ولما تلاقينا جرت من عيونـنـا

 

دموعٌ كففنا ماءها بالأصـابـع

ونلنا سقاطاً من حـديث كـأنـه

 

جنى النحل مموزجاً بماء الوقائع

وقال آخر:

أنخ فاختبر قرصاً إذا اعترك الهوى

 

بزيتٍ لكي يكفيك فقد الحـبـائب

إذا اجتمع الجوع المبّرح والهـوى

 

نسيت وصال الغانيات الكواعـب

فدع عنك تطلاب الغواني وحبّهـا

 

وراجع تمـر مـع لـبـأ ورائب

باب النظر

للمسيح عليه السلام في النظر قال المسيح عليه السلام: لا يزني فرجك ما غضضت بصرك في الأحتفاظ من العين وقال رجلٌ لأخيه: احتفظ من العين، فإنها أنمّ عليك من اللسان وقال بشار:

على النفس من عينها شاهدٌ

 

فكاتم حـديثـك أونـمّـه

وقال الفرزدق:

فلا تدخل بيوت بني كليبٍ

 

ولا تقرب لهم أبداً رحالا

فإنّ بها لوامع مبـرقـاتٍ

 

يكدن ينكن بالحدق الرجالا

بين أشعب وابنه نظر أشعب يوماً إلى ابنه وهو يديم النظر إلى امرأة، فقال: يا بنيّ نظرك هذا يحبل.
لبعض الشعراء وقال بعض الشعراء في هذا المعنى:

ولي نظرةٌ لو كان يحبل ناظرٌ

 

بنظرته أثنى لقد حبلت منّي

ذو الرمة وقال ذو الرّمة - وذكر الظبية وخشفها - :

وتهجره إلاّ اختلاساً بطـرفـهـا

 

وكم من محبٍ رهبة العين هاجر

لأعرابية في بني نمير مرّت أعرابيّةٌ بقوم من بني نمير، فأداموا النظر إليها، فقالت: يا بني نمير، واللّه ما أخذتم بواحدةٍ من اثنتين: لا بقول اللّه: "قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم". ولا بقول جرير:

فغضّ الطّرف إنك من نميرٍ

 

فلا كعباً بلغت ولا كلابـا

فاستحيا القوم من كلامها وأطرقوا.
للطائي وقال الطائيّ:

مريب الحزن في القلوب

 

وناصر العزم في الذنوب

ما شئت من منطق أريبٍ

 

فيه ومن منظرٍ عجـيب

لمّا رأى رقبة الأعـادي

 

على مغنّى بـه كـئيب

جرّد لي من هواه طرفـاً

 

صار رقيباً على الرقيب

فصاحة الطرف ويقال: ربّ طرفٍ أفصح من لسانٍ.
وقال الشاعر:

ومراقبين يكتّمان هواهـمـا

 

جعلا الصدور لما تجنّ قبورا

 

يتلاحظان تلاحظاً فكأنـمـا

 

يتناسخان من الجفون سطورا

       

وقال أعرابيّ:

إن كاتمونا القلى نمّـت عـيونهـم                  والعين تظهر ما في القلب أو تصف

 

 

وقال آخر في مثله:

إذا القلوب أظهرت غير ما

 

تضمره أنبتك عنها العيون

وقال آخر:

أما تبصر في عينيّ

 

عنوان الذي أبدي

وقالت أعرابيةّ:

ومودّع يوم الفراق بلحظـه

 

شرقٍ من العبرات ما يتكلّم

وقال أعرابيّ:

وما خاطبتها مقلتاي بنـظـرةٍ

 

فتفهم نجوانا العيون النواظر

ولكن جعلت الوهم بيني وبينها

 

رسولاً فأدّى ما تجنّ الضمائر

ونحوه قول أبي العتاهيّة:

أما والذي لو شاء لم يخلق النوى

 

لئن غبت عن عيني لما غبت عن قلبي

يوهّمنيك الشوق حتّى كأنني

 

أناجيك عن قربٍ وما أنت في قربي

وقال أحمد بن صالح بن أبي فنن:

دعا طرفه فأقبل مـسـرعـاً

 

فأثّر في خدّيه فاقتصّ من قلبي

شكوت إليه ما ألاقي من الهوى

 

فقال على رغمٍ فتنت فما ذنبي

في أربع لا يشبعن من أربع كان يقال: أربعٌ لا يشبعن من أربع: عينٌ من نظر، واثنى من ذكر، وأرضٌ من مطر، وأذنٌ من خبر.
بين إسحاق بن أحمد ورجل حدّثني إسحاق بن أحمد بن أبي نهيك قال: رأيت رجلاً في طريق مكة وعديله جاريةٌ في المحمل وقد شدّ عينيها وكشف الغطاء؛ فقلت له في ذلك؛ فقال: إنما أخاف عليها عينيها لا عيون الناس.
وكان عند بعض القرشّيين امرأةٌ عربيّةٌ، ودخل عليها خصيّ لزوجها وهي واضعةٌ خمارها، فحلقت رأسها وقالت: ما كان ليصحبني شعرٌ نظر إليه غير ذي محرمٍ.

باب القيان والعيدان والغناء

بين جعفريّ وجارية يهواها قال إسحاق بن إبراهيم: كان رجلٌ من آل جعفر بن أبي طالب، يهوى جاريةً، فطال ذلك به، فقال للزّبيريّ: قد شغلتني هذه عن ضيعتي وعن كل أمري فاذهب بنا حتى نكاشفها، فقد وجدت بعض السّلوّ. فأتيناها؛ فلما أتيناها قال لها الجعفريّ أتغنيّن:

وكنت أحبّكم فسلوت عنكم

 

عليكم في دياركم السلام

فقالت: لا، ولكني أغنّي:

تحمّل أهلها منها فبـانـوا

 

على آثار من ذهب العفاء

فاستحيا وأطرق ساعةً وازداد كحلفاً، ثم قال: أتغنيّن:

وأخنع للعتبى إذا كنت ظالمـاً

 

وإن ظلمت كنت الذي أتنصّل

قالت: نعم، وأغنيّ:

فإن تقبلوا بالودّ نقبل بمـثـلـه

 

وإن تدبروا أدبر على حال باليا

فتقاطعا في بيتين، وتواصلا في بيتين، ولم يشعر بهما أحدٌ.
وقال أحمد بن صالح بن أبي فنن:

أعددت للحرب شرب كأسٍ

 

وميل سمـعٍ إلـى قـيان

تظلّ أوتارهنّ تـحـكـي

 

فصاحةً منطق اللـسـان

ما بين يمنى وبين يسـرى

 

وحي بنانٍ إلـى بـنـان

ضمير قلب بقـرع كـفٍّ

 

أبداه بمّـان نـاطـقـان

لبعض الكتاب في العود وقال بعض الكتّاب وذكر العود:

وناطق بلسان لا ضـمـير لـه

 

كأنه فخذٌ نيطـت إلـى قـدم

يبدي ضمير سواه في الكلام كما

 

يبدي ضمير سواه منطقٌ لفـم

لشاعر يذكر مغنية وقال آخر يذكر مغنيّة:

ألم ترها لا يبعـد الـلّـه دارهـا

 

إذا رجّعت في صوتها كيف تصنع

تمدّ نـظـام الـقـول ثـم تـردّه

 

إلى صلصل في حلقها يتـرجّـع

شعر في القيان وقال بعض المحدثين في القيان:

إذا رأين الـقـيان أحـمـــق ذا

مالٍ يقلّبـن نـحـوه الـحـدقـا

وبالتـغـنّـي وبـالـتـدلّـل يس

لبن فـؤاداً بـحـبّـه عـلـقـا

حتى إذا ما سـلـخـن جـلـدتـه

سلخـاً رفـيقـاً وبـدّد الـورقـا

قلن ادخلوا، ذا الطّوير قد طرح الرّ

يش، وشدّوا من دونه الـغـلـقـا

فبتـن يرعـين فـي دراهـمـه

وبات يرعى الهـمـوم والأرقـا

للقاسم بن محمد في الغناء
ذكر عند القاسم بن محمد الغناء والسّلو عنه، فقال لهم: أخبروني، إذا ميّز أهل الحقّ وأهل الباطل ففي أيّ الفريقين يكون الغناء؟ قالوا: في فريق الباطل. قال: فلا حاجة لي فيه.
بين سكينة بنت الحسين والغريض ومعبد قدمت سكينة بنت الحسين مكة، فأتاها الغريض ومعبد فغنياها:

عوجي علينا ربّة الهودج

 

إنك إن لم تفعلي تحرجي

فقالت: والله ما لكما مثلٌ: إلا الجديين الحار والبارد لا يدرى أيها أطيب.
في إجادة الغناء والإساءة فيه قال بعضهم: ليس يخلو أحدٌ في بيته ولا في سفره إلا وهو يشدو، فإن هو أساء في ذلك ستر الله عليه، وإن هو أحسن فضحه الله.
لشريح قال الهيثم: خرج شريحٌ إلى مكة فشيّعه قوم، فانصرف بعضهم من النجف بعد السفرة، ومضى معه قوم، فلما أرادوا أن يودعوه، قال: أما أصحاب النجف فقد قضينا حقّهم بالطعام، وأما أنتم فأغنّيكم، ورفع عقيرته وغنّى:

إذا زينب زارها أهـلـهـا

حشدت وأكرمت زوّارهـا

وإن هي زارتهم زرتـهـا

وإن لم يكن لي هوىً دارها

خبر القاص بمرو عن عليّ بن هشام قال: كان عندنا بمرو قاصٌّ يقصّ فيبكينا، ثم يخرج بعد ذلك طنبوراً صغيراً من كمّه فيضرب ويغني ويقول:

يا إين تيمار بايد أندكي شادي

معناه: ينبغي مع هذا الغم قليل فرحٍ.
ابن عيينة ومجيب له عن ابن جامع قدم ابن جامع مكة بخيرٍ كثير، فقال ابن عيينة: علام تعطيه الملوك هذه الأموال ويحبونه هذا الحباء؟ قالوا: يغنيهم. قال: ما يقول؟ فاندفع رجل يحكيه وقال:

أطوّف بالبيت فيمن يطوف

 

وأارفع من مئزري المسبل

قال: أحسنت، هيه! فقال:

وأسجد بالليل حتى الصبـا

ح أتلو من المحكم المنزل

فقال: جزاه الله عن نفسه خيراً! هيه! فقال:

عسى كاشف الكرب عن يوسفٍ

 

يسخر لي ربّة الـمـحـمـل

فقال: آه! أمسك أمسك، قد علمت ما نحا الخبيث، اللهم لا تسخرها له!.

