ابن قتيبة

عيون الأخبار

 

كتاب الحرب

 

آداب الحرب ومكائدهم

للرسول في عدم تمني لقاء العدو قال أبو محمد عبد اللّه بن مسلابن قتيبة: حدّثني محمد بن عبيد ة قال: حدّثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن هشام والأوزاعيّ عن يحيى بن أبي كثير قال: قال رسول اللّه: "لا تمنّوا لقاء العدوّ فعسى أن تبتلوا بهم ولكن قولوا اللهم اكفنا وكفّ عنا بأسهم، وإذا جاءوكم يعزفون ويزحفون ويصيحون فعليكم الأرض جلوساً، ثم قولوا: اللهم أنت ربنّا وربّهم، ونواصينا ونواصيهم بيدك، فإذا غشوكم فثوروا في وجوههم".

لأبي الدرداء في القتال بالأعمال

حدّثني محمد بن عبيد عن معاوية عن أبي إسحاق عن سعيد بن عبد العزيز عمن حدّثه أنّ أبا الدرداء قال: أيهم الناس، عملٌ صالح قبل الغزو فانما تقاتلون بأعمالكم.

لعمر بن الخطاب عند عقده الألوية لأمراء الجيوش

حدّثنا القاسم بن الحسن عن الحسن بن الربيع عن ابن مبارك عن حيوة بن شريح قال: كان عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه إذا بعث أمراء الجيوش أوصاهم بتقوى اللّه العظيم، ثم قال عند عقد الألوية: بسم اللّه وعلى عون اللّه وامضوا بتأييد اللّه بالنصر وبلزوم الحق والصبر، فقاتلوا في سبيل اللّه من كفر باللّه ولا تعتدوا إن اللّه لا يحب المعتدين. لا تجنبوا عند اللقاء ولا تمثّلوا عند القدرة ولا تسرفوا عند الظهور ولا تقتلوا هرماً ولا امرأة ولا وليداً. وتوقّوا قتلهم إذا التقى الزّحفان وعند حمّة النّهضات وفي شنّ الغارات. ولا تغلّوا عند الغنائم ونزّهوا الجهم د عن عرض الدنيا وأبشروا بالرّباح في البيع الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم.

وصية أكثم بن صيفي لقوم استشاروه في حرب

استشار قوم أكثم بن صيفيّ في حرب قوم أرادوهم وسألوه أن يوصيهم فقال: أقلّوا الخلاف على أمرائكم، واعلموا أن كثرة الصّياح من الفشل والمرء يعجز لا محالة. تثبّتوا فإن أحزم الفريقين الرّكين، وربّت عجلةٍ تعقب ريثا، وآتزروا للحرب وادّرعوا الليل فإنه أخفى للويل، ولا جماعة لمن اختلف عليه.
وقال بعض الحكماء: قد جمع اللّه لنا أدب الحرب في قوله تعالى: "يأيّهم الّذين آمنوا إذا لقيتم فئةً فاثبتوا وآذكروا اللّه كثيراً لعلّكم تفلحون وأطيعوا اللّه ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم و آصبروا إنّ اللّه مع الصّابرين".

قول عتبة بن ربيعة لأصحابه يوم بدر

حدّثني محمد بن عبيد قال: حدّثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن الأوزاعيّ قال: قال عتبة بن ربيعة يوم بدر لأصحابه: ألا ترونهم - يعني أصحاب النبي - جثيًّا على الرًكب كأنهمخرسٌ يتلمًظون تلمًظ الحيًات. قال: وسمعتهم عائشة يكّبرون يوم الجمل فقالت: لا تكنثروا الصياح فإن كثرة التكنبير عند اللقاء من الفشل.

وصية أبو بكر ليزيد بن أبي سفيان

وذكر أبو حاتم عن العتبيّ عن أبي إبراهيم قال: أوصى أبو بكر رضي اللّه عنه يزيد بن أبي سفيلن حين وجّهه إلى الشام فقال: يا يزيد سر على بركة اللّه. إذا دخلت بلاد العدوّ فكن بعيداً من الحملة فإنة لا آمن عليك الجولة. وآستظهر بالزاد وسر بالأدلاّء ولا تقاتل بمجروح فإنّ بعضه ليس منه، وآحترس من البيات فإنّ في العرب غرّة، وأقلل من الكلام فإنما لك ما وعي عنك. وإذا أتاك كتابي فأنفذه فإنما أعمل على حسب إنفاذه. وإذا قدمت عليك وفود العجم فأنزلهم معظم عسكرك وأسبغ عليهم النفقة و امنع الناس عن محادثتهم ليخرجوا جاهلين كما دخلوا جاهلين. ولا تلحّن في عقوبة "فإن أدناهم وجع" ولا تسرعنّ إليهم وأنت تكنتفي بغيرهم. واقبل من التاس علانيتهم وكلهم إلى اللّه في سرائرهم. ولا تجسّس عسكرك فتفضحه ولا تهمله فتفسده. وأستودعك اللّه الذي لا تضيع ودائعه.

وصية أبو بكر لعكرمة حين وجهه إلى عمان


"قال بو بكر لعكرمة حين وجهه إلى عمان: يا عكرمة سر على بركة اللّه ولا تنزل على مستأمن ولا تؤمّنن على حق مسلم وأهدر الكفر بعضه ببعض. وقدّم النّذر بين يديك. ومهما قلت إني فاعل فافعله ولا تجعل قولك لغواً في عقوبة ولا عفو. ولا ترج إذا أمّنت زلا تخافنّ إذا خوّفت ولكن انظر متى تقول وما تقول. ولا تعدنّ معصية بأكثر من عقوبتنا فإن فعلت أثمت وإن تركت كذبت. ولاتؤمّنن شريفاً دون أن يكفل بأهله ولا تكنفلنّ ضعيفاً أكثر من نفسه. واتق اللّه فإذا لقيت فاصبر".

وصية عبد الملك بن صالح إلى أمير سرية إلى بلاد الروم

وأوصى عبد الملك بن صالح أمير سريّة إلى بلاد الروم فقال: أنت تاجر اللّه لعباده فكن كالمضارب الكيّس الذي إن وجد ربحاً تجر، وإلا احتفظ برأس المال. ولا تطلب الغنيمة حتى تحوز السلامة. وكن من احتيالك على عدوّك أشدّ حذراً من احتيال عدوّك عليك.

وصية رسول اللّه إلى عمرو بن العاص أو زيد بن حارثة

وحدّثني محمد بن عبيد عن ابن عيينة قال: أخبرني رجل من أهل المدينة أنّ رسول اللّه قال ليزيد بن حارثة أو لعمرو بن العاص: "إذا بعثتكن في سرية فلا تتنقّهم واقتطعهم فإن اللّه ينصر القوم بأضعفهم".

فيمن لا يخرج إلى الغزو

حدّثني محمد بن عبيد "عن ابن عيينة" عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال: غزا نبي من الأنبياء أو غير نبي فقال: "لا يغزونّ معي رجل بنى بناء لم يكمله، ولا رجل تزوّج امرأة لم يبن بهم ، ولا رجل زرع زرعاً ثم لم يحصده".

كلام عليّ رضي اللّه عنه لأصحابه يوم صفين

"وذكر ابن عباس عليّاً فقال: ما رأيت رئيساً يوزن به. لرأيته يوم صفّين وكأنّ عينيه سراجا سليط وهو يحمّس أصحابه إلى أن انتهى إليّ وأنا في كثفٍ فقال: معشر المسلمين، استشعروا الخشية وعنّوا الأصوات وتجلببوا السكينة وأكملوا اللّؤم وأخفوا الخون وقلقلوا السيوف في أغمادهم قبل السّلّة والحظوا الشّزر واطعنوا النّبر ونافحوا بالظّبا و صلوا السيوف بالخطا والرماح بالنّبل وامشوا إلى الموت مشياً سجحا. وعليكم بهذا السواد الأعظم والرّواق المطنّب فاضربوا ثبجه فإن الشيطان راكد في كسره نافج خصييه مفترش ذراعيه قد قدّم للوثبة يداً وأخّر للنّكوص رجلاً".

بين يزيد بن معاوية وسلابن زياد

ولما ولّى يزيد بن معاوية سلابن زياد خراسان قال هل: إن أباك كفى أخاه عظيماً، وقد استكنفيتكن صغيراً فلا تتكنلنّ على عذر مني فقد اتكنلت على كفاية منك. وإياك منّي أن أقول إياي منك، فإنّ الظن إذا أخلف فيك أخلف منك. وأنت في أدنى حظك فاطلب أقصاه، وقد أتعبك أبوك فلا تريحنّ نفسك، وكن لنفسك تكن لك، واذكر في يومك أحاديث غدك ترشد إن شاء اللّه.

لأم جبغويه ملك طخارستان فيما ينبغي للأمير

قال الأصمعيّ: قالت أم جبغويه ملك طخارستان لنصر بن سيّار الليثي: ينبغي للأمير أن تكون له ستة أشياء: وزير يثق به ويفشي إليه سرّه، وحصن يلجأ إليه إذا فزع فينجيه - يعني فرساً - وسيف إذا نازل به الأقران لم يخف خونه، وذخيرة خفيفة المحمل إذا نابته نائبة أخذهم ، وامرأة إذا دخل عليهم أذهبت همّه، وطباخ إذا لم يشته الطعام صنع لم ما يشتهيه.

للرسول عليه الصلاة والسلام

وبلغني عن عبّاد بن كثير عن عقيل "بن خالد" عن الزّهري عن عبيد اللّه بن عبد اللّه عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه: "خير الأصحاب أربعة وخير السرايا أربعمائة وخير الجيوش أربعة الاف وما غلب قوم قطّ يبلغون اثني عشر ألفاً إذا اجتمعت كلمتهم"وقال رجل يوم حنين: لن نغلب اليوم عن قلّة. وكانوا اثني عشر ألفاً فهزم المسلمون يومئذ وأنزل اللّه عزو جل "ويوم حنينٍ إذ أعجبتكنم كثرتكنم" الآية"

ثلاث من كنّ فيه كنّ عليه

وقالوا كان يقال: ثلاث من كنّ فيه كنّ عليه: البغي، قال اللّه تعالى: "يأيّهم النّاس إنما بغيكم على أنفسكم"، والمكر، قال اللّه تعالى: " ولا يحيق المكر السّيّء إلا بأهله " والنّكث، قال عز وجل: "فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه".

من كتاب للهند


وقرأت في كتاب للهند: لاظفر مع بغي، ولا صحّة مع نهم، ولا ثناء مع كبر، ولا صداقة مع خبّ، ولا شرف مع سوء أدب، ولا برّ مع شحٍّ، ولا اجتناب محرّم مع حرص، ولا محبة مع زهو، ولا ولاية حكم مع عدم فقه، ولا عذر مع إصرار، ولا سلامة مع ريبة، ولا راحة قلب مع حسد، ولا سؤدد مع انتقام، ولا رئاسة مع غرارة وعجب، ولا صواب مع ترك المشاورة، ولا ثبات ملك مع تهم ون وجهم لة وزراء.

لقتيبة بن مسلم في صفة المحارب

خرجت خارجة بخراسان على قتيبة بن مسلم فأهمّه ذلك فقيل له: ما يهمّك منهم؟ وجّه إليهم وكيع بن أبي سود فإنه يكفيكهم. فقال:لا، إنّ وكيعاً رجل به كبر يحتقر أعداءه، ومن كان هكذا قلّت مبالاته بعدوّه فلم يحترس منه فيجد عدوّه منه غرّة.

لأحد ملوك العجم في المكيدة بالحرب

وقرأت في بعض كتب العجم أنّ ملكاً من ملوكهم سئل: أيّ مكائد الحرب أحزم؟ فقال: إذكاء العيون واستطلاع الأخبار وإفشاء الغلبة وإظهم ر السرور وإماتة الفرق والاحتراس من البطانة من غير إقصاء لمن يستنصح ولا استنصاح لمن يستغشّ ولا تحويل شيء عن شيء إلا بسدّ ناحية من المراتب وحسن مجاملة الظنون وإشغال الناس عما هم فيه من الحرب بغيره.
وسئل عن وثائق الحزم في القتال فقال: مخاتلة العدوّ عن الرّيف وإعداد العيون على الرّصد وإعطاء المبلّغين على الصدق ومعاقبة المتوصّلين بالكذب وألا تحرج هم رباً إلى قتال ولا تضيّق أماناً على مستأمن ولا تشبّ عن أصحابك للبغية و لا تشدهنّك الغنيمة عن المحاذرة.

من كتاب للهند

وقرأت في كتاب للهند: الحازم يحذر عدوّه على كل حال. يحذر المواثبة إن قرب، والغارة إن بعد، والكمين إن انكشف، والاستطراد إن ولّى، والمكر إن رآه وحيداً، ويكره القتال ما وجد بدّاً لأن النفقة فيه من الأنفس والنفقة في غيره من المال.

من كتاب الآيين في فن المحاربة


و قرأت في الآيين: قد جرت السنة في المحاربة أن يوضع من مكان من الجند أعسر في الميسرة ليكون لقاؤه يسراً ورميه شزراً وأن يكون اللقاء من الفرسان قدماً وترك ذلك على حال ممايلة أو مجانبة وأن يرتاد للقلب مكاناً مشرفاً ويلتمس وضعه فيه فإن أصحاب الميمنة والميسرة لا يقهرون ولا يغلبون وإن زالتا بعض الزوال ما ثبت المادّتان فإن زالت المادّتان لم ينتفع بثبات الميمنة والميسرة. "وإذا عيّ الجند فليناوش أهل الميمنة والمادّتان فأما الميسرة" فلا يشذنّ منهم أحد إلاّ أن يبادر إليهم من العدوّ من يخاف بائقته فيردّون عاديتهم مع أنّ أصحاب الميمنة والمادّتين لا يقدرون على لقاء من يناوشهم والرجوع إلى أصحابهم عاطفين، وأصحاب الميسرة لا يقدرون على مناوشة إلا مائلين ويعجزهم الرجوع عاطفين. ولا يألونّ صاحب الجيش على حال من الحال أن يستدبر جنده عين الشمس والريح، ولا يحاربنّ جنداً إلا على أشدّ الضرورة وعلى حال لا يوجد معهم من المحاربة بدٌّ، فإذا كان كذلك فليجهد صاحب الجيش أن يدفع بالحرب إلى أخر النهم ر. وينبغي على كل حال أن يخلّى بين المنهزمين وبين الذهم ب ولا يحبسوا. وإن كان الجند قد نزلوا على ماء وأراد العدوّ أن ينالوا من الماء فليس من الرأي أن يحال بينهم وبينه لئلا يحرجوا إلى الجدّ في محاربتهم. وإن كان العدو قد نزلوا بماء وأراد الجند غلبتهم عليه فإن وقت طلب ذلك عند ريّ العدوّ من الماء وسقيهم دوابّهم منه وعند حاجة الجند إليه، فإن أسلس ما يكون الإنسان عن الشيء عند استغنائه عنه وأشدّ ما يكون طلباً للشيء عند حاجنه إليه. ولتسر الطلائع في قرار من الأرض ويقفوا على التّلاع ولا يجوزوا أرضاً لم يستقصوا خبرهم. وليكمن الكمين في الخمر والأماكم الخفية. وليطرح الحسك في المواضع التي يتخوّف فيهم البيات. وليحترس صاحب الجيش من انتشار الخبر عنه فأن في انتشاره فساد العسكر وانتقاضه.وإذا كان أكثر من في الجند من المقاتلة مجرّبين ذوي حنكة وبأس فبدار العدوّ الجند إلى الوقعة خير للجند.وإذا كان أكثرهم أغماراً ولم يكن من القتال بدّ فبدار الجند إلى مقاتلة العدوّ أفضل للجند. وليس ينبغي للجند أن يقاتلوا عدوّاً إلا أن تكون عدّتهم أربعة أضعاف عدّة العدوّ أو ثلاثة أضعافهم، فإن غزاهم عدوّهم لزمهم أن يقاتلوهم بعد أن يزيدوا على عدّة العدو مثل نصف عدّتهم. وأن توسط العدوّ بلادهم لزمهم أن يقاتلوهم وإن كانوا أقل منهم، وينبغي أن ينتخب للكمين من الجند أهل جرأة وشجاعة وتيقّظ وصرامة وليس بهم أنين ولا سعال ولا عطاس ويختار لهم من الدواب ما لايصهل ولا يغنث، ويختار لكمونهم مواضع لا تغشى ولا تؤتى، قريبة من الماء حتى ينالوا منه إن طال مكثهم، وأن يكون إقدامهم بعد الرويّة والتشاور والثقة بإصابة الفرصة، ولا يخيفوا سباعاً ولا طيراً ولا وحشاً. وأن يكون إيقاعهم كضريم الحريق، وليجتنبوا الغنائم ولينهضوا من المكمن متفرقين إذا ترك العدوّ الحراسة وإقامة الرّمايا، وإذا أونس من طلائعهم توانٍ وتفريطٌ وإذا أمرجوا دوابّهم في الرعي، وأشدّ ما يكون البرد في الشتاء وأشدّ ما يكون الحر في الصيف. وأن يرفضّوا ويفترقوا إذا ثاروا من مكمنهم بعد أن يستخير بعضهم بعضاً وأن يسرعوا الإيقاع بعدوّهم ويتركوا التلبّث والتلفّت. وينبغي للمبيّتين أن يفترصوا البيات إذا هبّت ريح أو أونس من نهر قريب منهم خريرٌ فإنه أجدر ألا يسمع لهم حسّ. وأن يتوخّى بالوقعة نصف الليل أو أشدّ ما يكون إظلاماً. وأن يصير جماعة من الجند وسط عسكر العدوّ وبقيتهم حوله، ويبدأ بالوقعة من يصير منهم في الوسط ليسمع بالضجّة والضوضاء من ذلك الموضع لا من حوله، وأن يشرّد قبل الوقعة الأفره فالأفره من دوابّهم ويقطّع أرسانهم وتهمز بالرماح في أعجازهم حتى تتحيرّ وتعير ويسمع لهم ضوضاء، وأن يهتف هم تف ويقول: يا معشر أهل العسكر النّجاء النجاء فقد قتل قائدكم فلان وقتل خلق وهرب خلق. ويقول قائل: أيهم الرجل أستحيني اللّه. ويقول آخر: العفو العفو. وآخر: أوّه أوّه، ونحو هذا من الكلام. وليعلم أنه إنما يحتاج في البيات إلى تحيير العدوّ وإخافته وليجتنبوا التقاط الأمتعة واستياق الدوابّ وأخذ الغنائم.

ما ينبغي في محاصرة الحصون

 
قال: وينبغي في محاصرة الحصون أن يستمال من يقدر على استماللّه من أهل الحصن والمدينة ليظفر منهم بخصلتين: إحداهما استنباط أسرارهم، والأخرى إخافتهم وإفزاعهم بهم، وأن يدسّ منهم من يصغر شأنهم ويؤيسهم من المدد ويخبرهم أن سرّهم منتشر في مكيدتهم،وأن يفاض حول الحصن ويشار إليه بالأيدي كأن فيه مواضع حصينة وأخر ذليلة وموضع ينصب المجانيق عليهم ومواضع تهيّأ العرّادات لهم ومواضع تنقب نقباً ومواضع توضع السّلالأعليهم ومواضع يتسوّر منهم ومواضع يضرم النار فيهم ليلأهم ذلك رعباً، ويكتب على نشّابة: إياكم أهل الحصن والاغترا وإغفال الحراسة، عليكم بحفظ الأبواب فإن الزمان خبيث وأهله أهل غدر فقد خدع أكثر أهل الحصن واستميلوا، ويرمى بتلك النّشابة في الحصن ثم يدسّ لمخاطبتهم المنطيق المصيب الدّهيّ الموارب المخاتل فير المهذار ولا المغفّل. وتؤخّر الحرب ما أمكن ذلك فإن في المحاربة جرأة منهم على من حاربهم ودليلاً على الحيلة والمكيدة، فإن كان لابد من المحاربة فليحاربوا بأخفّ العدّة وأيسر الآلة. وينبغي أن يغلب العدوّ على الأرض ذات الخمر والشجر والأنهم ر للمعسكر ومصافّ الجنود ويخلّى بين العدوّ وبين بساط الأرض ودكادكهم .

من أشد الأمور تدريباً للجنود

وفي بعض كتب العجم أن بعض الحكماء سئل عن أشدّ الأمور تدريباً للجنود وشحذاً لهم ، فقال: استعادة القتال وكثرة الظّفر، وأن تكون لهم موادّ من ورائهم وغنيمة فيما أمامهم ، ثم الإكرام للجيش بعد الظّفر والإبلاغ بالمجتهدين بعد المناصبة، والتشريف للشجاع على رؤوس الناس.

صفات القائد

قال المدائني: "قال نصر بن سيّار": كان عظماء الترك يقولون: القائد العظيم ينبغي أن تكون فيه خصال من أخلاق الحيوان: شجاعة الديك، وتحنّن الدجاجة، وقلب الأسد، وحملة الخنزير، "وروغان الثعلب، وختل الذئب. وكان يقال في صفة الرجل الجامع: له وثبة الأسد، وروغان الثعلب، وختل الذئب" وجمع الذّرّة، وبكور الغراب.
وكان يقال: أصلح الرجال للحرب المجرّب الشجاع الناصح.

لعمرو بن معاوية في ضبطه الطوائف

حدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ عن أبي الأصمّ قال: قيل لعمرو بن معاوية العقيلي وكان صاحب صوائف: بم ضبطت الصوائف؟ أي الثغور، قال: بسمانة الظهر وكثرة الكعك والقديد. وفي كتاب الآيين: ليكن أوّل ما تحمله معك خبزاً ثم خبزاً ثم خبزاً. وإياك والمفارش والثياب.
أبو اليقظان قال: قال شبيب الحارجي: الليل يكفيك الجبان ونصف الشجاع. وكان إذا أمسى قال لأصحابه: أتاكم المدد، يعني الليل. وقيل لبعض الملوك: بيّت عدوّك. قال: أكره أن أجعل غلبتي سرقة.

حكمة ملك الروم

المدائني قال: لما اشتغل عبد الملك بمحاربة مصعب بن الزبير اجتمع وجوه الروم إلى ملكهم فقالوا: قد أمكنتكن الفرصة من العرب بتشاغل بعضهم ببعض، فالرأي أن تغزوهم في بلادهم. فنهم هم عن ذلك وخطّأ رأيهم، ودعا بكلبين فأرّش بينهما فاقتتلا قتالاً شديداً، ثم دعا بثعلب فخلاّه بينهما، فلما رأى الكلبان الثعلب تركا ما كانا فيه وأقبلا على الثعلب حتى قتلاه، فقال لهم ملك الروم: هذا مثلنا ومثلهم. فعرفوا صدقه وحسن رأيه ورجعوا عن رأيهم.

وصية حكيم لملك

وأوصى بعض الحكماء ملكاً فقال: لا يكن العدوّ الذي قد كشف لك عن عدواته بأخوف عندك من الظّنين الذي يستتر لك بمخاتلته، فإنه ربما تخوّف الرجل السّمّ الذي هو أقتل الأشياء وقتله الماء الذي يحيي الأشياء، وربما تخوّف أن يقتله الملوك التي تملكه ثم قتلته العبيد التي يملكهم. فلا تكن للعدوّ الذي تناصب بأحذر منك للطعام الذي تأكل. وأنا لكل أمر أخذت منه نذيرك وإن عظم آمن منّي من كل أمر عرّيته من نذيرك وإن صغر. واعلم أن مدينتكن حرز من عدوّك، ولا مدينة تحرّز فيهم من طعامك وشرابك ولباسك وطيبك، وليست من هذه الأربع واحدة إلا وقد تقتل بهم الملوك.

حنكة خالد بن برمك وفراسته


وذكر عبد الملك بن صالح الهم شمي أن خالد بن برمك، حين فصل مع قحطبة من خراسان، بينما هو على سطح بيت في قرية قد نزلاهم وهم يتغدّون نظر إلى الصحراء فرأى أقاطيع ظباء قد أقبلت من جهة الصحارى حتى كادت تخالط العسكر، فقال لقحطبة: أيهم الأمير ناد في الناس: يا خيل اللّه اركبي، فإن العدوّ قد نهد إليك وحثّ، وغاية أصحابك أن يسرجوا ويلجموا قبل أن يروا سرعان الخيل. فقام قحطبة مذعوراً فلم ير شيئاً يروعه ولم يعاين غبارا، فقال لخالد: ما هذا الرأي؟ فقال خالد: أيهم الأمير لا تتشاغل بي وناد في الناس. أما ترى أقاطيع الوحش قد أقبلت وفارقت مواضعهم حتى خالطت الناس! إن وراءهم لجمعا كثيفاً. قال: فواللّه ما أسرجوا ولا ألجموا حتى رأوا ساطع الغبار فسلموا، ولولا ذلك لكان الجيش قد اصطلم.

نصيحة حكيم لبعض الملوك

وقال بعض الحكماء لبعض الملوك: آمركم بالتقدّم والأمر ممكن، وبالإعداد لغد من قبل دخولك في غد كما تعدّ السلاح لمن تخاف أن يقاتلك وعسى ألا يقاتلك، وكما تأخذ عتاد البناء من قبل أن تصيبه السماء وأنت لاتدري لعلهم لا تصيبه، بل كما تعدّ الطعام لعدد الأيام وأنت لا تدري لعلك لا تا:له. وكان يقال: كل شيء طلبته في وقته فقد مضى وقته.

بين ملك الهياطلة وفيروز بن يزدجرد ملك فارس


وقرأت في كتاب سير العجم أن فيروز بن يزدجرد بن بهرام لمّا ملك سار بجنوده نحو خراسان لغزو أخشنوار ملك الهياطلة ببلخ، فلما انتهى إلى بلاده اشتدّ رعب أخشنوار منه وحذره له، فناظر أصحابه ووزراءه في أمره، فقال له رجل منهم: أعطني موثقاً وعهداً تطمئن إليه نفسي أن تكنفيني أهلي وولدي وتحسن إليهم وتخلفني فيهم، ثم اقطع يديّ ورجليّ وألقني على طريق فيروز حتى يمرّ بي هو وأصحابه فأكفيك مؤونتهم وشوكتهم وأورّطهم مورّطاً تكون فيه هلكتهم. فقال له أخشنوار: وما الذي تنتفع به من سلامتنا وصلاح حالنا إذا أنت قد هلكت ولم تشركنا في ذلك؟ قال: إني قد بلغت ما كنت أحب أن أبلغه من الدنيا وأنا موقن بأن الموت لا بد منه وإن تأخر أياماً قلائلا، فأحب أن أختم عمري بأفضل ما تختم به الأعمار من النصيحة لأخواني والنكاية في عدوّي فيشرف بذلك عقبي وأصيب سعادة وحظوة فيما أمامي. ففعل به ذلك وأمر به فألقي حيث وصف له. فلما مرّ به فيروز سأله عن أمره فأخبره أن أخسنوار فعل ذلك به وأنه احتال حتى حمل إلى ذلك الموضع ليدلّه على عورته وغرّته وقال: إني أدلك على طريق هو أقرب من هذا الذي تريدون سلوكه وأخفى، فلا يشعر أخشنوار حتى تهجموا عليه فينتقم اللّه لي منه بكم، وليس في هذا الطريق من المكروه ألا تفويز يومين ثم تفضون إلى كل ما تحبون. فقبل فيروز قوله بعد أن أشار عليه وزراؤه بالاتهم م له والحذر منه وبغير ذلك، فخالفهم وسلك الطريق حتى انتهى بهم إلى موضع من الفازة لا صدر عنه، ثم بيّن لهم أمره فتفرقوا في المفازة يميناً وشمالاً يلتمسون الماء فقتل العطش أكثرهم ولم يخلص مع فيروز منهم إلا عدّة يسيرة فإنهم انطلقوا معه حتى أشرفوا على أعدائهم وهم مستعدّون لهم فواقعهم على تلك الحالة وعلى ما بهم من الضر والجهد فاستمكنوا منهم وأعظموا النكاية فيهم، ثم رغب فيروز إلى أخشنوار وسأله أن يمنّ عليه وعلى من بقي من أصحابه على أن يجعل لهم عهد اللّه وميثاقه ألا يغزوه أبداً فيما يستقبل من عمره وعلى أنه يحدّ فيما بينه وبين مملكته حدّاً لا تجاوزه جنوده، فرضي أخشنوار بذلك وخلّى سبيله وانصرف إلى مملكته، فمكث فيروز برهة من دهره كئيباً ثم حمله الأنف على أن يعود لغزوه ودعا أصحابه إلى ذلك فردّوه عنه وقالوا: إنك قد عاهدته ونحن نتخوّف عليك عاقبة البغي والغدر مع ما في ذلك من العار وسوء المقالة. فقال لهم: إني إنما شرطت له ألاّ أجوز الحجر الذي جعلته بيني وبينه فأنا آمر بالحجر ليحمل على عجلة أمامنا. فقالوا له: أيهم الملك، إنّ العهود والمواثيق التي يتعاطاهم الناس بينهم لا تحمل على ما يسرّ المعطي لهم ولكن على ما يعلن المعطي، وإنك إنما جعلت له عهد اللّه وميثاقه على الأمر الذي عرفه لا على أمر لم يخطر بباله. فأبى فيروز ومضى في غزاته حتى انتهى إلى الهياطلة وتصافّ الفريقان للقتال فأرسل أخشنوار إلى فيروز يسأله أن يبرز فيما بين صفّيهم ليكلمه، فخرج إليه فقال له أخشنوار: قد ظننت أنه لم يدعك إلى غزونا إلا الأنف مما أصابك. ولعمري لئن كنّا احتلنا لك بما رأيت، لقد كنت التمست منّا أعظم منه، وما ابتدأناك ببغي ولا ظلم ولا أردنا إلا دفعك عن أنفسنا وعن حريمنا، ولقد كنت جديراً أن تكون، من سوء مكافأتنا بمنّنا عليك وعلى من معك من نقض العهد والميثاق الذي وكّدت على نفسك، أعظم أنفاً وأشدّ امتعاضاً مما نالك منّا، فإنّا أطلقناكم وأنتم أسرى ومننّا عليكم وأنتم مشرفون على الهلكة وحقنّا دماءكم و بنا قدرة على سفكهم ، وإنا لم نجبرك على ما شرطت لنا بل كنت أنت الراغب إلينا فيه والمريد لنا عليه ففكّر في ذلك وميّل بين هذين الأمرين فانظر أيّهما أشدّ عاراً وأقبح سماعاً، إن طلب رجل أمراً فلم يتح له وسلك سبيلاً فلم يظفر فيهم ببغيته واستمكن منه عدوّه على حال جهد وضيعة منه وممن معه، فمّن عليهم وأطلقهم على شرط شرطوه وأمر اصطلحوا عليه فاضطّر لمكروه القضاء واستحيا من النّكث والغدر أن يقال امرؤ نكث العهدوختر الميثاق. مع أني قد ظننت أنه يزيدك نجاحاً ما تثق به من كثرة جنودك وما ترى من حسن عدّتهم وطاعتهم لك، وما أجدني أشكّ أنهم أو أكثرهم كارهون لما كان من شخوصك بهم عارفون بأنك قد حملتهم على غير الحق ودعوتهم إلى مايسخط اللّه، فهم في حربنا غير مستبصرين ونيّاتهم في مناصحتكن اليوم  
مدخولة، فانظر ما قدر غناء من يقاتل على مثل هذه الحال، وما عسى أن تبلغ نكايته في عدوّه إذا كان عارفاً بأنه إن ظفر فمع عار وإن قتل فإلى النار، فأنا أذكّرك اللّه الذي جعلته على نفسك كفيلاً ونعمتي عليك وعلى من معك بعد يأسكم من الحياة وإشفائكم على الممات، وأدعوك إلى ما فيه حظّك ورشدك من الوفاء بالعهد والاقتداء بآبائك الذين مضوا على ذلك في كل ما أحبوه أو كرهوه، فأحمدوا عواقبه وحسن عليهم أثره، ومه ذلك إنك لست على ثقة من الظّفر بنا والبلوغ لنهمتكن فبنا وإنما تلتمس منا أمراً نلتمس منك مثله وتناوىء عدوّاً لعله يمنح النصر عليك فقد بالغت في الاحتجاج عليك وتقدّمت في الإعذار إليك ونحن نستظهر باللّه الذي اعتززنا به ووثقنا بما جعلته لنا من عهده إذا استظهرت بكثرة جنودك وازدهتكن عدّة أصحابك، فدونك هذه النصيحة فواللّه. ما كان أحد من نصحائك ببالغ لك أكثر منهم ولا زائد لك عليهم ، ولا يحرمنّك منفعتهم مخرجهم مني فإنّه لا يزري بالمنافع عند ذوي الرأي أن كانت من قبل الأعداء كما لا يحبّب المضارّ إليهم أن تكون على أيدي الأولياء. واعلم أنه ليس يدعوني إلى ما تسمع من مقالتي ضعف أحسّه من نفسي ولا قلةٌ من جنودي، ولكني أحببت أن أزداد بذلك حجّة واستظهم راً، وأزداد به من اللّه للنصر والمعونة استيجاباً ولا أوثر على العافية والسلامة شيئاً ما وجدت إليهما سبيلاً. فأبى فيروز إلا تعلّقاً بحجّته في الحجر الذي جعله حدّاُ بينه وبينه وقال: لست ممن يردعه عن الأمر يهمّ به وعيدٌ ولا يقتاده اللّهدّد والترهيب، "ولو كنت أرى ما أطلبك غدراً مني ما كان أحد أنظر ولا أشدّ اتقاءً مّني على نفسي فلا يغرّنك منا الحال التي صادفتنا عليهم في المرّة الأولى من القلّة والجهد والضعف". فانظر ما قدر غناء من يقاتل على مثل هذه الحال، وما عسى أن تبلغ نكايته في عدوّه إذا كان عارفاً بأنه إن ظفر فمع عار وإن قتل فإلى النار، فأنا أذكّرك اللّه الذي جعلته على نفسك كفيلاً ونعمتي عليك وعلى من معك بعد يأسكم من الحياة وإشفائكم على الممات، وأدعوك إلى ما فيه حظّك ورشدك من الوفاء بالعهد والاقتداء بآبائك الذين مضوا على ذلك في كل ما أحبوه أو كرهوه، فأحمدوا عواقبه وحسن عليهم أثره، ومه ذلك إنك لست على ثقة من الظّفر بنا والبلوغ لنهمتكن فبنا وإنما تلتمس منا أمراً نلتمس منك مثله وتناوىء عدوّاً لعله يمنح النصر عليك فقد بالغت في الاحتجاج عليك وتقدّمت في الإعذار إليك ونحن نستظهر باللّه الذي اعتززنا به ووثقنا بما جعلته لنا من عهده إذا استظهرت بكثرة جنودك وازدهتكن عدّة أصحابك، فدونك هذه النصيحة فواللّه. ما كان أحد من نصحائك ببالغ لك أكثر منهم ولا زائد لك عليهم ، ولا يحرمنّك منفعتهم مخرجهم مني فإنّه لا يزري بالمنافع عند ذوي الرأي أن كانت من قبل الأعداء كما لا يحبّب المضارّ إليهم أن تكون على أيدي الأولياء. واعلم أنه ليس يدعوني إلى ما تسمع من مقالتي ضعف أحسّه من نفسي ولا قلةٌ من جنودي، ولكني أحببت أن أزداد بذلك حجّة واستظهم راً، وأزداد به من اللّه للنصر والمعونة استيجاباً ولا أوثر على العافية والسلامة شيئاً ما وجدت إليهما سبيلاً. فأبى فيروز إلا تعلّقاً بحجّته في الحجر الذي جعله حدّاُ بينه وبينه وقال: لست ممن يردعه عن الأمر يهمّ به وعيدٌ ولا يقتاده اللّهدّد والترهيب، "ولو كنت أرى ما أطلبك غدراً مني ما كان أحد أنظر ولا أشدّ اتقاءً مّني على نفسي فلا يغرّنك منا الحال التي صادفتنا عليهم في المرّة الأولى من القلّة والجهد والضعف".
 
قال أخشنوار: لا يغرّنك ما تخدع به نفسك من حملك الحجر أمامك، فإنّ الناس لو كانوا يعطون العهود على ما تصف من إسرار أمرٍ وإعلان آخر، إذاً ما كان ينبغي لأحد أن يغترّ بأمانٍ ولا يثق بعهدٍ، وإذاً لما قبل الناس شيئاً مما يعطونه من ذلك، ولكنّه وضع على العلانية وعلى نية من تعقد العهود والشروط له. فانصرفا يومهما ذلك فقال فيروز لأصحابه: لقد كان أخشنوار حسن المحاورة، وما رأيت للفرس الذي كان تحته نظيراً في الدواب فإنه لم يزل قوائمه ولم يرفع حوافره عن موضعهم ولا صهل ولا أحدّث شيئاً يقطع به المحاورة في طول ما تواقفنا. وقال أخشنوار لأصحابه: لقد واقفت فيروز كما علمتم وعليه السلاح كلّه فلم يحرّك رأسه ولم ينزع رجله من ركابه ولا حنا ظهره ولا التفت يميناً ولا شمالاً، ولقد تورّكت أنا مراراً وتمطيت على فرسي وتلفّتّ إلى من خلفي ومددت بصري في أمامي وهو منتصبٌ ساكن على حاله، ولولا محاورته إياي لظننت أنه لا يبصرني. وإنما أرادا بما وصفا من ذلك أن ينتشر هذان الحديثان في أهل عسكريهما فيشغلوا بالإفاضة فيهما عن النظر فيما تذاكراه. فلما كان في اليوم الثاني أخرج أخشنوار الصحيفة التي كتبهم لهم فيروز، فرفعهم على رمح لينظر إليهم أهل عسكر فبروز فيعرفوا غدره وبغيه ويخرجوا من متابعته، فانتقض عسكر فيروز واختلفوا وما لبثوا إلا يسيراً حتى انهزموا وقتل منهم خلقٌ كثير وهلك فيروز، فقال أخشنوار: لقد صدق الذي قال: لا رادّ لما قدّر، ولا أشدّ إحالةً لمنافع الرأي من الهوى واللّجاج، ولا أضيع من نصيحة يمنحهم من لا يوطّن نفسه على قبولهم والصبر على مكروههم ، ولا أسرع عقوبة ولا أسوأ عاقبة من البغي والغدر، ولا أجلب لعظيم العار والفضوح من إفراط الفخر والأنفة.

بين شبيب الخارجي والحجاج

وقال أبو اليقظان: لما خرج شبيب بن يزيد نعيم الخارجيّ بالموصل بعث إليه الحجّاج قائداً فقتله كذلك حتى أتى على خمسة قوّاد قتلهم وهزم جيوشهم وكان أحد القوّاد موسى بن طلحة بن عبيد اللّه، ثم خرج شبيب من الموصل يريد الكوفة وخرج الحجّاج من البصرة يريد الكوفة فطمع شبيب أن يلقى الحجاج قبل أن يصل إلى الكوفة فأقحم الحجاج خيله فدخل الكوفة قبله، ومرّ شبيب بعتّاب بن ورقاء فقتله ومرّ بعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فهرب منه، وقدم شبيبٌ الكوفة آلى ألاّ يبرح عنهم أو يلقى الحجاج فيقتله أو يقتل دونه، فخرج الحجاج إليه في خيله، فلما قرب منه عمد إلى سلاحه فألبسه أبا الورد مولاه وحمله على الدّابة التي كان عليهم ، فلما تواقفا قال شبيب: أروني الحجاج، فأومأوا له إلى أبي الورد فحمل عليه فقتله، ثم خرج من الكوفة يريد الأهواز فغرق في دجيل وهو يقول: "ذلك تقدير العزيز العليّم".

الأوقات التي تختار للسفر والحرب

للزهريّ عن الرسول

قال: حدّثني محمد بن عبيد قال: حدّثنا يزيد بن هم رون عن محمد بن إسحاق عن عبد اللّه بن أبي بكر عن الزهريّ قال: كان أحبّ الأيام إلى رسول اللّه أن يعقد فيه رايته يوم الخميس، وكان أحبّ إلى رسول اللّه أن يسافر فيه يوم الخميس.
وقالت العجم: أخّر الحرب ما استطعت فإن لم تجد بدّاً فاجعل ذلك آخر النهم ر.
وحدّثني محمد بن عبيد عن معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن ابن عون عن محمد بن سيرين أنّ النعمان بن مقرّن قال لأصحابه: إني لقيت مع رسول اللّه فكان من أحبّ ما يلقى فيه إذا لم يلق في أوّل النهم ر إذا زالت الشمس و حلّت الصلاة وهبّت الرياح ودعا المسلمون.
ويروي قوم عن عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه أنه كان يكره الحجامة والابتداء بعمل في محاق القمر وفي حلوله في برج العقرب. "وقال بعضهم: كنت مع عمر بن عبد العزيز فوق سطح وهو يريد الركوب، فنظرت فإذا القمر بالدّبران فقلت: انظر إلى القمر ما أحسن استواءه! فرفع رأسه ثم نظر فرأى منزلته فضحك، وقال: إنما أردت أن ننظر إلى منزلته، وإنّا لا نقيم لشمس ولا لقمر ولكنا نسير باللّه الواحد القهم ر".

ما كان يقال عن أيام الأسبوع

وكان يقال: يوم السبت يوم مكر وخديعة، ويوم الأحد يوم غرس وبناء، ويوم الأثنين يوم سفر وابتغاء رزق، ويوم الثلاثاء يوم حربٍ ودمٍ، ويوم الأربعاء يوم الأخذ و الإعطاء، ويوم الخميس يوم دخول على الأمراء وطلب الحوائج، ويوم الجمعة يوم خطب ونكاح. الدعاء عند اللقاء

للنبي عند الضيقة

حدّثني محمد بن عبيد قال: حدّثنا معاوية عن أبي إسحاق عن أبي رجاء قال: كان النبيّ يقول إذا اشتدّت حلقة البلاء وكانت الضّيقة: "تضيّقي تفرّجي" ثم يرفع يديه فيقول: بسم اللّه الرحمن الرحيم لا حول ولا قوّة إلا باللّه العليّ العظيم اللهم إياك نعبد وإياك نستعين اللهم كفّ عنا بأس الذين كفروا إنك أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلاً" فما يخفض يديه المباركتين حتى ينزل اللّه النصر.
وحدّثني محمد بن عبيد عن معاوية عن أبي إسحاق عن موسى بن عقبة عن سالأأبي النضر مولى عمر بن عبيد اللّه وكان كاتباً له، قال: كتب عبد اللّه بن أبي أوفى حين خرج إلى الحرورية أنّ النبي في بعض أيامه التي لقي فيهم العدوّ انتظر حتى مالت الشمس ثم قام في الناس فقال: "لا تتمنّوا لقاء العدوّ واسألوا اللّه العافية، فإذا لقيتموهم فاثبتوا واصبروا واعلموا أنّ الجنّة تحت ظلال السيوف" ثم قال: اللهمّ منزل الكتاب ومجري السحاب وهم زم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهموقال أبو النضر: وبلغنا أ،ه دعا في مثل ذلك فقال: "اللهمّ أنت ربّنا وربّهم وهم عبيد ك ونحن عبيد ك ونواصينا ونواصيهم بيدك فاهزمهم وانصرنا عليهم".

بين قتيبة بن مسلم ومحمد بن واسع

حدّثني محمد بن عبيد قال: لما صافّ قتيبة بن مسلم التّرك وهم له أمرهم سأل عن محمد ابن واسع ما يصنع؟ قالوا: هو في أقصى الميمنة جانح على سية قوسه ينضنض بأصبعه نحو السماء. فقال قتيبة: تلك الإصبع الفاردة أحبّ إليّ من مائة ألف سيف شهير وسنان طرير. فلما فتح اللّه عليهم قال لمحمد: ما كنت تصنع؟ قال: كنت آخذ لك بمجامع الطرق.

الصبر وحضّ الناس يوم اللّقاء عليه

بين الفرزدق وعاصم بن الحدّثان

حدّثني سهل بن محمد قال: حدّثنا الأصمعيّ قال: كان عاصم بن الحدّثان رجلاً من العرب عالماً قديماٌ وكان رأس الخوارج بالبصرة، وربما جاءه الرسول منهم من الجزيرة يسأله عن بعض الأمر يختصمون فيه، فمرّ به الفرزدق فقال لابنه: أنشد أبا فراس فأنشده:

وهم إذا كسروا الجفون أكارمٌ

صبر وحين تحلّـل الأزرار

يغشون حومات المنون وإنهم

في اللّه عند نفوسهم لصغار

يمشون في الخطّي لا يثنيهـم

والقوم إذ ركبوا الرماح تجار

فقال له الفرزدق: ويحك! اكتم هذا لا يسمعه النسّاجون فيخرجوا عليّنا بحفوفهم. فقال عاصم: يا فرزدق، هذا شاعر المؤمنين وأنت شاعر الكافرين.

في وصف بني يربوع

حدّثنا سهل قال: حدّثنا الأصمعيّ قال: قال سليط بن سعد: قال بسطام بن قيس لقومه: تردون على قوم آثارهم آثار نساء وأصواتهم أصوات صردان ولكنهم صبر على الشرّ. يعني بني يربوع. وفي هؤلاء يقول معاوية: لو أنّ النجوم تناثرت لسقط قمرهم في حجور بني يربوع. قال الأصمعيّ قلت لسليط: أكان عتيبة بن الحارث ضخماً؟ قال: لاولا من قوم ضحام.
يعني بني يربوع.

بين عمر بن الخطاب وبني عبس

"وقال عمر بن الخطاب لبني عبس: كم كنتم يوم الهباءة؟ فقال: كنا مائةً كالذهب، لم نكثر فنتواكل ولم نقلّ فنذلّ. قال: فكيف كنتم تقهرون من ناوأكم ولستم بأكثر منهم عدداً ولا مالاً؟ قال: كنا نبصر بعد اللقاء هنيهة. قال: فلذلك إذاً.

لعنترة بن شداد يصف بني عبس يوم الفروق

قيل لعنترة العبسيّ: كم كنتم يوم الفروق؟ قال: كنا مائة لم نكثر فنفشل ولم نقلّ فنذلّ".
وكان يقال: النصر مع الصبر.

شعر لنهشل بن حريّ بن ضمرة ولغيره في الصبر

ومن أحين ما قيل في الصبر، قول نهشل بن حرّيّ بن ضمرة:

ويومٍ كأن المصطلـين بـحـرّه

وإن لم تكن نارٌ قيامً على الجمر

صبرنا له حتى يبـوخ وإنـمـا

تفرّج أيام الكريهة بالصـبـر

ومثله قول الآخر:

بكى صاحبي لما رأى الموت فوقنا

 

مطلاًّ كإطلال السحاب إذا اكفهر

 

فقلت له لاتبـك عـينـك إنـمـا

 

يكون غداً حسن الثناء لمن صبـر

 

فما أخرّ الإحجام يوماً مـعـجّـلا

 

ولا عجّل الإقدام ما أخّر القـدر

 

فآسى على حالٍ يقلّ بهم الأسـى

 

وقاتل حتى استبهم الورد والصّدر

 

وكرّ حفاظاً خشية الـعـار بـعـد مـا

 

رأى الموت معروضاً على منهج المكرّ

قول أبو بكر الصديق إلى خالد بن الوليد

وقال أبو بكر الصدّيق رضي اللّه عنه لخالد بن الوليد حين وجّهه: احرص على الموت توهب لك الحياة.

قول العرب في الشجاعة

وتقول العرب: الشجاع موقًّى.
وقالت الخنساء:

نهين النفوس وهون النفو

س يوم الكريهة أوقى لهم

وقال يزيد بن المهلب:

تأخّرت أستبقي الحياة فلم أجد

لنفسي حياةً مثل أن أتقدّمـا

وقال قطريّ بن الفجاءة:

وقولي كلّما جشأت وجـاشـت

من الأبطال ويحك لا تراعـي

فإنّك لـو سـألـت حـياة يوم

سوى الأجل الذي لك لم تطاعي

لمعاوية بن أبي سفيان متمثلاً

"وقال معاوية بن أبي سفيان: شجّعني على عليّ بن أبي طالب قول عمرو بن الإطنابة:

أبت لي عفتـي وأبـى بـلائي

وأخذي الحمد بالثمن الـرّبـيح

وإقدامي على المكروه نفسـي

وضربي هم مة البطل المشيح

وقولي كلّما جشأت نـفـسـي

مكانك تحمدي أو تستـريحـي

لأدفع عن مآثر صـالـحـاتٍ

وأحمي بعد عن عرض صحيح

أبت لي أن أقضّي في فعالـي

وأن أغضي على أمر قـبـيح

وقال ربيعة بن مقروم:

ودعوا نزال فكنت أوّل نازل

وعلام أركبه إذا لم أنـزل"

لخالد بن الوليد

وكان خالد بن الوليد يسير في الصفوف يذمّر الناس ويقول: يا أهل الإسلام، إنّ الصبر عزّ وإنّ الفشل عجز وإنّ النصر مع الصبر.
وقال بعض أبطال العرب:

إن الشّواء والنّشيل والرّغـف

والقينة الحسناء والكأس الأنف

للضاربين الخيل والخيل قطف

ولأعرابي في الشجاعة

وقال أعرابي: اللّه يخلف ما أتلف الناس، والدهر يتلف ما جمعوا، وكم من ميتة علّتهم طلب الحياة، وحياة سببهم التعرّض للموت.
ومثله قول أبي بكر الصديق لخالد: احرص على الومت توهب لك الحياة.

بين هرقل ورجاله

"قدمت منهزمة الروم على هرقل وهو بأنطاكية، فدعا رجالاً من عظمائهم فقال: ويحكم! أخبروني ما هؤلاء الذين تقاتلوهم؟ أليسوا بشراً مثلكم؟ قالوا: بلى. يعني العرب. قال: فأنتم أكثر أم هم؟ قالوا: بل نحن أكثر منهم أضعافاً في كلّ موطن. قال: ويلكم! فما بالكم تنهزمون كلّما لقيتموهم؟ فسكتوا، فقال شيخ منهم: أنا أخبرك أيهم الملك من أين تؤتون. قال: أخبرني. قال: إذا حملنا عليهم صبروا وإذا حملوا عليّنا صدقوا، ونحمل عليهم فنكذب ويحملون عليّنا فلا نصبر. قال: ويلكم فما بالكم كما تصفون وهم كما تزعمون؟ قال الشيخ: ما كنت أراك إلا وقد علمت من أين هذا؟ قال له: من أين هو؟ قال: لأنّ القوم يصومون بالنهم ر ويقومون بالليل ويوفون بالعهد ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولا يظلمون أحداً ويتناصفون بينهم، ومن أجل أنّا نشرب الخمر ونزني ونركب الحرام وننقض الهد ونغضب ونظلم ونأمر بما يسخط اللّه وننهى عما يرضي اللّه ونفسد في الأرض. قال: صدقتني، واللّه لأخرجنّ من هذه القرية فما لي في صحبتكنم خير وأنتم هكذا. قالوا: نشهدك اللّه أيهم الملك. تدع سورية وهي جنة الدنيا وحولك من الروم عدد الحصى والتراب ونجوم السماء ولم يؤت عليهم".

ذكر الحرب

شعر للكميت في ذكر الموت

قالت العرب: الحرب غشوم، لأنهم تنال غير الجاني.
وقال الكميت:

الناس في الحرب شتّى وهي مقبلةٌ

ويستوون إذا ما أدبـر الـقـبـل

كلٌّ بأمسـيّهـم طـبٌّ مـولّـيةً

والعالمون بذي غدويّهـم قـلـل

بين عمر بن الخطاب وعمرو بن معد يكرب

وقال عمر بن الخطاب رحمه اللّه لعمرو بن معد يكرب: أخبرني عن الحرب. قال: مرّة المذاق إذا قلصت عن ساق، من صبر فيهم عرف ومن ضعف عنهم تلف. وهي كما قال الشاعر:

الحرب أوّل ما تكـون فـتـيةٌ

تسعى بزينتهم لكـلّ جـهـول

حتى إذا استعرت وشبّ ضرامهم

عادت عجوزاً غير ذات خلـيل

شمطاء جزّت رأسهم وتنكّـرت

مكروهةً للّثـم والـتـقـبـيل

شعر لنصر بن سيار


كان يزيد بن عمر بن هبيرة يحب أن يضع من نصر بن سيار فكان لا يمدّه بالرجال ويرفع ما يرد عليه من أخبار خراسان، فلما كثر ذلك على نصر قال:

أرى خلل الرماد وميض جمرٍ

ويوشك أن يكون له ضـرام

فإنّ النار بالعـودين تـذكـى

وإنّ الحرب أوّلهم الـكـلام

فإن لم يطفهم عقـلاء قـوم

يكون وقودهم جثثٌ وهـم م

فقلت من التعجب ليت شعري

أأيقـاظٌ أمـيّة أم نـــيام

ونحو قوله: "الحرب أوّلهم الكلام" قول حذيفة: إن الفتنة تلقح بالنجوى وتنتج بالشكوى.

قول عليّ بن أبي طالب لابنه الحسن

العتبيّ عن أبيه قال: قال عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه لابنه الحسن: يا بني لا تدعونّ أحداً إلى البراز، ولا يدعونّك أحد إليه إلا أجبته فإنه بغى.

في العدّة والسلاح

حدّثني محمد بن عبيد قال: حدّثنا سفيان بن عيينة عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد - فيما حفظت إن شاء اللّه - أن النبي كان عليه درعان يوم أحد.
قيل لعبّاد بن الحصين وكان أشدّ رجال أهل البصرة: في أيّ عدّة تحبّ أن تلقى عدوك؟ قال: في أجلٍ مستأخر.
حدّثني زياد بن يحيى قال: حدّثنا بشر بن المفضّل قال: حدّثنا داود بن أبي هند عن عكرمة قال: لما كانت ليلة الأحزاب قالت الجنوب للشّمال: انطلقي بنا نمدّ رسول اللّه.
فقالت الشمال: إنّ الحرّة لا تسري بالليل. فكانت الريح التي أرسلت عليهم الصّبا.
حدّثني سهل بن محمد قال: حدّثنا الأصمعيّ قال: حدّثنا ابن أبي الزّناد قال: ضرب الزبير بن العوّام يوم الخندق عثمان بن عبد اللّه بن المغيرة فقطّه إلى القربوس فقالوا: ما أجود سيفك! فغضب، يريد أنّ العمل ليده لا لسيفه.

للبحتري يصف السيف

وقال الوليد بن عبيد البحتريّ يصف سيفاً:

ماضٍ وإن لم تمضه يد فارس

بطلٍ ومصقولٌ وإن لم يصقل

متوقٍّد يفري بـأوّل ضـربة

ما أدركت ولو أنهم في يذبل

وقال آخر:

وما السـيف إلا بـزّ غـادٍ لـزينة

إذا لم يكن أمضى من السيف حامله

للجرّاح بن عبد اللّه في المظاهرة بين درعين

رؤي الجرّاح بن عبد اللّه في بعض الحروب وقد ظاهر بين درعين، فقيل له في ذلك. فقال: إني لست أقي بدني وإنما أقي صبري.

ليزيد بن حاتم في أدرع اشتراهم

واشترى يزيد بن حاتم أدرعا وقال: إني لم اشتر أدراعا إنما اشتريت أعمارا.

لحبيب بن المهلّب وفضيلة السلاح

وقال حبيب بن المهلّب: ما رأيت رجلاً في الحرب مستلئما إلا كان عندي رجلين، ولا رأيت حاسرين إلا كانا عندي واحداً. فسمع هذا الحديث بعض أهل المعرفة فقال: صدق، إنّ للسلاح فضيلة. أما تراهم ينادون عند الصّريخ: السلاح السلاح ولا ينادون: الرجال الرجال.

وللمهلب يوصي بنيه

"قال المهلب لبنيه: يا بنيّ لا يقعدنّ أحد منكم في السوق، فإن كنتم لا بدّ فاعليّن فإلى زراد أو سرّاج أو ورّاق".

بين عمر بن الخطاب وابن معد يكرب في وصف السلاح

وقال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه لعمرو بن معد يكرب: أخبرني عن السلاح. قال: سل عما شئت منه. قال: الرمح؟ قال: أخوك وربما خانك. قال: النّبل؟ قال: منايا تخطىء وتصيب. قال: التّرس؟ قال: ذاك المجنّ وعليه تدور الدّوائر. قال: الدرّع؟ قال: مثقلة للراجل متعبة للفارس، وإنّهم لحصن حصين. قال: السيف؟ قال: ثمّ، قارعتكن أمّك عن الثّكل. قال عمر: بل أمّك. قال "الحمّى أضرعتني لك".

للطائي ودعبل وصف الرماح

وقال الطائي يصف الرّماح:

مثقّفات سلبن الروم زرقـتـهـم

والعرب سمرتهم والعاشق القضفا

وقال دعبل يصف الرّمح:

وأسمرٍ في رأسه أزرقٌ

مثل لسان الحيّة الصادي

ولآخر في السيف

وقال الشاعر:

تلمّظ السيف من شوق إلى أنسٍ

فالموت يلحظ والأقدار تنتظـر

أظلّه منك حتف قد تجـلّـلـه

حتى يؤامر فيه رأيك الـقـدر

أمضى من السيف إلا عند قدرته

وليس للسيف عفو حين يقتـدر

وقال آخر:

متى تلقني يعدو ببزّي مقلّصٌ

 

كميتٌ بهيمٌ أو أغرّ محجّـل

 

تلاقي امرأ إن تلقه فبسيفه

 

تعلّمك الأيام ما كنت تجهل

لعليّ بن أبي طالب في السيف

وقال عليّ رضي اللّه عنه: السيف أنمى عدداً وأكثر ولدا.
وفي الحديث: "بقيّة السيف مباركة" يعني أنّ من نجا من ضربة السيف ينمو عدده ويكثر ولده.

؟؟وللمهلب

وقال المهلّب: ليس شيء أنمى من سيف.
ويقال: لا مجد أسرع من مجد سيف.

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟درع عليّ رضي اللّه عنه

وكانت درع عليّ رضي اللّه عنه صدراً لا ظهر لهم فقيل له في ذلك فقال: إذا استمكن عدوّي من ظهري لا يبق.

؟لأبي الشيص في رثاء بعض الشجعان

وقال أبو الشّيص: ؟ختلته المنون بعد اختيال=بين صفّين من قناً ونصال

في رداء من الصفيح صقيل

وقميص من الحديد مـذال

؟وصية أبي الأغرّ لابنه فيما يقاتل به من أنواع السلاح بلغ أبا الأغرّ أن أصحابه بالبادية قد وقع بينهم شرّ فبعث ابنه الأغرّ وقال: يا بني كن يداً لأصحابك على من قاتلهم، وإيّاك والسيف فإنه ظلّ الموت، وآتق الرمح فإنه رشاء المنيّة، ولا تقرب السّهم م فإنهم رسل لا تؤامر مرسلهم. قال: فبماذا أقاتل؟ قال: بما قال الشاعر:

جلاميد يملأن الأكفّ كـأنّـهـم

رؤوس رجال حلّقت في المواسم

؟شعر للخزيمي وقال الخزيمي في بغداد أيام الفتنة:

يا بؤس بغداد دار مـمـلـكة

دارت على أهلهم دوائرهـم

أمهلهم اللّه ثـم عـاقـبـهـم

لما أحاطت بهم كـبـائرهـم

رقّ بهم الدّين واستخفّ بذي ال

فضل وعزّ الرجال فاجرهـم

وصار ربّ الجيران فاسقهـم

وآبتزّ أمن الدروب شاطرهـم

يحرق هـذا وذا يهـدّمـهـم

ويشتفي بالنّهم ب داعـرهـم

والكرخ أسواقهم مـعـطّـلة

يستنّ شذّابـهـم وعـائرهـم

؟أخرجت الحرب من أساقطهم=آساد غيلٍ غلبا تساورهم

من البواري تراسهم ومـن ال

خوص إذا استلأمت مغافرهم

لا الرزق تبغي ولا العطاء ولا

يحشرهم بالعناء حاشـرهـم

؟شعر لعليّ بن أمية في حرب

ونحوه قول عليّ بن أمية:

دهتنـا أمـور تـشـيب الـولـيد

ويخذل فيهم الصّديق الـصـدّيق

فنـاء مـبـيد وذعـر عـتــيد

وجوع شـديد وخـوف وضـيق

وداعي الصّباح بطول الصياح السّ

لاح السلاح فمـا نـسـتـفـيق

فباللّه نـبـلـغ مـا نـرتـجـي

وباللّه نـدفـع مـا لا نـطـيق

؟لرجل من أهل البادية يحث قومه على القتال

جنى قوم من أهل اليمامة جناية فأرسل إليهم السلطان جنداً من بخاريّة ابن زياد، فقال رجل من أهل البادية يذمّر قومه: يا معشر العرب ويا بني المحصنات، قاتلوا عن أحسابكم ونسائكم، واللّه لئن ظهر هؤلاء عليكم لا يدعون بهم لبنة حمراء ولا نخلة خضراء إلا وضعوهم بالأرض ولاعتراكم من نشّاب معهم في جعاب كأنهم أيور الفيلة ينزعون في قسيٍّ كأنهم العتل فتئطّ أحداهنّ أطيط الزّرنوق يمغط أحدهم فيهم حتى يتفرق شعر إبطيه ثم يرسل نشّابة كأنهم رشاء منقطع فما بين أحدكم وبين أن تنفضح عينه أو ينصدع قلبه منزلة. فخلع قلوب القوم فطاروا رعباً.

أداب الفروسة

من نصائح عمر رضي اللّه عنه في الرمي وغيره

حدّثني محمد بن عبيد قال: حدّثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن عاصم بن سليمان عن أبي عثمان قال: كتب عمر رضي اللّه عنه: ائتزروا وارتدوا وانتعلوا وألقوا الخفاف وارموا الأغراض وألقوا الرّكب وآنزوا نزوا على الخيل وعليكم بالمعدّيّة، أو قال العربية، ودعوا التنعّم وزيّ العجم ولا تلبسوا الحرير فإن رسول اللّه نهى عنه إلا هكذا، ورفع أصبعيه. وقال أيضاً: لن تخور قوىً ما كان صاحبهم ينزع وينزو. يعني ينزع في القوس وينزو على الخيل من غير استعانة بالرّكب.
وقال العمري: كان عمر بن الخطاب يأخذ بيده اليمنى أذنه " اليمنى وبيده اليسرى أذن فرسه اليسرى" ثم يجمع جراميزه ويثب فكأنما خلق على ظهر فرسه.

نصيحة عليّ رضي اللّه عنه لأصحابه يوم صفين


وقال عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه يوم صفّين: عضّوا على النّواجذ من الأضراس فإنه أنبى للسيوف عن الهم م.
وأقاموا رجلاً بين العقابين فقال له أبوه: طد رجلك وأصرّ إصرار الفرس واذكر أحاديث غد وإياك وذكر اللّه في هذا الموضع فإنه من الفشل. "وقال غيره: طد رجليك إذا اعتصيت بالسيف والعصا وأنت محيّر في رفعه ساعة المسالمة والموادعة".