التقبيل

من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن أسد قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اختلى مع نسائه أقعى وقبّل.
بين أم البنين وعزّة قالت أمّ البنين لعزّة صاحبة كثير: أخبريني عن قول كثير:

قضى كلّ ذي دينٍ فوفّى غريمه

 

وعزّة ممطولٌ مغنّى غريمهـا

أخبريني ما ذلك الدّين؟ قالت: وعدته قبلةً فحرجت منها. قالت أم البنين: أنجزيها وعليّ إثمها.
بين رجل وأعرابي في معنى الزنا قال رجل لأعرابيّ: ما الزنا عندكم؟ قال: القبلة والضّمة. قال: ليس هذا زنا عندنا. قال فما هو؟ قال: أن يجلس بين شعبها الأربع ثم يجهد نفسه. فقال الأعرابي: ليس هذا زنا، هذا طالب ولد.
لبعض الشعراء في التقبيل وقال" آخر" :

فدخلت مختفياً أصرّ بـبـيتـهـا

حتى ولجت على خفيّ المولـج

قالت وعيش أخي ونعمة والـدي

لأنبّهنّ الحيّ إن لـم تـخـرج

فخرجت خيفة قولها فتبسـمـت

فعلمت أن يمينها لـم تـحـرج

فلثمت فاها قابضاً بقـرونـهـا

شرب النزيف ببرد ماء الحشرج

فتناولت رأسي لتعرف مـسـه

بمخضّب الأطراف غير مشنـج

وقال بعض الشعراء:

وما نلت منها محرماً غير أنني

 

أقبّل بساماً من الثغر أبلـجـا

وألثم فاها تارةً بـعـد تـارةٍ

 

وأترك حاجات النفوس تحرّجا

وقال آخر:

لعمري إني ما صبوت وما صبت

وإنّي إليها من صبـاً لـحـلـيم

سوى قبلةٍ أستغفر الله ذنـبـهـا

وأطعم مسكيناً بـهـا وأصـوم

لأبي نواس وقال أبو نواس:

وعاشقين التفّ خدّاهمـا

عند التثام الحجر الأسود

فاشتفيا من غير أن يأثما

كأنما كانا على موعـد

لولا دفاع الناس إيّاهمـا

لما استفاقا آخر المسند

بين المتوكل وبختيشوع قال المتوكل، أو غيره من الخلفاء، لبختيشوع: ما أخفّ النقل على النبيذ؟ فقال له: نقل أبي نواس. فقال: ما هو؟ فأنشده:

ما لي في الناس كلهم مثل

 

مائي خمرٌ ونفلي القبـل

وقال بعض المحدثين:

غضبت من قبلةٍ بالكره وجدت بها

فهاك قد جئت فاقتصيه أضعافـا

 

لم يأمر الله إلا بالقصاص فلا

تستجوري ما رآه الله إنصافا

     

الدخول بالنساء والجماع

ابن عباس والمتعة عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: ما تقول في متعة النساء؟ - قال: قد أكثر الناس فيها حتى الشاعر:

قد قلت للشيخ لما طال مجـلـسـه

يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس

هل لك في رخصة الأطراف آنـسةٍ

تكون مثواي حتى رجعة الـنـاس

- قال: فنهاني عنها وكرهها.
للأصمعي الأصمعي: أن رجلاً قعد من امرأة مقعد النكاح ثم قال: أبكرٌ أنت أم ثيّب؟ قالت: "وأنت على المجرّب".
بين الحجاج وابن شماخ قال الحجاج لأكتل بن شمّاخ العكلي: ما عندك للنساء؟ قال: إني لأطيل الظمأ وأورد فلا أشرب.
لمدني في النكاح وقيل لمدني: ما عندك في النكاح؟ قال: إن منعت غضبت، وإن تركت عجزت.
للأحنف قال الأحنف: إذا أردتم الحظوة عند النساء فأفحشوا في النكاح وحسنوا الأخلاق.
لمعاوية قال معاوية: ما رأيت منهوماً بالسناء إلا رأيت ذلك في منّته.
قال آخر: لذة المرأة على قدر شهوتها، وغيرتها على قدر محبتها.
لعيسى بن موسى دعا عيسى بن موسى بجاريةٍ له، فلم يقدر على غشيانها، فقال:

 

القلب يطمع والأسباب عاجـزةٌ     والنفس تهلك بين العجز والطمع

 

مقاتل بن طلبة قال مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم:

رأيت سحيماً فاقد الله بينها      تنيك بأيديها وتعيا أيورها

 

وقال آخر:

ويبعث يوم الحشر أما لسانه

فعيٌّ وأما أيره فخطـيب

وقال آخر:

ويعجبني منك عند الجماع

حياة اللسان وموت النظر

لامرأة في الحارث بن ظالم المدائني قال: أسرت عنزة الحارث بن ظالم، فمرت به امرأةٌ منهم فرأت كمرةً سوداء، فقالت: احتفظوا بأسيركم فإنه ملكٌ وخدن ملك. قالوا: وكيف عرفت ذلك؟ "قالت:" رأيت حشفةً سوداء من فروم النساء.
والفرم: ما تضيّق المرأة به رحمها م رامكٍ أو عجم زبيب أو غيره.
وكتب عبد الملك ب مروان إلى الحجاج: يابن المستفرمة بعجم الزبيب.
بين امرئ القيس وامرأة قال الهيثم: كان امرؤ القيس مفرّكاً، فبينما هو يوماً مع امرأة قالت له: قم يا خير الفتيان قد أصبحت. فلم يقم، فكررت عليه، فقام فوجد الليل بحاله، فرجع إليها فقال لها: ما حملك على ما صنعت؟ قالت: حملني عليه أنّك ثقيل الصدرن خفيف العجز، سريع الإراقة.
بين أبي عبيدة وجارية له قال أبو عبيدة لجاريةٍ له: اصدقيني عمّا تكره النساء مني. قالت: يكرهن منك "أنك" إذا عرقت فحت بريح كلبٍ. قال: أنت صدقتيني، إن أهلي كاوا أرضعوني بلبن كلبةٍ.
بين رجل وامرأته قال الأصمعي: غاضبت امرأة زوجها، فجال عليها يجامعها؛ فقالت: لعنك الله! كلما وقع بيني وبينك شرٌّ جئتني بشفيعٍ لا أقدر على ردّه!.
زواج عبيد الله بن زياد بهند بنت أسماء بن خارجة الهيثم عن ابن عيّاش قال: كتب عبيد الله بن زياد إلى أسماء بن خارجة ووالي البصرة يخطب إليه هند بنت أسماء فزوّجه؛ فلقيه عمرو بن حارثة ومحمد بن الأشعث بن قيس ومحمد بن عمير، فقالوا: خطب إليك وليس له عليك سلطانٌ فزوجته وقد عرفته! فقال: قد كان ما كان. فقال عقيبة الأسديّ:

جزاك الله يا أسمـاء خـيراً

كما أرضت فيشلة الأمـير

بصدرعٍ قد يفوح المسك منه

عظيم مثل كركرة البـعـير

لقد زوجتها حسنـاء بـكـراً

تجيد الرهز من فوق السرير

فبلغ الخبر عبيد الله بن زياد، فلما استعمل على الكوفة تزوج عاشة بنت محمد بن الأشعث، وزوّج أخاه سلم بن زيادٍ بنت عمرو بن الحارث بن حريثٍ، وزوّج أخاه عبد الله بن زيادٍ ابنة محمد بن عميرٍ. قال ابن عيّاش: فاشتركوا والله في اللوم جميعاً.
لابن المبارك
قال ابن المبارك: ألستم تعلمون أنّي قد أرميت على المائة! وينبغي لمن كان كذلك أن يكون في وهن الكرّة وموت الشّهوة وانقطاع ينبوع النّطفة، وأن قد يكون قد مال جبينه إلى النساء وبفكره إلى الغزل. قالوا: صدقت. قال: وينبغي أن يكون عوّد نفسه تركهن، وهذا والتخلي بهّ دهراً أن تكون العادة وتمرين الطبيعة وتوطين النفس قد حطّ من ثقل منازعة الشهوة ودواعي الباه، وقد علمت أنّ العادة قد تستحكم ببعضٍ عمن ترك ملابسة النساء. قالوا: صدقت. قال: وينبغي أن يكون لمن لم يذق طعم الخلوة بهنّ ولم يجالسهنّ متبذّلاتٍ ولم يسمع خلابتهن للقلوب واستمالتهن للأهواء، ولم يرهنّ متكشّفاتٍ ولا عارياتٍ أن يكون إذا تقدّم له ذلك مع طول الترك ألاّ يكون بقي معه من دواعيهنّ شيء. قالوا: صدقت. قال: وينبغي لمن علم أنّه مجبوبٌ وأن سببه إلى خلاطهن محسوم أن يكون اليأس من أمتن أسبابه إلى الزهد والسّلوة وإلى موت الخاطر. قالوا: صدقت. قال: وينبغي لمن دعاه الزّهد في الدنيا إلى أن خصى نفسه ولم يكرهه على ذلك أبٌ ولا عدوٌّ ولا سباه ساب أن يكون مقدار ذلك الزّهد يميت الذكر وينسي العزم. قالوا: صدقت. قال: وينبغي لمن سخت نفسه عن الشكر وعن الولد وعن أن يكون مذكوراً بالعاقب الصالح أن يكون قد نسي هذا الباب إن كان مرّةً منه على ذكره، وأنتم تعلمون أني سملت عيني يوم خصيت نفسي "و" قد نسيت كيفية الصّور. قالوا: صدقت. قال: أوليس لو لم أكن هرماً ولم يكن هاهنا اجتناب وكانت الآلة قائمة - إلا أني لم أذق لحماً منذ ثلاثين سنة ولم تمتلىء عروقي من الشّراب مخافة الزيادة في الشّهوة - لكان في ذلك ما يقطع الدواعي ويسكّن حركةً إن هاجت. قالوا: صدقت. قال: فإن بعد ما وصفت لكم لا أسمع نغمةً لامرأة إلا أظن أنّ عقلي قد اختلس، ولربّما تراءى فؤادي عن ضحك إحداهن حتى أظنّ أنه قد خرج من فمي، فكيف ألوم عليهنّ غيري!.
"بين ابن سيرين ورجل" قال رجل لابن سيرين: إذا خلوت بأهلي أتكلّم بكلام أستحي منه. قال: أفحشته اللّذة.
للموصلي في شراعة بن الزندبوذ إسحاق بن إبراهيم الموصليّ قال: كان شراعة بن الزّندبوذ لا يأتي النساء، وكان يقال: إنه عنّينٌ؛ فقال:

قالوا شراعة عنّين فقلت لـهـم

 

اللّه يعلم أنّـي غـير عـنّـين

فإن ظننتم بي الظنّ الذي زعموا

 

فقرّبوني إلى بيت ابن رامـين

وكان ابن رامين صاحب قيانٍ، وكانت الزرقاء جاريته.
بين إسحاق وابن كناسة قال إسحاق: أنشدني ابن كناسة:

لقد كان فيها للأمانة موضعٌ

 

وللسّرّ كتمانٌ وللعين منظر

قلت: ما بقي شيء. قال: فأين الموافقة!.
بين الهيثم وصالح بن حسان في أفقه الناس الهيثم قال: قال لي صالح بن حسّان: من أفقه الناس؟ قلت: اختلف في ذلك. قال: أفقه الناس وضّاح اليمن حيث يقول:

إذا قلت هاتي نوّليني تبـسّـمـت

وقالت معاذ اللّه من فعل ما حرم

فما ناولت حتى تضرّعت عندهـا

وأنبأتها ما رخّص اللّهفي اللّمـم

بين هشام والأبرش في نساء كلب قال هشام بن عبد الملك للأبرش الكلبيّ: زوّجني امرأة من كلب. فزوّجه؛ فقال له ذات يوم يهزل معه: وتزوّجنا إلى كلب فوجدنا في نسائهم سعة. فقال الأبرش: يا أمير المؤمنين، إن نساء كلبٍ خلقن لرجال كلبٍ.
لكندي في نساء كندة قال: وسمع رجلٌ من كندة رجلاً يقول: وجدنا في نساء كندة سعةً؛ قال الكنديّ: إن نساء كندة مكاحل فقدت مراودها.
بين أعرابي وامرأته تزوّج أعرابيّ امرأةً، فلما دخل بها عابثها فضرطت فخرجت غضبي إلى أهلها، وقالت: لا أرجع حتى يفعل مثل ما فعلت؛ فقال لها: عودي لأفعل. فعادت ففعل؛ فبينما هو يداعبها إذ حبقت أخرى؛ فقال الأعرابي:

طالبتني ديناً فلـم أقـضـك

 

واللّه حتى زدت في قرضك

فلا تلوميني على مـطـلـه

 

إن كان ذا دأبك لم أقضـك

لأعرابية عجز عنها زوجها تزوّج رجلٌ أعرابيّة فعجز عنها؛ فقيل لها في ذلك، فقالت: نحن لنا صدوع في صفاً، ليس لعاجزٍ فينا حظّ.
أبو سفيان بن حرب يذكر زوجته صعبة بعدما طلقها  
الهيثم عن ابن عياش قال: كانت صعبة أمّ طلحة بن عبيد اللّه من بنات فارس، تزوّجها أبو سفيان بن حربٍ فلم تزل به هندٌ حتى طلّقها، فتزوّج بها عبيد اللّه؛ وتتبّعتها نفس أبي سفيان فقال:

إنا وصعـبة فـيمـا تـرى

 

بعـيدان والـودّ قــريب

فإلاّ يكن نـسـبٌ ثـاقـبٌ

 

فعند الفتاة جمـالٌ وطـيب

لها عند سرّي بها نـخـرةٌ

 

يزول بها يذبلٌ أو عسـيب

فيا لقصيٍّ ألا فاعـجـبـوا

 

فللوبر صار الغزال الربيب

لأعرابية جلس أعرابيٌ إلى أعرابيّةٍ، وعلمت أنه إنما جلس إليها لينظر ابنتها، فضربت بيدها على جنبها وقالت:

وما لك منها غير أنك ناكحٌ

 

بعينيك عينيها فهل ذاك نافع

لأيمن بن خريم وقال أيمن بن خريم:

لقيت من الغانيات العـجـابـا

 

لو ادرك منّي العذارى الشّبابا

ولكنّ جمع العذارى الحسـان

 

عناء شديد إذا المـرء شـابـا

يرضن بكـل عـصـا رائضٍ

 

ويصبحن كلّ غداةٍ صعـابـا

علام يكحلنّ حـور الـعـيون

 

ويحدثن بعد الخضاب الخضابا

ويبرزن إلا لما تـعـلـمـون

 

فلا تحرموا الغانيات الضّرايا

إذا لم يخالطـن كـلّ الـخـلا

 

ط أصبحن مخرنطماتٍ غضابا

يميت العتاب خلاط النـسـاء

 

ويحيي اجتناب الخلاط العتابـا

العرجيّ في يوم غاب عذّاله واعد العرجيّ امرأة من الطائف فجاء على حمار ومعه غلام، وجاءت المرأة على أتان ومعها جارية؛ فوثب العرجيّ على المرأة، والغلام على الجارية، والحمار على الأتان؛ فقال العرجيّ: هذا يومٌ غاب عذّاله.

باب القيادة

لعائشة رضي اللّه عنها عن الواصلة عن ابن الأشوع: أنه سئل عن الواصلة فقال: إنك لمنقّر، قالت عائشة رضي اللّه عنها: ليست الواصلة بالتي تعنون، وما بأسٌ إذا كانت المرأة زعراء أن تصل شعرها، ولكن الواصلة أن تكون بغيّاً في شبيبتها، فإذا أسنت وصلته بالقيادة.
خبر ظلمة القوادة قالوا: كانت ظلمة التي يضرب بها المثل في القيادة صبيةً في الكتّاب، فكانت تضرب دويّ الصبيان وأقلامهم، فلما شبت زنت، فلما أسنت قادت، فلما قعدت اشترت تيساً تنزّيه على العنز.
للمدائني وذكر المدائنيّ: أنّ رجلاً من السلطان كان لا يزال يأخذ قوّادة فيحبسها ثم يأتيه من يشفع فيها فيخرجها؛ فأمر صاحب شرطته فكتب في قصّتها: فلانة القوّادة تجمع بين الرجال والنساء لا يتكلّم فيها إلا زانٍ؛ فكان إذا كلّم فيها قال: أخرجوا قصّتها، فإذا قرئت قام الشفيع مستحيياً.
شعر لجران العود وقال جران العود:

يبلّغهنّ الحـاج كـلّ مـكـاتـب

 

طويل العصا أو مقعدٍ يتـزّحـف

ومكمونةٍ رمداء لا يحـذرونـهـا

 

مكاتبةٍ ترمي الكلاب وتـحـذف

رأت ورقاً بيضاً فشدّت حزيمهـا

 

لها فهي أمضى من سليكٍ وألطف

للفرزدق وقال الفرزدق:

يبلّغهنّ وحي القول منّـي

 

ويدخل رأسه تحت القرام

لحميد بن ثور وقال حميد بن ثور:

خليليّ إني أشتكي ما أصـابـنـي

 

لتستيقنا ما قد لقيت وتـعـلـمـا

 

فلا تفشيا سرّي ولا تـخـذلا أخـاً

 

أبثّكما منه الحديث المـكـتـمّـا

 

وقولا إذا جاوزتما أرض عـامـرٍ

 

وجاوزتما الحيّين نهداً وخثعـمـا

 

نزيعان من جرم بن ربّـان إنـهـم

 

أبوا أن يريقوا في الهزاهز محجما

 

وخبّا على نضوين مكتفـلـيهـما

 

ولا تحملا إلا زنـاداً وأسـهـمـا

 

وزاداً غريضاً خفّفاه عـلـيكـمـا

 

ولا تبديان سرّاً ولا تحمـلا دمـا

 

وإن كان ليلٌ فالويا نسـبـيكـمـا

 

وإن خفتما أن تعرفا فتـلّـثـمـا

 

وقولا خرجنا تاجرين فـأبطأت

 

ركابٌ تركناها بثـلـيث قـوّمـا

 

ولو قد أتانـا بـزّنـا ودقـيقـنـا

 

تموّل منكم من رأيناه مـعـدمـا

 

ومدّا لهم في السّوم حتى تمكّـنا

 

ولا تستلجّا صفق بيع فـيلـزمـا

 

فإن أنتما اطمأننتما فأمـنـتما

 

وخلّيتما ما شئتمـا فـتـكـلّـمـا

 

وقولا لها ما تأمرين بصاحبٍ

 

لنا قد تركت القلب منه متيّما

أبيني لنا إنّا رحلنا مـطـيّنـا

 

إليك وما نرجوك إلا توهّما

     

المأمون لرسول بعث به وقال المأمون لرسول بعث به:

بعثتك مرتاداً ففـزت بـنـظـرة

 

وأخلفتني حتى أسأت بك الظّـنـا

وناجيت من أهوى وكنت مقـرّبـاً

 

فيا ليت شعري عن دنوّك ما أغنى

وردّدت طرفاً في مجالس وجههـا

 

ومتّعت باستسماع نغمتـهـا أذنـا

أرى أثراً منها بعينـيك لـم يكـن

 

لقد سرقت عيناك من وجهها حسنا

وقال بعض المحدثين:

يا سوء منقلب الرّسـو

ل مخبراً بخلاف ظنيّ

إنّي أعـيذك أن تـكـو

ن شغلتني وشغلت عنّي

شعر زيد بن عمرو في أمته وقال زيد بن عمرو في أمته:

إذا طمثت قادت وإن طهرت زنت

 

فهي أبداً يزني بـهـا وتـقـود

باب الزنا والفسوق

العتبي، قال: قيل لرجل في امرأته وكانت لا ترّد يد لامسٍ: علام تحسبها مع ما تعرف منها؟ فقال: إنها جميلة فلا تفرك وأمّ عيال فلا تترك.
لبعض الأعراب وقال بعض الأعراب:

ألمّا على دارٍ لواسـعة الـحـبـل

ألوفٍ تسوّي صالح القوم بالـرّذل

يبيت بها الحدّاث حتـى كـأنـمّـا

يبيتون فيها من مدافع من نـخـل

ولو شهدت حجّاج مكة كـلّـهـم

لراحوا وكلّ القوم منها على وصل

بين الفرزدق وسليمان بن عبد الملك أنشد الفرزدق لسليمان بن عبد الملك القصيدة التي تقول فيها:

ثلاثٌ واثنتان فـهـنّ خـمـسٌ

 

وسادسة تمـيل إلـى شـمـام

فبتن بجانبـي مـصـرعـات

 

وبتّ أفضّ أغلاق الـخـتـام

كأن مفالق الـرّمـان فـيهـا

 

وجمر غضّى قعدن عليه حامي

فقال سليمان: أحللت نفسك يا فرزدق: أقررت عندي بالزنا وأنا إمامٌ، ولا بدّ لي من إقامة الحدّ عليك فقال: بم أوجبت ذلك عليّ يا أمير المؤمنين، فقال: بكتاب اللّه قال: فإن كتاب اللّه يدرأ عنيّ، قال اللّه جلّ ثناؤه: "والشعراء يتبّعهم الغاوون ألم تر أنهّم في كلّ وادٍ يهيمون. وأنهّم ماالا يفعلون" فإنا قلت ما لم أفعل.
أبو الطمحان القيني وليلة الدير قيل لأبي الطّمحان القينيّ: خبّرنا عن أدنى ذنوبك. قال: ليلة الدير. قالوا: وما ليلة الدير؟ قال: نزلت على ديرانيةّ فأكلت طفيشلاً لها بلحم الخنزيرٍ، وشربت من خمرها وزينت بها وسرقت كساءها ومضيت شعر لعمر بن أبي ربيعة وقال عمر بن أبي ربيعة:

يقصد الناس للطواف احتسابـاً

 

وذنوبي مجموعةٌ في الطواف

لجرير في الفرزدق وقال جريرٌ في الفرزدق:

لقد ولدت أمّ الفرزدق فـاجـراً

فجاءت بوزوازٍ قصير القـوائم

يوصّل حبلـيه إذا جـنّ لـيلـه

ليرقى إلى جاراته بالـسّـلالـم

وما كان جارٌ للفرزدق مسـلـمٌ

ليأمن قرداً لـيلـه غـير نـائم

أتيت حدود اللّه إذ كنت يافـعـاً

وشبت فما ينهاك شيب اللّهـازم

تتبّع في الماخـور كـلّ مـريبةٍ

ولست بأهل المحصنات الكرائم

هو الرجس يأهل المدينة فاحذروا

مداخل رجسٍ بالخبيثات عـالـم

لقد كان إخراج الفرزدق عنكـم

طهوراً لما بين المصلّى وواقـم

تدلّيت تزني من ثمـانـين قـامة

وقصّرت عن باع العلا والمكارم

لإسماعيل بن غزوان في امرأة العزيز وقال عمرو بن بحر: قرأ قارىء "قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقّ" إلى قوله تعالى: "ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب"، قال إسماعيل بن غزوان: لا واللّه ما سمعت بأغزل من هذه الفاسقة.
وسمع بكثرة مراودتها يوسف عنها فقال إسماعيل: أما واللّه بي تمرست.
لأعرابيّ بات ضيفاً على حضريّ بات أعرابيّ ضيفاً لبعض الحضر فرأى امرأةً فهمّ أن يخالف إليها في أولّ الليل فمنعه الكلب ثم أراد ذلك نصف الليل فمنعه ضوء القمر ثم أراد ذلك في السّحر فإذا عجوزٌ قائمة تصلّي، فقال:

لم يخلق اللّه شيئاً كنت أكـرهـه

 

غير العجوز وغير الكلب والقمر

 

هذا نبوحٌ وهذا يستضاء به

 

وهذه شيخةٌ قوامة السحر

     

عمر بن أبي ربيعة وامرأة من كلب في موسم الحج المنصور عن أبيه محمد بن عليّ، قال: حججت فرأيت امرأةً من كلبٍ شريفةً قد حجّت فرأها عمر بن أبي ربيعة فجعل يكلّمها ويتبعها كلّ يومٍ، فقالت لزوجها ذات يوم: إني أحبّ أن أتوكأ عليك إذا رحت إلى المسجد. فراحت متوكئة على زوجها فلما أبصرها عمو ولّى فقال: على رسلك يا فتى:

تعدو الذئاب على من لا كلاب له

 

وتتّقي مربض المستأسدة الحامي

بين أبي ذؤيب وخالد بن زهير الرّياشي قال: كان أبو ذؤيب يهوى امرأة من قومه، وكان رسوله إليها رجلاً يقال له: خالد بن زهير، فخانه فيها، فقال أبو ذؤيب:

تريدين كيما تجمعـينـي وخـالـداً

 

وهل يجمع السّيفان ويحك في غمد

أخالد ما راعـيت مـنّـي قـرابةً

 

فتحفظني بالغيب أو بعض ما تبدي

وكان أبو ذؤيب خان فيها ابن عمّ له يقال له: مالك بن عويمر، فأجابه خالدٌ:

ولا تعجبن من سيرةٍ أنت سرتها

 

وأوّل راض سنّةً من يسيرهـا

ألم تتنقّذها من ابـن عـويمـرٍ

 

وأنت صفيّ نفسه ووزيرهـا

سألت امرأةٌ زوجها الحجّ فأذن لها وبعث معها أخاه، فلما انصرفا عنه سأله عنها، فقال:

وما علمت لها عيباً أخـبّـره

 

إلا اتّهامي فيها صاحب الإبل

كنا نهاراً إذا ما السّير جدّ بنا

 

يغيّران وما بالرحل من مثل

ويخلفون كثيراً في منازلـنـا

 

فلا نزال نرى آثار مغتسـل

فاللّه أعلم ما كانت سرائرهم

 

واللّه أعلم بالنيّات والعمـل

بين الفرزدق ورجل قال رجلٌ للفرزدق: متى عهدك يا أبا فراسٍ بالزّنا؟ فقال: مذ ماتت العجوز.
لقيط في سوق يحيى ببغداد رمي ببغداد في سوق يحيى قمطرةٌ فيها صبيٌ وتحته مضرّبات حرير، وعند رأسه كيسٌ فيه مائة دينار ورقعةٌ فيها: هذا الشقيّ ابن الشقيّة، ابن السّكباح والقليّة، ابن القدح والرّطلية؛ رحم اللّه من اشترى له بهذا الذهب جاريةً تربيه؛ وفي آخر الرّقعة: هذا جزاء من عضل ابنته.
أعرابي يذكر ماجناً ذكر أعرابيّ رجلاً ماجناً فقال: لو أبصرت فلاناً العيدان لتحّركت أوتارها ولو رأته مومسة لسقط خمارها.
لبعض الأعراب قال بعض الأعراب:

ماذا يظن بليلي إذا ألـمّ بـهـا

 

مرجّل الرأس ذو بردين مزّاح

حلوٌ فكاهته خزّ عمـامـتـه

 

في كفهّ من رقى إبليس مفتاح

أيضاً أعرابيّ يذكر ماجناً ذكر أعرابيّ رجلاً ماجناً فقال: هو أكثر ذنوباً من الدّهر، تفد إليه مواكب الضّلالة، ويرجع من عنده مدوّن الأيام.
لآخر يذكر قوماً وذكر آخر قوماً فقال: هم أقلٌ الناس إلى أعدائهم وأكثرهم تجرماً على أصدقائهم يصومون عن المعروف، ويفطرون على الفحشاء.
بين الأصمعي وأمة قال الأصمعيّ: قلت لأمةٍ ظريفة: هل في يديك عمل؟ قالت: لا! ولكن في رجليّ.
بين أبي نواس وقيان قالت جوارٍ من القيان لأبي نواس بناتك! فقال أبو نواس......................
شعر لأبي المهند في راهب قال أبو المهند:

وأفجر من راهبٍ يدعدّعـي

 

بأنّ النسـاء عـلـيه حـرام

يحرّم بيضـاء مـمـكـورةً

 

ويغنيه في البضع عنها الغلام

إذا ما مشى غضّ من طرفه

 

وفي اللّيل بالدّير منه عـرام

ودير العذارى فضـوحٌ لـه

 

وعند اللّصوص حديث الأنام

هؤلاء اللصوص نزلوا العذارى ليلاً، فأخذوا القسّ فشدّوه وثاقاً، ثم أخذ كلّ رجل منهم جاريةً،، فوجدوهنّ مفتضّاتٍ قد افتضهنّ القسّ كلّهنّ.
لسهل بن هارون في مخنّث قال سهل بن هارون:

إذا نزل المخنّث في رباعٍ

 

تحرّك كل ذي خنثٍ إلـيه

وصارت دونهم مأوىالخبايا

 

وصار الرّبع مدلولاً عليه

لآخر وقال آخر:

أقول لها لما أتتـنـي تـدلّـنـي

 

على امرأةٍ موصوفةٍ بجـمـال

أصبت لها واللّه زوجاً كما اشتهت

 

إن اغتفرت فيه ثلاث خـصـال

فمنهنّ فـسـقُ لا ينـادي ولـيده

 

ورقّة إسـلامٍ وقـلّة مـــال

الأصمعي وابن روح المهلبي
قال الأصمعيّ: دخلت على ابن روح بن حاتم المهلّبيّ وحضر الإذن وهو عاكفّ على غلام، فقلت له: عمدت إلى الموضع الذي كان أبوك يضرب فيه الأعناق ويعطي فيه اللّهى، وتركب فيه ما تركب! فقال:

ورثنا المجد عن آباء صـدقٍ

 

أسأنا في ديارهم الصّنيعـا

إذا الحسب الرفيع تواكلتـه

 

بنات السّوء يوشك أن يضيعا

باب مساوئ النساء

لوهب بن منبه عن وهب بن منبّه قال: عاقب اللّه المرأة بعشر خصال: شدّة النّفاس، وبالحيض، وبالنجاسة في بطنها وفرجها، وجعل ميراث امرأتين ميراث رجل واحد، وشهادة امرأتين كشهادة رجل، وجعلها ناقصة العقل والدّين لا تصلي أيام حيضها، ولا يسلّم على النساء، وليس عليهنّ جمعة ولا جماعةٌ، ولا يكون منهنّ نبيّ، ولا تسافر إلا بوليّ.
وكان يقال: ما نهيت امرأة قطّ عن شيء إلا أتته.
وقال طفيل في هذا المعنى:

إن النساء كأشجارٍ نبتـن مـعـاً

 

منها المرار وبعض المرّ مأكول

إنّ النساء متى ينهين عن خلـقٍ

 

فإنّه واقـعٌ لا بـدّ مـفـعـول

لمعاذ في النساء عن رجاء بن حيوة قال: قال معاذ: إنكم ابتليتم بفتنة الضّرّاء فصبرتم، وإني أخاف عليكم فتنة السّرّاء، وإن من أشدّ من ذلكم عندي النساء، إذا تحلّين الذّهب ولبسن ريط الشأم وعصب اليمن، فأتبعن الغنيّ، وكلّفن الفقير ما لا يجد.
لبعض الشعراء قال بعض الشعراء:

تمتّع بها ما ساعفتك ولا تـكـن

 

عليك شجاً يؤذيك حـين تـبـين

وإن هي أعطتك اللّيان فـإنّـهـا

 

لغيرك من خلاّنهـا سـتـلـين

وإن حلفت لا ينقصن النأى عهدها

 

فليس لمخضوب البنـان يمـين

خبر عاتكة بنت زيد أبو عليّ الأمويّ قال: كانت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، عند عبد اللّه بن أبي بكر الصدّيق رضي اللّه عنه، وكانت قد غلبته في كثيرٍ من أمره؛ فقال له أبوه: طلّقها. فطلّقها وأنشأ يقول:

لها خلقٌ سهلٌ وحسنٌ ومنصبٌ

 

وخلقٌ سويٌ ما يعاب ومنطق

فرمي يوم الطائف بسهم؛ فلما مات قال ترثيه:

وآليت لا تنفـكّ عـينـي سـخـينةً

 

عليك ولا ينفكّ جـلـدي أغـبـرا

فللّه عينٌ ما رأت مـثـلـه فـتـىً

 

أعزّ وأحمى في الهياج وأصـبـرا

إذا شرعت فيه الأسنّة خـاضـهـا

 

إلى الموت حتى يترك الرّمح أحمرا

ثم خطبها عمر بن الخطّاب، فلما أولم قال عبد الرحمن بن أبي بكر: ياأمير المؤمنين اتأذن لي أن أدخل رأسي على عاتكة؟ قال: نعم، يا عاتكة استتري. فأدخل رأسه فقال:

وآليت لا تنفكّ عيني قـريرةً

 

عليك ولا ينفكذ جلدي أصفرا

فنشجت نشجاً عالياً؛ فقال عمر: ما أردت إلى هذا! كلّ النساء يفعلن هذا! غفر اللّه لك. ثم تزوّجها الزّبير بعد عمر وقد خلا من سنّها، فكانت تخرج باللّيل إلى المسجد ولها عجيزةٌ ضخممة؛ فقال لها الزّبير: لا تخرجي؛ فقالت: لا أزال أخرج أو تمنعني. وكان يكره أن يمنعها، لقول النبيّ صلى اللّه عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء اللّه مساجد اللّه"، فقعد لها الزّبير متنكراً في ظلمة اللّيل، فلما مرّت به قرص عجيزتها؛ فكانت لا تخرج بعد ذلك؛ فقال لها: ما لك لا تخرجين؟ فقالت: كنت أخرج والناس ناسٌ، وقد فسد الناس فبيتي أوسع لي.
لرجل من العرب يخاطب امرأته قال المدائنيّ: احتضر رجلٌ من العرب وله ابن يدبّ بين يديه؛ وأم الصّبيّ جالسةٌ عند رأسه؛ واسم الصبيّ معمر فقال:

وإنّي لأخشى أن أموت فتنكحـي

 

ويقذف في أيدي المراضع معمر

وترخى سـتـورٌ دونـه وقـلائدٌ

 

ويشغلكم عنه خلوقٌ ومجـمـر

فما لبث أن مات، ثم تزوّجت، ثم صار معمرٌ إلى ما ذكر.
عمر بن الخطاب وشاب قتل يهودياً كان عند امرأة أخيه عن الحسن: أنّ شابّين كانا متآخيين على عهد عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، فأغزى أحدهما، فأوصى أخاه بأهله؛ فانطلق في ليلةٍ ذات ريح وظلمةٍ إلى أهل أخيه يتعهّدهم، فإذا سراجٌ في البيت يزهر، وإذا يهوديٌّ في البيت مع أهله وهو يقول:

وأشعث غرّه الإسلام منّي

 

خلوت بعرسه ليل التّمـام

 

أبيت على ترائبها ويضحي

 

على جرداء لاحقة الحزام

 

كأنّ مجامع الرّبلات منها

 

فئامٌ ينهضون إلى فـئام

           

فرجع الشابّ إلى أهله، فاشتمل السيف حتى دخل على أهل أخيه فقتله ثم جرّه وألقاه في الطريق؛ فأصبح اليهود وصاحبهم قتيلٌ لا يدرون من قتله، فأتوا عمر بن الخطاب فدخلوا عليه وذكروا ذلك له، فنادى عمر في الناسّ: الصلاة جامعةً، فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه، ثم قال: أنشد اللّه رجلاً علم من هذا القتيل علماً إلا أخبرني به. فقامالشابّ فأنشده الشعر وأخبره خبره؛ فقال عمر: لا يقطع اللّه يدك، وهدر دمه لابن عباس في مثل المرأة السوء كان ابن عباس يقول: مثل المرأة السّوء: كان قبلكم رجلٌ صالح له امرأة سوءٍ فعرض له رجل فقال: إني رسول اللّه إليك بأنهّ قد جعل لك ثلاث دعوات فسل ما شئت من دنيا أو آخره ثم نهض. فرجع الرجل إلى منزله؛ فقلت له امرأته: ما لي أراك مفكراً محزونا؟ فأخبرها؛ فقلت: ألست امرأتك وفي صحبتك وبناتك منيّ! فاجعل لي دعوة. فأبى فأقبل عليه ولده وقلن: أمنّا، فلم يزلن به حتى قال: لك دعوةٌ؛ فقلت: اللهم اجعلني أحسن الناس وجهاً. فصارت كذلك، وجعلت توطىء فراشها وهو يعظها فلا تتّعظ، فغضب يوماً فقال: اللهمّ اجعلها خنزيرةً فتحوّلت كذلك؛ فلما رأين بناته م نزل بأمهنّ بكين وضربن وجوههن ونتفن شعورهن، فرّق لهن قلبه فقال: اللّهم أعدها كما كانت أولاً؛ فذهبت دعواته الثلاث فيها.
بين عبد اللّه بن عكرمة وامرأة عبد الرحمن بن الحارث قال عبد اللّه بن عكرمة: دخلت على عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزوميّ أعوده، فقلت: كيف تجدك؟ فقال: أجدني واللّه بالموت، وما موتي بأشدّ عليّ من تمتّع "أمّ" هشام، أخاف أن تتزوّج - يعني امرأته - . فحلفت له وآلت ألا تتزوّج بعده، فغشي وجه نورٌ، ثم قال: شأن الموت أن ينزل متى شاء. ثم مات. فتزوّجت بعمر بن عبد العزيز؛ فقلت:

فإن لقيت خيراً فلا يهنئنّها

 

وإن تعست فلليدين وللفم

فبلغها، فكتبت إليّ: قد بلغني بيتك الذي تمثلّت به، وما مثلي ومثل أخيك إلاّ كما قال الشاعر:

وهل كـنـت إلا والـهـاً ذات تـرحةٍ

قضت نحبها بعد الحنـين الـمـرجّـع

متى تسل عنـه تـدّكـر بـعـد طـيّةٍ

من الأرض أو تقنع بألفٍ فـتـربـع

فدع عنك من قد وارت الأرض شخصه

وفي غير من قد وارت الأرض فاطمع

فبلغ ذلك منّي كلّ غيظٍ، واحتسبت حسابها، وإذا هي قد أعجلت عدّتها، وقد بقي عليها أربعة أيّام، فدخلت على عمر فأخبرته بذلك، فنقض النّكاح وعزل عن المدينة.
صخر بن الشريد وزوجته وأمه كان صخر بن الشّريد أخو الخنساء خرج في غزوةٍ فقاتل فيها قتالاً شديداً فأصابه جرحٌ رغيبٌ ،فمرض فطال مرضه وعاده قومه، فقال عائدٌ من عوّاده يوماً لامرأته سلمى: كيف أصبح صخرٌ اليوم؟ قالت: لا حيّا فيرجى ولا ميتاً فينسى. فسمع صخرٌ كلامها فشقّ عليه، وقال لها: أنت القائلة كذا وكذا؟ قالت: نعم غير معتذرةٍ إليك. ثم قال عائدٌ آخر لأمّه: كيف أصبح صخرٌ اليوم؟ فقالت: أصبح بحمد اللّه صالحاً ولا يزال بحمد اللّه بخيرٍ ما رأينا سواده بيننا. فقال صخر:

أرى أمّ صخرٍ ما تملّ عيادتـي

 

وملّت سليمى مضجعي ومكاني

وما كنت أخشى أن أكون جنازةً

 

عليك ومن يغترّ بالـحـدثـان

فأيّ امرئٍ ساوى بـأمٍّ حـلـيلةً

 

فلا عاش إلاّ في أذى وهـوان

أهمّ بأمر الحزم لو أستطـيعـه

 

وقد حيل بين العير والنّـزوان

لعمري لقد أنبهت من كان نائماً

 

وأسمعت من كانت لـه أذنـان

فلما أفاق عمد إلى سلمى فعلّقها بعمود الفسطاط حتى فاضت نفسها، ثم نكس من طعنته فمات.
أردشير وابنة ملك لسواد وقرأت في سير العجم أنّ أردشير سار إلى الخضر، وكان ملك السّواد متحصناً فيها، وكان من أعظم ملوك الطوائف، فحاصره فيها زماناً لا يجد إليه سبيلاً، حتى رقيت ابنة ملك السّواد يوماً، فرأت أردشير فعشقته فنزلت وأخذت نشابةً وكتبت عليها: إن أنت شرطت لي أن تتزوّجني دللتك على موضع تفتتح منه هذه المدينة بأيسر حيلةٍ وأخفّ مؤونةٍ. ثم رمت بالنشّابة
نحو أردشير؛ فكتب الجواب في نشّابةٍ: لك الوفاء بما سألت. ثم ألقاه إليها؛ فكتبت إليه تدلّه على الموضع؛ فأرسل إليه أردشير فافتتحه ودخل هو وجنوده، وأهل المدينة غارّون، فقتلوا ملكها وأكثر مقاتلتها وتزوّجها؛ فبينما هي ذات ليلةٍ على فراشه أنكرت مكانها حتى سهرت لذلك عامّة ليلتها، فنظروا في الفراش فوجدوا تحت المحبس ورقةً من ورق الآس قد أثّرت في جلدها، فسألها أردشير عند ذلك عما كان أبوها يغذوها به؛ فقالت: كان أكثر غذائي الشهد والزّبد والمخّ. فقال أردشير: ما أحدٌ ببالغٍ لك في الحباء والإكرام مبلغ أبيك، ولئن كان جزاؤه عدك على جهد إحسانه مع لطف قرابته وعظم حقّه جهد إساءتك، ما أنا بأمنٍ لمثله منك. ثم أمر بأن تعقد قرونها بذنب فرسٍ شديد المراح جموحٍ ثم يجرى؛ ففعل ذلك حتى تساقطت عضواً عضواً.
بين أخوين وزوجة أحدهما العتبي: سمعت أبي يحدّث ع ناسٍ من أهل الشأم: أن أخوين كان لأحدهما زوجة وكان يغيب ويخلفه"الآخر" في أهله، فهويته امرأة الغائب، فأرادته على نفسها فامتع؛ فلما قدم أاخوه سألها عن حالها، فقالت: ما حال امرأة تراود في كلّ حينٍ! فقال: أخي وابن أميّ!وإني لا أفضحه! ولكن للّه عليّ ألاّ أكلمهّ أبداً. ثم حجّ وحجّ أخوه والمرأة فلما كانوا بوادي الدّوم هلك الأخ ودفوه وقضوا حجّهم ورجعوا؛ فمرّوا بذلك الوادي ليلاً فسمعوا هاتفاً يقول:

أجدّك تمضي الدّوم ليلاً ولا ترى

 

عليك لاأهل الدّوم أن تتكلـمـا

وبالدّوم ثاوٍ لو ثويت مـكـانـه

 

ومرّ بوادي الدّوم حيّاً لسّلـمـا

فظنتّ المرأة أنّ النداء من السماء، فقلت لزوجها: هذا مقام العائذ كان من أخيك ومنيّ كيت وكيت. فقال: واللّه لو حلّ قتلك لوجدتني سريعاً. ففارقها وضرب خيمةً على قبر أخيه وقال:

هجرتك في طول الحياة وأبتغي

 

كلامك لما صرت رمساًوأعظما

ذكرت ذنوباً فيك كنت اجترمتها

 

أنا منك فيها كنت أسوا وأظلمـا

ولم يزل مقيماً حتى مات ودفن بجنب أخيه، فالقبران معروفان.
شعر للأخطل وقال الأخطل:

المهديات لمن هوين مـسـبةً

 

والمحسنات لمن قلين مقـالا

يرعين عهدك ما رأيناك شاهداً

 

وإذا مذلت يكنّ عنك مـذالا

وإذا وعدنك نائلاً أخلـفـنـه

 

ووجدت دون عداتهن مطـالاً

وإذا دعونك عمهّـن فـإنـه

 

نسبٌ يزيدك عندهن خـبـالاً

قرشيّ وامرأته عن يحيى بن طفيلٍ الجشميّ قال: كان عند رجلٍ من قريش امرأة يحبّها، فسافر عنها، فقالت له: أشيعكّ، فشيعتهّ ثلاث مراحل؛ فلما مضى قالت لخادمها: ناولني بعرةً وروثةً وحصاةً. فناولها، فألقت الروثة وقالت: راث خبرك؛ وألقت البعرة وقالت: وعر سفرك؛ وألقت الحصاة وقالت: حصّ أثرك. فسمعها رجل على الماء فلحقه، فقال له: ما هذه منك؟ قال: امرأتي وأعزّ الناس إليّ. فأخبره بالخبر، فقام على الماء، فلما أمسى أقبل نحو منزله فوجد معها رجلاً، فقتلهما جميعاً.