في إجادة الرمي بالنشاب

وقرأت في الآيين أن من إجادة الرمي بالنّشّاب في حال التعلّم إمساك المتعلم القوس بيده اليسرى بقوّة عضده الأيسر والنّشّابة بيده اليمنى وقوّة عضده الأيمن وكفّه أصدريه وإلقاؤه ببصره إلى معلم الرمي وإجادته نصب القوس بعد أن يطأطىء من سيتهم بعض الطّأطأة وضبطه إيّاهم بثلاث أصابع وإحناؤه السبّابة على الوتر، وإمساكه بثلاثة وعشرين كأنهم ثلاثة وستون وضمه الثلاثة ضماً وتحويله ذقنه إلى منكبه "الأيسر" وإشرافه رأسه وإرخاؤه عنقه وميله مع القوس وإقامته ظهره وإدارته عضده ومغطه القوس مترافعاً ونزعه الوتر إلى أذنه ورفعه بياض عينيه من غير تصريف لأسنانه وتحويلٍ لعينه وارتعاشٍ من جسده واستبانته موضع زججة النّشاب.

وفي إجادة الضرب بالصولجان

وقرأت في الآيين: من إجادة الضرب بالصّولجان أن يضرب الكرة قدما ضرب خلسةٍ يدير فيه يده إلى أذنه ويميل صولجانه إلى أسفل من صدره ويكون ضربه متشازراً مترفّقاً مترسّلاً ولا يغفل الضرب ويرسل السّنان خاصة وهو الحامية لمجاز الكرة إلى غاية الغرض ثم الجرّ للكرة من موقعهم ، والتوخيّ للضرب لهم تحت محزم الدابة ومن قبل لبتهم في رفق، وشدّة المزاولة والمجاحشة على تلك الحال والترك للاستعانة في ضرب الكرة بسوط والتأثير في الأرض بصولجان والكسر له جهلاً باستعماله أو عقر قوائم الدابة، والاحتراس من إيذاء من جرى معه في ميدانه، وحسن الكف للدّابة في شدّة جريه، والتوقّي من الصّرعة والصّدمة على تلك الحال، والمجانبة للغضب والسّبّ، والاحتمال والملاهم ة، والتحفّظ من إلقاء كرة على ظهر بيت وإن كان ستّ كرين بدرهم، وترك طرد النّظّارة والجلوس على حيطان الميدان فإن عرض الميدان إنما جعل ستين ذراعاً لئلا يحال ولا يصارّ من جلس على حائطه.

قول أبو مسلم الخراساني لرجاله في الشجاعة

وقال أبو مسلم صاحب الدّعوة لرجاله: أشعروا قلوبكم الجرأة عليهم فإنهم سبب الظّفر، واذكروا الضغائن فإنهم تبعث على الإدام، والزموا الطاعة فإنهم حصن المحارب.

المسير في الغزو والسفر

للنبي

حدّثنا شبابة عن القاسم بن الحكم عن إسماعيل بن عيّاش عن معدان بن حدير الحضرمي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال: قال رسول الله: "مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجعل يتقوّون به على عدوهم كمثل أمّ موسى ترضع ولدهم وتأخذ أجرهم ".
حدّثني محمد بن عبيد عن ابن عيينة عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيّب قال: لما نزل النبي المعرّس أمر منادياً فنادى: لا تطرقوا النساء. فتعجّل رجلان فكلاهما وجد مع امرأته رجلاً.
وكانت العرب تقول: السفر ميزان القوم. وتأمر بالمحلاّت وهي الدلو والفأس والسّفرة والقدر والقدّاحة، وإنما قيل لهم محلاّت لأن المسافر بهم يحلّ حيث شاء ولا يبالي ألاّ يكون بقربه أحد.

من وصايا لقمان لابنه في السفر


حدّثني عبد الرحمن بن الحسين عن عبد المنعم عن أبيه بن منبّه قال: قال لقمان لابنه: "يا بنيّ إذا سافرت فلا تنم على دابتكن فإن كثرة النوم سريع في دبرهم ، فإذا نزلت أرضا مكلئة فأعطهم حظّهم من الكلأ وابدأ بعلفهم وسقيهم قبل نفسك وإذا بعدت عليك المنازل "فعليك بالدّلج فإن الأرض تطوى بالليل. وإذا أردت النزول" فلا تنزل على قارعة الطرق فإنهم مأوى الحيّات و السباع ولكن عليك من بقاع الأرض بأحسنهم لوناً وألينهم تربة وأكثرهم كلأ فانزلهم ، وإذا نزلت فصلّ ركعتين قبل أن تجلس وقل "ربّ أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلينوإذا أردت قضاء حاجة فأبعد المذهب في الأرض وعليك بالسّترة، وإذا ارتحلت من منزل فصلّ ركعتين وودّع الأرض التي ارتحلت عنهم وسام عليهم وعلى أهلهم فإن لكل بقعة من الأرض أهلا من اللائكة. وإذا مررت ببقعة من الأرض أو واد أو جبل فأكثر من ذكر اللّه فإن الجبال والبقاع ينادي بعضهم بعضاً: هل مرّ بكنّ اليوم ذاكرٌ اللّه؟ وإن استطعت ألا تطعم طعاماً حتى تتصدّق منه فافعل. وعليك بذكر اللّه جلّ وعزّ ما دمت راكباً، وبالتّسبيح ما دمت صائماً، وبالدعاء ما دمت خالياً. وإيّاك والسّير في أوّل الليل وعليك بالتّعريس والّدلجة من نصف الليل إلى آخره. وإياك ورفع الصوت في سيرك إلا بذكر اللّه، وسافر بسيفك وقوسك وجميع سلاحك وخفّك وعمامتكن وإبرتكن وخيوطك، وتزوّد معك الأدوية تنتفع بهم وتنفع من صحبك من المرضى والزمنى. وكن لأصحابك موافقاً في كل شيء يقرّبك إلى اللّه ويباعدك من معصيته. وأكثر التبسّم في وجوههم وكن كريماً على زادك بينهم وإذا دعوك فأجبهم، وإذا استعانوك فأعنهم وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم وآجهد رأيك. وإذا رأيتهم يمشون فامش معهم، أو يعملون فاعمل معهم. "وإن تصدّقوا أو أعطوا فأعطواسمع لمن هو أكبر منك. وإن تحيرّتم في طريق فانزلوا، وإن شككتم في القصد فتثبّتوا وتآمروا، وإن رأيتم خيالاً واحداً فلا تسألوه عن طريقكم فإن الشخص الواحد في الفلاة هو الذي حيرّكم واحذروا الشخصين أيضاً إلا إن تروا ما لا أرى فإن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب وإن العاقل إذا أبصر شيئاً بعينيه عرف الحق بقلبه".

نصيحة أعرابي لبنيه في السفر

علّم أعرابي بنيه إتيان الغائط في السفر فقال لهم: اتّبعوا الخلاء وجانبوا الكلاء وآعلوا الضّراء وأفحجوا إفحاج النعامة وامسحوا بأشملكم.

بين عمرو بن العاص والحسن بن عليّ بن أبي طالب

"وقال عمرو بن العاص للحسن بن عليّ بن أبي طالب رحمهما اللّه: يا أبا محمد، هل تنعت الخراءة؟ فقال: نعم، تبعد المشي في الأرض الضّحضح حتى تتوارى من القوم، ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرهم ولا تستنج بالرّوثة ولا العظم ولا تبل في الماء الراكد".

بين ثابت والحسن البصري في المصاحبة في السفر

أراد الحسن البصريّ الحج، فقال له ثابت: بلغني أنك تريد الحج فأحببت أن نصطحب. فقال: ويحك! دعنا نتعايش بستر اللّه، إني أخاف أن نصطحب فيرى بعضنا من بعض ما نتماقت عليه.

للنبي في المرافقة في السفر

وفي الحديث المرفوع عن بقيّة عن الوضين بن عطاء عن محفوظ عن علقمة قال: قال رسول الله لرجل من أصحابه: "أما إنّك إن ترافق غير قومك يكن أحسن لخلقك و أحقّ أن يقتفى بك".

وصية هشام أخي ذي الرّمة لرجل سأله

أتى رجل هشاماً أخا ذي الرّمّة الشاعر فقال له: إني أريد السفر فأوصني. قال: صلّ الصلاة لوقتهم فإنك مصلّيهم لا محالة فصلهم وهي تنفعك، وإياك وأن تكون كلب رفقتكن فإن لكل رفقة كلباً ينبح دونهم، فإن كان خيراً شركوه فيه وإن كان عاراً تقلّده دونهم.

دعاء في طلب ضالّة

حدّثني محمد بن عبيد عن معاوية عن أبي إسحاق عن عثمان بن عطاء عن أبيه قال: "إذا ضلّت لأحدكم ضالّةٌ فليقل: اللهم ربّ الضالّة تهدي الضالّة وتردّ الضالّة اردد عليّ ضالتي، اللهم لا تبلنا بهلاكهم ولا تتعبنا بطلبهم ، ما شاء اللّه لا حول ولا قوة إلا باللّه. يا عباد اللّه الصالحين ردّوا عليّنا ضالتنا.
وإذا أردت أن تحمل الحمل الثقيل فقل: يا عباد اللّه أعينونا.
"وقال أبو عمرو: إذا ضلّت لأحدكم ضالة فليتوضأ فيحسن الوضوء ثم يصلّي ركعتين ثم يشهد ويقول: بسم اللّه، اللهم يا هم دي الضّال ورادّ الضّال اردد عليّ ضالتي بعزّتكن وسلطانك فإنهم من فضلك وعطائك".

وللنبي

حدّثني محمد بن عبيد عن حمزة بن وعلة عن رجل من مراد يقال له أبو جعفر عن محمد بن عليّ عن عليّ رضي اللّه عنه قال: قال النبي: "يا عليّ، أمانٌ لأمّتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا بسم اللّه الملك الرحمن "وما قدروا اللّه حقّ قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسّماوات مطويّاتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عمّا يشركون"، "بسم اللّه مجريهم ومرساهم إن ربّي لغفورٌ رحيمٌ".

كتاب عمرو بن العاص لعمر بن الخطاب عندما أراد الغزو بالبحر

حدّثني محمد بن عبيد عن معاوية عن أبي إسحاق عن محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب قال: أراد عمر أن يغزي البحر جيشاً، فكتب إليه عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين، البحر خلق عظيم يركبه خلق ضعيف دودٌ على عود بين غرق وبرق. قال عمر: لا يسألني اللّه عن أحد حملته فيه.

قول ابن عمر في السفر

وحدّثني أيضاً عن معاوية عن أبي إسحاق عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد قال: كان ابن عمر يقول في السفر إذا أسحر: سمع سامعٌ بحمد اللّه ونعمته وحسن بلائه عليّنا. ويقول: اللهم صاحبنا فأفضل عليّنا ثلاثاً، اللهم عائذٌ بك من النار ثلاثاً، لا حول ولا قوّة إلا باللّه.

قول النبي في سفره حين هم جر

وعن الأوزاعي عن حسّان بن عطيّة أن رسول اللّه قال في سفره حين هم جر: "الحمد اللّه الذي خلقني ولم أك شيئاً مذكوراً، اللهم أعنّي على أهم ويل الدنيا وبوائق الدهر ومصيبات الليالي والأيام وآكفني شرّ ما يعمل الظالمون في الأرض، اللهم في سفري فآصحبني، وفي أهلي فاخلفني، وفيما رزقتني فبارك لي، ولك في نفسي فذلّلني، وفي أعين الصالحين فعظّمني، وفي خلقي فقوّمني، وإليك ربّ فحبّبني، إلى من تكنلني ربّ المستضعفين وأنت ربّي".
وحدّثني أيضاً عن معاوية عن أبي إسحاق عن عاصم عن عبد اللّه بن سرجس قال كان النبي إذا سافر يقول: "اللهم إنب أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب والحور بعد الكور ودعوة الكظلوم وسوء المنظر في الأهل".
وزاد غيره: اللهم آطو لنا الأرض وهوّن عليّنا السفر".

قول مطرّف بن عبد اللّه لابنه

وقال مطّرف بن عبد اللّه لابنه: الحسنة بين السيّئتين، وخير الأمور أوساطهم. وشرّ السير الحقحقة.
وفي الحديث " لا تحقحق فتنقطع ولا تباطأ فتسبق ولكن آقصد تبلغوالحقحقة أشدّ السير.
وفي حديث آخر "إن المنبتّ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى".
وقال المرّار:

تقطّع بالنزول الأرض عنـا

وبعد الأرض يقطعه النزول

للأصمعي عن رجل أسرع في سيره

الأصمعيّ قال: قيل لرجل أسرع في سيره: كيف كان مسيرك؟ قال:كنت آكل الوجبة وأعرّس إذا أسحرت وأرتحل إذا أسفرت وأسير الوضّع وأجتنب الملع فجئتكنم لمسي سبع.

مسير ذكوان مولى آل عمر بن الخطاب

قال أبو اليقظان: من السير المذكور مسير ذكوان مولى أل عمر بن الخطاب، سار من مكة إلى المدينة في يوم وليلة، فقدم على أبي هريرة وهو خليفة مروان على المدينة فصلّى العتمة، فقال له أبو هريرة: حاجٌّ غير مقبول منه. قال له: ولم؟ قال: لأنك نفرت قبل الزوال. فأخرج كتاب مروان بعد الزوال وقال:

ألم ترني كلّفتـهـم سـير لـيلة

من آل منًى نصًّا إلى آل يثـرب

فأقسمت لا تنفكّ ما عشت سيرتي

حديثاً لمن وافى بجمع المحصّب

شعر لقيس بن الخطيم في مسير حذيفة بن بدر

ومن السير المذكور مسير حذيفة بن بدر، وكان أغار على هجائن "النعمان بن" المنذر بن ماء السماء وسار في ليلة مسيرة ثمان، فقال قيس بن الخطيم:

هممنا بالإقامة ثم سـرنـا

كسير حذيفة الخير بن بدر

الشرقي بن القطامي وفتى من أهل الجزيرة صحبه في سفره


قال الشرقي بن القطامي: خرجت من الموصل أريد الرّقّة فصحبني فتى من أهل الجزيرة وذكر أنه ولد عمرو بن كلثوم ومعه مزود وزكوة وعصا، ورأيته لا يفارقهم مشاة كنّا أو ركبانا، وهو يقول: إن اللّه جعل جماع أمر موسى وأعاجيبه وبراهينه ومآربه في عصاه. ويكثر من هذا وأنا أضحك متهم وناً بما يقول، فتخلّف المكاري فكان حمار الفتى إذا وقف أكرهه بالعصا ويقف حماري ولا سيء في يدي فيسبقني إلى المنزل فيستريح ويريح ولا أقدر على البراح حتى يوافيني المكاري، فقلت: هذه واحدة. ثم خرجنا من غد مشاة فكان إذا أعيا توكّأ على العصا وربما أحضر ووضع طرفاً على الأرض فاعتمد عليهم ومرّ كأنه سهم زالجٌ حتى انتهينا وقد تفسّخت من الكلال وإذا فيه فضل كثير، فقلت: وهذه أخرى. فلما كان في اليوم الثالث هجمنا على حيّة منكرة فسارت إلينا فأسلمته إليهم وهربت عنهم فضربهم بالعصا حتى قتلهم ، فقلت: هذه ثالثة، وهي أعظمهنّ"، وخرجنا في اليوم الرابع وبنا قرمٌ إلى اللحم فاعترضتنا أرنب فحذفهم بالعصا وأدركنا ذكاتهم فقلت: هذه رابعة. فأقبلت عليه فقلت: لو أن عندنا ناراً ما أخّرت أكلهم إلى المنزل. فأخرج عويداً من مزوده ثم حكّه بالعصا فأورت إيراء المرخ والعفار، ثم جمع ما قدر عليه من الغثاء والحشيش وأوقد ناراً وألقى الأرنب في جوفهم فأخرجناهم وقد لزق بهم من الرماد والتراب ما بغّضهم إليّ، فعلّقهم بيده اليسرى ثم ضرب جنوبهم بالعصا وأعراضهم ضرباً رقيقاً حتى انتثر كل شيء عليهم فأكلناهم وسكن القرم وطابت النفس. فقلت: هذه خامسة. ثم نزلنا بعض الخانات وإذا البيوت ملآنة روثا وتراباً فلم نجد موضعاً نظلّ فيه فنظر إلى حديدة مطروحة في الدار فأخذهم فجعل العصا نصاباً لهم ثم قام فجرف جميع ذلك الروث والتراب وجرد الأرض حتى أظهر بياضهم وطابت ريحهم فقلت: وهذه سادسة. ثم نزع العصا من الحديدة فأوتدهم في الحائط وعلّق عليهم ثيابه وثيابي فقلت: هذه سابعة. فلما صرنا إلى مفرق الطريقين وأردت مفارقته قال لي: لو عدلت معي فبتّ عندي! فعدلت معه فأدخلني منزلاً يتصل ببيعة فما زال يحدّثني ويطرفني الليل كله فلما كان السحر أخذ العصا بعينهم وأخذ خشبة أخرى فقرع بهم العصا فإذا ناقوس ليس في الدنيا مثله وإذا هو أحذق الناس به فقلت له: ويحك! أما أنت بمسلم؟ قال: بلى. قلت: فلم ضربت بالناقوس؟ قال: لأن أبي نصراني وهو شيخ كبير ضعيف فإذا شهدت بررته بالكفاية. وإذا شيطان مارد وأظرف الناس وأكثرهم أدباً، فخبرّته بالذي أحصيت من خصال العصا، فقال: واللّه لو حدّثتكن عن مناقب العصا ليلة إلى الصباح ما استنفدتهم .

للنبي

وروى يزيد عن هشام عن الحسن عن جابر قال: قال رسول اللّه: : إذا كنتم في الخصب فأمكنوا الرّكاب أسنّتهم ولا تغدو المنازل، وإذا كنتم في الجدب فاستنجوا. وعليكم بالدّلجة فإن الأرض تطوى بالليل. وإذا تغولت لكم الغيلان فنادوا بالأذان، ولا تصلّوا على جوادّ الطرق ولا تنزلوا عليهم فإنهم مأوى السّباع والحيات ولا تقضوا عليهم الحوائج فإنهم الملاعن".

بين أعرابي أراد السفر وزوجته

وأراد أعرابي سفراً فقال لامرأته:

عدّي السنين لغيبتي وتصبّري

وذري الشّهور فإنهنّ قصار

فأجابته:

اذكر صبابتنا إليك وشوقنا

وآرحم بناتكن إنهنّ صغار

فأقام وترك السفر.

شعر لإسحاق الموصلي

وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي:

طربت إلى الأصيبية الصّغار

وهم جك منهم قرب المزار

وكلّ مسافر يزداد شـوقـاً

إذا دنت الديار مـن الـديار

للنبي

وفي الحديث المرفوع قال ابن مسعود: كنّا يوم بدر ثلاثةٌ على بعير فكان عليّ وأبو لبابة زميلي رسول الله فكا إذا دارت عقبتهما قالا: يا رسول اللّه اركب ونمشي عنك. فيقول: "ما أنتما بأقوى منّي وما أنا بأغنى عن الأجر منكما".

من خطب قتيبة بن مسلم على منبر خراسان

خطب قتيبة بن مسلم على منبر خراسان فقال في خطبته: إذا غزوتم فأطيلوا الأظفار وقصروا الأشعار.

لعائشة رضي اللّه عنهم ، ولبعض الشعراء

وقالت عائشة رضي اللّه عنهم: "لا سهر إلا لثلاثة: مصلٍّ أو عروس أو مسافر".
وقال بعض الشعراء:

سررت بجعفرٍ والقرب منه

 

كما سرّ المسافر بـالإياب

 

وكنت بقربه إذ حلّ أرضي

 

أميراً بالسّكينة والصّواب

كممطورٍ ببلدته فأضحـى

 

غنيّاً عن مطالبة السحاب

وقال آخر في معناه:

وكنتم فيهم كممطور ببـلـدتـه

فسرّ أن جمع الأوطان والمطرا

وقال آخر:

إذا نحن ابنا سالمـين بـأنـفـس

كرام رجت أمراً فخاب رجاؤهم

فأنفسنا خير الغـنـيمة إنـهـم

تؤوب وفيهم ماؤهم وحـياؤهـم

وقال آخر:

رجعنا سالمين كما بدأنـا

وما خابت غنيمة سالمينا

"وما تدرين أيّ الأمر خير

أما تهوين أم ما تكنرهينا

وقال بعض المحدّثين:

قبّح الـلّـه آل بـرمـك إنـي

صرت من أجلهم أخا أسفـار

إن يكن ذو القرنين قد مسح الأر

ض فإني موكّـل بـالـعـيار

التفويز

مسير خالد بن الوليد من العراق إلى الشام

حدّثني أبي، أحسبه عن الهيثم بن عديّ قال: لما كتب أبو بكر رضي اللّه عنه إلى خالد ابن الوليد يأمره بالمسير إلى الشأم والياً مكان أبي عبيد ة بن الجراح، أخذ على السّماوة حتى انتهى إلى قراقر، وبين رقراقر وسوى خمس ليال في مفازة، فلم يعرف الطريق، فدلّ على رافع ابن عميرة الطائي وكان دليلاً خرّيتاً فقال لخالد: خلّف الأثقال وآسلك هذه المفازة إن كنت فاعلاً، فكره خالد أن يخلّف أحداً وقال: لا بد من أن نكون جميعاً. فقال له رافع: واللّه إن الراكب النفرد ليخافهم على نفسه وما يسلكهم إلا مغرر مخاطر بنفسه، فكيف أنت بمن معك؟ فقال: لا بد من ذلك. فقال الطائي لخالد: ابغني عشرين جزوراً مسانّ عظاماً. ففعل، فظمّأهن ثم سقاهن حتى روين ثم قطع مشافرهنّ وكعمهنّ لئلا تجترّ، ثم قال لخالد: سر بالخيول والأثقال فكاما نزلت منزلاً نحرت من تلك الجزر أربعاً ثم أخذت ما في بطونهم من الماء فسقيته الخيل وشرب الناس مما تزوّدوا، ففعل. فلما صار إلى آخر المفازة انقطع ذلك وجهد الناس وعطشت دوابّهم، فقال لهم خالد: ويحك، ما عندك؟ قال: أدركت الريّ إن شاء اللّه، أنظروا هل تجدون شجرة عوسج على ظهر الطريق؟ فنظروا فوجدوهم فقال: احفروا في أصلهم فحفروا فوجدوا عيناً فشربوا منهم وتزوّدوا، فقال رافع: واللّه ما وردت هذه الماء قطّ إلا مرة واحدة مع أبي وأنا غلام. فقال راجز المسلمين في ذلك:

اللّه درّ رافع أنّـى اهـتـدى

فوّز من قرار إلـى سـوى

أرضاً إذا سار بهم الجيش بكى

ما سارهم قبلك من إنس أرى

قال: ولما مرّ خالد بموضع يقال له البشر طلع على قوم يشربون وبين أيديهم جفنة وأحدهم يتغنّى:

ألا علّلاني قبل جيش أبـي بـكـر

لعلّ منايانـا قـريب ومـا نـدري

ألا علّلاني بـالـزّجـاج وكـررا

عليّ كميت اللون صافيةً تـجـري

أظن خيول المسلـمـين وخـالـداً

سيطرقك قبل الصباح من البشـر

فهل لكم في السير قبل قتـالـهـم

وقبل خروج المعصرات من الخدر

فما هو إلا أن فرغ من قوله شدّ عليه رجل من المسلمين بالسيف فضرب عنقه. فإذا رأسه في الجفنة، ثم أقبل على أهل البشر فقتل منهم وأصاب من أموالهم.

للنبي في امرىء القيس

ابن الكلبي قال: أقبل قوم من أهل اليمن يريدون النبي فأضلّوا الطريق ووقعوا على غير ماء فمكثوا ثلاثاً لا يقدرون على الماء فجعل الرجل منهم يستذري بفيء السّمر والطلح يأساً من الحياة، فبينا هم كذلك أقبل راكب على بعير فأنشد بعض القوم بيتين من شعر امرىء القيس:

لمّا رأت أن الشّـريعة هـمّـهـم

وأن البياض من فرائضهم دامـي

تيممت العين التي عـنـد ضـارج

يفيء عليهم الظلّ عرمضهم طامي

فقال الراكب: من يقول هذا؟ قالوا: امرؤ القيس. قال: واللّه ما كذب، هذا ضارج عندكم. وأشار إليه، فجثوا على الرّكب فإذا ماء غدق وإذا عليه العرمض والظلّ يفيء عليه فشربوا منه ريّهم وسقوا وحملوا حتى بلغوا الماء، فأتوا النبي فأخبروه وقالوا: يا رسول اللّه أحيانا بيتان من شعر امرىء القيس. قال: "ذاك رجل مذكور في الدنيا شريف فيهم منسيّ في الآخرة خامل فيهم ، يجيء يوم القيامة معه لواء الشعراء يقودهم إلى النار.

للأصمعي عن رجل من بني سليم


حدّثني عبد الرحمن بن عبد اللّه بن قريب عن عمه الأصمعيّ عن رجل من بني سليم أن رفقة ماتت من العطش بالشّجي، فقال الحجاج: إني أظنهم قد دعوا اللّه حين بلغهم الجهد فاحفروا في مكانهم الذي ماتوا فيه لعل اللّه يسقي الناس. فقال رجل من جلسائه: إيهم الأمير قد قال الشاعر:

تراءت لي بين اللّـوى وعـنـيزةٍ

وبين الشّجي مما أحال على الوادي

واللّه ما تراءت له إلا وهي على ماء. فأمر الحجاج عضيدة السلمي أن يحفر بالشجي بئراً فحفر فأنبط، ويقال: إنه لم يمت قوم قطّ عطشا إلا وهم على ماء.
قالت العرب "أن ترد الماء بماء أكيس".
ويقال في مثل: "برد غداة غرّ عبد اً من ظمأ".

في الطيرة والفأل

شعر في القدر

حدّثني أبو الحاتم عن الأصمعيّ قال: هرب بعض البصريين من الطاعون فركب حماراً له ومضى بأهله نحو سفوان فسمع حادياً يحدو خلفه وهو يقول:

لن يسبق اللّه على حمـار

ولا على ذي ميعةٍ مطّار

أو يأتي الحتف على مقدار

قد يصبح اللّه أمام السّاري

في إنكار الطيرة وتعييبهم

حدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ قال: حدّثني سعيد بن سلابن قتيبة عن أبيه أنه كان يعجب ممن يصدّق بالطّيرة ويعيبهم أشدّ العيب وقال: فرقت لنا ناقة وأنا بالطّف فركبت في أثرهم فلقيني هم نىء بن عتبة من بني وائل يركض وهو يقول: والشرّ يلقي مطالع الأكم ثم لقيني رجل آخر من الحي فقال، وهو للبيد:

ولئن بعثت لهم بغا

ةً ما البغاة بواجدينا

ثم دفعت إلى غلام قد وضع في صغره في نار فأحرقته فقبح وجهه وفسد، فقلت له: هل ذكرت من ناقةٍ فارق؟ قال: ههنا أهل بيت من الأعراب فانظر. فوجدناهم قد نتجت ومعهم ولدهم .
ويقال: ناقة فارق: قد ضربهم الطّلق، وسحابة فارق: قد دنا هراقة مائهم .

شعر للمرقش في إنكار الطيرة

وقال المرقّش:

ولقد غدوت وكنـت لا

أغدوا على واقٍ وحاتم

إذا الأشـائم كــالأيا

من والأيامن كالأشائم

وكذلـك لا خـير ولا

شرّ على أحـد بـدائم

ولآخر في انكار الطيرة

وقال آخر:

وليس بهيّاب إذا شـدّ رحـلـه

يقول عدانياليوم واقٍ وحـاتـم

ولكنه يمضي على ذلك مقدمـا

إذا صدّ عن تلك الهنات الخثارم

وقال آخر:

تعـلـم أنـه لا طــير إلا

على متطيرّ وهو الثّـبـور

بلى شيءٌ يوافق بعض شيء

أحايينا وباطـلـه كـثـير

لابن عون في الفأل

حدّثني الرياشيّ عن الأصمعيّ قال: سألت ابن عون عن الفأل فقال: هو أن تكون مريضاً فتسمع: يا سالم، أو باغياً فتسمع: يا واجد.
وفي الحديث المرفوع: "أصدق الطّيرة الفألوفيه "الطّير تجري بقدر".

في حسن الظن بالفأل

أراد أبو العالية أن يخرج من البصرة لعلّة كانت به فسمع منادياٌ ينادي: يا متوكل، فحطّ رحله وأقام.

لابن عباس رضي اللّه عنهما في الطيرة والفأل

وقال عكرمة: كنا جلوساً عند ابن عمر وابن عباس رضي اللّه عنهما فمر طائر يصيح، فقال رجل من القوم: خير خير. فقال ابن عباس: لاخير ولا شر.
قال كعب لابن عباس: ما تقول في الطّيرة؟ قال: وما عسيت أن أقول فيه؟ لا طير إلا طير اللّه ولا خير إلا خير اللّه ولا إله إلا اللّه ولا حول ولا قوّة إلا باللّه. قال كعب: إن هذه الكلمات في كتاب اللّه المنزل. يعني التوراة".

للنبي

حدّثني محمد بن يحيى القطعيّ قال: حدّثني عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن أبي حسان الأعرج أن رجلين دخلا على عائشة رضي اللّه عنهم فقالا: إن أبا هريرة يحدّث أن رسول اله قال: إنّما الطّيرة في المرأة والدار والدابة. فطارت شفقاً ثم قالت: كذب، والذي أنزل الفرقان على أبي قاسم، من حدّث بهذا عن رسول اللّه ، إنما قال رسول اللّه: "كان أهل الجاهلية يقولون أن الطّيرة في الدابة والدار والمرأة" ثم قرأت: "ما أصاب من مصيبةٍ في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتابٍ من قبل أن نبرأهم ".
كان عبد اللّه بن زياد صوّر في دهليزه كلباً وأسداً وكبشاً وقال: كلب نابح وكبش ناطح وأسد كالح.

للأصمعي في المقدور

وأنشدني أبو حام عن الأصمعيّ:  

يأيّهم المضمر همًّا لا تهـمّ

إنك إن تقدر لك الحمّى تحمّ

ولو علوت شاهقاً من العلـم

كيف توقّيك وقد جفّ القلم

بين معاوية وحجر بن عديّ

ولما أمر معاوية بقتل حجر بن عديّ الكنديّ في ثلاثة عشر رجلاً معه قال حجر: دعوني أصلّ ركعتين. فتوضأ وأحسن الوضوء، ثم صلى وطوّل فقيل: أجزعت؟ فقال: ما توضأت قطّ إلا صليت، ولا صليت قط صلاة أخفّ منهم. وإن أجزع فقد رأيت سيفاً مشهوراً وكفناً منشوراً وقبراً محفوراً. فقيل له: مدّ عنقك. فقال: إن ذلك لدمٌ ما كنت لأعين عليه. فقدّم فضربت عنقه. وكان معاوية بعث رجلاً يقال له هدبة لقتلهم، وكان أعور، فنظر إليه رجل من خثعم فقال: إن صدقت الطّيرة قتل نصفنا. فلما قتل سبعة بعث معاوية رسولاً آخر بعافيتهم فلم يقتل الباقون.

بين أعرابي وكثير عزة في الطيرة

خرج كثير عزّة إلى مصر يريد عزة، فلقيه أعرابيّ من نهد فقال: يا أبا صخر، أين تريد؟ فقال: أريد عزة بمصر. قال: فهل رأيت في وجهك شيئاً؟ قال: لا إلا أني رأيت غراباً ساقطاً فوق بانة ينتف ريشه. فقال له: توافي مصر وقد ماتت عزة. فانتهره كثير ثم مضى فوافى مصر والناس ينصرفون عن جنازة عزة، فقال:

فما أعيف النّهـديّ لا درّ درّه

وأزجره للطير لا عزّ ناصره

رأيت غراباً ساقطاً فوق بـانة

ينتّف أعلى ريشه ويطـايره

فأما غراب فاغتراب ووحشة

وبانٌ فبين من حبيب تعاشره

ولكثير عزة أيضاً

وهوى بعد عزّة امرأة من قومه يقال لهم: أمّ الحويرث. فخطبهم فأبت وقالت: لا مال لك، ولكن اخرج فاطلب فإني حابسة نفسي عليك. فخرج يريد بعض بني مخزوم، فبينا هو يسير عنّ له ظبي فكره ذلك ومضى فإذا هو بغراب يبحث التراب على وجهه فكره وتطيّر منه، فانتهى إلى بطن من الأزد يقال لهم بنو لهب، فقال: أفيكم زاجر؟ قالوا: نعم، فأرشدوه إلى شيخ منهم فأتاه فقصّ عليه القصة، فقال: قد ماتت أو خلف عليهم رجل من بني عمهم. فلما انصرف وجدهم قد تزوّجت، فقال:

تيممت لهباً أطلب العلم عندهـم

وقد ردّ علم العائفين إلى لهـب

فقال جرى الطير السّنيح ببينهـم

فدونك فاهمل جدّ منهمر سكب

فإلاّ تكن ماتت فقد حال دونهـم

سواك خليل باطن من بني كعب

للنبي

حدّثثي أبو سفيان الغنويّ قال: حدّثني خالد بن يزيد الصّفّار قال: حدّثنا همّام بن يحيى عن قتادة عن حضرميّ بن لاحق أو عن أبي سلمة أن النبي كتب إلى أمرائه: "إذا أبردتم إليّ بريداً فاجعلوه حسن الوجه حسن الاسم".

بين عمر بن الخطاب ورجل من جهينة

خرج عمر إلى حرّة واقم فلقي رجلاً من جهينة فقال له: ما اسمك؟ قال: شهم ب. قال: ابن من؟ قال: ابن جمرة. قال: وممن أنت؟ قال: من الحرقة. ثم قال: ممن؟ قال: من بيني ضارم. فقال له عمر: أدرك اهلك وما أراك تدركهم إلا وقد احترقوا. فأتاهم وقد أحاطت النار بهم".

بين بشر بن حسان وابن عامر

خرج ابن عامر إلى المدينة فإذا هو في طريقه بنعامات خمس، فقال لأصحابه: قولوا في هذه. فقال بشر بن حسان: بلغني أن رسول الله قال: "لا عدوى ولا طيرة" ومن علم شيئاً فليقله، ولكني أقول: فتنة خمس سنين.
قرأت في كتب العجم أن كسرى بعث وهرز إلى اليمن لقتال الحبشة فلما اصطّفوا قال وهرز لغلام له: أخرج إليّ من الجبعة نشّابه. وكان الأسوار يكتب على كل نشّابة في جعبته، فمنهم ما يكتب عليه اسم الملك، ومنهم ما يكتب عليه اسم نفسه، ومنهم ما يكتب عليه اسم ابنه، ومنهم ما يكتب عليه اسم امرأته. فأدخل العبد يده فأخرج له نشابة عليهم اسم امرأته فتطيّر وقال: أنت المرأة وعليك طائر السوء. ردّهم وهم ت غيرهم. فردّهم وضرب بيده فأخرج تلك النشابة بعينهم ففكر وهرز في طائره ثم انتبه فقال: زنان. وزنان بالفارسية: النساء. ثم قال: زن آن، فإذا ترجمتهم اضرب ذلك قال: نعم الطائر هذا. ثم وضعهم في كبد قوسه ثم قال: صفوا لي ملكهم، فوصفوه بياقوتة بين عينيه ثم إنه مغظ في قوسه حتى إذا مّلأهم سرّحهم فأقبلت كأنهم رشاء منقطع حتى فضّت الياقوتة فطار فضاضهم ثم فلقت هم مته وهزم القزم.

شعر للمعلوط

وقال المعلوط:

تنادى الطائران ببين سـلـمـى

على غصنين من غرب وبـان

فكان البان أن بانت سـلـيمـى

وفي الغرب اغتراب غير داني

مثله لأبي الشّيص، وللطائي

أخذ معناهم أبو الشّيص فقال:

أشاقك والليل ملقى الجـران

غراب ينوح على غصن بان

أحصّ الجناح شديد الصـياح

يبكّي بعينين مـا تـذرفـان

وفي نعبات الغرب اغتـراب

وفي البان بينٌ بعيد التدانـي

وقال الطائيّ:

أتضعضعت عبرات عينك أن دعت

ورقاء حين تضعضـع الإظـلام

لا تنشجنّ لهـم فـإن بـكـاءهـم

ضحك وإن بكاءك اسـتـغـرام

هنّ الحمام فإن كـسـرت عـيافةً

من حائهـنّ فـانـهـنّ حـمـام

للنبي

حدّثني أحمد بن الخليل قال: حدّثني موسى بن مسعود عن عكرمة بن عمّار عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: جاء رجل منا إلى النبي فقال: يا رسول اللّه إنا نزلنا دارا فكثر فيهم عددنا وكثرت فيهم أموالنا ثم تحوّلنا منهم إلى أخرى فقلّت فيهم أموالنا وقلّ فيهم عددنا. فقال رسول اللّه: "ذروهم وهي ذميمة".

لأعرابي أضاع ذوداً له

بلغني عن ابن كناسة عن مبارك بن سعيد أخي سفيان الثّوريّ قال: بلغنا أن أعرابياً أضاع ذوداً له فخرج في الطلب حتى أدركه العطش، فمرّ بأعرابي يحتلب ناقة فنشده ضاللّه فقال له: متى خرجت في الطلب؟ أدن مني حتى أسقيك لبناً وأرشدك. قال: قبل طلوع الفجر. قال: فما سمعت؟ قال: عواطيس حولي: ثغاء الشّاء ورغاء البعير ونباح الكلب وصياح الصبيّ. قال: عواطيس تنهم ك عن الغدوّ. قال: فلما طلع الفجر عرض لي ذئبٌ. قال: كسوبٌ ذو ظفر. قال: فلما طلعت الشمس لقيت نعامةً. قال: ذات ريش واسمهم حسن، هل تركت في أهلك مريضاً؟ قال: نعم. قال: ارجع فإنك ستجد ضالتكن في منزلك.

سليمان النبي وشجرة الخروب

حدّثني عبد الرحمن عن حفص بن عمر الخبطيّ قال: حدّثنا أبو زرعة يحيى بن أبي عمرو السّيباني عن يثيع عن كعب قال: كانت الشجرة تنبت في محراب سليمان النبي وتكنلمه بلسانٍ ذلق فتقول: أنا شجرة كذا وفيّ دواء كذا. فيأمر بهم سليمان فيكتب اسمهم ومنفعتهم وصورتهم وتقطع وترفع في الخزائن حتى كان آخر ما جاء منهم الخرّوبة فقالت: أنا الخرّوبة. فقال سليمان: الآن نعيت إليّ نفسي وأذن في خراب بيت المقدس.

لأبي تمام الطائي يصف عمورية

قال الطائيّ يصف عمّوريّة:

بكرٌ فما اعترفتـهـم كـفّ حـادثة

ولا ترقتّ إليهـم هـمّة الـنّـوب

جرى لهم الفأل برحـا يوم أنـقـرة

إذ غودرت وحشة الساحات والرّحب

لمّا رأت أختهم بالأمس قد خـربـت

كان الخراب لهم أعدى من الجرب

مذاهب العجم في العيافة والاستدلال بهم

للعجم في العيافة


قرأت في الآيين: كانت العجم تقول: إذا تحوّلت السّباع والطير الجبلية عن أماكنهم ومواضعهم دلّت بذلك على أن المشتى سيشتدّ ويتفاقم. وإذا نقلت الجرذان برّاً و شعيراً أو طعاماً إلى رب بيت رزق الزيادة في ماله وولده، و إن هي قرضت ثيابه دلّت بذلك على نقص ماله وولده، فينبغي أن ذلك القرض ويصلح. وإذا شبّت النار شبوباً كالصّخب دلت على فرح شديد، وإذا شبت شبوباً كالبكاء دلت على حزن، وأما النار التي تشتعل في أسفل القدور فإنهم تدل على أمطار تكنثر أو ضيف يحضر. وإذا فشا الموت في البقر وقع الموتان في البشر، وإذا فشا الموت في الخنازير عمّ الناس السلامة و العافية، وإذا فشا الموت في السباع والوحوش أصاب الناس ضيقة، وإذا فشا الموت في الجرذان أخصب الناس. وإذا أكثرت الضفادع النّقيق دلت على موتان يكون. وإذا أنّ ديك في دار فشا فيهم مرض الرجال، وإذا أنّت دجاجة فشا فيهم مرض النساء، وإذا صرخت ديوك صراخاً كالبكاء فشا الموت في النساء، وإذا صرخ الدجاج مثل ذلك الصراخ فشا الموت في الرجال. وإذا نعب غراب أسود فجاوبته دجاجة دل ذلك على خراب يعمر. وإذا قوّقت دجاجة وجاوبهم غراب دل ذلك على عمران يخرب. وإذا غطّ الرجل الحسيب في نومه بلغ سناً ورفعة، ومن نفخ في نومه أفسد ماله، ومن صرت أسنانه في نومه دلّ ذلك منه على نميمة، وينبغي أن يضرب على فيه بخفٍّ متخرّق. ومن سقطت قدّامه حية من جحر أصابته معرّة ومضرة. وإذا رئي في الهواء دخنة وظلمة من غير علة تخوّف على الناس الوباء والمرض. وإذا رئي في آفاق السماء في ليلة مصحية كاختلاف النيران غشي البلاد التي رئي ذلك فيهم عدوّ، فإن رئي ذلك وفي البلاد عدوّ انكشف عنهم. وإذا نبح كلب بعد هدأةٍ نبحة بغتة دل على أن السّرّاق قد اجتمعوا بالغارة على بعض ما في تلك الدار أو ما جاورهم. وإذا صفّق ديك بجناحيه ولم يصرخ دل على أن الخير محتبس عن صاحبه. وإذا أكثر البوم الصراخ في دار برىء مريض إن كان فيهم. وإذا سمع لبيت تنقّض شخص من فيه عنه، وإذا عوت ذئاب من جبال وجاوبتهم كلاب من قرى تفاقم الأمر في التحارب وسفك الدماء. وإذا عوت كلاب وجاوبتهم ذئاب كان وباء وموتان جارف، وإذا أكثرت الكلاب في اليغتات الهرير دلت بذلك على إتيان العدوّ البلاد التي هي فيهم ، وإذا صرخ ديك في دار قبل وقت صراخ الديوك كان ذلك محاولة لدفع بليّة قد شارفت تلك الدار، وإذا صرخت دجاجة في دار كصراخ ديك كان ذلك تحذيراً لمن فيهم من آفة قد أشرفوا عليهم. وإذا أكثر ديك النّزوان على تكنأة رب الدار نال شرفاً ونباهة، وإن فعلت ذلك دجاجة ناله خمول وضعة. وإذا ذرق ديك على فراشه نال مالاً رغيباً وخيراً كثيراً وذلك إذا كان من غير تضييع من حشمة لفراشه، فإن ذرقت دجاجة على فراشه نالت زوجته منه خيراً كثيراً، وكانوا يقولون: إن الموت من المريض الشبيه للصحيح قريب وإن الصحيح الشبيه بالمريض مستشعر للشر وينبغي مباعدته. وينبغي أن يعرف كنه من كان منطقياً لعلّه لا يجيد العمل، وحال من كان سكّيتاً متزمّتاً لعله بعيد الغور.
وكانوا يكرهون استقبال المولود ساعة يوضع إلا أن يكون ناقص الخلق فإن بليته وآفته قد صارتا على نفسه، ويكرهون استقبال الزّمن والكريه الاسم والجارية البكر والغلام الذاهب إلى المكتب، وكانوا يكرهون الثيران المقرونة بقران والحيوان الموثق والدابّة المقودة وحاملة الشراب والحطب والكلب، ويستحبّون الصحيح البدن الرضيّ الاسم والمرأة الوسيمة الثيّب والغلام المنصرف من المكتب والدواب التي عليهم حمولة من طعام أو تبن أو زبل.
وكانوا لا ينحّون عن سمع الملك ألحان المغنيات ونقيض الصواري وصهيل الخيل والبراذين ويتخذون في مبيته ديكاً ودجاجة. وإذا أهديت له خيل سنح بهم عليه من يساره إلى يمينه وكذلك الغنم والبقر، وأما الرقيق والسباع وما أشبههم فكان يبرح من يمينه إلى يساره.

باب في الخيل

للنبي في فضل الخيل

حدّثني محمد بن عيينة عن شبيب بن غرقدة "عن عروة" البارقي قال: سمعت النبي يقول: "الخيل معقود في نواصيهم الخير إلى يوم القيامة".

بين النبي ورجل أراد شراء فرس


حدّثني يزيد بن عمرو قال: حدّثني أسهل بن حاتم قال: حدّثني موسى بن عليّ بن رباح اللّخمي عن أبيه قال: جاء رجل إلى النبي فقال: إني أريد أن أعدّ فرساً. قال رسول اللّه: "فاشتره إذاً أدهم أو كميتاً أقرح أرثم أو محجلا مطلق اليمين".
وفي حديث آخر "فإنهم ميامن الخيل ثم آغز تسلم وتغنم إن شاء اللّه".

للنبي في فضل الخيل، وما كان يستحبه ويكرهه منهم

حدّثني سهل بن محمد قال: أخبرني أبو عبيد ة أن النبي قال: "عليكم بإناث الخيل فإن ظهورهم حرز وبطونهم كنز".
قال: وكان النبي يستحب من الدواب الشّقر ويقول: "لو جمعت خيل العرب كلهم في صعيد واحد ما سبقهم إلا أشقر".
وسأل رجل رسول اللّه: أيّ المال خير؟ قال: "سكة مأبورة" يعني النخل " ومهرة مأمورة " يريد كثيرة النتاج.
قال: وكان يكره الشّكال في الخيل.

قول لأبي ذر

"قال أبو ذرّ: ما من ليلة إلا والفرس يدعو فيهم ربه ويقول: اللهم سخرتني لابن آدم وجعلت رزقي بيده فاجعلني أحبّ إليه من أهله وماله، اللهم ارزقه وارزقني على يديه".

لمطر بن دراج وقد سأله المهدي عن أفضل الخيل

سأل المهدي مطر بن درّاج: أيّ الخيل أفضل؟ قال: الذي إذا استقبلته قلت نافر، وإذا استعرضته قلت زافر، وإذا استدبرته قلت زاجر. قال: فأيّ البراذين شر؟ قال: الغليظ الرقبة الكثير الجلبة الذي إذا أرسلته قال أمسكني وإذا أمسكته قال أرسلني. قال: فأيّ البراذين خير؟ قال: ما طرفه إمامه وسوطه عنانه.

لرجل يصف برذوناً

"وصف رجل برذوناً فقال: إن تركته نعس وإن حركته طار".

لابن أقيصر في أفضل الخيل

وقال ابن أقيصر: خير الخيل الذي إذا استقبلته أقعى وإذا استدبرته جبىّ وإذا استعرضته استوى وإذا مشى ردى وإذا عدا دحا.

بين مسلابن عمرو وابن عم له أرسله ليشتري له خيلاً

محمد بن سلاّم قال: أرسل مسلابن عمرو ابن عمّ له إلى الشأم ومصر يشتري له خيلاً فقال: لاعلم لي بالخيل. قال: ألست صاحب قنص؟ قال: بلى. قال": فانظر، كلّ شيء تستحسنه في الكلب فاطلبه في الفرس. فقدم بخيل لم يك في العرب مثلهم. وقالوا: سمّيت خيلاً لاختيالهم .

لأعرابي يصف فرساً

وذكر أعرابي فرساً وسرعته فقال: لما خرجت الخيل جارى بشيطان في أشطان فلما أرسلت لمع لمعة سحاب فكان أقربهم إليه الذي تقع عينه عليه.

لرجل من بني أسد في الكريم والمقرف من الخيل

وسئل رجل من بني أسد: أتعرف الفرس الكريم؟ قال: أعرف الجواد المبرّ من المبطيء المقرف. أما الجواد المبر فالذي لهز لهز العير وأنّف تأنيف السّير، الذي إذا عدا آسلهبّ وإذا قيّد آجعلب وإذا انتصب آتلاب. وأما المبطيء المقرف فالمدلوك الحجبة الضخم الأرنبة الغليظ الرقبة "الكثير الجلبة الذي إن أرسلته قال: أمسكني وإن أمسكته قال: أرسلني.
وأنشد الرياشيّ:

كمهر سوء إذا سكّنت شرته

رام الجماح فإن رفّعته سكنا

بين عمر بن الخطاب

وسلمان بن ربيعة الباهلي في معرفة عراب الخيل

حدّثني عبد الرحمن بن عبد اللّه قال: حدّثني الأصمعيّ عن أبي عمرو بن العلاء أن عمر ابن الخطاب شك في العتاق والهجن، فدعا سلمان بن ربيعة الباهلي فأخبره، فأمر سلمان بطست فيه ماء فوضع في الأرض ثم قدّمت الخيل إليه فرساً فرساً فما ثنى منهم سنبكه فشرب هجّنه، وما شرب ولم يثن سنبكه عرّبه. وذلك لأن في أعناق الهجن قصراً فهي لا تنال الماء على تلك الحال حتى تثني سنلبكهم ، وأعناق العتاق طوال.

لكسرى في أفراسه

وحدّثني أبو حاتم قال: حدّثنا الأصمعيّ قال: ذكروا أن كسرى كان إذا أتاه سائسه فقال: الفرس يشتكني حافره، قال: المطبخ. وإذا قال: يشتكني ظهره، قال: البيطار.

شعر النضر بن سلمة يصف الفرس

وأنشدني أبو حاتم لأبي ميمون العجليّ وهو النضر بن سلمة في شعر طويل له يصف الفرس، وقال: قرأته على أبي عبيد ة وعلى الأصمعيّ:

الخيل منّي أهل ما أن يدنـين

 

وأن يقرّبن وأن لا يقـصـين

 

وأن يبـأبـأن وأن يفـــدّين

 

وأن يكون المحض مما يسقين

 

وأهل أن يعلـيّن أو يغـالـين

 

بالطّرف والتّلد وأن لا يجفين

 

وأهل ما صحبننا أن يقـفـين

 

وأهل ما أعقبننا أن يجـزين

 

أليس عزّ الناس فـيمـا أبـلـين

 

والحسب الزاكي إذا ما يقـنـين

والأجر والـزّين إذا ريم الـزّين

 

كم من كريم جدّه قـد أعـلـيّن

وكم طريدٍ خائفٍ قـد أنـجـين

 

ومن فقير عـائل قـد أغـنـين

وكم برأس في لـبـان أجـرين

 

وجسدٍ لـلـعـافـيات أعـرين

وأهل حصنٍ ذي امتـنـاع أرذين

 

وكم لهم في الغنم من ذي سهمين

يكون فيما اقتسموا كالرّجـلـين

 

وكم وكم أنكحن من ذي طمرين

بغير مـهـر عـاجـل ولا دين

 

والخيل والخيرات في قـرينـين

لاتشتكنين عـمـلاً مـا أنـقـين

 

ما دام مخٌّ في سلامى أو عـين

ما بلّل الصوفة ماء البحرين

شعر في وصف الفرس

وأنشدني أبو حاتم عن أبي عبيد ة، قال: وقال لي أبو عبيد ة: لا أعرف قائل هذا الشعر وعروضه لا يخرّج. قال أبو حاتم: أحسبه لعبد الغفار الخزاعي:

ذاك وقد أذعـر الـوحـوشـا

بصلت الخدّ رحبٍ لبانه مجفـر

طويل خمسٍ قـصـير أربـعة

عريض ست مقلّصٌ حـشـور

حدّت له تسـعةٌ وقـد عـريت

تسع ففيه لمن رأى مـنـظـر

ثم له تـسـعة كـسـين وقـد

أرحب منه اللّبان والمـنـخـر

بعيد عشر وقـد قـربـن لـه

عشر وخمس طالت ولم تقصر

نقفيه بالمحض دون ولـدتـنـا

وعـضّـه فـي آريّه ينـثـر

نصبحه تـلـرة ونـغـبـقـه

ألـبـان كـومٍ روائم أظـؤر

حتى شـتـا بـادنـاً يقـال ألا

يطوون من بدنه وقد أضـمـر

موثّق الخلق جـرشـعٌ عـتـد

منضرج الحضر حين يستحضر

حاظي الحماتين لـحـمـه زيمٌ

نهدٌ شديد الصّفـاق والأبـهـر

رقيق خمـس غـلـيظ أربـعة

نائي المعدّين لـيّن الأشـعـر

وقد فسرت هذا الشعر في كتابي المؤلف في أبيات المعاني في خلق الفرس.

لبعض الضبيين في وصف فرس

أنشدنا أبو سعيد لبعض الضّبّيين في وصف فرس:

متقاذف عبل الشّوى شنج النّسا

سبّاق أندية الجياد عمـيثـل

وإذا تعلّل بالسّياط جـيادهـم

أعطاك نائله ولم يتـعـلّـل

شعر لعمرو بن العاص بعد انتهم ء وقعة صفين

قيل لما وضعت حرب صفّين أوزارهم قال عمرو بن العاص:

شبّت الحرب فأعددت لهـم

مفرع الحارك مرويّ الثّبج

جرشعاً أعظمه جفـرتـه

فإذا ابتلّ من الماء حـرج

يصل الشّـد بـشـدٍّ فـإذا

ونت الخيل من الشدّ معج

من كتاب للروم في علامات فراهة المهر

ووجدت في كتاب من كتب الروم أن من علامة فراهة المهر الحولي صغر رأسه وشدّة سواد عينيه، وأن يكون محدّد الأذنين أجرد باطنهم كثيف العرف، في عرفه ميل من قبل يمين راكبه. عريض الصدر مرتفع الهم دي معتدل العضدين مكتنز الجنبين طويل الذنب عريض الكفل مستدير الحوافر صحيح باطنهم. ومن علامة فراهة المهر ألا يكون نفوراً "ولا يقف عند دابة إلا مع أمّه" وإذا دفع إلى عين أو نهر ماء لم يقف لتجاوزه دابة فيسير بسيرهم ولكنه يقطع ذلك النهر والعين.

مما يسلّم اللّه به الخيل من العين

قالوا: ومما يسلم اللّه به الخيل من العين وأشباه ذلك أن يجعل في أعناقهم خرزة من قرون الأيايل.

ومثله في رقية الفرس من العين

حدّثني محمد بن عبيد عن معاوية عن أبي إسحاق عن سفيان عن حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن إساف وعن سحيم بن نوفل قالا: كنا جلوساً عند عبد اللّه بن مسعود ونحن نعرض المصاحف، فجاءت جارية إلى سيّدهم فقالت: ما يجلسك؟ قم فابتغ لنا راقياً فإن فلاناُ لقع مهرك بعينه فتركته يدور كأنه فلك. فقال عبد اللّه: لا تبتغ راقياً ولكن أذهب فآنفث في منخره الأيمن أربعاً وفي الأيسر ثلاثاً، ثم قل: بسم اللّه لا باس لاباس أذهب الباس رب النّاس وآشف أنت الشافي لا يكشف الضراء إلا أنت. قال: فما قمنا حتى جاء الرجل فقال: قد فعلت الذي أمرتني به فبال وراث وأكل.

في مداواة الفرس من بعض العلل


حدّثني أبو حاتم عن أبي عبيد ة أنه قال: إذا كان الفرس صلودا لا يعرق سقيته ماء قد دفت فيه خميرة أو علفته ضغثا من هندباء فإن ذلك يكثر عرقه، فإن حمر أدخلته الحمّام وأشمه عذرةً. فقلت لأبي عبيد ة: ما يدريك أن هذا كذا؟ فقال: خبرني به جلّ الهنديّ وكان بصيراً. قال: فإن أصابته مغلةٌ وهي وجع البطن من أكل التراب أخذ له شيء من بورقٍ فدقّ ونخل فجعل في ربع دورق من خمر فحقن به وبلّ تراب طيّب ببول أتان حتى يصير طيناً ثم لطخ به بطن الدابة.
قال: ومما يذهب العرن دماغ الأرنب.

للهيثم بن مطهّر على باب الخيزران

وقف الهيثم بن مطهّر على باب الخيزران على ظهر دابته، فبعث إليه الكاتب في دارهم: آنزل عن ظهر دابتكن فقد جاء في الأثر: لا تجعلوا ظهور دوابّكم مجالس. فبعث إليه: إني رجل أعرج وإن خرج صاحبي خفت ألاّ أدركه. فبعث إليه: إن لم تنزل أنزلناك. قال: هو حبيس إن أنزلتني عنه إن أقضمته شهراً فانظر أيّما خير له، راحةٌ ساعة أو جوع شهر؟ فقال: هذا شيطان، آتركوه.

باب البغال والحمير

لمسلمة في البغال

قال مسلمة: ما ركب الناس مثل بغلة قصيرة العذار طويلة العنان.
وكتب رجل إلى وكيله: آبغني بغلة حصّاء الذنب طويلة العنق سوطهم عنانهم وهواهم أمامهم .

بين الفضل بن الربيع وبعض بني هم شم في ركوب البغلة

عاتب الفضل بن الربيع بعض بني هم شم في ركوبه بغلة، فقال له: هذا مركب تطأطأ عن خيلاء الخيل ولآرتفع عن ذلّة الحمار وخير الأمور أوساطهم .
حدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ قال: أخبرنا أبو عمرو بن العلاء، قال: دفع أبو سيّارة بأهل المزدلفة أربعين سنة على حمار لايعتلّ، فقال العرب: " أصح من عير أبي سيّارة".

إيثار الفضل الرقاشي ركوب الحمير على سواهم

قال رجل للفضل الرّقاشي وهو جدّ معتمر لأمّه: إنك لتؤثر الحمير على جميع المركوب، فلم ذلك؟ قال: لأنهم أكثرهم مرفقا. قال: وما ذاك؟ قال: لاتستبدل بالمكان على قدر اختلاف الزمان، ثم هي أقلهم داء وأيسرهم دواء وأسلم صريعا وأسهل تصريفاً وأخفض مهوىً وأقل جماحاً وأشهر فارهم وأقل نصيرا ويزهى راكبه وقد تواضع بركوبه، ويكون مقتصداً وقد أسرف في ثمنه.

لخالد بن صفوان في وصف حمار

وقال خالد بن صفوان في وصف حمار: قد أركبه عيرا من بنات الكداد أصحر السّربال محملج القوائم يحمل الرّجلة ويبلغ العقبة ويمنعني أن أكون جبّاراً عنيداً.

لرجل يطلب حماراً

وقال رجل لنخّاسٍ: اطلب لي حماراً ليس بالكبير المشتهر ولا القصير المحتقر ولا يقدم تقحّماً ولا يحجم تبلّداً، يتجنب بي الزحام والرّجام والإكام. خفيف اللجام إذا ركبته هم م وإذا ركبه غيري قام، إن علفته شكر، وإن أجعته صبر. فقال له النخاس: إن مسخ اللّه القاضي زياداً حماراً رجوت أن أصيب لك حاجتكن إن شاء اللّه.

لرجل يوصي رجلاً

وقال رجل لآخر يوصيه: خذ من الحمار شكره وصبره ومن الكلب نصحه لأهله ومن الغراب كتمانه للسّفاد.
جرير بن عبد اللّه عن أبيه قال: لا تركب حماراً فإنه إن كان فارهم أتعب يديك وإن كان بليداً أتعب رجليك.

باب في الإبل

الهيثم قال: قال ابن عياش: لا تشتر خمسة من خمسة: لاتشتر فرساً من أسديّ ولا جملاً من نهديّ ولا عيراً من تميمي ولا عبد اً من بجلي. ونسى الهيثم الخامس، يريد أن أهل هذه القبائل عظام الجدود في هذه الأشياء.

لبني عبس في الإبل

قيل لبني عبس: أيّ الإبل أصبر عليكم في محاربتكنم؟ قال: الرّمك الجعاد. قيل: فأيّ الخيل وجدتم أصبر؟ قالوا: الكمت الحوّ. قيل: فأيّ النساء وجدتم أصبر؟ قالوا: بنات العم.

بين شبّة بن عقال ورجل من أهل اليمن


المدائني قال: قال شبّة بن عقال: أقبلت من اليمن أريد مكة وخفت أن يفوتني الحج، ومعي ثلاث أجمال فمررت برجل من أهل اليمن على ناقة له فطويته فلما جزته قام بي بعير لي ثم آخر ثم قام الآخر فظننت أن الحج يفوتني فمرّ بي اليماني فقال: مررت بنا ولم تسلّم ولم تعرّض. فقلت: أجل يرحمك اللّه. قال: أتطيب نفساً عما أرى؟ قلت: نعم. فنزل فأرخى أنساع رحله ثم قدّمه فكاد يضعه على عنقهم ثم شدّه وقال لي: لولا أنك لا تضبط رأسهم لقدّمتكن. ثم قال لي: خذ حرّ متاعك إن لم تطب نفساً به. ففعلت، ثم ارتدفت، فجعلت تعوم عوماً ثم انسلّت كأنهم ثعبان يسيل سيلاً كالماء فما شعرت حتر أراني الأعلام وقال: أتسمع؟ فسمعت أصوات الناس لإإذا نحن بجمع، فقضيت حجّتي، وكان قال لي: حاجتي إليك ألاّ تذكر هذا فإن هذه عندي أثر من ولاية العروض، يعني مكة والمدينة، أدرك عليهم الثأر وهي ثمال العيال وأصيد عليهم الوحش وأوافي عليهم الموسم في كل عام من صنعاء في أقل من غبّ الحمار. فساللّه: من أين هي؟ قال: بجاويّة من هوامي نتاج "بدو" بجبيلة الأولى وهي من المهم رى التي يذكر الناس.

في جمل سامه عامل سليمان بن عبد الملك

" وكتب سليمان بن عبد الملك إلى عامله: أصب لي نجائب كراماً. فقدم رجل على جمل سباعيٍّ عظيم الهم مة له خلق لم يروا مثله قطّ فساموا، فقال: لاأبيعه. قالوا: لا ندعك ولا نغصبك ولكنا نكتب إلى أمير المؤمنين بسببه. قال: فهلا خيرا من هذا؟ قالوا: ما هو؟ قال: معكم نجائب كرام وخيل سابقة، فدعوني أركب جملي وأبعثه واتبعوني فإن لحقتموني فهو لكم بغير ثمن. قالوا: نعم. فدنا منه فصاح في أذنه ثم أثاره فوثب وثبة شديدة فكبا ثم انبعث واتبعوه فلم يدروا كيف أخذ، ولم يروا له أثراً فجعل أهل اليمن علما على وثبته يقال له: الكفلان".

أخبار الجبناء

بين عبيد اللّه بن زياد ورجل أرسله

لحرب الخوارج ففرّ منهم، وشعر لخارجيّ حدّثني عبد الرحمن بن عبد اللّه عن عمه الأصمعيّ قال: أرسل عبيد اللّه بن زياد رجلاً في ألفين إلى مرداس بن أديّة وهو في أربعين فهزمه مرداس فعنّفه ابن زياد وأغلظ له فقال: يشتمني الأمير وأنا حي أحبّ إليّ من أن يدعو لي وأنا ميت. فقال شاعر الخوارج:

أألفا مؤمن منكم زعمـتـم

ويهزمهم بآسك أربعـونـا

كذبتم ليس ذلكـم كـذاكـم

ولكن الخوارج مؤمنونـا

هم الفئة القليلة قد علمتـم

على الفئة الكثيرة ينصرونا

للنبي

حدّثني محمد بن عبيد عن معاوية عن أبي إسحاق عن عون عن الحسن قال: قال النبي: "ما التقت فئتان قطّ إلاّ وكفّ اللّه بينهما فإذا أراد أن يهزم إحدى الطائفتين أمال كفّه عليهم ".