باب الولادة والولد

بين أبي الأسود وزوجته عند زياد في ولدهما خاصمت أمّ عوفٍ- امرأة أبي الأسود الدؤلي- أبا الأسود قبل أن تضعه. فقالت أمّ عوفٍ وضعته شهوةً ووضعته كرهاً، وحملته خفاً وحملته ثقلاً. فقال زياد: صدقت أنت أحقّ به فدفعه إليها.
للرياشي أنشدنا الرّياشي:

غلبت أمّه أباه عـلـيه

 

فهو كالكابليّ أشبه خاله

وقال آخر:

واللّه ما أشبهني عـصـام

 

لالاخلق منـه ولا قـوام

نمت وعرق الخال لا ينام

 

 

لبعض بني أسد وقال بعض بني أسدٍ- والقيافة فيهم: لا يخطىء الرجل من أبيه خلةً من ثلاثٍ: رأسه أو صوته أو مشيته.
قيل لرجل: ما أشبه ولدك بك! قال: من ترك وأهله أشبهه ولده قال رجل للجمان: ولدت امرأتي لستة أشهر؛ فقال الجمان: كان أبوها ضارباً للفرزدق وقد عيّرته زوجته بعدم الإنجاب عيّرت نوار- امرأة الفرزدق- الفرزدق بأنه لا ولدّ له؛ فقال الفرزدق:

وقالت أراه واحداً لا أخـا لـه

 

يورّثه في الورثين الأبـاعـدا

لعلّك يوماً أن تريني كـأنـمـا

 

بنيّ حواليّ الأسود الـحـوارد

فإنّ تميماً قبل أن يلد الحصـى

 

أقام زماناً وهو في الناس واحد

الفرزدق وشيخ من بني مضر عن عيسى بن عمر قال: شكا الفرزدق امرأته، فقال له شيخ من بي مضر كان أسنّ منه: أفلا تكسعها بالمحرجات! "يعني الطلاق"؛ فقال: قاتلك اللّه! ما أعلمك من شيخ!.
لخالد بن صفوان  
قال خالد بن صفوان: ما بتّ ليلةً أحبّ إليّ من ليلةٍ طلّقت فيها نسائي، فأرجع والستور قد هتكت، ومتاع البيت قد نقل، فتبعث إليّ إحداهن بسليلةٍ مع بنتي فيها طعامي، وتبعث لي الأخرى بفراشٍ أنام عليه.
لامرأة كانت تطلّق كثيراً قيل لامرأة كانت تطلّق كثيراً: ما بالك تطلّقين؟ قالت: يريدون التّضييق علينا، ضيق اللّه عليهم!.
لرجل طلق امرأته طلّق رجل امرأته؛ فقيل له: ما صنعت؟ قال: طلّقتها والأرض من ورائها. أي لا أقرب ناحيةً هي بها.
قول أعرابي لامرأتهد وقال أعرابيّ لامرأته:

أنوّهت باسمي في العالمين

 

وأفنيت عمري عاماً فعاما

فأنت الطلاق وأنت الطلاق

 

وأنت الطلاق ثلاثاً تمامـا

بين رجل وأبي حازم الأصمعيّ قال: أتى رجلٌ أبا حازم فقال: إنّ الشيطان قد أولع بي يوسوس لي ويحدّثني أني طلّقت امرأتي. فقال له: وأنا أحدّثك أنك قد طلقتها، أو مافعلت؟ فقال: سبحان اللّه يا أبا حازم! أفتكذّبني وتصدّق الشيطان! شعر لأعرابي طلق امرأته وقال أعرابيّ وقد طلق امرأته:

وما أنا إذ فارقت أسمـاء طـائعـاً

 

بخيرٍ من السّكران رأيا ولا عقـلا

وما زال صرف الدهر حتى رأيتني

 

أبيت بها ضيفاً كأن لم أكن بعـلا

وقال آخر:

لئن كان يهدي برد أنيابها العلا

 

لأفقر منّي إننـي لـفـقـير

لقد كثر الأخبار أن قد تزوّجت

 

فهل يأتينّي بالطلاق بـشـير

باب العشّاق سوى عشّاق الشعراء

بين محمد بن قيس ويزيد بن عبد الملك في عاشقين محمد بن قيس الأسديّ قال: وجّهني عامل المدينة إلى يزيد بن عبد الملك وهو خليفة فخرجت، فلما قربت المدينة بليلتين أو ثلاث وإذا أنا بامرأةٍ قاعدةٍ على قارعة الطريق، وإذا رجلٌ رأسه في حجرها كلّما سقط رأسه أسندته، فسلّمت فردّت ولم يردّ الشاب؛ ثم تأمّلتني فقالت: يا فتى، هل لك في أجرٍ لا مرزئة فيه؟ قلت: سبحان اللّه! وما أحبّ الأجر أليّ وإن رزئت فيه! فقالت: هذا ابني، وكان إلفاً لابنة عمّ له تربيّا جميعاً، ثم حجبت عنه، فكان يأتي الموضع والخباء، ثم خطبها إلى أبيها فأبى عليه أن يزوّجها؛ ونحن نرى عيباً أن تزوّج المرأة من رجل كان بها مغرماً، وقد خطبها ابن عمّ لها وقد زوّجت منذ ثلاثٍ، فهو على ما ترى لا يأكل ولا يشرب ولا يعقل، فلو نزلت إليه فوعظته! فنزلت إليه فوعظته؛ فأقبل عليّ وقال:

ألا ما للحـبـيبة لا تـعـود

 

أبخلٌ بالحبـيبة أم صـدود

مرضت فعادني قومي جميعاً

 

فما لك لم تري فيمن يعـود

فقدت حبيبتي فبلـيت وجـداً

 

وفقد الإلف يا سكنى شـديد

وما استبطأت غيرك فاعلميه

 

وحولي من بني عمّي عديد

فلو كنت السّقيمة جئت أسعى

 

إليك ولم ينهنهني الـوعـيد

قال: ثم سكن عند آخر كلمته؛ فقالت العجوز: فاضت واللّه نفسه ثلاثاً! فدخلني أمرٌ لا يعلمه إلاّ اللّه، فاغتممت وخفت موته لكلامي. فلما رأت العجوز ما بي قالت: هوّن عليك! مات بأجله واستراح ممّا كان فيه، وقدم على ربّ كريم؛ فهل لك في استكمال الأجر؟ هذه أبياتي منك غير بعيدة، تأتيهم فتنعاه إليهم وتسألهم حضورهم. فركبت فأتيت أبياتاً منها على قدر ميلٍ، فنعيته إليهم وقد حفظت الشعر، فجعل الرجل يسترجع. فبينما أنا أدور إذا امرأة قد خرجت من خبائها تجرّ رداءه ناشرةً شعرها، فقالت: أيها النّاعي، بفيك الكثكث، بفيك الحجر! م تنعى؟ قلت: فلان بن فلان. فقالت: بالذي أرسل محمداً واصطفاه، هل مات؟ قلت: نعم. قالت: فماذا الذي قال قبل موته؟ فأنشدتها الشعر، فو اللّه ما تنهنهت أن قالت:

عداي أن أزورك يا حبـيبـي

 

معاشر كلّهم واشٍ حـسـود

أشاعوا ما سمعت من الدواهي

 

وعابونا وما فـيهـم رشـيد

وأمّا إذ ثويت الـيوم لـحـداً

 

فدور الناس كلّهـم لـحـود

فلا طابت لي الدنـيا فـواقـا

 

ولا لهم ولا أثرى الـعـبـيد


ثم مضت معي ومع القوم تولول حتى انتهينا إليه، فغسّلناه وكفّنّاه وصلّينا عليه، فأكبّت على قبره؛ وخرجت لطيّتي حتى أتيت يزيد بن عبد الملك، وأوصلت إليه الكتاب؛ فسألني عن أمورالناس، قال: هل رأيت في طريقك شيئا؟ قلت:نعم، رأيت واللّه عجباً.وحدّثته الحديث؛ فاستوى جالساً، ثم قال: للّه أنت يا محمد بن قيس! امض الساعة قبل أن تعرف جواب ما قدمت له، حتى تمرّ بأهل الفتى وبني عمّه، وتمرّ بهم إلى عامل المدينة، وتأمره أن يثبتهم في شرف العطاء، وإن كان أصابها ما أصابه، فافعل ببني عمّها ما فعلت ببني عمه ثم ارجع إليّ حتى تخبرني بالخبر، وتأخذ جواب ما قدمت له. فمررت بموضع القبر، فرأيت إلى جانبه قبراً آخر، فسألت عنه فقيل: قبر المرأة، أكبّت على قبره، ولم تذق طعاماً ولا شراباً، ولم ترفع عنه إلى ثلاثة أيام "إلا" ميتةً. فجمعت بني عمّها وبني عمّه، وأثبتّهم في شرف العطاء جميعاً.
لرجل من بني تميم في عاشقين ماتا عشقاً عن هشام بن حسّان عن رجل من بني تميم قال: خرجت في طلب ناقةٍ لي، حتى وردت على ماءٍ من مياه طيءٍ، فإذا أنا بعسكرين بينهما دعوة فإذا أنا بفتى شابٍّ وجاريةٍ في العسكر، وإذا هو قد سمع نبرةً من كلامها وهو مريض، فرفع عقيرته وقال:

ألا ما للمـلـيحة لا تـعـود

 

أبخلٌ بالمـلـيحة أم صـدود

فلو كنت المريضة كنت أسعى

 

إليك ولم ينهنهنـي الـوعـيد

فسمعتصوته فخرجت تعدو، فأمسكها النساء، وأبصرها فأقبل ينشد، فأمسكه الرجال فأفلت وأفلتت، فاعتنقا وخرّا ميتين؛ فخرج شيخ من تلك الأخبية حتى وقف عليهما، فاسترجع لهما، ثم قال: أما واللّه لئن كنتما لم تجتمعا حييّن لأجمعنّ بينكما ميّتين. قال: فقلت: من هذا؟ قال: هذا ابن أخي، وهذه ابنتي. فدفنهما في قبر ولحد.
عبد اللّه بن عجلان عن ابن سيرين قال: قال عبد اللّه بن عجلان صاحب هند التي عشقها وكانت تحبّه فطلّقها:

ألا إنّ هنداً أصبحت لك محرماً

 

وأصبحت من أدنى حموتّها حما

وأصبحت كالمقمور جفن سلاحه

 

يقلّب بالكفّين قوساً وأسهـمـا

ومدّ بها صوته ثم مات. قال الأصمعيّ: فيه قال الشاعر:

إن متّ من الـحـبّ

 