لمعاوية

" ورفع معاوية ثندوته وقال: لقد علم الناس أن الخيل لا تجري بمثلي، فكيف قال النجاشي:

ونجّى ابن حرب سابقٌ ذو علالة

أجشّ هزيمٌ والرماح دوانـي "

بين عمرو بن العاص ومعاوية

ابن دأب قال: قال عمرو بن العاص لمعاوية: لقد أعياني أن أعلم أجبان أنت أم شجاع؟ فقال:

شجاع إذا ما أمكنتني فرصة

وإلاّ تكن لي فرصة فجبان

شعر لأبي دلامة في حب الموت

شهد أبو دلامة حرباً مع روح بن حاتم فقال له: تقدّم فقاتل. فقال:

إني أعوذ بروح أن يقدّمـنـي

إلى القتال فتخزى بي بنو أسد

إن المهلب حبّ الموت ورّثكـم

ولم أورّث حبّ الموت عن أحد

لعليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه في ذم ابن النابغة

أبو المنذر قال: حدّثنا زيد بن وهب قال: قال لي عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه: عجباً لابن النابغة! يزعم أني تلعابة أعافس وأمارس! أما وشرّ القول أكذبه، إنهخ يسأل فيلحف ويسأل فيبخل، فإذا كان عند البأس فإنه آمرؤ زاجر ما لم تأخذ السيوف مأخذهم من هم م القوم، فإذا كان كذلك كان أكبر همّه أن يبرقط ويمنح الناس آسته. قبحه اللّه وترحه.

شعر للفرّار السّلمي وغيره في ذمّ الشجاعة وتحسين الفرار

وقال الفرّار السّلمي:

وكتيبة لبّسـتـهـم بـكـتـيبة

 

حتى إذا التبست نفضت بهم يدي

 

وتركتهم تقص الرماح ظهورهم

 

من بين منجدل وآخر مسـنـد

 

ما كان ينفعني مقال نسائهم

 

وقتلت دون رجالهم: لاتبعد

وقال آخر:

أضحت تشجعني هند وقد علـمـت

أن الشجاعة مقرون بهم العـطـب

لا والذي حجت الأنصار كعـبـتـه

ما يشتهي الموت عندي من له أرب

للحرب قوم أضل اللّـه سـعـيهـم

إذا دعتهم إلى حوبـائهـم وثـبـوا

ولست منهم ولا أبغي فـعـالـهـم

لا القتل يعجبني منهم ولا السّـلـب

وقال أيمن بن خريم:

إن للفتنة مـيطـا بـينـا

فرويد الميط منهم يعتدل

فإذا كان عطاء فـأتـهـم

وإذا كان قتال فاعتـزل

إنما يسعرهم جهم لـهـم

حطب النار فدعهم تشتعل

وقال آخر:

كملقي الأعنة من كفّه

وقاد الجياد بأذنابهـم

لجران العود في الدهش

وقال جران العود في الدهش:

يوم ارتحلت برحلي قبل تودعتـي

والقلب مستوهلٌ بالبين مشغـول

ثم اعتضضت على نضوي لأدفعه

إثر الحمول الغوادى وهو معقول

مثله لخالد بن عبد اللّه

كان خالد بن عبد اللّه من الجبناء خرج عليه المغيرة بن سعيد صاحب المغيريّة " من الرافضة " وهو من بجيلة فقال من الدهش: أطعموني ماء. فذكّره بعضهم فقال:

عاد الظلوم ظليما حين جـدّ بـه

واستطعم الماء لما جدّ في الهرب

لعبيد اللّه بن زياد في الدهش

وقال عبيد اللّه بن زياد إما للكنة فيه أو لجبن أو دهشة: افتحوا سيوفكم.

شعر لابن مفرّغ الحميري

وقال ابن مفرّغ الحميري:

ويوم فتحت سيفك من بعـيد

أضعت وكلّ أمرك للضياع

شعر كان يتمثل به معاوية

وكان معاوية يتمثل بهذين البيتين كثيراً:

أكان الجـبـان يرى أنـه

سيقتل قبل انقضاء الأجل

فقد تدرك الحادثات الجبان

ويسلم منهم الشجاع البطل

لخالد بن الوليد في ذم الجبن

وقال خالد بن الوليد: لقد لقيت كذا وكذا زحفاً وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه طعنة أو ضربة أو رمية ثم هم أنا أموت على فراشي حتف أنفي، فلا نامت أعين الجبناء.

لأعرابي في كراهية الغزو

" قيل لأعرابي: ألا تغزو فإن اللّه قد أنذرك. قال: واللّه إني لأبغض الموت على فراشي فكيف أمضي إليه ركضاً " وقال قرواش بن حوط وذكر رجلين:

ضبعا مجاهرة وليثاً هدنة

وثعيلبا خمر إذا ما أظلما

شعر لعبد الملك بن مروان في جبن عبد اللّه بن خالد

وقال عبد الملك بن مروان في أمية بن عبد اللّه بن خالد:

إذا صوّت العصفور طار فؤاده

وليثٌ حديد الناب عند الثـرائد

ونحوه قول الآخر:

ولو أنهم عصفورة لحسبتهم

مسوّمة تدعو عبيد اً وأزنما

لبعض الشطار في الجبان

وقال اللّه عز وجل " يحسبون كلّ صيحةٍ عليهم ".
ومن أشعار الشّطّار في الجبان:

رأى في النوم إنسانا

فوارى نفسه أشهر

لابن المقفع في الجبن

قال ابن المقفع: الجبن مقتلة والحرص محرمة فانظر " فيما رأيت وسمعت": من قتل في الحرب مقبلاً أكثر أم من قتل مدبراً؟ وانظر من يطلب إليك بالإجمال والتكنرم أحقّ أن تسخو نفسك له بالعطية أم من يطلب إليك بالشره والحرص؟

شعر لحنش بن عمرو

وقال حنش بن عمرو:

وأنتم سماء يعجب الـنـاس رزّهـم

لهـم زجـلٌ بـاق شـديدٌ وئيدهـم

تقطّع أطناب البـيوت بـحـاصـبٍ

وأكذب شيء برقهـم ورعـودهـم

فويلمّهم خيلاً تهـم وى شـرارهـم

إذا لاقت الأعداء لولا صـدودهـم

للفرزدق أو البعيث في هجاء سليط

 

وقال الفرزدق أو البعيث:

سائل سليطاً إذا ما الحرب أفزعهم

ما بال خيلكم قعسـاً هـواديهـم

لا يرفعون إلى داعٍ أعـنّـتـهـم

وفي جواشنهم داء يجـافـيهـم

قصة أبو الأغرّ النهشلي مع الكلب


كان بالبصرة شيخ من بني نهشل يقال له عروة بن مرثد ويكنى أبا الأغرّ ينزل ببني أخت له في سكة بني مازن، وبنو أخته من قريش، فخرج رجالهم إلى ضياعهم في شهر رمضان وخرج النساء يصلين في مسجدهم فلم يبق في الدار إلا الإماء فدخل كلب يعتسّ فرأى بيتاً فدخله وانصفق الباب فسمع الحركة بعض الإماء فظنوا أن لصاً دخل الدار فذهبت إحداهنّ إلى أبي الأغر فأخبرته، فقال أبو الأغر: ما يبتغي اللص؟ ثم أخذ عصاه وجاء. فوقف على باب البيت وقال: إيه يا ملأمان، أما واللّه إنك بي لعارف فهل أنت إلا من لصوص بني مازن شربت حامضاً خبيثاً حتى إذا دارت القروح في رأسك منّتكن نفسك الأماني وقلت: أطرق ديار بني عمرو والرجال خلوف والنساء يصلين في مسجدهم فأسرقهم. سوءةً لك، واللّه ما يفعل هذا ولد الأحرار، وآيم اللّه لتخرجن أو لأهتفنّ هتفة مشؤومة يلتقي فيهم الحيّان عمرو وحنظلة وتجيء سعدٌ بعدد الحصى ويسيل عليك الرجال من هم هنا ومن هم هنا ولئن فعلت لتكوننّ أشأم مولود. فلما رأى أنه لا يجيبه أحد أخذ باللين فقال: اخرج بأبي وأمي، أنت مستور، إني واللّه ما أراك تعرفني ولو عرفتني لقنعت بقولي واطمأننت إليّ. أنا - فديتكن - أبو الأغر النّهشلي، وأنا خال القوم وجلّدة بين أعينهم لا يعصونني، ولن تضارّ الليلة فآخرج فأنت في ذمتي وعندي قوصرّتان أهداهما إليّ ابن أختي البارّ الوصول فخذ إحداهما فانتبذهم حلالاً من اللّه ورسوله. وكان الكلب إذا سمع الكلام أطرق وإذا سكت وثب يريغ المخرج، فتهم فت أبو الأغرّ ثم تضاحك وقال: يا ألأم الناس وأوضعهم، لا أرى إلا أني لك الليلة في واد وأنت لي في واد، أقلّب السوداء والبيضاء فتصيخ وتطرق، وإذا سكتّ عنك وثبت تريغ المخرج، واللّه لتخرجنّ أو لألجنّ عليك البيت. فلما طال وقوفه جاءت إحدى الإماء فقالت: أعرابي مجنون، واللّه ما أرى في البيت شيئاً. فدفعت الباب فخرج الكلب شدّاً وحاد عنه أبو الأغر ساقطاً على قفاه، ثم قال: يا اللّه ما رأيت كالليلة! واللّه ما أراه إلا كلباً، أما واللّه لو علمت بحاله لولجت عليه.

ومثله قصة أبي حية النميري

وشبيه بهذا حديث لأبي حية النّميري، وكان له سيف ليس بينه وبين الخشبة فرق، وكان يسميه لعاب المنية. قال جار له: أشرفت عليه ليلة وقد آنتضاه وشمّر وهو يقول: أيهم المغترّ بنا والمجترىء عليّنا، بئس واللّه ما اخترت لنفسك، خير قليل وسيف صقيل، لعاب المنية الذي سمعت به، مشهور ضربته لا تخاف نبوته. آخرج بالعفو عنك وإلا دخلت بالعقوبة عليك، إني واللّه إن أدع قيساً تملأ الأرض خيلاً ورجلا. يا سبحان اللّه، ما أكثرهم وأطيبهم ! ثم فتح الباب فإذا كلب قد خرج، فقال: الحمد اللّه الذي مسخك كلبا وكفاني حربا.

من كتاب كليلة ودمنة

وقرأت في كتاب كليلة ودمنة: يخاف غير المخوف طائر يرفع رجليه خشية السماء أن تسقط، وطائر يقوم على إحدى رجليه حذار الخسف إن قام عليهما، ودودة تأكل التراب فلا تشبع خوفاً أن يفنى إن شبعت فتجوع، والخفافيش تستتر بالنهم ر حذار أن تصطاد لحسنهم .

بين عبيد اللّه بن زياد وعبد اللّه بن خازم

السّلمي في خوفه من جرذ

بينا عبد اللّه بن خازم السّلمي عند عبيد اللّه بن زياد إذ دخل عليه بجرذ أبيض فعجب منه وقال: يا أبا صالح، هل رأيت أعجب من هذا؟ وإذا عبد اللّه قد تضاءل حتى صار كأنّه فرخ وآصفرّ حتى كأنه جرادةٌ ذكر. فقال عبيد اللّه: أبو صالح يعصى الرحمن ويتهم ون بالشيطان ويقبض على الثعبان ويمشي إلى الأسد الورد ويلقى الرماح بوجهه قد اعتراه من هذا الجرذ ما ترون! إن اللّه على كل شيء قدير!

لحسان بن ثابت يعيّر الحارث بن هشام بفراره يوم بدر

كان الحارث بن هشام أخو أبي جهل بن هشام شهد بدراً مع المشركين وانهزم، فقال فيه حسان:

إن كنت كاذبة الذي حدّثـتـنـي

فنجوت منجى الحارث بن هشام

ترك الأحبّة لم يقاتـل دونـهـم

ونجا برأس طمـرّةٍ ولـجـام

وللحارث يعتذر عن فراره

فاعتذر الحارث من فراره وقال:

اللّه يعلم ما تركت قتـالـهـم

حتى علوا فرسي بأشقر مزبد

وعلمت أني إن أقاتـل واحـداً

أقتل ولا يضرر عدوي مشهدي

فصددت عنهم والأحبة فـيهـم

طمعاً لهم بعقاب يوم مفـسـد


وأسلم يوم فتح مكة وحسن إسلامه، وخرج في زمن عمر من مكة إلى الشام بأهله وماله، فاتبعه أهل مكة يبكون، فرقّ وبكى ثم قال: أما إنا لو كنا نستبدل داراً بدارنا وجاراً بجارنا ما أردنا بكم بدلاً، ولكنهم النّقلة إلى اللّه. فلم يزل هنالك مجاهداً حتى مات.

بين معاوية وعمرو بن العاص

المدائني قال: رأى عمرو بن العاص معاوية يوماً يضحك فقال له: مم تضحك يا أمير المؤمنين أضحك اللّه سنّك؟ قال: أضحك من حضور ذهنك عند إبدائك سوءتكن يوم ابن أبي طالب، أما واللّه لقد وافقته منّاناً كريماً، ولو شاء أن يقتلك لقتلك. قال عمرو: يا أمير المؤمنين أما واللّه إني لعن يمينك حين دعاك إلى البراز فاحولّت عيناك وربا سحرك وبدا منك ما أكره ذكره لك فمن نفسك فاضحك أو دع.

بين الوليد بن عبد الملك وأم البنين بنت

عبد العزيز بن مروان، وبينهم وبين الحجاج

وقدم الحجاج على الوليد بن عبد الملك فدخل وعليه درع وعمامة سوداء وقوس عربية وكنانة، فبعثت إليه أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان فقالت: من هذا الأعرابي المستلئم في السلاح عندك وأنت في غلالة؟ فبعث إليهم أنه الحجاج، فأعادت الرسول إليه، فقال: تقول لك: واللّه لأن يخلو بك ملك الموت أحياناً أحبّ إليّ من أن يخلو بك الحجاج. فأخبره بذلك الوليد وهو يمازحه، فقال: يا أمير المؤمنين، دع عنك مفاكهة النساء بزخرف القول فإنما المرأة ريحانة وليست قهرمانةً فلا تطلعهم على سرك ومكايدة عدوّك. فلما دخل الوليد أخبرهم بمقالة الحجاج فقالت: يا أمير المؤمنين حاجتي أن تأمره غداً بأن يأتيني مستلئماً، ففعل ذلك وأتاهم الحجاج فحجبته فلم يزل قائماً، ثم قالت: "إيه يا حجاج، أنت الممتنّ على أمير المؤمنين بقتال ابن الزبير وابن الأشعث، أما واللّه لولا أن اللّه علم أنك شر خلقه ما ابتلاك برمي الكعبة الحرام ولا بقتل ابن ذات النّطاقين أول مولود ولد في الإسلام، وأما نهيك أمير المؤمنين عن مفاكهة النساء وبلوغ لذّاته وأوطاره فإن كنّ ينفرجن عن مثله فغير قابل لقولك، أما واللّه لقد نفض نساء أمير المؤمنين الطّيب من غدائرهن فبعنه في أعطية أهم الشأم حين كنت في أضيق من القرن قد أظلتكن رماحهم وأثخنك كفاحهم وحين كان أمير المؤمنين أحب إليهم من أبائهم وابنائهم فأنجاك اللّه من عدوّ أمير المؤمنين بحبهم إياه، قاتل اللّه القائل حين نظر إليك وسنان غزالة بين كتفيك:

أسد عليّ وفي الحروب نـعـامة

فتخاء تنفر من صفيرالصـافـر

هلا كررت على غزالة في الوغى

بل كان قلبك في جوانـح طـائر

وغزالة امرأة شبيب الخارجي. ثم قالت: آخرج، فخرج.

إقدام ليثيّ بعد جبنه

وكان في بني ليث رجل جبان بخيل فخرج رهطه غازين وبلغ ذلك ناساً من بني سليم وكانوا أعداء لهم فلم يشعر الرجل إلا بخيل قد أحاطت بهم فذهب يفرّ فلم يجد مفرّاً، ووجدهم قد أخذوا عليه كل وجه فلما رأى ذلك جلس ثم نثل كنانته وأخذ قوسه وقال:

ما علّتي وأنا جلد نـابـل

والقوس من نبع لهم بلابل

يرزّ فيهم وترٌ عـنـابـل

إن لم أقاتلكم فأمّي هم بل

أكلّ يوم أنا عنكم نـاكـل

لا أطعم القوم ولا أقاتـل

الموت حقٌ والحياة باطل ثم جعل يرميهم حتى ردّهم، وجاءهم الصريخ وقد منع الحيّ، فصار بعد ذلك شجاعاً سمحاً معروفاً.

احتيال أهل الكوفة في إخراج روح بن زنباع عنهم لبخله

ولما قتل عبد الملك مصعب بن الزبير وجّه أخاه بشر بن مروان على الكوفة ووجّه معه روح بن زنباع الجذامي كالوزير، وكان روح رجلاً علماً داهية غير أنه كان من أجبن الناس وأبخلهم، فلما رأى أهل الكوفة من بخله ما رأوا تخوّفوا أن يفسد عليهم أمرهم وكانوا قد عرفوا جبنه فاحتالوا في إخراجه عنهم فكتبوا ليلاً على بابه:

إنّ ابن مروان قد حانت منيّتـه

فاحتل لنفسك يا روح بن زنباع

فلما أصبح ورألى ذلك لم يشكّ أنه مقتول فدخل على بشر فاستأذنه في الشخوص فأذن له وخرج حتى قدم على عبد الملك فقال له: ما أقدمك؟ قال: يا أمير المؤمنين تركت أخاك مقتولاً أو مخلوعاً. قال: كيف عرفت ذلك؟ فأخبره الخبر فضحك عبد الملك حتى فحص برجليه، ثم قال: احتال لك أهل الكوفة حتى أخرجوك عنهم. خيل لأمية بن عبد اللّه جيء بهم إلى الحجاج

كان أميّة بن عبد اللّه بن خالد بن أسيد وجّه إلى أبي فديك فانهزم وأتي الحجاج بدوابّ من دوابّ أمية قد وسم على أفخاذهم " عدّة " فأمر الحجاج فكتب تحت ذلك: "للفرار".

لعمر بن الخطاب رضي اللّه عنه في الشجاعة والجبن

" وقال عمر رضي اللّه عنه: إن الشجاعة والجبن غرائز في الرجال، تجد الرجل يقاتل كمن لا يبالي ألا يؤوب إلى أهله، وتجد الرجل يفرّ عن أبيه وأمه، وتجد الرجل يقاتل ابتغاء وجه اللّه فذلك هو الشهيد".
وقال الشاعر:

يفرّ الجبـان عـن أبـيه وأمّـه

ويحمي شجاع القوم من لا يناسبه

باب من أخبار الشجعاء والفرسان وأشعارهم

للحرسي في الشجاعة والجبن

حدّثني أبو حاتم قال: حدّثني الأصمعيّ قال: سمعت الحرسيّ يقول: رأيت من الجبن والشجاعة عجباً. استثرنا من مزرعة في بلاد الشأم رجلين يذريان حنطة، أحدهما أصيفر أحيمس، والآخر مثل الجمل عظما، فقاتلنا الأصيفر بالمذرى لا تدنو منه دابة إلاّ نخس أنفهم وضربهم حتى شقّ عليّنا فقتل، ولم نصل إلى الآخر حتى مات فرقا فأمرت بهما فبقرت بطونهما فإذا فؤاد الضخم يابس مثل الحشفة، وإذا فؤاد الأصيفر مثل فؤاد الجمل يتخضخض في مثل كوز من ماء.

حديث صاحب النقب

وحدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ قال: حدّثنا أبو عمرو الصّفّار قال: حاصر مسلمة حصنا فندب الناس إلى نقب منه، فما دخله أحد. فجاء رجل من عرض الجيش فدخله ففتحه اللّه عليهم، فنادى مسلمة: أين صاحب النقب؟ فما جاءه أحد، فنادى: إني قد أمرت الآذن بإدخاله ساعة يأتي، فعزمت عليه إلاّ جاء. فجاء رجل فقال: استأذن لي على الأمير. فقال له: أنت صاحب النقب؟ قال: أ،ا أخبركم عنه. فأتنى مسلمة فأخبره عنه، فأذن له فقال له: إن صاحب النقب يأخذ عليكم ثلاثاً: ألاّ تسوّدوا اسمه في صحيفة " إلى الخليفة " ولا تأمروا له بشيء، ولا تسألوه ممن هو. قال: فذاك له. قال: أنا هو. فكان مسلمة لا يصلي بعدهم صلاة إلا قال: اللهم اجعلني مع صاحب النقب.

كتاب كسرى أنوشروان إلى مرازبته

حدّثني محمد بن عمرو الجرجاني قال: كتب أنوشروان إلى مرازبته: عليكم بأهل الشجاعة والسخاء فإنهم أهل حسن الظن باللّه تعالى.

وصف أعرابي لقوم تحاربوا

وذكر أعرابي قوماً تحاربوا فقال: أقبلت الفحول تمشي مشي الوعول، فلما تصافحوا بالسيوف فغرت المنايا أفواههم .
وذكر آخر قوماً اتبعوا قوماً أغاروا عليهم فقال: آحتثّوا كلّ جمالية عيرانةٍ فما زالوا يخصفون أخفاف المطيّ بحوافر الخيل حتى أدركوهم بعد ثالثة فجعلوا المرّان أرشية الموت وآستقوا بهم أرواحهم.

بين رجل من العرب وقطري بن الفجاءة

حدّثني عبد الحمن عن عمه عن رجل من العرب قال: انهزمنا من قطريّ وأصحابه فأدركني رجل على فرس فسمعت حسّاً منكراً خلفي، فالتفتّ فإذا أنا بقطري فيئست من الحياة فلما عرفني قال: آشددعنانهم وأوجع خاصرتهم قطع اللّه يديك. قال: ففعلت فنجوت منه.

في شجاعة شبيب

وحدّثني عبد الرحمن عن عمه قال: لما غرق شبيب " قالت آمرأة: الغرق يا أمير المؤمنين، قال: "ذلك تقدير العزيز العليّمقال: فأخرج فشقّ بطنه وأخرج فؤاده فإذا مثل الكوز، فجعلوا يضربون به الأرض فينزو.

وعلة الجرمي وأبو عمرو بن العلاء في يوم الكلاب

حدّثنا الرياشيّ قال: حدّثنا الأصمعيّ قال: أخبرنا صاحب لنا عن أبي عمرو بن العلاء قال: لما كان يوم الكلاب خرج رجل من بني تميم، أحسبه قال: سعديٌّ، فقال: لو طلبت رجلاً له فداءٌ! قال: فخرجت أطلبه، فإذا رجل عليه مقطّعة يمانية على فرس ذنوب، فقلت له: على يمينك. قال: على يساري أقصد لي. قلت: أيهم ت منك اليمن. قال: العراق مني أبعد. قلت: وتاللّه لا ترى أهلك العام. قال: لاو اللّه ولا أهلك لا أراهم. قال: فتركته ولما كان بعد أيام ونعتّ نعته بعد ذلك فقيل لي: هو وعلة الجرمي.

من شجاعة الأحنف بن قيس


حدّثنا محمد بن عبيد عن معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن هشام عن محمد بن سيرين قال: بعث عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه الأحنف بن قيس على جيش قبل خراسان فبيّتهم العدوّ ليلاً وفرّقوا جيوشهم أربع فرق وأقبلوا معهم الطبل ففزع الناس وكان أوّل من ركب الأحنف فأخذ سيفه وتقلّده ثم مضى نحو الصوت وهو يقول:

إن على كل رئيس حـقّـا

أن يخضب الصّعدة أو تندقّا

ثم حمل على صاحب الطبل فقتله، فلما فقد أصحاب الطبل الصوت انهزموا. ثم حمل على الكردوس الآخر ففعل مثل ذلك وهو وحده، ثم جاء الناس وقد انهزم العدوّ فاتبعوهم يقتلونهم، ثم مضوا حتى فتحوا مدينة يقال لهم مرو الرّوذ.

ومن شجاعة عبد اللّه بن خازم وقت قتله

سأل ابن هبيرة عن مقتل عبد اللّه بن خازم، فقال رجل ممن حضر: سألنا وكيع ابن الدّورقية: كيف قتلته؟ قال: غلبته بفضل فتاء كان لي عليه فصرعته وجلست على صدره وقلت له: يا لثارات دويلة. يعني أخاه من أبيه. فقال من تحتي: قتلك اللّه! تقتل كبش مضر بأخيك وهو لا يساوي كفّ نوى! ثم تنخّم فملأ وجهي نخامة. فقال ابن هبيرة: هذه واللّه البسالة! استدلّ عليهم بكثرة الريق في ذلك الوقت.

من بسالة مسلمة

قال هشام لمسلمة: يا أبا سعيد هل دخلك ذعر قطّ لحرب " أو عدوّ "؟ قال: ما سلمت في ذلك من ذعر ينبّه على حيلة ولم يغشني فيهم ذعر سلبني رأيي. قال هشام: هذه البسالة.

رهم بن حزم الهلالي وجماعة من بني تغلب

خرج رهم بن حزم الهلاليّ ومعه أهله وماله يريد النّقلة من بلد إلى بلد فلقيه ثلاثون رجلاً من بني تغلب فعرفهم، فقال: يا بني تغلب، شأنكم بالمال وخلّوا الظعينة. فقالوا: رضينا إن ألقيت الرمح. قال: وإن رمحي لمعي!! وحمل عليهم فقتل منهم رجلاً وصرع آخر وقال:

ردّا على آخرهم الأتاليا

إن لهم بالمشرفيّ حاديا

ذكّرتني الطعن وكنت ناسيا

للزبيري في شجاعة عبد اللّه بن خازم السلمي

وقطري بن فجاءة

قال الزّبيري: ما آستحيا شجاع أن يفرّ من عبد اللّه بن خازم السّلمي وقطريّ بن فجاءة.

شعر لحبيب بن عوف العبد ي

أبو اليقظان قال: كان حبيب بن عوف العبد ي فاتكنا، فلقي رجلاً من أهل الشأم قد بعثه زياد ومعه ستون ألفاً يتّجر بهم فسايره، فلما وجد غفلة قتله وأخذ المال فقال يوماً وهو يشرب "على لذته":

يا صاحبي أقلاّ اللوم والـعـذلا

ولا تقولا لشيء فات ما فعـلا

ردّا عليّ كميت اللون صـافـية

إني لقيت بأرض خاليا رجـلا

ضخم الفرائص لو أبصرت قمّته

وسط الرجال إذن شبهته جملا

ضاحكته ساعة طوراً وقلت لـه

أنفقت بيعك إن ريثا وإن عجلا

سايرته ساعة ما بي مخافـتـه

ألا التلفّت حولي هل أرى دغلا

غادرته بين آجـامٍ ومـسـبـعة

ولم يدر غيري بعد ما فـعـلا

يدعو زياداً وقد حانت مـنـيّتـه

ولا زياد لمن قد وافق الأجـلا

فصل في شجاعة سليك بن سلكة


المفضّل الضّبّي: كان سليك بن سلكة التميمي من أشدّ فرسان العرب وأذكرهم وأدلّ الناس بالأرض وأجودهم عدوا على رجليه لا تعلق به الخيل وكانت أمّه سوداء وكان يقول: اللهم إنك تهيء ما شئت لما شئت إذا شئت، اللهم إني لو كنت ضعيفاً كنت عبد اً ولو كنت امرأة كنت أمة، اللهم إني أعوذ بك من الخيبة، فأما الهيبة فلا هيبة. وأملق حتى لم يبق له شيء، فخرج على رجليه رجاء أن يصيب غرّة من بعض من يمرّ عليه فيذهب بإبله، حتى إذا أمسى في ليلة باردة مقمرة واشتمل الصّمّاء ونام إذا هو برجل قد جثم على صدره وقال: آستأسر. فرفع سليك رأسه وقال: "إن الليل طويل وأنت مقمر" فجرى مثلاً، وجعل الرجل يلهزه ويقول: آستأسر يا خبيث. فلما آذاه ضمّه إليه ضمّةً ضرط منهم وهو رفوقه، فقال له سليك: "أضرطاً وأنت الأعلى" فجرى مثلاً، ثم قال له: ما أنت؟ قال: أنا رجل افتقرت، فقلت: لأخرجنّ ولا أرجع حتى أستغني. قال: فانطلق معي. فمضيا فوجدا رجلاً قصته مثل قصتهما، فأتوا جوف مراد وهو واد باليمن فإذا فيه نعم كثيرة، فقال لهما سليك: كونا قريباً حتى آتي الرّعاء وأعلم لكما علم الحي أقريب هو أم بعيد، فإن كانوا قريباً رجعت اليكما، وإن كانوا بعيداً قلت لكما قولاً أحي به لكما فأغيرا. فانطلق حتى أتى الرعاء، فجعل يستنطقهم حتى أخبروه بمكان الحي فإذا هم بعيد، فقال لهم سليك: ألا أغنّيكم؟ قالوا: بلى. فتغنّى بأعلى صوته ليسمع صاحبيه:

يا صاحبيّ ألا لا حيّ بالوادي

إلا عـبـيد وآمٌ بـين أذواد

أتنظران قليلاً ريث غفلتهـم

أم تعدوان فإن الربح للعادي

فلما سمعا ذلك أتيا السليك فأطردوا الإبل وذهبوا بهم .

شدة عدو سليك حتى في كبره

حدّثني سهل بن محمد عن الأصمعيّ قال: كان سليك يحضر فتقع السهم م من كنانته فترتنّ في الأرض من شدّة إحضاره. وقال له بنو كنانة حين كبر: أرأيت أن ترينا بعض ما بقي من إحضارك؟ قال: نعم، اجمعوا لي أربعين شاباً وآبغوني درعاً ثقيلة. فأخذهم فلبسهم وخرج بالشباب حتى إذا كان على رأس ميل أقبل يحضر فلاث العدو لوثاً واهتبصوا في جنبتيه فلم يصحبوه إلا قليلاً فجاء يحضر منبترا من حيث لا يرونه وجاءت الدّرع تخفق في عنقه كأنهم خرقة.

بين أعرابيين أحدهما من اللصوص والآخر من الرماة


قال سهل: وحدّثني العتبي قال: حدّثني رجل من بني تميم عن بعض أشياخه من قومه قال: كنتعند المهم جر بن عبد اللّه والي اليمامة فأتي بأعرابي قد كان معروفاً بالسّرق فقال له: أخبرني عن بعض عجائبك، قال: إنهم لكثيرة، ومن أعجبهم أنه كان لي بعير لا يسبق وكانت لي خيل لا تلحق، فكنت لا أخرج فأرجع خائباً فخرجت يوماً فاحترشت ضبّاً فعلّقته على قتبي، ثم مررت بخباء سريّ ليس فيه إلاّ عجوز، فقلت: أخلق بهذا الخباء أن يكون له رائحة من غنم وإبل، فلما أمسيت إذا بإبل مائة فيهم شيخ عظيم البطن مثدّن اللحم ومعه عبد أسود وغد، فلما رآني رحّب بي ثم قام إلى ناقة فاحتلبهم وناولني العلبة فشربت ما يشرب الرجل فتناول الباقي فضرب به جبهته ثم احتلب تسع أينق فشرب ألبانهن ثم نحر حواراً فطبخه ثم ألقى عظامه بيضاً وحثا كوماً من بطحاء وتوسّدهم وغطّ غطيط البكر، فقلت: هذه واللّه الغنيمة. ثم قمت إلى فحل إبله فخطمته ثم قرنته إلى بعيري وصحت به فآتبعني الفحل وآتبعته الإبل إرباباً به، فصارت خلفي كأنهم حبل ممدود، فمضيت أبادر ثنيّةً بيني وبينهم مسيرة ليلة للمسرع، فلم أزل أضرب بعيري بيدي مرّة وأقرعه برجلي أخرى حتى طلع الفجر، فأبصرت الثنيّة فإذا عليهم سواد فلما دنوت إذا أنا بالشيخ قاعداً وقوسه في حجره فقال: أضيفنا؟ قلت: نعم. قال: أتسخو نفسك عن هذه الإبل؟ قلت: لا. فأخرج سهما كأن نصله لسان كلب ثم قال: أبصر بين أذني الضب. ثم رماه فصدع عظمه عن دماغه، ثم قال: ما تقول؟ قلت: أنا على رأيي الأوّل. قال: انظر هذا السهم الثاني في فقرة ظهره الوسطى. ثم رمى به كأنما قدّره بيده ثم وضعه بأصبعه، ثم قال: أرأيت؟ قلت: إني أحب أن أستثبت. قال: انظر هذا السهم الثالث في عكوة ذنبه والرابع واللّه في بطنك. ثم رماه فلم يخطىء العكوة، فقلت: أنزل آمناً؟ قال: نعم. فنزلت فدفعت إليه خطام فحله وقلت: هذه إبلك لم يذهب منهم وبرة. وأنا أنتظر متى يرميني بسهم ينتظم به قلبي، فلما تنحّيت قال لي: أقبل. فأقبلت واللّه خوفاً من شرّه لا طمعاً في خيره، فقال: أي هذا، ما أحسبك جشمت الليلة ما جمشت إلا من حاجة. قلت: أجل. قال: فاقرن من هذه الإبل بعيرين وآمض لطيّتكن. قلت: أما واللّه حتى أخبرك عن نفسك قبلاً. ثم قلت: واللّه ما رأيت أعرابياً قط أشدّ ضرساً ولا أعدى رجلاً ولا أرمى يداً ولا أكرم عفواً ولا أسخى نفساً منك.

رمي بهرام جور

وقرأت في كتاب سير العجم أن بهرام جور خرج ذات يوم إلى الصيد ومعه جارية له فعرضت له ظباء، فقال للجارية: في أيّ موضع تريدين أضع السهم من الوحش؟ فقالت: أريد أن تشبّه ذكرانهم بالإناث وإناثهم بالذكران، فرمى تيساً من الظباء بنشّابة ذات شعبتين فاقتلع قرنيه ورمى عنزا منهم بنشّابتين فآثبتهما في موضع القرنين. ثم ساللّه أن يجمع أذن الظبي وظلفه بنشّابة واحدة فرمى أصل أذن الظبي ببندقة فلما أهوى بيده إلى أذنه ليحتكن رماه بنشّابة فوصل ظلفه بأذنه ثم أهوى إلى القينة فضرب بهم الأرض وقال: شدّ ما اشتططت عليّ وأردت إظهم ر عجزي!

حديث المروزان في كتب العجم


وقرأت في كتبهم أن كسرى استعمل قرابة له على اليمن يقال له المروزان، فأقام بهم حيناً ثم خالفه أهل المصانع - والمصانع جبل باليمن ممتنع طويل ووراءه جبل آخر بينهما فصل إلا أنه متقارب ما بينهما - فسار إليهم المروزان فنظر إلى جبل لا يطمع أحد أن يدخله إلا من باب واحد يمنع ذلك الباب رجل واحد. فلما رأى أن لا سبيل إليهم صعد الجبل الذي هو وراء المصانع من حيث يحادي حصنهم فنظر إلى أضيق مكان فيه وتحته هواء لا يقدر قدره، فلم يرى شيئاً أقرب إلى افتتاح ذلك الحصن من ذلك الجبل، فأمر أصحابه أن يقوموا به صفّين ثم يصيحوا به صيحة واحدة ثم ضرب فرسه حتى إذا استجمع حضرا رمى به أمام الحصن وصاح به أصحابه فوثب الفرس الوادي فإذا هو على رأس الحصن، فلما نظرت إليه حمير قالوا: هذا أيم. والأيم بالحميرية شيطان، فانتهرهم بالفارسية وأمرهم أن يربط بعضهم بعضاً ففعلوا واستنزلهم من حصنهم فقتل طائفة وسبى طائفة وكتب بما كان منه إلى كسرى، فتعجّب كسرى و أمره بالاستخلاف على عمله والقدوم إليه وأراد أن يسامي به أساورته، فاستخلف الروزان ابنه ثم توجّه نحوه فلما صار ببعض بلاد العرب هلك فوضعوه فب تابوت ثم حملوه حتى قدموا به على كسرى فأمر كسرى بذلك التابوت فوّضع في خزانته فكان يخرج في كل عام إليه وإلى من عنده من أساورته فيقول: هذا الذي فعل كذا وكذا.

بين العباس بن ربيعة وعرار بن أدهم في صفّين

وروى أبو سوقة التميمي عن أبيه عن جدّه عن أبي الأغرّ التميمي قال: بينا أنا واقف بصفّين مر بي العباس بن ربيعة مكفّراً بالسلاح وعيناه تبصّان من تحت المغفر كأنهما عينا أرقم وبيده صفيحة له وهو على فرس له صعب يمنعه ويليّن من عريكته إذ هتف به هم تف من أهل الشأم يقال له عرار بن أدهم: يا عباس هلمّ إلى البراز. قال العباس: فالنزول إذاً فإنه إياسٌ من القفول. فنزل الشأمي وهو يقول:

إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا

أو تنزلون فإنّا معشـر نـزل

وثنى العباس وركه فنزل وهو يقول:

وتصدّ عنك مخيلة الرجل ال

عرّيض موضحةٌ عن العظم

بحسام سيفك أو لسانـك وال

كلم الأصيل كأرغب الكلـم

ثم غضن فضلات درعه في حجزته ودفع قوسه إلى غلام له أسود يقال له: أسلم، كأني أنظر إلى فلائل شعره، ثم دلف كلّ واحد منهما إلى صاحبه فذكرت بهما قول أبي ذؤيب:

فتنازلا وتواقفت خيلاهمـا

وكلاهما بطل اللقاء مخدّع


وكف الناس أعنّة خيولهم ينتظرون ما يكون من الرجلين فتكنافحا بينهما مليّاً من نهم رهما لا يصل واحد منهما إلى صاحبه لكمال لأمته إلى أن لحظ العباس وهياً في درع الشأميّ فأهوى إليه بيده فهتكنه إلى ثندوته ثم عاد لمجاولته وقد أصحر له مفتّق الدرع فضربه العباس ضربة انتظم بهم جوانح صدره وخرّ الشامي لوجهه وكبّر الناس تكنبيرة ارتجت لهم الأرض من تحتهم وآنشام العباس في الناس "وآنساع أمره" وإذا قائل يقول من ورائي " قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قومٍ مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب اللّه على من يشاء واللّه عليّمٌ حكيمٌ" فالتفتّ وإذا أمير المؤمنين رضي اللّه عنه عليّ بن أبي طالب، فقال: يا أبا الأغر، من المنازل لعدوّنا؟ فقلت: هذا ابن أخيكم، هذا العباس بن ربيعة. فقال: إنه لهو، يا عباس الأأنهك وابن عباس أن تخلاّ بمركزكما أو تباشرا حرباً؟ قال: إن ذلك. يعني نعم. قال: فما عدا مما بدا؟ قال: فأدعى إلى البراز فلا أجيب؟ قال: نعم، طاعة إمامك أولى بك من إجابة عدوّك. ثم تغيظ وآستشاط حتى قلت: الساعة الساعة.ى ثم تطأمن وسكن ورفع يديه مبتهلاً فقال: اللهم اشكر للعباس مقامه واغفر له ذنبه، اللهم إني قد غفرت له فاغفر له. قال: وتأسّف معاوية على عرار وقال: متى ينطف فحلٌ بمثله! أيطلّ دمه! لا هم اللّه ذا. ألا اللّه رجل يشري نفسه يطلب بدم عرار؟ فآنتدب له رجلان من لخم. فقال: اذهبا فأيّكما قتل العباس برازاً فله كذا. فأتياه ودعواه إلى البراز فقال: إن لي سيداً أريد أن أؤامره. فأتى عليّاً فأخبره الخبر، فقال عليّ: واللّه لودّ معاوية أنه ما بقي من هم شم نافخ ضرمةٍ إلا طعن في نيطه إطفاءً لنور اللّه ويأبى اللّه إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون، أما واللّه ليملكنهم منا رجال، ورجال يسومونهم الخسف حتى يحفروا الآبار ويتكنفّفوا الناس. ثم قال: يا عباس ناقلني سلاحك بسلاحي، فناقله ووثب على فرس العباس وقصد اللخميين. فلم يشكّا أنه العباس فقالا له: أذن لك صاحبك؟ فحرج أن يقول نعم، فقال: "أذن للّذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ " فبرز له أحدهما فضربه ضربة فكأنما أخطأه، ثم برز له الآخر فألحقه بالأوّل، ثم أقبل وهو يقول: "الشّهر الحرام بالشّهر الحرام والحرمات قصاصٌ فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" ثم قال: يا عباس خذ سلاحك وهم ت سلاحي، فإن عاد لك أحد فعد إليّ. ونمي الخبر إلى معاوية فقال: قبح اللّه اللّجاج إنه لقعود ما ركبته قط إلا خذلت. فقال عمرو بن العاص: المخذول واللّه اللخميان لا أنت. قال معاوية: اسكت أيهم الرجل فليس هذه من ساعتكن. قال: وإن لم تكن، رحم اللّه اللخميين وما أراه يفعل. قال: ذاك واللّه أخسر لصفقتكن وأضيق لحجرك. قال: قد علمت ذلك ولولا مصر لركبت المنجاة منهم. قال: هي أعمتكن ولولا هي لألفيت بصيرا.

شعر لعمرو بن العاص يتوجه به إلى معاوية

وقال عمرو بن العاص لمعاوية:

معاوي لا أعطيك ديني ولم أنـل

به منك دنيا فانظرن كيف تصنع

فإ، تعطني مصراً فأربح بصفقة

أخذت بهم شيخاً يضر وينـفـع

بين الأخينس الجهني والحصين العمريّ

خرج الأخينس الجهنيّ فلقي الحصين العمريّ، وكانا جميعاً فاتكنين، فسارا حتى لقيا رجلاً من كندة في تجارة أصابهم من مسك وثياب وغيرذلك، فنزل تحت شجرة يأكل، فلما انتهيا إليه سلّما. قال الكنديّ: ألا تضحّيان؟ فنزلا. فبينما هم يأكلون مرّ ظليم فنظر إليه الكنديّ وأيّده بصره فبدت له لبتّه، فاغترّه الحصين فضرب بطنه بالسيف فقتله، واقتسما ماله وركبا، فقال الأخينس: يا حصين ما صعلةٌ وصعل؟ قال: يوم شرب وأكل. قال: فآنعت لي هذه العقاب. فرفع رأسه لينظر إليهم فوجأ بطنه بالسيف فقتله مثل قتله الأوّل. ثم إن أختا للحصين يقال لهم صخرة لما أبطأ عليهم خرجت تسأل عنه في جيران لهم من مراح وجرم. فلما بلغ ذلك الأخينس قال:

وكم من فارس لا تـزدريه

 

إذا شخصت لموقفه العيون

 

يذلّ له العزيز وكـل لـيث

 

شديد الهصر مسكنه العرين

 

علوت بياض مفرقه بعضب

 

ينوء لوقعه الهم م السّكون

 

فأمست عرسه ولهم علـيه

 

هدوء بعد لـيلـتـه أنـين

 

كصخرة اذ تسائل في مراح

 

وفي جرم، وعلمهما ظنون

تسائل عن حصين كل ركب

 

وعند جهينة الخبر اليقـين

فذهبت مثلاً.

؟؟؟؟؟؟؟؟بين المهدي وعليّ بن سليمان وشعر لأبي دلامة

" خرج المهديّ وعليّ بن سليمان إلى الصيد ومعهما أبو دلامة الشاعر. فسنحت لهم ظباء فرمى المهديّ ظبياً فأصابه، ورمى عليّ بن سليمان كلباً فعقره، فضحك المهدي وقال لأبي دلامة: قل في هذا فقال:

ورمى المهديّ ظبياً

شكّ بالسهم فـؤاده

وعليّ بن سلـيمـا

ن رمى كلباً فصاده

فهنيئاً لهـمـا كـل

امرىء يأكل زاده "

؟فرار أبي دلامة

قال أبة دلامة: كنت في عسكر مروان أيام زحف إلى شبيب الخارجيّ، فلما التقى الزّحفان خرج منهم فارس ينادي: من يبارز؟ فجعل لا يخرج إليه إنسان إلا أعجله ولم ينهنهه، فغاظ ذلك مروان، فجعل يندب الناس على خمسمائة، فقتل أصحاب خمس المائة، وزاد مروان على ندبته فبلغ بهم ألفا، فما زال ذلك فعله حتى بلغ بالندبة خمسة آلاف درهم، وتحتي فرس لا أخاف خونه، فلما سمعت بخمسة الآلاف نزّقته واقتحمت الصفّ. فلما نظر إلي " الخارجيّ " علم أني خرجت للطمع، فأقبل يتهيأ لي وإذا عليه فروله قد أصابه فارمعلّ ثم أصابته الشمس فاقفعلّ وعيناه تذرّان كأنهما في وقبين، فدنا منّي وقال:

وخارج أخرجه حب الطـمـع

فرّ من الموت وفي الموت وقع

من كان ينوي أهله فلا رجع فلما وقرت في أذني انصرفت عنه هم رباً، وجعل مروان يقول: من هذا الفاضح؟ آئتوني به. ودخلت في غمار الناس فنجوت.

؟بين خالد بن جعفر والحارث بن ظالأفي حضرة النعمان

وكان خالد بن جعفر نديماً للنعمان، فبينما هو ذات يوم عنده وقد دعا النعمان بتمر وزبد فهما يأكلان منه إذ دخل عليهما الحارث بن ظالم. فقال النعمان: آدن يا حارث فكل. فدنا. فقال خالد: من ذا أبيت اللعن؟ قال: هذا سيد قومه وفارسهم الحارث بن ظالم. قال خالد: أما إن لي عنده يداً. قال الحارث: وما تلك اليد؟ قال: قتلت سيد قومك فتركتكن سيدهم بعده. يعني زهير بن جذيمة، قال الحارث: أما إني سأجزيك بتلك اليد. ثم أخذه الزّمع وأرعدت يده، فأخذ يعبث بالتمر فقال له خالد: أيّتهنّ تريد فأناولكهم ؟ قال الحارث: أيّتهم تهمّك فأدعهم ؟ ثم نهض مغضبا، فقال النعمان لخالد: ما أردت بهذا وقد عرفت فتكنه وسفهه؟ فقال: أبيت اللعن، وما تتخوّف عليّ منه؟ فواللّه لو كنت نائماً ما أيقظني. فانصرف خالد فدخل قبّة له من أدمٍ بعد هدأة من الليل وقام على بابهم أخ له يحرسه. فلما نام الناس خرج الحارث حتى أتى القبّة من مؤخّرهم فشقّهم ثم دخل فقتله، فقال عمرو بن الإطنابة:

علّلاني وعلّلا صـاحـبـيّا

وآسقياني من المروّق ريّا

إن فينا القيان يعزفن بالضر

ب لفتياننا وعيشـا رخـيّا

يتناهين في النعيم ويضرب

ن خلال القرون مسكا ذكيا

أبلغا الحارث بن ظالأالرّع

ديد والناذر النّذور عـلـيّا

إنما تقتل الـنّـيام ولا تـق

تل يقظان ذا سلاحٍ كمـيّا

وكان عمرو قد آلى ألا يدعوه رجل بليل إلا أجابه ولم يسأله عن آسمه. فأتاه الحارث ليلاً فهتف به، فخرج إليه، فقال: ما تريد؟ قال: أعنّي على أبل لبني فلان وهي منك غير بعيد فإنهم غنيمة باردة. فدعا عمرة بفرسه وأراد أن يركب حاسراً. فقال له: البس عليك سلاحك فإني لا آمن من امتناع القوم. فاستلأو وخرج معه، حتى إذا برزا قال له الحارث: أنا أبو ليلى فخذ حذرك يا عمرو. فقال له: آمنن عليّ. فجزّ ناصيته. وقال الحارث:

علّلاني بلذّتـي قـينـتـيّا

 

قبل أن تبكي العيون عليّا

 

قبل أن تذكر العواذل إنـي

 

كنت قدما لأمرهنّ عصيّا

 

ما أبالي إذا أصطحبت ثلاثا

 

أرشيداً دعوتني أم غـويّا

 

غير ألاّ أسر اللّـه إثـمـا

 

في حياتي ولا أخون صفيّا

 

بلغتني مقالة المرء عمرو

 

بلغتني وكـان ذاك بـديّا

 

فخرجنا لموعد فالتقـينـا

 

فوجدناه ذا سلاح كـمـيّا

 

غير ما نائم يروّع باللي

 

ل معدّاً بكفّه مشرفـيّا

فرجعنا بالمنّ منّا عليه

 

بعد ما كان منه منّا بديا

؟بين بكر بن وائل وتميم بن مرّ

و وفد تميم بن مرّ وبكر بن وائل على بعض الملوك، وكانا ينادمانه فجرى بينهما تفاخر فقالا: أيهم الملك أعطنا سيفين، فأمر الملك بسيفين من عودين فنحتا وموّهم بالفضة وأعطاهما إياهما، فجعلا يضطربان بهما مليّا من نهم رهما، فقال بكر: لو كان سيفانا حديدا قطعا وقال تميم: أو نحتا من جندل تصدّعا ففرّق الملك بينهما، فقال بكر لتميم: أساجلك العدواة ما بقينا وقال تميم: و إن متنا نورّثهم بنينا فأورثاهم بنيهما إلى اليوم.

؟مثلٌ في شدة الصوت، وشعر في ذلك

حدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ عن خلف الأحمر قال: كان أبو عروة السباع يصيح بالسبع وقد آحتمل الشاة فيسقط فيموت فيشقّ بطنه فيوجد فؤاده قد آنخلع. وهو مثل في شدّة الصوت.
قال الشاعر في ذلك:

زجر أبي عروة السباع إذا

أشفق أن يلتبسن بالغنـم

؟ومثله في شدة الصوت لأبي عطية عفيف النصري

قال: وأبو عطية عفيف النصريّ نادى في الحرب التي كانت بين ثقيف وبين بني نصر لما رأى الخيل بعقوته: يا سوء صباحاه، أتيتم يا بني يربوع فألقت الحبالى أولادهم ، فقيل في ذلك:

وأسقط أحبال النساء بصوتـه

عفيفٌ لدن نادى بنصرٍ فطرّبا

؟أيضاً بين يهوذا ويوسف

في أخبار وهب بن منبه أن يهوذا قال ليوسف: لتكنفنّ أو لأصيحنّ صيحة لا تبقى حامل بمصر الا ألقت ما في بطنهم .

؟في شدة صوت العباس بن عبد المطلب

محمد بن الضحاك عن أبيه قال: كان العباس بن عبد المطلب يقف على سلع فينادي غلمانه وهم بالغابة فيسمعهم وذلك من آخر الليل. وبين الغابة وبين سلع ثمانية أميال، وسلع جبل وسط المدينة.

؟مثله لشبيب بن ربعي

وكان شبيب بن ربعي يتنحنح في داره فيسمع تنحنحه بالكناسة، ويصيح براعيه فيسمع نداؤه على فرسخ وكان هذا مؤذن سجاح التي تنّبأت. " ذكر هذا خالد بن صفوان، وسمعه أبو المجيب النهديّ فقال: ما سمع له بصوت أبعد من صوته بأذانه فإنه كان مؤذنهم ، يعني سجاح ".
ذم رجل الأشتر فقال له قائد: اسكت فإن حياته هزمت أهل الشام وإن موته هزم أهل العراق.
المدائني قال: أتى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه رجل يستحمله، فقال له: خذ بعيراً من إبل الصدقة. فتناول ذنب بعير صعب فجذبه فاقتلعه، فعجب عهمر وقال له: هل رأيت أشدّ منك؟ قال: نعم، خرجت بامرأة من أهلي أريد بهم زوجهم فنزلنا منزلاً أهله خلوف فقربت من الحوض فبينما أنا كذلك إذ أقبل رجل ومعه ذود والمرأة ناحيةً فسرّب ذوده إلى الحوض ومضى إلى المرأة فساورهم ونادتني، فما انتهيت إليهم حتى خالطهم ، فجئت لأدفعه عنهم فأخذ برأسي فوضعه بين عضده وجنبه فما استطعت أن أتحرك حتى قضى ما أراد ثم استلقى. فقالت المرأة: أي فحل هذا؟؟! لو كانت لنا منه سخلة! وأمهلته حتى امتلأ نوماً فقمت إليه بالسيف فضربت ساقه فابنتهم ، فانتبه وتناول رجله فعدا فغلبه الدم فرماني برجله وأخطأني وأصاب عنق بعيري فقتله. فقال عمر: ما فعلت المرأة؟ قال: هذا حديث الرجل. فكرر عليه مراراً لا يزيده على هذا، فظنّ أنه قد قتلهم .

حديث أبو محجن وسعد

حدّثني يزيد بن عمرو قال: حدّثنا أشهل بن حاتم قال: حدّثنا ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: كان سعد على ظهر بيت وهو شاكٍ والمشركون يفعلون بالمؤمنين ويفعلون. وأبو محجن في الوثاق عند أم ولد لسعد فأنشأ يقول:

كفى حزنا أن تلتقي الخيل بالقنا

وأترك مشدوداً عليّ وثـاقـيا

إذا شئت غنّاني الحديد وغلّقت

مغاليق من دوني تصمّ المناديا

فقالت له أم ولد سعد: أتجعل لي إن أنا أطلقتكن أن ترجع إليّ حتى أعيدك في الوثاق؟ قال: نعم. فأطلقته فركب فرساً بلقاء لسعد وحمل على المشركين، فجعل سعد يقول: لولا أن أبا محجن في الوثاق لظننت أنه أبو محجن وأنهم فرسي. فانكشف المشركون وجاء أبو محجن فأعادته في الوثاق وأتت سعدا فأخبرته، فأرسل إلى أبي محجن فأطلقه وقال: واللّه لا حبستكن فيهم أبدا. يعني الخمر، فقال أبو محجن: وأنا واللّه لا أشربهم بعد اليوم أبداً. وقال الشاعر:

سأغسل عني العار بالسيف جالبا

عليّ قضاء اللّه ما كان جالـبـا

وأذهل عن داري وأجعل هدمهم

لعرضي من باقي المذمّة حاجبا

ويصغر في عيني تلادي اذا آنثنت

يميني بإدراك الذي كنت طالبـاً

فيا لرزامٍ رشّحوا بي مـقـدّمـا

إلى الموت خوّاضا إليه الكرائبا

إذا همّ لم يردع كـريمة هـمـه

ولم يأت ما يأتي من الأمر هم ئبا

أخا غمراتٍ لا يريد على الـذي

يهمّ به من مفظع الأمر صاحبـا

؟إذا همّ ألقى بين عينيه عزمه=ونكّب عن ذكر العواقب جانبا

ولم يستشر في رأيه غير نفسـه

ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا

عليكم بداري فاهدموهم فإنـهـم

تراث كريم لا يخاف العواقـبـا

؟شعر لرجل من بني العنبر يمدح

بني مازن ويهجو قومه، يعيرّهم بجبنهم

وقال رجل من بني العنبر:

لو كـنـت مـن مـازن لـم تـسـتــبــح إبــلـي

بنـو الـلّـقـيطة مـن ذهــل بـــن شـيبــانـا

إذن لـقـام بـنـصـري مــعــشـر خـشـــنٌ

عنـد الـكــريهة إن ذو لـوثةٍ لانــا

قوم إذا الـشــرّ أبـدى نـاجـــذيه لـهـــم

طاروا إلــيه زرافـــاتٍ ووحـدانــا

لكـنّ قــومي وإن كـانـوا ذوي عــدد

ليسـوا مـن الـشـرّ فـي شــيء وإنـــا هـم نـا

يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرةًججومن إساءة أهل السوء إحسانا

 

كأنّ ربّك لم يخلق لخشيته

سواهـم مـن جـمـيع الــنـاس إنــســانــا

فلـيت لـي بـهـم قـومـاً إذا ركـبــوا

شنّـوا الإغـارة فــرســانـــا وركـــبانـا

لا يسـألـون أخــاهـم حـين ينـــدبـهــم

في الـنـائبـات عـلـى مـا قــال بـــرهـــم نـا

لكـــن يطــيرون أشـتـات إذا فـزعــوا

وينـفـرون إلـى الـغـارات وحـــدانـا

ولآخر

وقال آخر:

ولئن عمـرت لأشـفـينّ

النفس من تلك المساعي

ولأعلمـنّ الـبـطـن أن

الزاد ليس بمسـتـطـاع

أمّا النهـم ر فـرأى أص

حابي بمـرقـبةٍ يفـاع

أثر الشجاع بهم كـسـر

د الخرز في سير الصّناع

ترد السباع مـعـي فـأل

فى كالمدلّ من السبـاع

وقال آخر:

إنا محيوك يا سلمى فحـييّنـا

وإن سقيت كرام الناس فاسقينا

إنا لنرخص يوم الرّوع أنفسنـا

ولو نسام بهم في الأمن أغلينا

بيضٌ مفارقنا تغليب مراجلنـا

نأسوا بأموالنـا آثـار أيدينـا

وقال المعلوط:

ألم ترني خلقت أخا حروب

إذا لم أجن كنت مجنّ جاني

وقال آخر:

لعمري لقـد نـادى بـأرفـع صـوتـه

نعـيّ سـويد أن فـارسـكـم هــوى

أجل صادقاً والقـائل الـفـاعـل الـذي

إذا قال قولا أنبط المـاء فـي الـثـرى

فتىً قبلٌ لم تعـنـس الـسـنّ وجـهـه

سوى خلسة في الرأس كالبرق في الدّجى

أشارت له الحرب العـوان فـجـاءهـم

يقعـقـع بـالأقـراب أوّل مـن أتـى

ولم يجنـهـم لـكـن جـنـاهـم ولـيّه

فآسى فـآداه فـكـان كـمـن جـنـى

شعر لبشامة

وقال بشامة:

إنا بني نهشـلٍ لا نـدّعـي لأب

عنه ولا هو بالابنـاء يشـرينـا

إن تبتدر غايةٌ يوماً لـمـكـرمة

تلق السوابق منا والمصـلّـينـا

وإنا لمن معشر أفنى أوائلـهـم

قيل الكماة ألا أين المحامـونـا

لو كان في الألف منا واحد فدعوا

من فارس؟ خالهم إيّاه يعنـونـا

وقال زهير:

يطعنهم ما آرتموا حتى إذا آطّعنوا

ضارب حتى إذا ما ضاربوا آعتنقا

ولامرأة من كندة

وقالت امرأة من كندة:

أبوا أن يفرّوا وآلقنا في نحـورهـم

ولم يرتقوا من خشية الموت سلّمـا

ولو أنهم فـرّوا لـكـانـوا أعـزّة

ولكن رأوا صبرا على الموت أكرما

وقال آخر:

بني عمّنا ردّوا فضـول دمـائنـا

ينم ليلكم، أو لا تلمنـا الـلّـوائم

فإنا وإياكم وإن طـال تـركـكـم

كذي الدّين ينأى ما نأى وهو غارم

ولأبي سعيد المخزومي

وقال أبو سعيد المخزومي وكان شجاعاً:

وما يريد بنو الأعيار من رجل

بالجمر مكتحلٍ بالنّبل مشتمل

لا يشرب الماء إلا من قليب دم

ولا يبيت له جارٌ على وجـل

وقال عبد القدّوس بن عبد الواحد من ولد النعمان بن بشير:

ندًى تحكم الآمال فيه ونـجـدةٌ

تحكّم في الأعداء بالأسر والقتل

وقال آخر:

ضربناكم حتى إذا قام ميلـكـم

ضربنا العدا عنكم بأبيض صارم

شعر تمثل به زيد بن عليّ يوم قتل

تمثّل زيد بن عليّ يوم قتل بقول القائل:

أذلّ الحياة وعـزّ الـمـمـات

وكلاًّ أراه طـعـامـاً وبـيلا

فإن كـان لا بـدّ مـن واحـد

فسيروا إلى الموت سيراً جميلا

شعر لقيس بن الخطيم، وآخر

وقال قيس بن الخطيم:

أبلج لا يهـمّ بـالـفـرار

قد طاب نفساً بدخول النار

وقال آخر:

ومن تكن الحضارة أعجبتـه

فأيّ رجـال بـاديةٍ تـرانـا

ومن ربط الجحاش فإن فينـا

قناً سلبا وأفراساً حـسـانـا

وكن إذا أغرن على قـبـيل

فأعوزهن كونٌ حيث كـانـا

أغرن من الضّباب على حلالٍ

وضبّة إنه من حان حـانـا

وأحيانا نكرّ عـلـى أخـينـا

إذا ما لم نـجـد إلا أخـانـا

شعر للخنساء

وقالت الخنساء:

تعرّقني الدهر نهسـاً وحـزّا

وأوجعني الدهر قرعا وغمزا

وأفنى رجالي فبـادوا مـعـا

فأصبح قلبي بهم مستـفـزّا

ومن ظن ممن يلاقي الحروب

بأن لا يصاب فقد ظنّ عجزا

وفيهم تقول:

ونلبس للحرب أثـوابـهـم

ونلبس في الأمن خزّا وقزّا

وهذا كقولهم: البس لكل حالة لبوسهم .

لعبد اللّه بن سبرة الحرشي حيث قطعت يده

وقال عبد اللّه بن سبرة الحرشي حين فطعت يده:

ويلمّ جارٍ غداة الجسر فـارقـنـي

أعزز عليّ به إذ بان فانـصـدعـا

يمنى يديّ غدت مـنّـي مـفـارقة

لم أستطع يوم خلطاس لهم تبـعـا

وما ضننت عليهم أنو أصاحـبـهـم

لقد حرصت على أن نستريح معـاً

وقائل غاب عـن شـأنـي وقـائلة

ألا اجتنبت عدوّ اللّـه إذ صـرعـا

وكيف أتركه يمشي بمـنـصـلـه

نحوي وأجبن عنه بعد مـا وقـعـا

ما كان ذلك يوم الرّوع من خلـقـي

وإن تقارب مني الموت واكتنـعـا

ويلمّه فارسـاً ولّـت كـتـيبـتـه

حامى وقد ضيّعوا الأحساب فآرتجعا

يمشي إلى مستميتٍ مثلـه بـطـلٍ

حتى إذا مكّنا سيفيهما آمتـصـعـا

كلٌّ ينوء بماضي الحدّ ذي شـطـبٍ

جلّى الصّياقل عن درّيّه الطّبـعـا

حاشيته الموت حتى آشتـفّ آخـره

فما استكنان لما لاقى وما جـزعـا

كأنّ لـمّـتـه هـدّاب مـخـمـلةٍ

أحمر أزرق لم يشمط وقد صلعـا

فإن يكن أطربون الروم قطّـعـهـم

فقد تركت بهم أوصاله قـطـعـا

وإن يكن أطربون الروم قطّعـهـم

فإن فيهم بحمد اللّه مـنـتـفـعـا

بنانتـان وجـذمـور أقـيم بـهـم

صدر القناة إذا ما آنسـوا فـزعـا

وقال بعض الشعراء:

إن لنا مـن قـومـنـا نـاصـرةً

بيض الظّباء سمر القنا شهب اللّمم

يستنفرون الموت من مجـثـمـه

ويبعثون الحرب من عقد السّـلـم

أولاك قيسٌ قومنـا أكـرم بـهـم

قيس النّدى قيس العلا قيس الكرم

لجعفر بن علبة الحارثي

وقال جعفر بن علبة الحارثي:

ليهن عقيلا أنّني قد تركـتـهـم

ينوء بقتلاهم الذئاب الهـوامـل

لهم صدر سيفي يوم برقة سحبلٍ

ولي منه ما ضمّت عليه الأنامل

إذا القوم سدّوا مأزقا فرّجت لنـا

بأيماننا بيضٌ جلتهم الصّـياقـل

لعمرو بن معد يكرب

وقال عمرو بن معد يكرب:

أعاذل شكّتي بزّي ورمحي

 

وكل مقلّص سلس القـياد

 

أعاذل إنما أفـنـى شـبـابـي

 

ركوبٌ في الصّريخ إلى المنادى

ولأبي دلف

قال أبو دلف:

لقــد عـــلـــمـــت وائل أنـــنـــا

نخـوض الـحـتـوف غـداة الـحــتـــوف

ولا نـتـقـيهـم بــزحـــف الـــفـــرار

إذا مـا الـصـفـوف آنـبـرت لـلـصـفـوف

ويوم أفــاءت لـــنـــا خـــيلـــنـــا

لدى جـبـل الـدّيلـمـيّ الـــمـــنـــيف

طوال الـفـتـى بـطــوال الـــقـــنـــا

وبـيض الـوجـوه بـبــيض الـــســـيوف

وكـلّ حـصـان بـــكـــل حـــصـــان

أمـينٍ شـظـاه ســلـــيم الـــوظـــيف

ألا نـعّـمـانـي فـمـا نـعـــمـــتـــي

برادعـتـي عـن ركـوب الـمـــخـــوف

لي الـصـبـر عـنـد حـلــول الـــبـــلا

إذا نـزلـت بـي إحـــدى الـــصّـــروف

وإن تـسـألـي تـخــبـــري أنـــنـــي

أقـي حـسـبـي بـــألـــوف الألـــوف

وأحلم حتى يقولوا ضعيفوما أنا قد علموا بالضعيف

 

خفيف على فرسي ما ركبت

ولـسـت عـلـى ظـالـمـي بـالـخـفــيف

باب الحيل في الحروب وغيرهم

للنبي حين خرج إلى بدر

قال ابن إسحاق: لما خرج رسول اللّه إلى بدر، مرّ حتى وقف على شيخ من العرب فسأله عن محمد وقريش وما بلغه من خبر الفريقين. فقال الشيخ: لا أخبركم حتى تخبروني ممن أنتم. فقال رسول اللّه: "إذا أخبرتنا أخبرناكفقال الشيخ: خبّرت أن قريشاً خرجت من مكة وقت كذا، فإن كان الذي خبّرني صدق فهي اليوم بمكان كذا، للموضع الذي به قريش. وخبرت أن محمداً خرج من المدينة وقت كذا، فإن كان الذي خبّرني صدق فهو اليوم بمكان كذا، للموضع الذي به رسول الله. ثم قال: من أنتم؟ فقال رسول اللّه: "نحن من ماء"، ثم انصرف. فجعل الشيخ يقول: نحن من ماء! من ماء العراق أو ماء كذا أو ماء كذا!