فقد مات ابن عجلان

لأعرابي من العذريين قيل لأعرابيّ من العذريينّ: ما بال قلوبكم كأنها قلوب طيرٍ تنماث كما ينماث الملح في الماء! أما تجلدون؟ فقال: إننا ننظر إلى محاجر أعينٍ لا تنظرون إليها.
وقيل لأعرابيّ: ممنّ أنت؟ فقال: من قوم إذا أحبواّ ماتوا. فقالت جارية سمعته: عذّريّ وربّ الكعبة!.
لعبد الملك بن عمير في أخوين من بني كنّة عن عبد الملك بن عمير قال: كان أخوان من بني كنّة من ثقيف، أحدهما ذو أهل، والآخر عزبٌ، وكان ذو الأهل إذا غاب خلفه العزب في أهله؛ فغاب غيبةً له؛ فجاء العزب يوماً فطلعت عليه امرأة الأخ، وهي لا تعلم بمكانه، وعليها درع يشفّ، فسترت وجهها بذراعيها، فوقعت في قلبه، وجعل يذوب حتى صار كأنه خيطٌ، فقدم أخوه فقال: يا أخي، ما لك؟ قال: لا أدري. واستحيا أن يذكر ما به؛ فانطلق أخوه إلى الحارث بن كلدة طبيب العرب، فوصفه له؛ فقال: احمله إليّ. فلما نظر إليه قال: أمّا العينان فصحيحتان وأما الجسم فذائب ولا أظن أخاك إلا عاشقاً قال: ترى أخي بالموت وتزعم أنه عاشق! قال: هو ما أقول لك فاسقه الشراب فسقاه الخمر، فقال الشعر ولم يكن الشعر من شأنه فقال:

ألمّا بي إلـى الأبـيا

 

ت بالخيف أزر هنّه

غزال ما رأيت اليو

 

م في دور بني كنّه

غزال أكحل العـين

 

وفي منطقه غنّـه

فقال أخوه: واللّه ما أراه إلا كما قال ولكن لا أدري من عني فسقاه شربةً أخرى فقال:

أيها الحيّ اسلـمـوا

 

اسلموا ثمت اسلموا

لا تولوا وتعرضـوا

 

واربعوا كي تكلموا

خرجت مزنة من ال

 

بحر ريا تحـحـم

هي ما كنّتي وتـز

 

عم أني لهـا حـم

قال: يا أخي هي طالقٌ ثلاثاً، فإن شئت فتزوجها. قال: وهي طالقٌ إن تزوجتها. قال غيره. فلما أفاق ذهب على وجهه حياءً ولم يرجع، فهو فقيد ثقيف.
خبر عباس والجارية التي هويها  
عن أبي مسكين قال: خرج أناس من بني حنيفة يتنزهون إلى جبل لهم، فبصر فتى منهم يقال له عباس بجاريةٍ فهويها، وقال لأصحابه: والله لا أنصرف حتى أرسل إليها. فطلبوا إليه أن يكفّ وأن ينصرف معهم فأبى، وأقبل يراسل الجارية حتى وقع في نفسها، فأقبل في ليلةٍ إضحيانةٍ متنكباً قوسه وهي بين إخوتها نائمةٌ، فأيقظها؛ فقالت: انصرف وإلا أيقظت إخوتي فقتلوك! فقال: والله للموت أيسر مما أنا فيه، ولكن الله عليّ إن أعطيتني يدك حتى أضعها على فؤادي أن أنصرف. فأمكنته من يدها، فوضعها على فؤاده ثم انصرف؛ فلما كان من القابلة أتاها وهي في مثل حالها، فقالت له مثل مقالتها، وردّ عليها وقال: إن أمكنتيني من شفتيك أرشفهما انصرفت ثم لا أعود إليك. فأمكنته من شفتيها فرشفهما ثم انصرف؛ فوقع في قلبها منه مثل النار؛ ونذر به الحي، فقالوا: ما لهذا الفاسق في هذا الجبل! انهضوا بنا إليه حتى نخرجه منه. فأرسلت إليه: إن القوم يأتونك الله فاحذر، فلما أمسى قعد على مرقب ومعه قوسع وأسهمه، وأصاب الحي من آخر النهار مطرٌ وندىً فلهوا عنه؛ فلما كان في آخر الليل وذهب السحاب وطلع القمر، خرجت وهي تريده وقد أصابها الطل، فنشرت شعرها وأعجبتها نفسها ومعها جاريةٌ من الحي، فقالت: هل لك في عباس؟ فخرجتا تمشيان، ونظر إليهما وهو على المرقب، فظن أنهما ممن يطلبه، فرمى بسهم أخطأ فما قلب الجارية ففلقه! وصاحت الأخرى، فانحدر من الجبل وإذا هو بالجارية في دمها؛ فقال:

نعب الغراب بما كره

 

ت ولا إزالة للقـدر

تبكي وأنت قتلتـهـا

 

فاصبر وإلا فانتحر

ثم وجأ في أوداجه بمشاقصه، وجاء الحي فوجدوهما مقتولين فدفنوهما!.
خبر القس وسلامة المغنية قال خلاد الأرقط: سمعت مشايخنا من أهل مكة يذكرون أن القس، وهو مولى لبني مخزوم، كان عند أهل مكة بمنزلة عطاء بن أبي رباح، وأنه مرّ يوماً بسلامة وهي تغني، فوقف يسمع؛ فرآه مولاها فدنا منه فقال: هل لك "في" أن تدخل وتستمع؟ فأبى، ولم يزل به فقال: أقعدك في موضع لا تراها ولا تراك. ففعل، ثم غنت فأعجبته؛ فقال: هل لك "في" أن أحوّلهاإليك؟ فتأبّي. ثم أجاب، فلم يزل "به" حتى شغف بها وشغفت به. وعلم ذلك أهل مكة. فقالت له يوماً وقد خلوا: أنا والله أحبك؛ فقال: وأنا والله أحبك. قالت: فأنا أحب أن أضع فمي على فمك؛ قال: وأنا والله. قالت: وأنا والله أحب أن أضع صدري على صدرك؛ قال: وأنا والله. قالت فما يمنعك؟ والله إن الموضع لخال! فأطرق ساعةً، ثم قال: إني سمعت الله يقول: "الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدواً إلا المتقين"، وأنا والله أكره أن تكون خلّة ما بيني وبينك عداوةً يوم القيامة. ونهض وعاد إلى طريقته التي كان عليها. وفيه قيل:

لقد فتنت ريا وسلا الـقـسـا

 

ولم تتركا للقس عقلاً ولا نفسا

ومن شعره فيها:

أهابك أن أقول بذلت نفسي

 

ولو أني أطيع القلب قـالا

حياءً منك حتى شفّ جسمي

 

وشق عليّ كتماني وطـالا

وهو القائل:

قد كنت أعذل في السفاهة أهلها

 

فأعجب لما تـأتـي بـه الأيام

فاليوم أرحمهم وأعلـم أنـمـا

 

سبل الغواية والهدى أقـسـام

وهو القائل:

ألم ترها لا يبعـد الـلـه دارهـا

 

إذا مرحت في صوتها كيف تصنع

تمد نـظـام الـقـول ثـم تـرده

 

إلى صلصل في حلقها فتـرجـع

كتاب منية إلى قابوس ورده عليها كتبت منية إلى قابوس: من سن سنة فليرض بأن يحكم عليه بها. ومن سأل مسألة فليرض من العطية بقدر بذله. لكل عملٍ ثوابٌ، ولكل فعل جزاء. ومن بدأ بالظلم كان أظلم. ومن انتصر فقد أنصف. والعفو أقرب إلى العقل. وغير مسيءٍ من أعتب. وغير مذنبٍ من طوّل. "مع" المخض تبدو الزبدة. عند تناهي البلاء يكون الفرج. كل ذي قرحٍ يشتهي دواء قرحه. كل مطمع منتظر. كل آتٍ قريب. مع كل فرحةٍ ترحةٌ. من خبث سنخه غلظ كبده ونام حقده. الموت أروح من الهوى. اليأس أول سبب الراحة. السحر أنفذ من الشعر. دواء كل محب حبيبه. مع اليوم غدٌ. وكما تدين تدان. استشف الله لما بك، واسأله المدافعة عنك. فأجابها:
من الكرام تكون الرحمة، ومن اللئام تكون القسوة. من كرم أصله لان قلبه ورق وجهه. ومن عاقب بالذنوب ترك الفضل. ومن ترك الفضل أخطأ الحظ. وم لم يغفر لم يغفر له. ومن حقد واضطغن اكتسب الأعداء. أولى الناس بالرحمة من احتاج إليها فحرمها. لكل كربٍ فرجٌ، ولكل عمل ثوابٌ. من أحب رقّ لكل محب. لا داء أدوى من الهوى، ولا أوهن منه لذي القوى. لا ملكة أكرم من ملكة كريم، ولا قدرة ألأم من قدرة لئيم. ملكت فأسجحي: قدرت فاعفي. ويلٌ للشجي من الخلي. من كان في نعمةٍ لم يدر قدر البلية. من سها عقله فسد عيشه، ومن فسد عيشه كان الموت راحته. الآمال مبسوطة، والآجال معدودة. والمتوقع الموت. وحسرة الموت من مات بغصةٍ. خير الخير أعجله. من أراد معروفاً فلا يتطول. الحب أثقل محمول.
وكتب إليها أيضاً: قلّ من حبيبٍ كتاب، وعظم من محب مصاب. لكل آخر أوّل، مرقاةٌ إلى مرقاة. قد ينمو القليل فيكثر، ويضمحل الكثير فيذهب. من طلب وجد. ومن أدمن الاستفتاح فتحت له الأغلاق. أولى الأمور بالنجاح المواظبة. قد يتبع الظفر البصر، ويتبع البصر التغير والاستثقال، ويتبع الاستثقال الاستبدال؛ ولن يدوم شيء على حال. ولكل همّ فرجٌ. والعناء مقرونٌ بالرجاء. قد يستخرج بالكلمة الحية، وتنشأ من الحبة الشجرة. وفي اللقاء شفاء الغليل، وتنفس الهموم. ارتاد امرءٌ قبل حلوله، وتثبت قبل إقدامه. مع العجلة تكون الندامة، وفي التثبت تكون السلامة. العاقل من ابتدأ عملاً في غير حينه فبلغ في حين وقته. لا ينال بغير دواء شفاء. الصعب يمكن بعد منع. الرفق سبب القدرة. الخرق مفتاح الحرمان. من أسر أسراره دامت له لذاته. ربّ أكلةٍ تمنع أكلات، ولقيه تصدّ عن لقيات.