في احتيال رجل من بني العنبر في نجاة أهله

حدّثني سهل بن محمد قال: حدّثني الأصمعيّ قال: حدّثني شيخ من بني العنبر قال: أسرت بنو شيبان رجلاً من بني العنبر فقال لهم: أرسل إلى أهلي ليفتدوني. قالوا: ولا تكنلّم الرسول إلا بين أيدينا. فجاءوه برسول فقال له: آئت قومي فقل لهم: إن الشجر قد أورق وإن النساء قد آشتكنت. ثم قال له: أتعقل ما أقول لك؟ قال: نعم أعقل. قال: فما هذا؟ وأشار بيده. قال: هذا الليل. قال: أراك تعقل. انطلق لأهلي فقل لهم: عرّوا جملي الأصهب وآركبوا ناقتي الحمراء وسلوا حارثاً عن أمري. فأتاهم الرسول فأخبرهم، فأرسلوا إلى حارث فقصّ عليه القصة، فلما خلامعهم قال لهم: أما قوله: "إن الشجر قد أورق" فإنه يريد أن القوم قد تسلّحوا. وقوله "إن النساء قد اشتكت" فإنه يريد أنهم قد اتخذت الشّكاء للغزو، وهي أسقية، ويقال للسقاء الصغير شكوة. وقوله: "هذا الليل " يريد أنهم يأتونكم مثل الليل أو في الليل. وقوله: " عرّوا جملي الأصهب " يريد ارتحلوا عن الصّمّان. وقوله: " اركبوا ناقتي الحمراء " يريد اركبوا الدّهناء. قال: فلما قال لهم ذلك تحوّلوا من مكانهم، فأتاهم القوم فلم يجدوا منهم أحدا.

بين عليّ بن أبي طالب و الزبير

أرسل عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه عبد اللّه بن عباس لما قدم البصرة فقال: ائت الزبير ولا تأت طلحة فإن الزبير ألأين وأنت تجد طلحة كالثور عاقصاً قرنه، يركب الصعوبة ويقول هي أسهل، فأقرئه السلام وقل له يقول لك ابن خالك: عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق، فما عدا ممّا بدا؟ قال ابن عباس: فأتيته فأبلغته. فقال قل له: بيننا وبينك عهد خليفة ودم خليفة، واجتماع ثلاثة وانفراد واحد، وأمٌّ مبرورة، ومشاورة العشرة، ونشر المصاحف، نحلّ ما أحللت ونحرّم ما حرمت.

بين شبيب الخارجي وغلام

الهيثم بن عدي قال: مرّ شبيب الخارجي على غلام في الفرات يستنقع في الماء، فقال له شبيب: أخرج إليّ أسائلك. قال: فأنا آمن حتى ألبس ثوبي؟ قال: نعم. قال: فواللّه لا ألبسه.

بين عمر بن الخطاب والهرمزان

قال الهيثم: أراد عمر رحمه اللّه قتل الهرمزان. فاستسقى فأتي بماء فأمسكه بيده واضطرب، فقال له عمر: لا بأس عليك، إني غير قاتلك حتى تشريه. فألقى القدح من يده وأمر عمر بقتله، فقال: أو لم تؤمنّي؟ قال: كيف آمنتك؟ قال: قلت: لا بأس عليك حتى تشربه، ولا بأس أمان، وأنا لم أشربه. فقال عمر: قاتله اللّه! أخذ أماناً ولن نشعر به. قال أصحاب رسول اللّه: صدق. بين عبيد اللّه بن عضاه وابن الزبير في بيعة يزيد بن معاوية

العتبي: بعث يزيد بن معاوية عبيد اللّه بن عضاه الأشعريّ إلى ابن الزبير فقال له: إن أوّل أمرك كان حسناً فلا تفسده بآخره. فقال له ابن الزبير: إنه ليست في عنقي بيعة ليزيد. فقال عبيد اللّه: يا معشر قريش، قد سمعتم ما قال وقد بايعتم وهو يأمركم بالرجوع عن البيعة.

بين واصل بن عطاء وفرقة من الخوارج

المدائني قال: أقبل واصل بن عطاء في رفقة فلقيهم ناس من الخوارج، فقالوا لهم: من أنتم؟ قال لهم واصل: مستجيرون حتّى نسمع كلام اللّه، فاعرضوا عليّنا. فعرضوا عليهم فقال واصل: قد قبلنا. قالوا: فآمضوا راشدين. قال واصل: ما ذلك لكم حتى تبلغونا مأمننا. قال اللّه تعالى: " وإن أحدٌ من المشركين آستجارك فأجره حتى يسمع كلام اللّه ثم أبلغه مأمنه " فأبلغونا مأمننا. فجاءوا معهم حتى بلغوا مأمنهم.

قول لمعاوية وردّ الحسن بن عليّ

وقال معاوية: لا ينبغي أن يكون الهم شمي غير جواد ولا الأموي غير حليم ولا الزّبيري غير شجاع ولا المخزومي غير تيّاه. فبلغ ذلك الحسن بن عليّ فقال: قاتله اللّه! أراد أن يجود بنو هم شم فينفد ما بأيديهم، ويحلم بنو أمية فيتحبّبوا إلى الناس، ويتشجّع آل الزبير فيفنوا، ويتيه بنو مخزوم فيبغضهم الناس.

بين ابن عرباض اليهودي والخوارج

حدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ عن عيسى بن عمر قال: استقبل الخوارج ابن عرباض اليهودي وهم بحرورى فقال: هل خرج اليكم في اليهود شيء؟ قالوا: لا. قال: فآمضوا راشدين.

بين قتيبة بن مسلم وسليمان بن عبد الملك

عندما عزم على عزله عن خراسان

المدائني قال: لما بلغ قتيبة بن مسلم أن سليمان يريد عزله عن خراسان واستعمال يزيد بن المهلّب كتب إليه ثلاث صحائف، وقال للرسول: ادفع إليه هذه، فإن دفعهم لإلى يزيد فادفع إليه هذه، فإن شتمني عند قراءتهم فادفع إليه الثالثة. فلما صار إليه الرسول دفع إليه الكتاب الأوّل وفيه: يا أمير المؤمنين، إن من بلائي في طاعة أبيك وطاعتكن وطاعة أخيك كيت وكيت. فدفع كتابه إلى يزيد فأعطاه الرسول الكتاب الثاني وفيه: يا أمير المؤمنين، تأمن ابن دحمة على أسرارك ولم يكن أبوه يأمنه على أمهم ت أولاده! فشتم قتيبة، فدفع إليه الرسول الكتاب الثالث وفيه: من قتيبة بن مسلم إلى سليمان بن عبد الملك، سلام على من اتبع الهدى أما بعد فواللّه لأوثقنّ لك آخيّة لا ينزعهم المهر الأرن. قال سليمان: عجّلنا على قتيبة. يا غلام، جدّد له عهده على خراسان.

تهديد أبو الهندام لأهل مزة

لما صرف أهل مزّة الماء عن أهل دمشق ووجهوه إلى الصحارى كتب إليهم أبو الهندام: إلى بني آستهم أهل مزة، ليمسّيني الماء أو لتصبّحنكم الخيل. فوافاهم الماء قبل أن يعتموا فقال أبو الهندام: " الصدق ينبي عنك لا الوعيد ".

رسالة يزيد بن الوليد إلى مروان بشأن البيعة

ولما بايع الناس يزيد بن الوليد أتاه الخبر عن مروان ببعض التلكؤ والتربص، فكتب إليه يزيد: أما بعد فإني " أراك تقدّم رجلاً وتؤخر أخرى " فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيتهما شئت، والسلام.

عبد الله بن الأهتم يعزي

أمية بن عبد اللّه بن خالد بن أسيد بعد هزيمته

ولما هزم أمية بن عبد اللّه بن خالد بن أسيد لم يدر الناس كيف يعزّونه، فدخل عليه عبد اللّه بن الأهتم فقال: " مرحبا بالصابر المخذول " الحمد اللّه الذي نظر لنا عليك ولم ينظر لك عليّنا، فقد تعرّضت للشهم دة بجهدك إلا أن اللّه علم حاجة الإسلام إليك فأبقاك له بخذلان من كان معك لك. فصدر الناس عن كلامه.

رسالة الحارث بن خالد المخزومي إلى

مسلابن عقبة المري والرد عليهم

وكتب الحارث بن خالد المخزومي - وكان عامل يزيد بن معاوية على مكة - إلى مسلابن عقبة المرّيّ، فأتاه الكتاب وهو بآخر رمق، وفي الكتاب: أصلح اللّه الأمير، إن ابن الزبير أتاني بما لا قبل لي به فآنحزت. فقال: يا غلام اكتب إليه: أمّا بعد فقد أتاني كتابك تذكر أن ابن الزبير أتاك بما لا قبل لك به فانحزت. وآيم اللّه ما أبالي على أيّ جنبيك سقطت إلا أن شرهما لك أحبّهما إليّ، وباللّه لئن بقيت لك لأنزلنّك حيث أنزلت نفسك والسلام.

بين معاوية وملك الروم


أبو حاتم قال: حدّثنا العتبي قال: حدّثنا إبراهيم قال: لما أسنّ معاوية اعتراه أرق فكان إذا هوّم أيقظته نواقيس الروم، فلما أصبح يوماً ودخل عليه الناس قال: يا معشر العرب، هل فيكم فتى يفعل ما آمره وأعطيه ثلاث ديات أعجّلهم وديتين إذا رجع؟ فقام فتى من غسّان فقال: أنا يا أمير المؤمنين. قال: تذهب بكتبي إلى ملك الروم، فإذا صرت على بساطه أذّنت. قال: ثم ماذا؟ قال: فقط. فقال: لقد كلّفت صغيراً وآتيت كبيراً. فكتب له وخرج، فلما صار على بساط قيصر أذّن، فتناجزت البطارقة وآخترطوا سيوفهم فسبق إليه ملك الروم فجثا عليه وجعل يسألهم بحق عيسى وبحقهم عليه لمّا كفّوا، ثم ذهب به حتى صعد على سريره ثم جعله بين رجليه، ثم قال: يا معشر البطارقة، إن معاوية رجل قد أسنّ وقد أرق وقد آذته النواقيس، فأراد أن نقتل هذا على الأذان فيقتل من قبله منّا ببلاده على النواقيس، و اللّه ليرجعنّ إليه بخلاف ما ظنّ. فكساه وحمله فلما رجع إلى معاوية قال: أو قد جئتني سالماً؟ قال: نعم، أمّا من قبلك فلا.وكان يقال: ما ولي المسلمين أحد إلا ملك الروم مثله إن حازماً وإن عاجزاً. وكان الذي ملكهم على عهد عمر هو الذي دوّن لهم الدواوين ودوّخ لهم العدوّ، وكان ملكهم على عهد معاوية يشبه معاوية في حزمه وحلمه. وبهذا الإسناد قال: كانت القراطيس تدخل بلاد الروم من أرض العرب وتأتي من قبلهم الدنانير، وكان عبد الملك أوّل من كتب "قل هو اللّه أحدٌ" وذكر النبي في الطّوامير، فكتب إليه ملك الروم: إنكم قد أحدّثتم في طواميركم شيئاً من ذكرنبيكم نكرهه فانه عنه وإلا أتاكم في دنانيرنا من ذكره ما تكنرهون. فكئر ذلك في صدر عبد الملك وكره أن يدع شيئاّ من ذكر اللّه قد كان أمر به أو يأتيه في الدنانير من ذكرالرسول ما يكره، فأرسل إلى خالد بن يزيد بن معاوية فقال: يا أبا هم شم إحدى بنات طبق، وأخبره الخبر. فقال:: ليفرخ روعك، حرّم دنانيرهم وآضرب للناس سككا ولا تعفهم مما يكرهون. فقال عبد الملك: فرّجتهم عنّي فرّج اللّه عنك. حدّثنا الرياشيّ قال: لما هدم الوليد بن عبد الملك كنيسة دمشق كتب إليه ملك الروم: إنكقد هدمت الكنيسة التي رأى أبوك تركهم فإن كان حقاً فقد أخطا أبوك، وإن كان باطلاّ فقد خالفته. فكتب إليه الوليد: "وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث " إلى آخر القصة.

وبين قيصر ومعاوية

وقد أرسل يسأله فاستعان لجوابه بابن عباس

حدّثنا الزياديّ محمد بن زياد قال: حدّثنا عبد الوارث بن سعيد قال: حدّثنا عليّ بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: كتب قيصر إلى معاوية: سلام عليك، أمّا بعد فأنبئني بأحبّ كلمة إلى اللّه وثانية وثالثة ورابعة وخامسة، ومن أكرم عباده إليه وأكرم إمائه، وعن أربعة أشياء فيهنّ الروح لم يرتكنضن في رحم، وعن قبر يسير بصاحبه ومكان في الأرض لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة، والمجرّة ما موضعهم من السماء، وقوس قزح وما بدء أمره؟ فلما قرأ كتابه قال: اللّهم ألعنه ! ما أدري ما هذا!. فأرسل إليّ يسألني فقلت: أمّا أحب كلمة إلى اللّه فلا إله إلا اللّه لا يقبل عملاّإلا وهي المنجية بهم ، والثانية سبحان اللّه وهي صلاة الخلق، والثالثة الحمد اللّه كلمة الشكر، والرابعة اللّه أكبر فواتح الصلوات والركوع والسجود، والخامسة لا حول ولا قوّة إلا باللّه. وأمّا أكرم عباد اللّه إليه فآدم خلقه بيده وعلّمه الأسماء كلهم ، وأكرم إمائه عليه مريم التي أحصنت فرجهم. والأربعة التي فيهنّ روح ولم يتركضن في رحم فآدم وحوّاء وعصا موسى والكبش.
والموضع الذي لا تصبه الشمس إلا مرة واحدة فالبحر حين انفلق لموسى وبني إسرائيل. والقبر الذي سار بصاحبه فبطن الحوت الذي كان فيه يونس.
بين عمرو بن العاص ومعاوية في مجلس عمر بن الخطاب أبو حاتم عن العتبيّ عن أبيه قال: قدم معاوية من الشام وعمرو بن العاص من مصر على
عمر فأقعدهما بين يديه وجعل يسألهما عن أعمالهما إلى أن اعترض عمرو في حديث معاوية، فقال له معاوية: أعليّ! تعيب وإليّ تقصد؟ هلمّ حتى أخبر أمير المؤمنين عن عملك وتخبره عن عملي. قال عمرو: فعلمت أنه بعملي أبصر مني بعمله وأنّ عمر لا يدع أول هذا الحديث حتى يأتي على آخره، فأردت أن أفعل شيئاّ أقطع به ذلك فرفعت يدي فلطمت معاوية، فقال عمر: تاللّه ما رأيت رجلًا أسفه منك، يا معاوية ألطمه. فقال معاوية: إن لي أميراً لا أقضي الأمور دونه. فأرسل عمر إلى أبي سفيان فلما رآه ألقى له وسادة ثم قال معتذراً: قال رسول اللّه "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه " ثم قص عليه ما جرى بين عمرو ومعاوية فقال: ألهذا بعث إقي ؟أخوه وابن عمه وقد أتى غير كبير، قد وهبت له ذلك.

حكم معاوية بين بشر بن أرطأة وزيد بن عمر

أبو حاتم عن الأصمعيّ عن نافع قال: ذكر بشر بن أرطاة عليّاً فنال منه فضرب زيد بن عمر - وأمه ابنة عليّ بن أبي طالب - على رأسه بعصا فشجّه فبلغ ذلك معاوية فبعث إلى زيد بن عمر: أ تدري ما صنعت ؟ وثبت على بشر بن أرطأة وهو شيخ أهل الشام فضربت رأسه بعصا، لقد أتيت عظماء. ثم بعث إلى بشر فقال: أتدري ما صنعت ؟ وثبت على ابن الفاروق وابن عليّ بن أبي طالب تسبّه وسط الناس وتزدريه، ولقد أتيت عظيماً. ثم بعث إلى هذا بشيء و إلى هذا بشيء.
المدائني قال: كان ابن المقفع محبوساً قي خراج كان عليه وكان يعذًب، فلما طال ذلك وخشى على نفسه تعيّن من صاحب العذاب مائة ألف درهم فكان بعد ذلك يرفق به إبقاء على ماله.
حدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ قال: قال المختار: ادعو إلى المهديّ محمد بن الحنفية، فلما خشي أن يجيء قال: أما إنّ فيه علامة لا تخفى، يضربه رجل بالسيف ضربة لا تعمل فيه. قال الأصمعيّ: عرّضه لأن تجرّب به.
حدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ عن عوانة بن الحكم الكلي قال: ولىّ عليّ رضي اللّه عنه الأشترمصر فلما بلغ العريش أتى بطرا مصر فقال له مولى لعثمان وكان يقول: أنا مولى لآل عمر: هل لك في شربة من سويق أجدحهم لك ؟ قال: نعم. فجدح له بعسل وجعل فيهم سمّاً قاضيًا فلما شربهم يبس، فقال معاوية لما بلغه الخبر: يا بردهم على الكبد! "إنّ اللّه جنوداّ منهم العسل وقال عليّ: "لليدين وللفم

بين عليّ بن أي طالب وأولاد عثمان

حدّثنا أبو حاتم عن الأصمعيّ عن ابن أبي الزّناد قال: نظر عليّ إلى ولد عثمان كأنهم مستوحشون فسألهم فقالوا: نرمى بالليل. فقال: من أين يأتيكم الرمي ؟ قالوا: من ههنا. فصعد عليّ ولفّ رأسه ثم جعل يرمي وقال: إذا عاد فافعلوا مثل هذا. فانقطع الرمي.

سليمان النبي عليه السلام في كشف سارق الإوزة

قال محمد بن كعب القرظيّ: جاء رجل إلى سليمان النبي عليه السلام فقال: يا نبيّ اللّه: إنّ لي جيراناً سرقوا إوزّتي. فنادى: الصلاة جامعةّ. ثم خطبهم فقال في خطبته: وأحدكم يسرق إوزة جاره ثم يدخل المسجد والريش على رأسه! فمسح رجل على رأسه، فقال سليمان. خذوه فهو صاحبكم.

بين الحكم بن أيوب الثقفي وإياس بن معاوية

أخذ الحكم بن أيوب الثّقفي عامل الحجاج إياس بن معاوية في ظنّة الخوارج، فقال له الحكم: إنك خارجي منافق وشتمه، ثم قال: آئتني بمن يكفل بك. قال: ما أجد أحداً أعرف بي منك. قال: وما علمي بك وأنا من أهل الشام وأنت من أهل العراق. قال إياس. ففيم هذه الشهم دة منذ اليوم. فضحك وخلّى سبيله.

في حسن جواب رجل مخزومي على عبد الملك بن مروان

دخل رجل من بني مخزوم على عبد الملك بن مروان وكان زبيريا، فقال له عبد الملك: أليس قد ردك اللّه على عقبيك ؟ قال: ومن ردّ عليك فقد ردّ على عقبيه ؟ فسكت عبد الملك وعلم أنه قد أخطأ.

بين الضحاك بن مزاحم ونصراني

وكان رجل من النصارى يختلف إلى الضّحّاك بن مزاحم فقال له يوماً: لو أسلمت! قال: يمنعني من ذلك حبّي للخمر. قال: فاسلم واشربهم. فاسلم، فقال له الضحاك: إنك قد أسلمت فإن شربت الخمر حددناك وإن رجعت عن الإسلام قتلناك. فحسن إسلامه.

بين أم أفعى العبد ية وعائشة رضي اللّه عنهم

دخلت أم أفعى العبد ية على عائشة رضي اللّه عنهم فقالت: يا أم المؤمنين ما تقولين في امرأة
قتلت ابناً لهم صغيراً؟ قالت: وجبت لهم النار. قالت: فما تقولين في امرأة قتلت من أولادهم الأكابر عشرين ألفا؟ قالت: خذوا بيد عدوة اللّه.

كتاب يزيد بن معاوية إلى أهل المدينة، وشعر تمثّل به

العتبيّ قال: كتب يزيد بن معاوية إلى أهل المدينة: أما بعد فإنّ اللّه لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم وإذا أراد اللّه بقوم سوءاّ فلا مردّ له وما لهم من دونه من وال. إني واللّه قد لبستكنم فاخلقتكنم ورقعت بكم فآخترقتكنم ثم وضعتكنم على رأسي ثم على عيني ثم على فمي ثم على بطني. وآيم اللّه لئن وضعتكنم تحت قدمي لأطاّنكم وطأة أقلّ بهم عددكم واذلّ غابركم وأترككم أحاديث تنسخ بهم أخباركم مع أخبار عاد وثمود. ثم تمثّل:

لعل الحلم دل عليّ قومـي

وقد يستضعف الرجل الحليم

ومارست الرجال ومارسوني

فمعوجٌّ عليّ ومسـتـقـيم

بين سراقة بن مرداس والمختار

أبو حاتم قال: حدّثنا أبو عبيد ة قال: أخذ شراقة بن مرداس البارقيّ أسيراً يوم جبانة السّبيع، فقدّم في الأسرى فقال:

امنن عليّ اليوم يا خير معـدّ

وخير من حلّ بصحراء الجند

وخير من لبّى وصلّى وسجد فعفا عنه المختار. ثم خرج مع إسحاق بن الأشعث عليه فجيء بسراقة أسيراً فقال له المختار: الأأعف عنك ؟ أما واللّه لأقتلنّك. قال: إنّ أبي أخبرني أن الشام ستفتح لك حتى تهدم مدينة دمشق حجراً حجراً وأنا معك فواللّه لا تقتلني. ثم أنشده:

ألا أبلغ أبا إسـحـاق أنـا

نزونا نزوة كانت علـيّنـا

خرجنا لا نرى الضعفاء شيئا

وكان خروجنا بطرا وحينا

نراهم في مصفّهم قـلـيل

وهم مثل الدّبا لما آلتقـينـا

فأسجح إن قدرت فلو قدرنا

لجرنا في الحكومة وآعتدينا

تقبّل توبة مـنـي فـإنـي

سأشكر إن جعلت النّقد ديناً

فخلّى سبيله. ثم خرج إسحاق عليه ومعه سراقة فأخذ أسيراً فقال: الحمد اللّه الذي أمكنني منك يا عدو اللّه. فقال سراقة: ما هؤلاء الذين أخذوني! فأين هم؟ لا أراهم! إنا لما التقينا رأينا قوماً عليهم ثياب بيض على خيل بلق تطير بين السماء والأرض. فقال المختار: خلّوا سبيله ليخبر الناس. "ثم عاد لقتاله وقال:

ألا من مخبر المختار عني

بأن البلق بيض مصمتات

أري عينيّ ما لـم تـرأياه

كلانا عالأبالتّـرّهـم ت

كفرت بدينكم وجعلت نذرا

عليّ قتالكم حتى الممات"

المنير بن شعبة مع عليّ رضي اللّه عنه

خرج المغيرة بن شعبة مع النبيّ في بعض غزواته وكانت له عنزة يتوكأ عليهم فربما أثقلتهفيرمي بهم قارعة الطريق فيمرّ بهم المارّ فيأخذهم ، فإذا صار إلى المنزل عرفهم فأخذهم المغيرة ففطن له عليّ رضي اللّه عنه فقال: لأخبرن النبي ، فقال: لئن أخبرته لا تردّ بعدهم ضالةٌ أبداً. فأمسك عليّ.

باب من أخبار الدولة والمنصور والطالبيين

حدّثني محمد بن عبيد قال: حدّثنا أبو أسامة عن زائدة عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان إذا سمعهم يقولون: يكون في هذه الأمة اثنا عشر خليفة، قال: ما أحمقكم! إنّ بعد الاثني عشر ثلاثة منا: السفاح والمنصور والمهدي يسلمهم إلى الدجّال. قال أبو أسامة: تأويل هذا عندنا أن ولد المهديّ يكونون بعده إلى خروج الدجال.

محمد بن عليّ العباسي عندما أرسل دعاته إلى خراسان


وقال محمد بن عليّ بن عبد اللّه بن عباس لرجال الدعوة حين اختارهم للدعوة وأراد توجيههم: أما الكوفة وسوادهم فهناك شيعة عليّ بن أبي طالب. وأما البصرة فعثمانية تدين بالكفّ وتقول كن عبد اللّه المقتول ولا تكن عبد الله القاتل. وأما الجزيرة فحرورية مارقة وأعراب كأعلاج ومسلمون في أخلاق النصارى. وأما أهل الشام فليس يعرفون إلا آل أبي سفيان وطاعة بني مروان، عداوة لنا راسخة وجهلًا متراكماً. وأما أهل مكة والمدينة فقد غلب عليهما أبو بكر وعمر، ولكن عليكم بخراسان فإن هناك العدد الكثير والجلد الظاهر وصدوراً سليمة وقلوبًا فارغة لم تتقسمهم الأهواء ولم تتوزّعهم النّحل ولم تشغلهم ديانة ولم يتقدّم فيهم فساد وليست لهم اليوم همم العرب ولا فيهم كتحازب الأتباع بالسادات وكتحالف القبائل وعصبيّة العشائر، ولم يزالوا يذلون ويمتهنون ويظلمون ويكظمون ويتمنّون الفرج ويؤمّلون "الدول" وهم جند لهم أجسام وأبدان ومناكب وكواهل وهم مات ولحىً وشوارب وأصوات هم ئلة ولغات فخمة تخرج من أفواه منكرة، وبعد فكأني أتفأّل إلى المشرق وإلى مطلع سراج الدنيا ومصباح الخلق.

بين مروان بن محمد وسعيد بن عمرو المخزومي

وقال سعيد بن عمرو بن جعدة المخزومي: كنت مع مروان بن محمد بالزّاب فقال لي: يا سعيد من هذا الذي يقابلني ؟ قلت: عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن عباس. قال: أعرفه؟ قلت: نعم، أما تعرف رجلًا دخل عليك حسن الوجه مصفراً رقيق الذراعين حسن اللسان فوقع في عبد الله بن معاوية؟ فقال: بلى قد عرفته واللّه، يا بن جعدة ليتً عليّ بن أبي طالب "في الخيل "يقابلني. إن عليّاً وأولاده لا حظ لهم في هذا الأمر، وهذا رجل من بني العباس ومعه ريح خراسان ونصر الشام، يا بن جعدة أتدري لم عقدت لعبد اللّه ولعبيد اللّه وتركت عبد الملك وهو أكبر منهما؟ قلت. لا أدري. قال: لأني وجدت الذي يلي هذا الأمر بعدي عبد الله أو عبيد اللّه، فكان عبيد اللّه أقرب إلى عبد الله من عبد الملكتاب مروان إلى عبد الله بن عليّ العباسي وكتب مروان إلى عبد الله بن عليّ: إني لا أظن هذا الأمر إلا صائرا إليكم، فإن لك فاعلم أن حرمنا جرمكم. فكتب إليه عبد اللّه. إن الحق لنا في دمك وإن الحق عليّنا في حرمك. لصالح بن عليّ بن عبد اللّه بن عباس والمنصور بذكر سيرة خلفاء بني أمية سمر المنصور ذات ليلة فذي ت طفاء بني أمية وسيرهم وم نهم لم يزالوا على استقامة حتى
أفضى أمرهم إلى أبنائهم المترفين فكانت هممهم من عظيم شان الملك وجلالة قدره قصد الشهوات الإيثار اللذان والدخول في معاصي اللّه ومساخطه جهلا منهم باستدراج اللّه وأمنا لمكره، فسلبهم اللّه العز ونقل عنهم النعمة. فقال له صالح بن عليّ. يا أمير المؤمنين إن عبد اللّه ( بن مروان لما دخل أرض النوبة هم ربأ فيمن معه سال ملك النوبة عنهم فأخبر فركب إلى عبد اللّه فكلمه بكلام عجيب في هذا النحو لا أحفظه وأزعجه عن بلده، فإن رأى أمير المؤمنين أن يدعو به من الحبس بحضرتنا في هذه الليلة ولمجماله عن ذلك. فأمر المنصور بإحضاره وسأله عن القصة فقال: يا أمير المؤمنين قدمت أرض النوبة بأثاث سلم لي فافترشته بهم وأقمت ثلاثأ، فأتاني ملك النوبة وقد خبر أمرنا، فدخل عليّ رجل طوال أقنى حسن الوجه فقعد على الأرض ولم يقرب الثياب، فقلت: ما يمنعك أن تقعد على ثيابنا؟ قال: لأني ملك، وحق على كل ملك أن يتواضع لعظمة اللّه إذ رفعه. ثم قال لي: لم تشربون الخمر وهي محرمة عليكم ؟ قلت: آجترأ على ذلك عبيد نا وأتباعنا لأن الملك زال عنا. قال: فلم تطاون الزروع بدوابكم والفساد محرم عليكم ؟ قلت. يفعل ذلك جهم لنا. قال: فلم تلبسون الديباج والحرير وتستعملون الذهب والفضة وذلك محرم عليكم ؟ قلت: ذهب الملك منا وقل أنصارنا فانتصرنا بقوم من العبم دخلوا في ديننا فلبسوا ذلك على الكره منا. قال: فاطرق مليا وجعل يقلب يديه وينكت الأرض أو يقول لأ: عبيد نا وأتباعنا دخلوا في ديننا وزال الملك عنا! يردده مرارأم ثم قال: ليس ذلك كما ذكرت بل أنتم قوم استحللتم ما حرم عليكم وركبتم ما عنه نهيتم، وظلمتم فيما ملكتم فسلبكم اللّه العز وألبسكم الذل بذنوبكم، واللّه فيكم نقمة لم تبلغ غايتهم وأخاف أن يحل بكم العذاب وأنتم ببلدي فيصيبني معكم، وإنما الضيافة ثلاثة أيام فتزودوا ما آحتجتم إليه وارتحلوا عن بلدي. ففعلت ذلك.
عبد اللّه بن عليّ والإجهم ز على بقية أهل آل مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية ولما افتتح المنصور الشام وقتل مروان قال لأبي ( عون ومن معه من أهل خراسان: إن لي في بقية آل مروان تدبيرا فتأهبوا يوم كذا وكذا في أكمل عذة، ثم بعث إلى آل مروان في ذلك اليوم فجمعوا وأعلمهم أنه يفرض لهم في العطاء، فحضر منهم ثمانون رجلا فصاروا إلى بابه ومعهم رجل من كلب قد وئدهم ثم أذن لهم فدخلوا، فقال الآذن للكلبي: ممن أنت ؟ قال: من كلب وقد وندتهم. قال: فانصرف ودع القوم. فأبى أن يفعل وقال: إني خالهم ومنهم. فلما استقر بهم المجلس خرج رسول المنصور وقال بأعلى صوته: أين حمزة بن عبد المطلب ؟ ليدخل، فأيقن القوم بالهلكة، ثم خرج الثانية فنادى: أين الحسن بن عليّ ؟ ليدخل، ثم خرج الثالثة فنادى: أين زيد بن عليّ بن الحسين ؟ ثم خرج الرابعة فقال: أين يحمص بن زيد؟ ثم قيل: ائذنوا لهم. فدخلوا وفيهم الغمر بن يزيد وكان له صديقا فاومأ إليه: أن ارتفع. فاجلسه معه على طنفسته وقال للباقين: اجلسوا. وأهل خراسان قيام بأيديهم العمد فقال: أين العبد قي الشاعر؟ فقام وأخذ في قصيدته التي يقول فيهم. (.
أما الدعاة إلى الجنان فهم شم وبنو أمبة من دعاة النار فلما أنشد أبياتا منهم قال الغمر: يا بن الزانية. فانقطع العبد ي وأطرق عبد اللّه ساعة ثم قال: امض في نشيدك. فلما فرغ رمى إليه بصرة فيهم ثلاثمائة دينار، ثم تمثل بقول القائل . (. ولقد ساءني وساء سواي قربهم من منابر وكراسي أنزلوهم بحيث أنزلهم الد ط بدار الهوان والإتعاس ألا تقيلن عبد شمس عثارا واقطعوا كل نخلة وغراس ، اذكروا مصرع الحسين وزيد وقتيلا بجانب اسهراس ( ثم قال لأهل خراسان: دهيدا. فشدخوا بالعمد حتى سالت أدمغتهم، وقام الكلبي فقال: أيهم الأمير: أنا رجل من كلب لست منهم. فقال. (: ومدخل رأسه لم يدنه أحد بين القرينين حتى لزه القرن  
ثم قال: دهيد. فشدخ الكلبي معهم ثم التفت إلى الغمر فقال: لا خير لك في الحياة بعدهم. قال: أجالى. فقتل ! ثم دعا ببراذع فألقاهم عليهم وبسط عليهم الأنطاع ودعا بغدائه فأكل فوقهم وإن أنين بعضهم لم يهدأ، حتى فرغ ثم قال: ما تهنات بطعام منذ عقلت مقتل الحسين إلا يومي هذا. وقام فأمر بهم فجروا بأرجلهم وأغنم أهل خراسان أموالهم ثم صلبوا في بستانه. وكان يأكل يوما فأمر بفتح باب من الرواق إلى البستان فإذا رائحة الجيف تملأ الأنوف، فقيل له: لإل أيرلبئ أيهم الأمير برد هذا الباب ! فقال: واللّه لرائحتهم أحعبئ إلي وأطيب من رائحة المسك. ثم حسبت أمية أن سترضى هم شم عنهم ويذهب زيدهم وحسينهم كلا ورب محمد وإفهه حتى تباح سهولهم وحزونهم وتذنث زل حليلة لحليلهم بالمشرفي وتسترد ديونهم بين المهدي ورجل من بني أمية وأتي المهدي برجل من بني أمية كان يطلبه فتمثل بقول سديف شاعرهم(جرد السيف وارفع السوط حتى لا ترى فوق ظهرهم أمويا لايغرنك ما ترى اليوم منهم إن تحت الضلوع داء دويا فقال الأموي: لكن شاعرنا يقول : شمس العداوة حتى يستقاد لهم وأعظم الناس أحلاما إذا قدروا فقال المهدي: قال شاعركم ما يشبهكم وقال شاعرنا ما يشبهنا. ثم أمر به فقتل.
وقال رجل: كنا جلوسا مع عمرو بن عبيد في المسجد، فاتاه رجل بكتاب المنصور على لسان محمد بن عبد اللّه بن الحسن يدعوه إلى نفسه، فقرأه ثم وضعه فقال الرسول. الجواب. فقال: ليس له جواب، قل لصاحبك: دعنا نجلس في هذا الظل ونشرب من هذا الماء البارد حتى ناتينا اجالنا قي عافية.
عمرو بن عبيد والمنصور، وشعر للمنصور فيه وكان عمرو بن عبيد إذا رأى المحنصور يطوف حولي الكعبة في قرطين يقول: إن يرد اللّه بامة محمد خيرا يول أمرهم هذا الشاب من بني هم شم. وكان له صديقا ظما دخل عليه بعد الخلافة وكلمه وأراد الانصراف، قال: يا أبا عثمان سل حاجتكن. قال: حاجتي ألا تبعث إلي حتى آتيك ولا تعطيني حتى أسألك. ثم نهض فقال المنصور. (: سكم ماشي رويد سثكم خاتل صيد غير عمرو بن عبيد فلما مات عمرو رثاه المنصور فقال : صئى الافه عليك من متبرسد شبرا مررت به على مران قبرأتضقن مؤمنا متحنفا صدق (7 ت ودان بالقرآن وإذا الرجال تنازعوا في سنة فصل الحديث بحكمة ولمجان لو أن هذا الدهر أبقى صاسا أبقى لمحنا حيا أبا عثمان حديث وضاخ بن حبيب مع المنصور قال الوضاح بن حبيب: كنا إذا خرجنا - يعني أصحابه - من عند المنصور صرنا إلى المهدقي وهو يومئذ ولي عهده ففعلنا ذلك يوما فابرز إلي يده، ولم يكن ذلك من عادته، فاكببت عليهم فقئلتهم وضرب بيدي إلى يده، ثم علمت أنه لم يفعل ذلك إلا لشيء في يده، فوضع في يدي كتابا صغيرا تستره الكف، فلما خرجت فتحته فإذا فيه: يا وضهماح، إذا قرأت كتابي فاستأذن إلى ضياعك بالري. فرجعت فقلت للربيع (: استأذن لي. فدخل فاستأذن، فاه ذن لي، فدخلت فقلت: يا أمير المؤمنين، ضياعي بالرئ قدا اختئت وبي حاجة إلى مطالعتهم. فقال: لا، ولا كرامة. فخرجت ح ثم عدت إليه اليوم الثاني والقوم معي فدخلنا فاستأذنته، فرذ إلي مثل الجواب الأول. فقلت: يا أمير المؤمنين ما أريد إصلاحهم إلا لأقوى بهم على خدمتكن. فسري عنه، ثم قال: إذا شئت فودع. فقلت !! أمير المؤفين ولي حاجة أذكرهم. قال: قل. قلت: أحتاج إلى خلوة. فنهض القوم وبقي الربيع قلت: أخلني. قال: ومن الربيع وبينكما ما بينكما! قلت: نعم. فتنحى الربيع، فقال: قد خلوت فقل إن جدت لي بمالك ودمك. فقلت: يا أمير المؤمنين، وهل أنا ومالي إلا من نعمتكن، حقنت دمي ودم أبي ورددت عليّ مالي وآثرتني بصحبتكن. قال: إنه يهجر في نفسي أن جهورا"ا( على خلع وبيس له غيرك لما أعرفه بينكما، فاظهر إذا صرت ليه الوقيعة في والتنقص لي حتى تعرف ما عنده، لان رأيته يهم بخلع فاكتب !لي، ولا تكنتبن على يد بريد ولا مع رسول ولا يفوتني خبرك في كل يوم فقد نصبت لك فأناً القطان في دار القطن فهو يوصل كتبك في كل يوم إلي. قال: فمضيت حتى أتيت الري فدخلت على جهور فقال: أفلت ؟ فقلت: نعم والحمد اللّه. ثم أقبلت أؤانسه بالوتيعة فيه حتى أظهر ما ظن به المنصور فكتبت إليه بذلك.
دخول عبد اللّه بن الحسن الطالبي إلى المنصور وإعجاب إسحاق بن مسلم بكلامه، ثم كشفه  
دخل عبد اللّه بن الحسن الطالبي على المنصور وعنده إسحاق بن مسلم العقيلي وعبد الملك بن حميد الشامي الكاتب، فتكنلم عبد اللّه بكلام أعجب إسحاق فغم ذلك المنصور، فلما خرج عبد اللّه لال: يا غلام رده. فلما رجع قال: يا أبا محمد إن إسحاق بن مسلم حدّثني أن رجلا هلك بدمشق وترك ناضا" كثيرا وأرضا ورقيقا وزعم أنه مولاكم وأشهد على ذلك. قال: نعم يا أمير المؤمنين، ذلك مولاف ا قد كنت أعرفه وأكاتبه. فقال المنصور: يا إسحاق، أعجبك كلامه فأحببت أن تعرفه.
شعر تمثل به عبد اللّه بن الحسن بحضرة أبو العباس لما بنى المدينة بالأنبار أبو الحسين المدائني قال: لما بنى أبو العباس المدينة بالأنبار قال لعبد اللّه بن الحسن. يا أبا محمد كيف ترى؟ فتمثل عبد اللّه فقال : ألم ترحوشبا أمسى!ي قصورأنفعهم لبني بقيله يؤمل أن يعمر عمر نوح وأمر اللّه يحدّث كل ليله ثم انتبه فقال: أقلني رأقالك اللّه أ. قال: لا أقالني اللّه إن بت في عسكري. لأخرجه إلى المدينة لأبي ذر وحديث للنبي يخف!قه أحنش بن المغيرة قال: جئت وأبو ذر آخذ بحلقة باب اسعبة وهو يقول: أنا أبو ذر الغفاري، من لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول اللّه مجسنظ، سمعت رسول اللّه سججيشه يقول: "مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبهم نجا"أ.
خروج ابن عمر إلى الحسين يناشده عدم الخروج إلى العراق ويرده حد!ا خالد بن محمد الأزدي قال: حدّثنا شبابة بن سؤار عن يحص بن إسماعيل بن سالم عن الشعبي قال: قيل لابن عمر: إن الحسين قد توجه إلى العراق، فلحقه على ثلاث ليال من المدينة وكان عند خروج الحسين غائبا في مال له فقال: أين تريد؟ قال: العراق. وأخرج إليه كتبا وطوامير قال: هذه كتبهم وبيعتم. فناشده اللّه أن يرجع فأبى فقال: أما إني ساحدّثك حديثا: إن جبريل عليه السلام أتى النبي !نه خيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة، وإنكم بضعة من النبي لمجف!فه، واللّه لا ظيهم أنت ولا أحد من أهل بيتكن وما صرفهم اللّه عنكم إلا لما هو خير لكم فارجع. فأبى فاعتنقه وبكى وقال: أستودعك اللّه من قتيل.
رد الأحنف على كتاب الحسين بن عليّ رضي اللّه عنهما يدعوه إلى نفسه حدّثني القاسم بن اسسن عن عليّ بن محمد عن مسلمة بن محارب عن السكن قال: كتب اسسين بن عليّ رضي اللّه ضهما إلى الأحنف يدعوه إلى نفسه فلم يرد الجواب وقال: قد جربنا آل أبي اسسن فلم نجد عندهم إيالة للملك ولا جمعاً للمال ولا مكيدة في الحرب.
وقال الشعبي. ما لقينا من ال أبي طالط ؟ إن أحشاهم قتلونا، لان ألغضناهم أدخلونا النار... ..
لسكينة بنت الحسين في أهل الكوفة ولما قتل مصعب بن الزبير خرجت شكينة بنت الحسين تريد المدينة فاطاف بهم أهل الكوفة فقالوا: أحسن اللّه صحابتكن يا بنت رسول اللّه. فقالت: واللّه لقد قتلتم جدي وأبي وعقي وزوجي مصعبا، أيتمتموني صغيرة وأرملتموني لمجيرة فلا عأماكم اللّه من أهل للد ولا أحسن طيكم الخلافة..
لبعض الشعراء في رثاء الحسين وأهل بيته وقال بعض الشعراء. (: إبك حسينا لمجوم مصرعه بالطف بين الكتائب الخرأضحت بنات النبي إذ قتلوا في مأتم والشاع في عرس روى سنان ( بن حكيم عن أبيه قال: انتهب الناس ورسا في عسكر الحسين بن عليّ يوم قتل فما تطيبت منه امرأة إلا برصت.
رثاء بنت عقيل بن أبي طالب للحسن . ولما قتل حسين قالت بنت لعقيل بن أبي طالب (: ماذا تقولون إن قال النبي لكم ماذا فعلتم وم نتم أفضل الأمم بعترتي وبأهلي بعد منطلقي منهم أسارى وقتلى ضرجوا بدم أما كان هذا جزائيأن نصحت سأأن تخلفوني بقتل في ذوي رحمياً ( فما سمعهم أحد إلا بكى.
ودخل زيد بن عليّ على هشام فقال: ما فعل أخوك البقرة؟ لمال زيل: سي اللّه لمجيط باقرا وتسمب بقرة! لقد اختلفتمام.
للنبي !ير أخبرنا جابر بن عبد اللّه أن النبي جي!ز قال: "يا جابر إنك ستعئر بعدي حتى يولد لي مولود  
اسمه كاسمي يبقر العلم بقرا فإذا لقيته فاقرئه مني السلامأفكان جابر يتردد في سكك المدينة بعد ذهم ب بصره وهو ينادي: يا باقر، حتى قال الناس: قد جن جابر. فبينا هو ذات يوم بالبلاط !ذ بصر بجارية يتوركهم صبي فقال لهم: يا جايى ية، من هذا الصبي ؟ قالت: هذا محمد بن عليّ ابن الحسين بن عليّ بن أبي طالب. فقال: أدنيه مني. فأدنته منه فقبل بين عينيه وقال: يا حبيبي، رسول اللّه يقرئك السلام. ثم قال: نعيت إلي نفسي ورئي الكعبئ. ثم انصرف إلى منزله وم وصى فمات من ليلته.
حديث هشام وزيد بن عليّ أقال هشام(. بلغني أنك ترئص نفسك للخلافة وتطح فيهم وم نت ابنأمة. قال له زيل: مهلا يا هشام فلو أن اللّه علم في أولاد السراري تقصيرا عن بلوغ غاية ما أعطى إسماعيل ما أعطاه، ثم خرج زيد وبعث إليه بهذه الأبيات(.
مهلا بني عمنا عن نحت أثلتنا سيروا رويدا كما كنتم تسيرونا لا تجمعوا أن تهينونا ونكرمكم وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا فاللّه يعلم أنا لا نحبكم ولا نلومكم ألا تحبونا أثم إن زيدا أعطى اللّه عهدا ألا يلقى هشاما إلا في كتيبة بيضاء أو حمراء فدخل الكوفة فطبع بهم السيوف وكان من أمره ما كان حتى قتل رحمه اللّه أ.
ذكر الأمصار قالت الحكماء: المدائن لا تبنى إلا على ثلاثة أشياء: على الماء والكلأ والمحتطب. قال ابن شهم ب. من قدم أرضا فاخذ من ترابهم فجعله في مائهم ثم شربه عوفي من وبائهم. لمعاوية بن أبي سفيان وقال معاوية لقوم قدموا عليه. كلوا من فحا أرضنا فقلما أكل قوم من فحا أرض فضرهم ماؤهم.
حدّثني ارياشض قا،ل. حدّثني الأصمعيّ قال: قال معاوية: أغبط الناس عندي سعد مولاي، وكان يلي أمواله بالحجاز، يترتجع جذة ويتقيظ الطائف وبتشتى مكة.
حدّثنا الرياشيّ قال: حدّثنا الأصمعيّ قال: أربعة أشياء قد ملأت الدنيا لا تكون إلا باليمن: ا لخطر وا لكندز  وا لعصب وا لورس.
حدّثنا أبو حاتم عن الأصمعيّ قال: اليهود لا تأكل من بقل سورى،( وتقول: هي مغيض ا لطوفان.
لمعمر عن المحفوظات والملعونات من المدن والقرى قال: وقال الأصمعيّ عن معمر قال: سبع محفوظات وسبع ملعونات، فمن المحفوظات نجران أ ومن الملعونات اثافت أوبرذعةأ. وأثافست باليمن. وقفت باليمن على قرية فقلت لامرأة: ما تسمى هذه القرية؟ فقالت: ويحك ! أما سمعت قول الشاعر: أحب أثافت عند القطاف وعند عصارة أعنابهم تقسيج أعكمال البلدان وسوادهم قال الأصمعيّ: سواد البصرة الأهواز ودستميسان وفارس، وسواد الكوفة كسكر إلى التراب إلى عمل حلوان إلى القادسية، وعمل العراق هيت إلى الصين والسند والهند ثم كذلك إلى الري وخراسان إلى الديلم والجبال كلهم ، وأصبهم ن صرة العراق افتتحهم أبو موسى الأشعريّ، والجزيرة ما بين دجلة والفرات، والموصل من الجزيرة، ومكة من المدينة ومصر لا تدخل في عمل العراق !.
أول قرية بنيت بعد الطوفان حدّثني عبد الرحمن بن عبد المنعم عن أبيه عن وهب بن منبه قال: أول قرية بنيت بعد الطوفان قرية ببردى تسمى سوق ثمانين، كان نوح لما خرج من السفينة ابتناهم وجعل فيهم لكل زجل آمن معه بيتا وكانوا ثمانين فهي اليوم تسمى سوق ثمانين. قال: وحران سميت بهم ران بن آزر أخي إبراهيم النبي جمجيهنه وهو أبو لوط.
للنبي غشيه يخاطب بريدة أقال النبي جسجز لبريدة: "يا بريدة إنه سيبعث بعدي بعوث فإذا بعثت فكن في أهل بعث المشرق ثم في بعث خراسان ثم في بعث أرض يقال لهم: مروا، فإذا أتيتهم فانزل مدينتهم فإنه بناهم ذو القرنين وصلى فيهم ، غزيرة أنهم رهم تجري بالبركة، في كل نقب منهم ملك شاهر سيفه يدفع عنهم السوء إلى يوم القيامة" فقدمهم بريدة( فمات بهم.
لأبي جلدة في صفة الدنيا حدّثني أحمد بن ابخليل قال: حدّثني الأصمعيّ قال: أخبرني النمر بن هلال الحبطي عن قتادة عن أبي جلدة قال: الدنيا كلهم أربعة وعشرون ألف فرسخ فملك السودان اثنا عشر ألف فرسخ وملك الروم ثمانية آلاف فرسخ وملك فارس ثلاثة آلاف فرسخ وأرض العرب ألف فرسخ. أ13 وقال أبو صالح: كنا عند ابن عباس فأقبل رجل فجلس، فقال له. ممن أنت ؟ قال: من  
أهل خراسان، قال: من أي خراسان ؟ قال: من هراة،(. قال: من أي هراة؟ قال: من بوشنج (. ثم قال: ما فعل مسجدهم ؟ قال: عامر يصلى فيه. قال ابن عباس. كان لإبراهيم مسجدان. المسجد الحرام ومسجد بوشنج. ثم قال: ما فعلت الشجرة التي عند المسجد؟ قال: بحالهم. قال أخبرني العباس أنه قال في ظلهم أ.

خطبة عليّ رضي اللّه عنه في أهل البصرة

حدّثني محمد بن عبد العزيز قال: حدّثنا يزيد بن خالد بن عبد اللّه بن ميمون الحراني عن عوف بن أبي جميلة عن الحسن البصري قال: لما قدم عليّ رضي اللّه عنه البصرة ارتقى على منبرهم فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال: يا أهل البصرة، يا بقايا ثمود ويا جند المرأة ويا أتباع البهيمة، رغا فاتبعتم وعقر فانهزمتم. أما إني لا أقبرل رغبة فيكم ولا رهبة منكم، غير أني سمعت رسول اللّه ب كصيقول: "تفتح أرض!ق يقال لهم البصرة اقوم الأرضين قبلة، قارئهم أقرأ الناس، وعابدهم وقال أبو رائل: اختط الناس البصرة سنة سبع عشرةأ(.
لخالد بن صفوان في قوم من بني الحارث فخر ناس من بني الحارث بن كعب عند أبي العباس، فقال أبو العباس لخالد بن صفوان: ألا تكنتم يا خالد؟ قال: أخرال أمير المؤمنين وأهله. قال: فانتم أعمام أمير المؤمنين وعصبته. قال خالد: ما عسى أن أقول لقوم بين ناسج برد ودابغ جلد وسائر قرد، دذ عليهم هدهد وغرقتهم فارة وملكتهم امرأة.
وله في الكوفة أسئل 12 خالد عن الكوفة فقال: نحن أبعد منكم سرئة وأعظم منكم بحرية وأغذى منكم برية. وقال أبو بكر الهذلن: نحن أكثر منكم ساجا وعاجا وديباجا وخراجا ونهرا عخاجاأ. شعر الخليل في ظهر البصرة وقال الخليل في ظهر البصرة مما يلي قصر أوس من البصرة. (: زر وادي القصر نعم القصر والوادي لا بد من زورة عن غير ميعاد ترفا به السفن والظلمان واقفة والضعمث والنون والملآخ والحادي ومثله لابن أى عيينة وقال ابن أبي عيينة في مثل ذلك 60(: يا جنة فاتت ( الجنان فما تبلغهم نهيهممة ولا ثمن ألفتهم فاتخذتهم وطنا إن فؤاد،9 لهحبهم وطن زؤج حيتانهم الضباب بهم فهذه كن!ة رذا ختن فانظر وفتهر فيما تطيف به اق الأريب المفنهر الفطن من لسفنن كالنعام مقلة ومن نعام كان!!هم سفن شعر لابن كناسة في ظهر الكوفة أنشد محمد بن عمر عن ابن كناسة في ظهر الكوفة،(: وإن بهم لو تعلمين أصائلا وليلا رقيقا مثل حاشية البرد لإبراهيم التيمي في أرض الكوفة بلغني عن إبراهيم بن مهدي عن إسرائيل عن إبراهيم بن مهم جر عن إبراهيم التيمي قال: لما أمرت الأرض أن تغيض غاضت إلا أرض الكوفة فلعنت، فجميع الأرض تكنرب على ثورين وأرض الكوفة تكنرب على أربعة ثيران.
في كمال الرجل وكان يقال: إذا كان علم الرجل حجازيا وسخاؤه كوفيا وطاعته شامية فقد كمل.
أأ(لما اجتوى المسلمون المدائن بعدما نزلوا وآذاهم الغبار والذباب، كتب عمر إلى. سعد غ ل! بعثة رواد يرتادون منزلا بريا فإن العرب لا يصلحهم إلا ما يصلح الإبل الشاه. فسال من قبله عن هذه الصفة فيما يليهم، فأشار عليه من رأى العراق من وجوه العرب باللسان. وظهر الكوفة يقاك له اللسان، وهو فيما بين النهرين إلى عين بني الحداء، وكانت العرب تقول: أدلبر البر لسانه في الريف، فما كان يلي الفرات منه فهو الملطاط، وما كان يلي الظهز منه فهو النجاف، فكتب إلى سعد يأمره به أ.
شعر للنابغة الجعدي يمدح الشأم وقال النابغة الجعدي يمدح الشأم .(: جاعليّن الشام حما14 لهم ولئن هئوا لنعم المنتقل موته أجر ومحياه غنى وإليه عن أذاه معتزل وقال أيضا: ولكن قومي أصبحوا مثل خيبر بهم داؤهم ولا تضر الأعاديا قال الأصمعيّ: لم يولد بغدير ختم مولود فعاش إلى أن يحتلم إلا أن يتحول عنهم. قال: وحوة ليلى ربما مر بهم الطائر فيسقط ريشه.
للجاحظ فيمن دخل أرض تبت والأهواز والموصل قال عمرو بن بحر: يزعمون أن من دخل أرض تبت لم يزل ضاحكا مسرورا من غير عجب حتى يخرج منهم ، ومن أقام بالموصل عاما ثم تفقد قوته وجد فيهم فضلا، ومن أقام بالأهواز حولا فتفقد عقله وجد النقصان فيه بينا.
والناس يقولون: حفى خيبر وطحال البحرين ودماميل الجزيرة وطواعين الشام.
في طبيعة الأهواز قالوا: من أطال الصوم بالمصيصة في الصيف خيف عليه الجنون. وأما قصبة الأهواز فتقلب
كل من ينزلهم من الأشراف إلى طبائع أهلهم ، ووباؤهم وحماهم يكون في وقت انكسار الوباء ونزوع الحمى عن جميع البلدان، وكل محموم فإن حماه إذا أقلعت عنه فقد أخذ عند نفسه منهم البراءة إلى أن يعود إلى التخليط وإلى أن يجتمع في جوفه الفساد إلا محموم الأهواز فإنهم تعاود من فارقته لغير علة حدّثت، ولذلك جمعت سوق الأهواز الأماعي في جبلهم المطل عليهم والجرارات في بيوتهم ومن ورائهم سباخ ومناقع مياه غليظة وفيهم أنهم ر تشقهم مسايل كنفهم ومياه أمطارهم فإذا طلعت الشمس وطال مقامهم واستمرت مقابلتهم لذلك الجبل قبل الصخرية التي فيهم الجرارات، فإذا امتلأت يبسا وحرا وعادت جمرة واحدة قذفت ما قبلت من ذلك عليهم وقد بخرت تلك السباخ ت تلك الأنهم ر، فإذا التقى عليهم ما بخرت به السباخ وما قذفه ذلك الجبل فسد الهواء وفسد بفساد الهواء كل ما يشتمل عليه الهواء.
لإبراهيم بن العباس عن أطفال الأهواز وقال إبراهيم بن العباس الكاتب: حدّثني مشايخ أهل الأهواز عن القوابل أنهن ربما قبلن الطفل فيجدنه في تلك الساعة محموما أيعرفن ذلك ويتحدّثن به،.
قال: ومن قدم من شق العراق إلى بلد الزنج لم يزل حزينا ما أقام بهم فإن أكثر من شرب نبيذهم وأكل النارجيل طمس الخمار على عقله حتى لا يكون بينه وبين المعتوه إلا شيء يسير.
قنافذ شستان قال: وفي عهد سعجستان على العرب حين افتتحوهم: ألأ يقيوا قنفذا ولا لمجيدوه. لأنهم بلاد م فاع والقنافذ تاكلهم ولولا ذلك ما كان لهم بهم قرار.
الفرق بين الكوفة والبصرة .وقال ابن عياش لأبي بكر الهذلي يوم فاخره عند أبي العباس: إنما مثل الكوفة مثل اللهم ة من البدن يأتيهم الماء ببرده وعذوبته، والبصرة بمش لة المثانة يأتيهم الماء بعد تنيره وفساده.
في وصف هواء الكوفة وقال محمد بن عمير بن عطارد: إن الكوفة قد سفلت عن الشام ووباثهم وارتفعت عن البصرة وعمقهم فهي مريئة مريعة عذبة ثرية، إذا أتتنا الشمال ذهبت مسيبرة شهر على مثل رضراض الكافور، لإذا هبت الجش ب جاءتنا بريح السوادده وياسميأ واترخه، وماؤنا عدب ولمجشنا خصبط.
الحجاج يصف الكوفة والبصرة وقال الحجاج: الكوفة بكر حسناء والبصرة عجوز بخراء أوتيت من كل حلى وزينة.
أيضا في الفرق بين الكوفة والبمرة اجتمع أهل العراق ليلة في سمر يزيد بن عمر بن هبيرة، فقال يزيد: أفي البلدين أطيب ثمرة: الكوفةأم البصرة؟ فقال خالد بن صفوان. بل ثمرتناأيهم الأمير منهم الأزاذ والمعقلف وكذا وكذا. فقال عبد الرحمن بن بشير العجلي: لستأشكأيهم الأميرم نكم قد اخترتم لأمير المؤمنين ما تبعثون به إليه. قال: أجل، قال: قد رضينا باختيارك لنا وعليّنا. قال: فائ الرطب تحملون إليه ؟ قال: الكلئشان. قال: ليس بالبصرة منه واحدة. ثمأئة؟ قال: السابري. قال: ولا بالبصرة منه واحدة. قال خالد بن صفوان: بلى عندنا بالبصرة منه شيء يسير. قال: فائ التئرتحملون إليه ؟ قال: الثرسيان. قال: ولا بالبصرة منه واحدة. قال: ثمأية؟ قال: الهيرون أزاذ. قال: ولا بالبصرة منه واحدة. قال: فاقي القسب تححملون إليه ؟ قال: قسب العنبر. قال: ولا بالبصرة منه واحدة. قال ابن هبيرة لخالد. اذعى عليك خمسا.فشاركته في واحدة رستمت لهم ربعا، ما أراه الا تد غلبك. ملايضض يصف البصرة دخل فتى من أهل المدينة البصرة ثم انمرف، فقال لهم صحابه. كيف رأيت البصرة؟ قال: يخريا لرهمح يهع.
خير بلاد اللّه للجائع والعزب والمفلس: أما الجائع فيأكل خبز الأرز والصحناء لا ينفق في الشهر درهمين، وأما العزب فيتزوج بشق درهم، وأما المحتاج فلا عيلة عليه ما بقيت، عليه آسته يخرأ وببيع.
بين معاوية وخالد بن الوليد بن المغيرة أبو الحسن المدائني قال: قال عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة لمعاوية: أما واللّه لو كنا بمكة على السواء لعملت. قال معاوية: إذا كنت أكون ابن أبي سفيان منزلي الأبطح ينثق عنه سيله، وكنت ابن خالد منزلك أجياد أعلاه مدرة وأسفله عذرة.
بين قرشي وآخر من بني تغلب  
رأئ رجل من قريش رجلا له هيئة رثة، فسال عنه فقالوا: من بني تغلب. فوقف له وهو يطوف بالبيت، فقال له: أرى رجلين قئما وطتما البطحاء. قال له التغلب!: البطحاوات ثلاث. بطحاء الجزيرة وهي لي دونك، وبطحاء ذي قاروأنا أحق بهم منك البطحاء، وسواء العاكف فيه والبادي.
وقال بعض الأعراب: اللّهم لا تنزلني ماء سوء فاكون آمرأ سوء.
خالد بن صفوان يصف الأبلة قال خالد بن صفوان: ما رأينا أرضا مثل الأبتة أقرب مسافة ولا أعذب نطفة ولا أوطا مطية ولا أربح لتاجر ولا أخفى لعابد.
شعر لابن أء!ما عيينة يذكر قصر أنى بالبصرة وقال ابن أبي عيينة يذكر قصر أنس بالبصرة. (: فيا حسن ذاك القصر قصرا ونزهة بأفيح سهل غير وعر ولا ضنك بغرس كابكار الجواري وتربة كان ثر ورد على مسك كان قصور الأرض ينظرن حوله إلى ملك مخوف على منبر الملك يدذ عليهم مستطيلابحسنه ويضحك منهم وهي مطرقة تبكي قال جعفر بن سليمان: العراق عين الدنيا، والبصرة عين العراق، والمربد عين البصرة، ّوأت الأمور منازلهم المدائني قال: قال الحجاج: لما تبوّأت الأمور منازلهم قالت الطاعة. أنزل الشأأ، قال الطاعون: وأنا معك. وقال النفاق: أنزل العراق، قالت النعمة: وأنا معك. وقالت الصحة: أنزل البادية، قالت الشّقوة: و أنا معك.

 

                 تم كتاب الحرب ويتلوه كتاب السؤدد .