أبياتٌ في الغزل حسانٌ

يقر بعيني أن أرى من مكـانـه

 

ذرى عقدات الأبرق المتقـاود

وأن أراد الماء الذي شربت بـه

 

سليمى فقد ملّ السرى كل واخد

وألصق أحشائي بـرد تـرابـه

 

وإن كان مخلوطاً بسم الأسـاود

لأبي صخر الهذلي قال أبو صخر الهذلي:

أما والذي أبكى وأضـحـك والـذي

أمات وأحيا والـذي أمـره الأمـر

لقد تركتني أحسد الـوحـش أن أرى

أليقين منها لا يروعهمـا الـذعـر

فيا هجر ليلى قد بلغت بي الـمـدى

وذرت على ما لم يكن بلغ الهجـر

ويا حبّها زدنـي جـوىً كـل لـيلةٍ

ويا سلوة الأيام موعدك الـحـشـر

وصلتك حتى قيل لا يعرف القـلـى

وزرتك حتى قلت ليس له صـبـر

جبت لسعي الدهر بينـي وبـينـهـا

فلما انقضى ما بيننا سكن الـدهـر

إذا ذكرت يرتاح قلبي لـذكـرهـا

كما انتفض العصفور بلّله القطـر

هل الوجد إلا أن قلـبـي لـو دنـا

من الجمر قيد الرمح لاحترق الجمر

وقال آخر:

أيا خلّة النفس التي ليس دونهـا

 

لنا من أخلاء الصفاء خـلـيل

ويا من كتمنا حبّه لم يطع بـه

 

عدوٌّ ولم يؤمن علـيه دخـيل

أما من مقامٍ أشتكي غربة النوى

 

وجور العدا فيه إليك سـبـيل

وكنت إذا ما جئت جئت بعـلةٍ

 

فأفنيت علاتي فـأيش أقـول

وما كلّ يومٍ لي بأرضك حاجةٌ

 

وما كل يوم لي إليك رسـول

المجنون وقال المجنون:

وإني لأستغشي وما بي نـعـسةٌ

 

لعل خيلاً منك يلقـى خـيالـيا

وأخرج من بين الجلوس لعلنـي

 

أحدّث عنك النفس في السر خاليا

وقال أيضاً:

فأدنيتني حتى إذا ما ملكتـنـي

 

بقول يحلّ العصم سهل الأباطح

تجافيت عني حين لا لي حـيلةٌ

 

وخلفت ما خلفت بين الجوانـح

للعباس بن الأحنف ونحوه قول العباس بن الأحنف:

أشكو الذين أذاقـونـي مـودّتـهـم

 

حتى إذا أيقظوني في الهوى رقدوا

واستنهضوني فلما قمت منتهـضـاً

 

من ثقل ما حمّلوني في الهوى قعدوا

لبعض المحدثين وقال بعض المحدثين:

من كان يبكي لما بـي

 

من طول وجدٍ رسيس

فالآن قبـل وفـاتـي

 

"لا عطر بعد عروس"

للعباس بن جرير، ولآخرين
وقال العباس بن جرير من ولد خالد بن عبد الله:

ظلّت الأحزان تكحلـنـي

 

مضضاً طالت له سنتـي

من هوى ظبيٍ كـأن لـه

 

أرباً بالصد في تـرتـي

قد حمى عيني محاسـنـه

 

وحمى تقبيله شـفـتـي

شركت عينـاه ظـالـمة

 

في دمي قد عظم ما جنت

لابن الطثرية وقال ابن الطثرية:

وإن كنتم ترجون أن يذهب الهـوى

 

يقيناً ونروى بالشراب فنـنـقـعـا

فردّوا هبوب الريح أو غيّروا الجوى

 

إذا حلّ ألواذ الحشا فـتـمـنـعـا

تلفتّ نحو الحيّ حتى وجـدتـنـي

 

وجعت من الإصغاء ليتاً وأخدعـا

وقال ابن ميادة:

بنفسي وأهلي من إذا عرضوا له

 

ببعض الأذى لم يدر كيف يجيب

ولم يعتذر عذر البريء ولم يزل

 

له سكتةٌ حتـى يقـال مـريب

وقال عليّ بن الجهم في رقعة أتته بخطّ جاريةٍ:

ما رقعةٌ جاءتك مثـنـية

 

كأنها خـدٌّ عـلـى خـدّ

نبذ سوادٍ في بياضٍ كـمـا

 

ذرّ فتيت المسك في الورد

ساهمة الأسطر مصروفةٌ

 

عن ملح الهزل إلى الجدّ

يا كاتباً أسلمني عـتـبـه

 

إليه حسبي منك ما عندي

وقال جريرٌ:

أتجمع قلباً بالعراق فريقـه

 

ومنه بأظلال الأراك فريق

أوانس أما من أردن عنـاءه

 

فعانٍ ومن أطلقن فهو طليق

دعون الهوى ثم ارتمين قلوبنا

 

بأسهم أعداءٍ وهنّ صـديق

وقال آخر:

لذان تضنيهما للبـين فـرقـتـه

 

ولا يملان طول الدهر ما اجتمعا

مستقبلان بساهٍ من شبـابـهـمـا

 

إذا دعا دعوة الداعي الهوى شمعا

لا يعجبان لقول الناس عن عرضٍ

 

بل يعجبان لما قالا وما سمـعـا

لأعرابي وقال أعرابيّ:

وقلن لها سـرّاً وقـينـاك لا يقـم

 

صحيحاً فإن لم تقتليه فألـمـمـي

فأذرت قناعاً دونه الشمس واتّقـت

 

بأحسن موصولين كفّ ومعـصـم

فراح وما أدري أفي طلعة الضّحى

 

يروّخ أم داجٍ من الليل مـظـلـم

وقال آخر:

يا أحسن الناس من قرن إلى قدم

 

لم ألق مثلك في حلّ ولا حرم

يا من تلبّس حسن الغانيات بـه

 

قد خطّ قبلك فيما خطّ بالقـلـم

لذي الرمة وقال ذو الرمةّ:

وقد كنت أبكي والنّوى مطمـئنةٌ

 

بنا وبكم من علم ما البين صانع

وأشفق من هجرانكم ويشفّـنـي

 

مخافة وشك البين والشمل جامع

وأهجركم هجر البغيض وحبّكـم

 

على كبدي منه شؤونٌ صـوادع

وقال أيضاً:

وقد كنت أخفي حبّ ميّ وذكرها

 

رسيس الهوى حتى كأنّ لا أريدها

ما زال يغلو حبّ ميّة عـنـدنـا

 

ويزداد حتى لم نجد مـا يزيدهـا

وقال:

وما زلت أطوي النفس حتى كأنهـا

 

بذي الرّمث لم تخطر على بال ذاكر

حياءٌ وإشفاقاً من الـركـب أن يروا

 

دليلاً على مستودعات الضـمـائر

وقال آخر:

قل لحادي المطيّ روّح قليلاً

 

نجعل العيس سيرهنّ ذمـيلاً

لا تفقها على السبيل ودعهـا

 

يهدها شوق من عليها السّبيلا

وقال آخر:

فإن يرتحل صحبي بجثمان أعظمـي

 

يقم قلبي المحزون في منزل الرّكب

ونحوه:

جسدٌ مقـيمٌ فـي الـدّيا

 

ر وروحه في الطاعنين

وقال آخر:

لعمر أبي المحضير أيّام نلتـقـي

 

بما لا نلاقيها من الدّهر أكـثـر

يعدّون يوماً واحـداً إن أتـيتـهـا

 

وينسون ما كانت من الدهر تهجر

لحميد بن ثور وقال حميد بن ثور:

                         

               وقلن لها قومي فدنياك فاركبي               فأومت بلا لا غير ما أن تكلّما

                يهادينها حتى لوت بـزمـامـه                بناناً كهدّاب الدّمقس ومعصمـا

              من البيض عاشت بين أمّ عزيزةٍ             وبين أبٍ برّ أطاع وأكـرمـا

              منعّمةٌ لو يصبح الـذّر سـارياً                على جلدها نضت مدارجه دما

فما ركبت حتى تـطـاول يومـهـا

 

وكانت لها الأيدي إلى الحدب سلّمـا

فجرجر لما كان في الخدر نصفـهـا

 

ونصفٌ على دأياته مـا تـحـرّمـا

وما كاد لمّا أن عـلـتـه يقـلّـهـا

 

بنهضته حتى اطمـأنّ وأعـصـمـا

وحتى تداعت بالنّـقـيص حـبـالـه

 

وهمّت بواني زوره أن تحـطـمـا

وأثّر في صمّ الصّـفـا نـفـثـاتـه

 

ورّمت سليمى أمره ثـم صـمّـمـا

فسبّحن واستهـلـلـن لـمـا رأينـه

 

بها ربذاً سهل الأراجيح مـرجـمـا

من البيض مكسالٌ إذا ما تلـبّـسـت

 

بحبل امرىء لم ينج منها مسـلّـمـا

رقودٌ الضّحى لا تقرب الجيرة القصى

 

ولا الجيرة الأذنين إلا تـجـشّـمـا

وليست من اللاّتي يكون حـديثـهـا

 

أمـام بـيوت الـحـيّ إنّ وإنّـمـا

       

لقيس بن ذريح وقال قيس بن ذريح:

تعلّق روحي قبـل خـلـقـنـا

 

ومن بعد ما كنّا نطافاً وفي المهد

فزاد كما زدنا فأصبـح نـامـياً

 

فليس وإن متنا بمنفصم العـهـد

ولـكـنّـه بـاقٍ كـلّ حـادثٍ

 

وزائرنا في ظلمة القب واللّحـد

يكاد حباب الماء يخدش جلـدهـا

 

إذا اغتسلت بالماء من رقّة الجلد

ولو لبست ثوباً من الورد خالصاً

 

لخدّش منها جلدها ورق الـورد

يثقّلها لبس الحرير لـلـينـهـا

 

وتشكو إلى جارتها ثقل العـقـد

وأرحم خدّيها إذا ما لحظـتـهـا

 

حذاراً للحظي أن يؤثر في الخد

تم كتاب النساء،وهو الكتاب العاشر من عيون الأخبار، لابن قتيبة رحمة اللّه عليه، وتمّ بتمامه كتاب عيون الأخبار. وكتبه الفقير إلى رحمة اللّه تعالى إبراهيم بن عمر ابن محمد بن عليّ الواعظ الجزريّ، في شهور سنة أربع وتسعين وخمسمائة.
والحمد للّه رب العالمين وصلاته وسلامه على خير خلقه ومظهر حقّه محمد وآله أجمعين "جاء في أوّل الجزء العاشر على ظهر الصفحة الأولى من النسخة الخطية التي نقل عنها الأصل الفتوغرافي "أ." ما يأتي"

قال لي قائل وقد لاح في فـو

 

ديّ مستشرقاً بياض القـتـير

لم يعرف البياض بيض الغواني

 

قلت علمي وأنت عين الخبير

ليس كره النساء للـشّـيب إلا

 

أنـه مـنـذرٌ بـنـوم الأيور

لعلي عليه السلام في صفة الجماع روي عن عليّ عليه السلام أنه سئل عن صفة الجماع فقال: عوراتٌ تجتمع وحياءٌ يرتفع، إذا ظهر للعيون كان أشبه بالجنون. الإقامة عليه هرم، والإفاقة منه ندم؛ ثمرة حلاله الولد، إن عاش أفتن، وإن مات أحزن:

إذا لم يكن في منزل المرء حرّةٌ

 

مدبرةٌ ضاعـت مـروءة داره

بين عبد الملك بن مروان وجماعة من الشعراء وقيل: اجتمع جماعةٌ من الشعراء عند عبد الملك بن مروان فتذاكروا بيت نصيب وهو قوله:

أهيم بدعدٍ ما حييت فإن أمت

 

أوكّل بدعدٍ من يهيم بها بعدي

فما في القوم إلا من عابه وأزرى على نصيب فيه، فقال عبد الملك: فما كنتم تقولون أنتم؟ فقال واحد منهم: كنت أقول يا أمير المؤمنين:

أهيم بدعدٍ مـا حـييت وإن مـت

 

فيا ليت شعري من يهيم بها بعدي

فقال له عبد الملك: أنت أسوأ رأياً من نصيب. فقالوا: فماذا كنت تقول أنت يا أمير االمؤمنين؟ قال: كنت أقول:

أهيم بدعدٍ ما حييت وإن أمـت

 

فلا صلحت دعدٌ لذي خلّةٍ بعدي

فقالوا: أنت واللّه أشعر الثلاثة يا أمير المؤمنين.